دفع طلب وزارة المالية من البنك المركزي، إخطار البنوك بحصر أصولها العقارية، سواء كانت مقاراً رئيسية أو فروعاً أو مخازن، بالإضافة إلي الأصول العقارية التي آلت إليها من تسوية مديونيات متعثرة، لتقديم إقرارات الضريبة العقارية عنها خلال الربع الأول من العام الحالي- إلي طرح تساؤلات حول انعكاسات الوضع الجديد علي معدلات ربحية وسيولة البنوك، خاصة في ظل معاناتها من انخفاض معدلات الائتمان، مما أثر سلباً علي ربحيتها خلال الربع الثالث من العام الماضي.
يذكر أن القانون قد حدد قائمة من المنشآت المعفاة من الضريبة العقارية، وتشمل الأرض الفضاء غير المستغلة، والمباني التي ترتبط بتقديم خدمات أساسية للمجتمع أو أنشطة لا تهدف إلي الربح مثل المؤسسات التعليمية والمستشفيات والملاجئ، بالإضافة إلي المقار المملوكة للأحزاب السياسية والنقابات المهنية، وجميع المؤسسات الدينية، علاوة علي الأراضي الزراعية.
من جانبهم قلل محللون ماليون من حجم الانعكاسات السلبية علي صافي أرباح البنوك جراء سداد قيمة الضرائب العقارية المفروضة علي أصولها، سواء كانت مقاراً رئيسية أو فروعاً تابعة لها، وأرجعوا ذلك إلي عدة عوامل، علي رأسها أن إلزام »المركزي« البنوك ببيع أي أصول تتحصل عليها من الديون المتعثرة في مدة أقصاها 5 سنوات، وهو ما سيخفض عبء دفع الضريبة علي البنوك علي المدي الطويل، كما أن غالبية الأصول التي تؤول إلي البنوك عن طريق الديون المتعثرة، تكون في صورة أراض فضياء معفاة من الضرائب، علاوة علي أن غالبية البنوك تستأجر فروعها ولا تمتلكها، بالإضافة إلي انخفاض حجم القروض الممنوحة إلي القطاع العقاري.
وأشار المحللون الماليون بقطاع البنوك إلي تفاوت حجم الانعكاسات السلبية علي معدلات ربحية البنوك، تبعاً لعدد الفروع التي تمتلكها وحجم الأصول المتوفرة لديها.
أكد فتحي السباعي رئيس بنكي »التعمير والإسكان«، و»العقاري المصري العربي«، انتهاء اللجان المشكلة لحصر الثروة العقارية للبنكين من عملها، موضحاً أن قيمة الثروة المملوكة للبنك العقاري فقط تبلغ نحو 2.6 مليار جنيه، بالإضافة إلي عدد كبير من العقارات المملوكة للبنكين، ولكنها غير خاضعة للضريبة العقارية.
من جهتها أشارت مي حجار، نائب رئيس قسم البحوث محللة قطاع البنوك بشركة نعيم القابضة للاستثمارات المالية، إلي العلاقة الطردية بين حجم تأثير الضريبة العقارية، وعدد الفروع التي يمتلكها كل بنك وطريقة ملكيته لها سواء كانت إيجاراً أو تمليكاً، علاوة حجم الأصول والعقارات في حوزة كل بنك، موضحة أنه كلما زاد عدد الفروع التي يمتلكها البنك وحجم أصوله، زاد تأثر سيولة البنك سلباً بدفع الضريبة العقارية مما انعكس علي معدلات ربحيتها.
ولفتت »حجار« في الوقت نفسه إلي عامل آخر سيؤدي إلي تقليل حجم الانعكاسات السلبية المتوقعة علي معدلات ربحية البنوك علي المدي الطويل، وأوضحت أن البنك المركزي يلزم البنوك بضرورة بيع أي أصول تؤول إليها من الديون المتعثرة خلال 5 سنوات علي أقصي تقدير، وهو ما سيخفض من حجم الضرائب التي تدفعها البنوك علي المدي الطويل.
وأوضحت نائب رئيس قسم البحوث بـ»نعيم«، أن فرض ضرائب عقارية علي البنوك سيدفعها لزيادة حجم مخصصاتها، وهو ما سيؤدي إلي استقطاع جزء كبير من إيراداتها بما ينعكس سلباً علي معدلات ربحيتها، وأضافت أنه كلما زاد عدد الفروع التي تمتلكها البنوك، زاد حجم تأثرها السلبي.
