وافق عدد من المصرفيين علي مقترح الشعبة العاملة للمستوردين، الذي يتضمن خفض نسبة الغطاء النقدي، علي فتح الاعتمادات المستندية إلي %30 بدلاً من %50، نظرًا لأن الفترة الحالية، تشهد توقف عدد كبير من المصانع، مما يؤدي إلي انخفاض المعروض السلعي وارتفاع الأسعار، والتي من المتوقع أن ترتفع الفترة المقبلة، مدعومة بزيادة العائد علي الشهادات الثلاثية، والتي ستدفع البنوك إلي إعادة تسعير القروض، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع النهائية للمستهلك.
l
وتابعوا: إن المطلب سيساهم في توفير سيولة جيدة للمستوردين، عن طريق إعطائهم مهلة لسداد النسبة المتبقية من سعر السلعة، عند الانتهاء من بيعها، كما أن نسبة الغطاء النقدي المفروضة تعتبر غير مستغلة لأنها تمنعهم من التوسع في استيراد مزيد من السلع.
وأكدوا أن التطبيق لن يتسبب في إحداث ضغوط علي السيولة لدي البنوك، والتي يتم توجيه جزء كبير منها للاستثمارات في أدوات الدين الحكومية، التي تعد أحد أشكال الاستثمار الأقل خطرًا والأكثر ربحًا، نظرًا لأن البنوك علي دراية بدورها في التنمية وتنشيط حركة الاقتصاد.
ورغم المزايا التي سيحققها المقترح، إلا أنه سيساهم في زيادة عجز الميزان التجاري للدولة، نظرًا لارتفاع الواردات، مقابل الصادرات، لذا اشترط البعض ضرورة تحديد السلع الضرورية التي ارتفعت أسعارها ويتطلب استيرادها خلال الفترة الحالية، حتي لا يؤدي هذا المقترح إلي ارتفاع استيراد السلع الكمالية، وبالتالي الضغط علي الاحتياطي من النقد الأجنبي.
وقال محسن التاجوري، نائب رئيس الشعبة، إن الهدف من هذا الطلب يتضح في تشجيع الاستيراد في ظل الأوضاع السياسية التي تشهدها البلاد، وعدم وجود سيولة كافية لدي المستوردين، بجانب تغيير سعر صرف الدولار، وخفض التصنيف الائتماني لمصر.
يذكر أن الغطاء النقدي يمثل الأموال التي يودعها المستورد في البنك لتغطية قيمة السلع المستوردة، وقد يقوم العميل بتغطية كامل قيمة السلع المستوردة بنسبة %100، أو أن يقوم بتغطية نسبة من قيمتها، التي تعتمد علي الجدارة الائتمانية للعميل والتدفقات الائتمانية له، ومدي رؤية البنوك المركزية لمتطلبات الاقتصاد وتوسيع نطاق المنافسة.
من جانبه أبدي محمد بدرة، عضو مجلس إدارة بنك القاهرة، تأييده لهذا المقترح، نظرًا لأن الفترة الحالية تعاني ضعفًا في النشاط الاقتصادي، مما أدي إلي نقص السيولة المتاحة لدي التجار، موضحًا أن البنك سيتيح تسهيلات بنكية للـ %70 المتبقية كأن يقوم بمد فترة السداد لعدة أشهر حتي يتمكن العميل من تصريف وبيع المنتجات التي استوردها.
واستبعد بدرة أن يؤثر سلبًا علي الإقبال نحو شراء المنتجات المصنعة محليا، نظرًا لتوقف عدد كبير من المصانع، مما يساهم في ندرة بعض السلع وارتفاع أسعارها بشكل ملحوظ، وإن كان هذا الارتفاع غير حقيقي، لأنه لا يعتمد علي مكونات السلعة وقيمتها، وإنما علي عامل الندرة وضعف الإنتاج.
وتوقع بدرة أن يوافق البنك المركزي علي تطبيق هذا المطلب، نظرًا لأنه سينشط حركة التجارة والنشاط الاقتصادي، ويؤدي إلي زيادة حدة المنافسة بين السلع، بما يؤدي إلي زيادة المعروض السلعي، ومن ثم تراجع الأسعار، لينعكس ذلك علي خفض معدلات التضخم، التي من المتوقع أن ترتفع في نوفمبر الحالي، مدعومًا بالارتفاع المرتقب في تسعير القروض، بعد قيام عدد من البنوك برفع أسعار العائد علي الشهادات الادخارية الثلاثية بالجنيه المصري التي رفعتها من البنوك.
