تزايد الطلب يضمن انتعاش الصادرات ونهوض‮ »‬ميزان المدفوعات‮«‬

تزايد الطلب يضمن انتعاش الصادرات ونهوض‮ »‬ميزان المدفوعات‮«‬
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الخميس, 31 ديسمبر 09

أحمد الشيمي
 
بينما استقبلت الحكومة والقطاعات الاقتصادية المختلفة عام 2009 بالخوف المختلط بالحذر نتيجة اندلاع الازمة الاقتصادية العالمية في اواخر عام 2008 وبالتحديد في منتصف سبتمبر، يهل عام 2010 حاملا آمالا عريضة وتفاؤلا بامكانية تحرك معدلات النمو الاقتصادية والتخلص من تبعات الازمة العالمية التي تسببت في تباطؤ جميع القطاعات الاقتصادية، في وقت ازدادت فيه الحاجة للتحسن الاقتصادي حتي تتقلص الآثار الاجتماعية السلبية للازمة ممثلة في ارتفاع معدلات البطالة وزيادة عدد الافراد »الواقعين« تحت خط الفقر، مؤشرات الاشهر الاخيرة من عام 2009 حملت التفاؤل الي المستثمرين والمسئولين علي وجه سواء وظهر ذلك في نتائج لتقرير اعدته وزارة التنمية الاقتصادية ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، يؤكد اتجاه جميع القطاعات للعودة الي اوضاعها السابقة للأزمة.

 
وقال التقرير الذي حصلت »المال« علي نسخة منه إن مؤشرات التشغيل والاستهلاك المحلي ومؤشر اداء النشاط الاقتصادي في اكتوبر، تؤكد اتجاه الاقتصادي المحلي للتعافي ودخوله مرحلة من مراحل الاستقرار خلال 2010، ويقول الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية إن الوقت الحالي بدأت تلوح فيه بارقة امل لانفراج الازمة العالمية والتي انعكست تداعياتها سلبا علي جميع الاقتصادات، سواء المتقدمة أو الصاعدة أو النامية، واضاف ان المؤشرات التي تم رصدها خلال الاشهر الاخيرة من عام 2009 تبشر بنجاح الاقتصاد المصري في تجاوز المرحلة الحرجة التي اعقبت الازمة العالمية والفكاك من تبعاتها وبالتالي الافلات من مصيدة الركود.
 
واشار عثمان في تصريحات خاصة لـ»المال« الي ان الاقتصاد المحلي تمكن من تحقيق معدل نمو حقيقي ناهز الـ%5 خلال الربع الثالث من عام 2009 »هو نفسه الربع الاول من العام المالي 2010/2009« وهو معدل جيد في ظل ظروف الازمة العالمية، وذلك بفضل تنوع ركائزه الاقتصادية ومرونة جهازه الانتاجي وفاعلية الطلب المحلي في تنشيط السوق الداخلية وسلامة القطاع المالي والتأثير الايجابي للمبادرات الحكومية لمواجهة تبعات الازمة العالمية.
 
واوضح عثمان ان المؤشرات الحالية تعزز التوقعات بامكانية انطلاق الاقتصاد المصري بخطي متسارعة في الفترة المقبلة تتحقق من خلالها معدلات نمو مرتفعة ومتصاعدة تتجاوز %6 قبل نهاية يونيو 2010 تصل الي 7 و%8 في العام المالي 2011/2010، مما يسمح بالتالي بالعودة لمواصلة مسارات النمو المرتفعة قبل انفجار الازمة العالمية. واضاف الوزير انه في واقع الامر فإن الازمة العالمية لم تكن شديدة الوطأة علي الاقتصاد الوطني حيث لم تضرب أيا من اعمدة انشطته الرئيسية والانشطة ذات التوجه الداخلي، كما ان تأثيراتها السلبية علي القطاعات والانشطة ذات التوجه الخارجي امكن تداركها تدريجيا والتخفيف من حدتها قبل انصرام الربع الاول من عام 2010/2009، وان ظل بعضها قائما في حالة نشاط قناة السويس وقطاع السياحة ودخل الاستثمارات المالية بالخارج والتي اثرت علي فائض الميزان الخدمي.
 
ومن المؤشرات الايجابية طبقا لـ»عثمان« تواصل نمو قطاعات الصناعة والنقل والتجارة والتشييد والاتصالات بمعدلات مرتفعة واستمرار انحسار الاتجاهات التضخمية واطراد نمو متوسط الدخل والاستهلاك الحقيقي للفرد واستقرار الاسواق المالية وانتظام تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة، فضلا عن مؤشرات المرصد الاقتصادي التي تفيد في مجملها بقرب عودة الاقتصاد المصري الي ما قبل الازمة وجاءت التقارير الدولية معضدة لذلك.
 