من جانبه، قلل منصف مرسي، نائب رئيس قسم البحوث بشركة »رسملة« من حجم التأثيرات السلبية المتوقعة علي ربحية البنوك خلال الربع الأول من العام الحالي جراء إلزامها بدفع الضريبة العقارية، وأرجع ذلك إلي عاملين الأول: انخفاض حصة الاستثمار العقاري من إجمالي المحفظة الاستثمارية للبنوك، والثاني تضاؤل نسبة القروض الموجهة للقطاع العقاري.
ودلل مرسي علي صحة وجهة النظر السابقة، بانعدام تأثر البنوك بأي أزمة عقارية أو تباطؤ، لافتاً في الوقت ذاته إلي أن فرض ضريبة عقارية علي مقار وفروع البنوك سيؤدي إلي تفاوت تأثير دفع الضريبة العقارية علي البنوك، خاصة في ظل استئجار عدد كبير من البنوك لفروعها وعدم ملكيتها لها، في حين امتلاك بعض البنوك فروعها سيؤدي إلي تعاظم حجم الانعكاسات السلبية علي الأخيرة، جراء دفع الضريبة العقارية خاصة في حال ارتفاع عدد فروعها التي عادة تتواجد في أماكن راقية.
وحول نتائج أعمال البنوك خلال الربع الأخير من العام الماضي، توقع نائب رئيس قسم البحوث بـ»رسملة« أن يظهر صافي أرباح الربع الرابع لقطاع البنوك تحسناً نسبياً عن الربع الماضي، الذي تزامن مع شهر رمضان المبارك مما اثر علي معدلات الائتمان وتوظيف البنوك ودائعها، مضيفاً أن البنوك عكفت خلال الربع الأخير من العام الماضي علي تحسين توظيف الودائع المتوفرة لديها، بهدف تعويض انخفاض حجم الائتمان.
واتفقت مع الرأي السابق، مونيت دوس المحللة المالية بقطاع البنوك بشركة برايم سيكيوريتز، مؤكدة انخفاض حجم الانعكاسات السلبية المتوقعة علي البنوك جراء فرض الضرائب العقارية، وذلك بسبب عدة عوامل، علي رأسها أن غالبية الأصول التي تتحصل عليها البنوك من الديون المتعثرة تكون في صورة أراضي فضاء غير مستغلة، ومن ثم فإنها معفاة من الضرائب، فضلاً عن أنه في حال كون تلك الأصول في صورة عقارات فإن البنك المركزي يلزم البنوك ببيع تلك العقارات خلال مدة لا تتجاوز 5 سنوات، وأضافت أن البنوك إذا رأت تعثرها في سداد قيمة الضرائب التي قد تؤثر علي أرباحها، فإنها ستلجأ إلي بيع تلك الأصول، مما يلغي معه أي تأثيرات سلبية محتملة.
وأضافت »دوس« أن العامل الآخر الذي سيلعب دوراً في خفض حجم الانعكاسات السلبية المتوقعة علي البنوك جراء الضرائب العقارية، هو أن غالبية البنوك تستأجر فروعها، ولا تمتلكها، مما يسقط معه دفع الضريبة العقارية عن تلك الفروع، وأشارت إلي أن الفترة الأخيرة لجأ عدد كبير من الشركات إلي بيع مقارها الإدارية ثم تأجيرها لخفض النفقات وتوفير السيولة، ومن ثم فإن البنوك قد تلجأ إلي هذه الخطوة إذا مثلت قيمة الضريبة عبئاً مادياً عليها.
يذكر أن قيمة الضريبة العقارية تبلغ نحو %10 من القيمة الإيجارية للعقار بعد خصم %30 للوحدات السكنية، و%32 للوحدات غير السكنية مقابل تكاليف الصيانة، وطبقاً للقانون فإن اللجان المختصة تقوم بتقدير القيمة السوقية للعقار تبعا لموقعه الجغرافي، وما يتمتع به من خدمات، ثم يحذف %40 من السعر السوقي للعقار لتصل إلي القيمة الرأسمالية، وبعدها يتم استبعاد نسبة %30 من القيمة الإيجارية السنوية مقابل مصروفات الصيانة، وما تبقي يستبعد منه مرة أخري مبلغ 6 آلاف جنيه، وهو حد الإعفاء السنوي في القانون ثم تحسب الضريبة بنسبة %10 من القيمة الصافية للإيجار السنوي أو بعد استبعاد نسبة الصيانة وحد الإعفاء القانوني.
ويبلغ عدد البنوك المقيدة في سوق الأوراق المالية نحو 12 بنكاً، يستحوذ البنك التجاري الدولي علي حصة قدرها %70.4، يليها بنك التمويل السعودي بحصة %9.7 و%6.8 للبنك الأهلي سوسيتيه جنرال، يليه البنك الوطني للتنمية بحصة %6.7.