يذكر أن بنكي الأهلي، ومصر، قاما مؤخرًا برفع العائد علي الشهادة البلاتينية وشهادة التميز، لتصل إلي %11.5، ثم رفع عدد من البنوك الأخري العائد علي شهاداتها، ردًا علي هذه الزيادة، أبرزها بنك التنمية والائتمان الزراعي، الذي رفع العائد علي الشهادات الثلاثية لتصل إلي %11.75، و%12 للخماسية، و%11.5 رفعها بنك التعمير والإسكان للشهادة الثلاثية، و%12 للخماسية، كما قام بنك الشركة المصرفية برفع العائد علي الثلاثية إلي %12.
وأضاف أن »المركزي« قد يقوم بتعميم هذا المقترح علي جميع السلع أو أن يختص بعضها كالسلع الاستراتيجية التي يزداد الطلب عليها بشكل ملحوظ.
يذكر أن البنك المركزي أصدر في يونيو 2010 قرارًا باستثناء بعض السلع من توفير الحد الأدني من الغطاء النقدي لمدة ستة أشهر لاستيراد السكر واللحوم بغرض الإتجار، وذلك بهدف تنشيط المنافسة، والحد من ارتفاع أسعار المنتجات، كما مد »المركزي« تطبيق هذا القرار في شهر ديسمبر 2010، ثم في مارس الماضي، علي أن ينتهي العمل به نهاية العام الحالي، مؤكدًا ضرورة أن تراعي البنوك الدراسات الائتمانية للعميل والتي تعتمد علي جودة الجدارة الائتمانية له.
وأشار إلي أن اضطراب الأوضاع السياسية والاقتصادية، وانتشار المظاهرات والاحتجاجات تعوق الاستفادة من انخفاض الأسعار العالمية، التي نتجت عن أزمات الديون، التي يوجهها كثير من الدول الأوروبية علي رأسها اليونان وإيطاليا، مما تسبب في وجود حالة من الكساد العالمي.
وأكد أن تطبيق هذا المقترح، لن يؤدي إلي الضغط علي السيولة المتاحة لدي البنوك، والتي توجه نسبة كبيرة منها إلي الاستثمار في أوراق الدين الحكومية، لأن البنوك علي دراية بوظيفتها الأساسية في التنمية الاقتصادية، التي تهدف إلي تحقيق معدلات نمو مرتفعة، لافتًا إلي أن معدلات الإقراض: الودائع لم تتجاوز %50 خلال هذه الفترة والتي من المفترض أن تصل إلي ما بين 60 و%70 لإحداث طفرة تنموية في الفترة المقبلة.
ولفت إلي استفادة كل المنتجات، سواء السلع المستوردة، بغرض الإتجار، التي يتم استيرادها للبيع المباشر دون دخولها في عمليات التصنيع، ومنتجات الاستثمار الزراعي والصناعي من هذا المطلب، مشددًا علي ضرورة التوجه إلي السلع الضرورية، كالسلع الغذائية والابتعاد عن استيراد السلع الكمالية، حتي لا يتم الضغط علي الاحتياطي من النقد الأجنبي، الذي بلغ 22 مليار دولار، بنهاية أكتوبر الماضي، لافتًا إلي أن ذلك سيساهم في زيادة العمل داخل البنوك، نظرًا لأن الفترة الماضية كانت تعاني ضعفًا في حركة الائتمان.
وتابع: إن »المركزي« لا يمكنه إصدار قرار بمنع استيراد السلع الكمالية، نظرًا لتوقيع مصر من قبل علي اتفاقيات دولية بتحرير التجارة العالمية، لكن يمكنه رفع الغطاء النقدي بقدر المستطاع، مؤكدًا ضرورة إتاحة الفرصة للقطاع الخاص لاستيراد السلع الاستراتيجية، نظرًا لأن نقص السلع يشكل عبئًا علي الدولة التي تلجأ إلي استيرادها، مما يزيد من الأعباء المفروضة عليها.