ومن جانبه يشير محمد المنوفي ـ رئيس جمعية مستثمري 6 اكتوبر ـ الي ان اداء القطاع الصناعي مع نهاية عام 2009، يجعل هناك تفاؤلا بين المصنعين وكذا لدي جميع قطاعات الاعمال بأن عام 2010 سيكون افضل، متوقعا ان ترتفع معدلات النمو بمعدل %1 عما تم تحقيقه خلال عام 2009، قائلا: كانت بداية العام الحالي صعبة نتيجة الازمة العالمية التي ضربت الولايات المتحدة وامتدت الي دول العالم ومنها مصر وظهر التأثير لدينا في الاشهر الاولي من العام الحالي وبالتحديد من يناير وحتي مايو وبعدها بدأت معدلات النمو في الارتفاع نسبيا وبدأ التعافي يظهر شيئا فشيئا.
 
ويعلق المنوفي علي امكانية ارتفاع معدلات التضخم بما يمكن ان يحد من أي نمو يتحقق انه من الممكن ان تشهد الاسعار بعض الارتفاعات نتيجة ارتفاع الاجور والضرائب وغيرهما، إلا أن المتوقع ان تظل هذه المعدلات في حدود آمنة، ويقول إن الطلب العالمي علي جميع المنتجات بدأ يتزايد مرة اخري بعد انكماش دام لفترة طويلة خلال العام الماضي، لافتا الي ان ذلك ينبئ بزيادة الصادرات مرة اخري ومن ثم تعافي ميزان المدفوعات الذي كان يعاني عجزا في الاشهر الاولي من 2009.
 
وتفاءل المنوفي بالنتائج الاستثمارية للربع الثالث من عام 2009 حيث تم تأسيس 1572 شركة برؤوس اموال مصدرة 12.4 مليار جنيه وبمساهمات مصرية %85 وعربية %5 واجنبية %10 واستحوذت الانشطة الصناعية علي نحو 4.4 مليار جنيه من جملة رؤوس الاموال المصدرة خلال الفترة من يوليو وحتي سبتمبر من العام مما جعلها في المرتبة الاولي تلتها الانشطة الخدمية ثم الانشائية والسياحية.
 
ويقول السفير جمال الدين البيومي ـ امين عام اتحاد المستثمرين العرب ـ إن عام 2009 مر علي مصر ما بين الخوف والقلق والاستقرار النسبي في اداء جميع القطاعات، إلا أن هذا العام انتهي حاملا مؤشرات ايجابية للعام المقبل اهمها ان جميع القطاعات الصناعية والسياحية والاستثمارية بدأت في التعافي ونفض غبار الازمة، متوقعا ان ترتفع معدلات النمو في العام المقبل بشكل كبير.
 
وربط البيومي توقعاته للعام المقبل بعدد من المؤشرات اهمها من وجهة نظره ان قطاع السياحة مثلا ارتفعت معدلات نموه بنسبة %7 وبالرغم من تراجعه عن عام 2008 فإن الارتفاع في حد ذاته يعد عنصرا ايجابيا، اضافة الي ارتفاع ايرادات قناة السويس بمعدل %7 تقريبا، كما ارتفع الطلب علي تكنولوجيا المعلومات محليا بنسبة %18 في مصر وهذا يعني ان السوق مازالت تنمو، لافتا الي ان عدد من يحملون تليفونا محمولا ارتفع الي 55 مليون عميل وهو ما يعني ان هناك زيادة في الاستهلاك وهذا في حد ذاته يعد احد عناصر دفع معدلات النمو للارتفاع.
 
ويقول إن ازمة ديون دبي لم تؤثر علي السوق المصرية إلا بشكل طفيف إلا أنه بالنظر الي العلاقات التجارية العربية وتطورها فذلك يعطي دلالة علي امكانية الاستفادة من هذه العلاقات وتطويرها حتي نستفيد منها اكثر، مشيرا الي ان نسبة التجارة العربية البينية بالنسبة لتجارة هذه الدول مع العالم قفزت الي %14 بعد ان كانت لا تتجاوز %11 منذ سنوات، وهو يعني تقدما في هذا التعاون الاقتصادي العربي الامر الذي يفرض علينا ان نكون اكثر تمسكا بهذه الاسواق.
 
ويقول البيومي إن عام 2010 يفرض علينا عددا من المحددات حتي نخرج من نفق أي تحديات يمكن ان تعوق النمو لأي سبب من الاسباب، اهم هذه المحددات هي ضرورة زيادة علاقاتنا مع السوق الافريقية وكذا تطوير علاقاتنا مع الاتحاد الاوروبي، مشيرا الي ان تجارتنا مع الاتحاد الاوروبي تنامت من 3 مليارات دولار في 2003 الي حوالي 12 مليار دولار في نهاية العام الماضي، ويضيف انه لابد من الاستفادة من علاقاتنا التعاقدية في جذب الاستثمارات الاجنبية لان هذه العلاقات التعاقدية تضمن لاي مستثمر ان هناك شريحة من المستهلكين تبلغ مليارا و400 مليون شخص يمكن الوصول اليهم بجميع المنتجات في اوروبا وافريقيا والدول العربية باعفاءات جمركية تضمن زيادة القدرة التنافسية.
 
