أكدت الدراسات الأخيرة الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء قدرة بعض القطاعات الاستثمارية علي استعادة معدل النمو ليصل الي معدلاته السابقة، التي بلغها قبل الأزمة المالية العالمية، ووصل فيها الي %7 ورغم انخفاضه الي %4 طبقاً لآخر التقارير الحكومية فإن قطاعاً مثل الغزل والنسيج قادر علي استعادة مؤشر النمو مرة أخري وفقاً لنتائج الدراسات التي اعدها مركز المعلومات مبرراً ذلك بعدة أسباب أولها حجم الاستثمارات الضخمة في ذلك القطاع، التي تتجاوز المليارات من الجنيهات، بالاضافة الي قدرة مصانع الغزل والنسيج علي استيعاب اكبر عدد من فرص العمل وقدرتها التسويقية في الأوقات العادية مقارنة بالصناعات الأخري مثل الغذائية، التي تواجه صادراتها العديد من المخاطر مثل رفض دخول الشحنات المصدرة.
نتائج الدراسات طرحت تساؤلاً حول قدرة قطاع مثل المنسوجات علي استعادة مؤشر نمو السوق مرة أخري خاصة أن الأزمة العالمية لم تقتصرآثارها علي قطاع دون الآخر. اضافة الي ضرورة التعرف علي اهم مطالب مسئولي صناعة الغزل والنسيج في مصر لكي تستعيد تلك الصناعة بريقها المفقود؟
عدد من الخبراء والمختصين أكدوا صحة ما جاءت به الدراسات بخصوص أهمية صناعة الغزل والنسيج علي تجاوز محنة الأزمة العالمية وقدرتها علي الوصول بمعدل النمو الي %7 وربما تجاوزه نظراً لقدرة تلك الصناعة علي توفير فرص العمل، اضافة الي قدرتها علي تحريك قطاعات أخري مرتبطة بها بدءاً من القطاع المصرفي وصولاً الي الشركات الكبري، وفي المقابل اختلف عدد من المختصين ايضا مع تلك الفرضية نظراً لأن معظم مصانع الغزل والنسيج تعاني مشاكل عديدة مثل التمويل والترفيق في المدن الصناعية الجديدة، بالاضافة الي مشاكل التسويق وعدم وفرة المادة الخام من القطن خاصة بعد احجام المزارعين عن زراعة المحصول نتيجة انخفاض أسعاره.
من جانبه قاد مجدي ملك الخبير الاقتصادي الفريق الثاني، الذي انتقد التقارير التي اكدت قدرة الاقتصاد المصري علي الوصول بمعدل النمو الي %7 بدعم مباشر من مساهمة قطاع الغزل والنسيج، مؤكداً أن أغلب التقارير التي تصدر سواء من مركز دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء أو تقارير التنمية البشرية تتجاهل المشاكل التي تعاني منها صناعة المنسوجات في مصر بدءاً من المشاكل التمويلية ومروراً بمشاكل الترفيق في المناطق الصناعية وانتهاء بعدم وفرة المادة الخام من القطن والتي احجم المزارعون عنها نتيجة انخفاض أسعاره.
وطالب ملك بتسهيل اجراءات منح الائتمان خاصة مع التطمينات الحكومية المتكررة التي اكدت أن ودائع العملاء في مأمن من أثار الأزمة العالمية، كما أن استثمارات البنوك المصرية لن تشهد تأثراً لعدم وجود أي مشاركة أو تعاملات بينها وبين البنوك العالمية التي انهارت مؤخراً مشدداً علي أن تلك التطمينات كفيلة بتسهيل منح الائتمان للمستثمرين وليس الي التشدد فيه خاصة مع وجود وفرة من السيولة داخل البنوك تبحث عن توظيف جيد وآمن لها، وهو ما يعد توظيفها لصالح قطاع المنسوجات إحدي تلك القنوات الآمنة لوجود تدفقات نقدية كبيرة داخله اضافة الي ان فرص تسويق منتجات القطاع محلياً أو دوليا كبيرة.
من جهة أخري اختلف الدكتور فخري الفقي الخبير الاقتصادي مع سابقه مؤكداً اهمية الدور الذي تلعبه مصانع الغزل والنسيج كمصدر رئيسي للتشغيل في مصر منذ ثمانينيات القرن الماضي، مشيراً الي أن ذلك القطاع من الممكن أن يكون قاطرة للدخل والنمو في حال توافر الدعم الرسمي له، يضاف الي ذلك أن الاقتصاد المصري يعتمد عليه في سد الفجوة بين فرص العمل المطلوبة والمتوافرة سنوياً.
وأشار الفقي الي أن القطاع المصرفي المصري رغم عدم تأثره بشكل مباشر بالأزمة العالمية فإن تشدده في منح الائتمان بشكل عام ومصانع المنسوجات بشكل خاص يأتي كوسيلة تحوطية أو احترازية، خاصة أن الركود سيكون شعار المرحلة المقبلة وهو ما قد يؤثر علي حجم الصادرات المصرية من المنسوجات والملابس الجاهزة، وبالتالي ستواجه مصانع المنسوجات أزمة في تسويق منتجاتها مما يؤدي الي تعثرها وعدم قدرتها علي سداد الاقساط المستحقة للبنوك مما سيكبد الأخيرة العديد من الخسائر وقد يعيدها الي شبح التعثر الذي واجهته خلال السنوات الماضية.
من جهة أخري اتفق أشرف شوقي، الخبير الاقتصادي مع تعويلات التقارير الحكومية علي قدرة قطاع الغزل برفع معدلات النمو الي %7 مؤكداً أن القطاع قادر علي تحقيق بل وتجاوزه الي حدود قد تصل الي 8 أو %9 علي الأقل.
وأضاف أن ما يدعم تلك الفرضية هو قدرة مصانع المنسوجات علي توفير أكبر عدد من فرص العمل اضافة الي قدرته علي تسويق منتجاته في الداخل او الخارج، لافتا الي ان مصانع الغزل والنسيج تعد نقطة البداية في تحريك الصناعات الأخري المرتبطة بها مثل مصانع الحلج والصباغة مما يساهم في دفع القطاع المصرفي الي توفير التمويلات المطلوبة له نظراً لجاذبية ذلك القطاع سواء في الداخل أو الخارج.