واتفق معه سامح غراب، نائب مدير قطاع العمليات المصرفية ببنك التنمية الصناعية والعمال المصري، في ملاءمة الوقت الراهن، لتطبيق هذا المقترح علي السلع الاستراتيجية، نتيجة عدم استقرار أوضاع كثير من التجار بعد الثورة ونقص السيولة لديهم، مما يعوق استيراد المواد الخام والسلع الرأسمالية، التي تحتاجها الصناعة، كما أن الأموال التي يتم احتسابها كغطاء نقدي لدي البنوك هي أموال غير مستغلة، نظرًا لأنه في حال خفضها أو عدم وجودها، سيقوم التاجر باستيراد كميات أكبر من السلع مستفيدًا من السيولة المتوافرة لديه.
وشدد علي ضرورة تشكيل لجان للتأكد من مدي أهمية السلع المستوردة، حتي لا يستغله التجار في استيراد سلع ترفيهية تمثل ضغطًا إضافيا عليي الدولة والاحتياطي النقدي، لافتًا إلي أنه سيؤثر علي زيادة السلع بغرض الإتجار، والتي تكون نسبته نحو %50 عكس السلع التي تدخل في الاستثمار الصناعي والزراعي، لأنها عادة ما يكون غطاؤها النقدي أقل من %50.
واستبعد أن يكون سبب هذا المطلب هو تغيير سعر صرف الدولار، مقابل الجنيه، نظرًا لأنه لم يشهد تذبذبًا ملحوظًا منذ بداية العام.
يذكر أن سعر صرف الدولار، مقابل الجنيه بلغ 5.775 جنيه في يناير الماضي، ليرتفع بما يقرب من 0.2 جنيه في أكتوبر، مسجلاً 5.952 جنيه.
وأكد أهمية تطبيق هذا المقترح للبنوك، لأنه سيساعد في ارتفاع حركة الاعتمادات المستندية والتجارة، وبالتالي معدلات العمل داخلها والعائد منها، وإنما علي الجانب الآخر ستشكل ضغوطًا علي الموازنة العامة للدولة، نتيجة ارتفاع نسبة الواردات، مقابل تراجع الصادرات نتيجة انخفاض معدلات الإنتاج.
من جهته اشترط أحمد عبدالعاطي، مدير عام الإدارة المركزية ببنك فيصل، أن يختص هذا المقترح باستيراد السلع الغذائية الضرورية، نظرًا لأن الاستيراد يتطلب وجود عملة أجنبية، وهو ما يشكل ضغطًا علي الاحتياطي من النقد الأجنبي، والذي فقد نحو 14 مليار دولار منذ بداية العام، مدفوعًا بتأثر قطاع السياحة وخروج الاستثمارات الأجنبية.
وأشار إلي أنه سيوفر قدرًا مناسبًا من السيولة لدي التجار وينشط الحركة الاقتصادية من خلال زيادة المعروض من السلع ومن ثم انخفاض الأسعار والتضخم، كما يساهم في زيادة أرباح البنوك، نظرًا لأنها تنتج عن زيادة العمليات التشغيلية للبنوك وزيادة الائتمان، إلا أنه يمثل خطرًا علي الاقتصاد بزيادة الواردات عن طريق زيادة حركة تدوير رأسمال المستوردين، فحينما يكون الغطاء النقدي %100 يقوم المستورد بتدوير رأسماله مرة أو مرتين، لكنه في حال انخفاض الغطاء النقدي إلي %30 سيقوم بتدوير رأسماله 4 أو 5 مرات.
ولفت إلي أنه في ظل ارتفاع الواردات، وتراجع الصادرات، سيؤدي إلي حدوث عجز في الميزان التجاري، ويكمن الحل في عدم تطبيق المقترح علي السلع الكمالية حتي تستقر الأوضاع السياسية والأمنية وعودة معدلات نمو الاحتياطي للزيادة ويتم تعميم المطلب علي جميع السلع.
يذكر أن ارتفاع العجز في الميزان التجاري، بنسبة %22 ليصل إلي 18.169 مليار جنيه بنهاية أغسطس الماضي، مقارنة بـ 14.888 مليار جنيه في أغسطس 2010، يرجع إلي ارتفاع الصادرات بنسبة %9 لتحقق 13.294 مليار جنيه بنهاية أغسطس، مقارنة بـ 12.194 مليار جنيه، في حين ارتفعت الواردات بـ %16.2 حيث حققت 31.463 مليار جنيه في أغسطس 2011، مقابل 27.082 مليار جنيه في أغسطس 2010.