ويشير الدكتور اشرف العربي مستشار وزير التنمية الاقتصادية الي ان هناك بالفعل اجراءات تتخذها الحكومة في الوقت الحالي ستضمن زيادة معدلات النمو بالشكل المطلوب خلال عام 2010، وهذه الاجراءات تتمثل في اربعة محاور اساسية تتمثل في زيادة الانفاق العام علي المجالات كثيفة العمل، وجذب مزيد من الاستثمارات، وتحفيز وتنشيط السوق المحلية، ومزيد من التوظيف للايداعات المصرفية، ومن هذا المنطلق، بادرت الحكومة بتوفير حزمة من الحوافز والتيسيرات للنشاط الصناعي.
 
واوضح العربي ان اهم الحوافز التي تقدمها الحكومة في هذا الاطار تتمثل في زيادة دعم الصادرات التي يستفيد منها نحو 1200 شركة، وتتيح 875 الف فرصة عمل، بالاضافة الي دراسة ضم برامج جديدة لدعم الصادرات وجدولة سداد تكاليف توصيل الغاز الطبيعي والكهرباء علي ثلاث سنوات وتأجيل سداد اقساط الاراضي الصناعية عن عام 2009 ولمدة عام وتخفيض التعريفة الجمركية علي الواردات من الآلات والمعدات الرأسمالية، واستثنائها من ضريبة المبيعات لمدة عام.
 
ويقول العربي إن الحكومة اتخذت تدابير اخري مثل فرض اجراءات وقائية لحماية بعض الصناعات، مثل الغزول والمنسوجات القطنية وألواح الصاج المدرفلة، ومنح دعم 150 جنيها لقنطار الغزل للمغازل المحلية وخفض تكلفة الاشتراك في المعارض الدولية المتخصصة الي %50 مما هي عليه الآن ومضاعفة عدد الشركات المشتركة في المعارض الخارجية والتوسع في انشاء معارض متخصصة مثل معارض مواد البناء ورفع حدود الاستفادة من خدمات مركز تحديث الصناعة وتخفيض نسب مساهمة الشركات الي %50 مما هي عليه الآن لخدمة 11.5 الف منشأة يعمل بها مليون عامل مؤمن عليهم، فضلا عن زيادة الدعم المخصص للخدمات التي تقدمها المراكز التكنولوجية للمصانع وتيسير اجراءات التراخيص والسجل الصناعي والاشتراطات البنائية للمشروعات الصناعية الجديدة وطرح مجموعة عريضة من المشروعات الصناعية والترويج لها للاستثمار الخاص المحلي والاجنبي مثل مشروعات انتاج حامض الكبريتيك ومحركات الديزل وقضبان السكك الحديدية وطلمبات الاعماق والمولدات الكهربائية ورقائق الألومنيوم.
 
ويضيف ان هناك اجراءات اخري في المجال الزراعي تضمن نموه وزيادة مساهمته في النمو الحقيقي للناتج المحلي الاجمالي، لافتا الي ان مساهمة القطاع ارتفعت اضافة الي القطاعات الاخري بنهاية سبتمبر 2009 وينتظر ان ترتفع نتيجة الاجراءات التي تم اتخاذها خلال هذا العام واهمها اعفاء المزارعين من نصف مديونياتهم لبنك التنمية والائتمان الزراعي ـ والذي يشكل دعما مباشرا يقدر بنحو نصف مليار جنيه ـ وذلك تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية بضرورة تخفيف الاعباء المالية علي المزارعين واعادة هيكلة بنك التنمية والائتمان الزراعي للنهوض بمستويات الاداء والتوجه التصديري نحو الاسواق العربية والافريقية للتعويض نسبيا عن تراجع الصادرات للاسواق الاوروبية والامريكية.
 
ويشير الي انه بجانب ذلك ستتم مواصلة تطوير السياسات الزراعية ونظم الري في اطار استراتيجية التنمية الزراعية طويلة المدي حتي عام 2030، وادراكا للاهمية الاقتصادية للقطاع الزراعي والذي يسهم بنحو %14 من الناتج المحلي الاجمالي وبنحو %20 من جملة الصادرات المصرية، وباعتباره القطاع المسئول عن تحقيق الامن الغذائي وتوفير مدخلات النشاط الصناعي، فقد حرصت الدولة علي توجيه استثمارات قدرها نحو 6.9 مليار جنيه لقطاعي الزراعة والري بغرض النهوض بهما.

 
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الخميس, 31 ديسمبر 09