آية رمزى
على بُعد خطوات من ميدان روكسى كان التِرام يمر من قَلب مَصر الجديدة، وبتتبّع آثار القضبان، ستصل إلى مبنى «هندسة السكّة» المختصّ بالكشف على سلامة وحدات القطار، وإصلاح ما أتلفه الطريق، وبالرغم من احتفاظ محطة الانتظار، التى تسبق مبنى الصّيانة، بمقاعد الركّاب فإنها خلت مِنهم تمامًا، بينما استقرّت القمامة ومخلفات الهدم والبناء مكان التّرام.
ثلاثة رجال يتجاوزون الخمسين أمام تلفاز فى مكان مُتهالك بجوار مجموعة من المخلفات الحديديّة والخشبية المخلوطة بالقمامة، يوجَلون من قدومنا إلّا أنّهم سرعان ما يعرّفونا بأنفسهم «فنيين كهرباء تابعين لمبنى هندسة السكّة»، ومن ثَم يكشفون عن الأحوال التى آل إليها ترام مصر الجديدة والمطرية الذى أوشك على الفناء تمامًا، ما يكشف عن مستقبل مجهول لمصائرهم لم يبلغهم به أحد بعد.
فوجئ العاملون بترام مصر الجديدة والمطرية، الذين التقت «المال» مع بعضهم، بقرارات متتالية لإزالة خطوط ترام المطرية – ألماظة،،و لم يكُن أمامهم سوى تنفيذها، برغم علمهم بمعنى ذلك من إعلان توقّف مصدر رزقهم، مكتفين بإبداء اعتراضاتهم فى صمت لا تصل إلى مسئوليهم وإن وصلت لا يلقون لها بالًا.
ألقى العاملون باللوم على هيئة النقل العام قائلين «الهيئة قضت عالمترو».
وبالفعل نجحت خطة إلغاء خط المطرية، بقيادة محافظ القاهرة الدكتور جلال السعيد، والتى شملت إزالة لقضبان المسار، قبل أن يلحقها أصوات المُعارضين، ومن جهة أخرى تُحارب مبادرة تراث مصر الجديدة فى أكثر من جبهة لإيجاد حَل لإعادة إحياء مسار القطار بعد تطويره، محاولة منها للتمسّك بأحد أهم معالم «هليوبوليس» والذى كان سببًا فى إنشائها، فى حين يرى خبراء ومسئولون سابقون بهيئة الترام أن إزالته القرار الأصوَب، لأنه لم يعد ملائما للعصر الحالى، معلقين على تراثية الترام «الشعارات مبتأكلش عيش».
يقول أحمد عبدالرحمن كهربائى بمقر الصيانة فى روكسى «فوجئنا بقرار إلغاء قطار المطرية ولا نعلم السبب فذهبنا لإزالته مع عدد من العاملين الآخرين»، ولا نعلم مصير ترام مصر الجديدة الآن والّذى تعوقه إحدى بِرك المياة الجوفية بكوبرى القبّة، فلا يكاد يبدأ طريقه حتّى يعود مرّة أخرى دون أن يُكمِل مساره.
«لو جه لحد هنا يبقى كتر خيره هكذا» يقول عابدين محمود ملاحظ بترام مصر الجديدة، أنه لم يتبق سوى قطارين يخرجان صباحا ًمن النّزهة حتّى محطة كوبرى القبّة، كمناورة فقط.
ويضيف العامل فى أحد غرف رصد حركة القطار بروكسى قائلا : يأتى ذلك بعدما كان يجوب الشوارع بداية من رمسيس حتى الميرغنى، ومن رمسيس حتى نهاية خط عبدالعزيز فهمى، فضلًا عن انتشاره بشوارع مدينة نصر حتى روكسى، ومن المطرية للدرّاسة.
ووفقًا لحديث عاملين، حاولت عدة جهات على رأسها القوات المسلّحة التخلّص من المياه الجوفية التى تعلو فوق قضبان القطار، ولا يكادوا ينتهوا من رفعها حتى تتواجد مرة أخرى، فى ظل تبرؤ محافظة القاهرة من مسئوليتها اتجاة إزالة المياة، وصعوبة إيجاد المصدر الرئيسى للمياة لإزالته.
العُمال آخر من يَعلم
ويعترض «عابدين» وزملاؤه على تجاهل مسئولى الدولة مشاركة العاملين فى قرارات متعلقة بمصائرهم، قائلًا: العاملون لا يعرفون مصيرهم الآن، وأين سيذهبون بعدما يتم الاستغناء عن الترام بالكامل؟!، مرددين ماذا إذا عدنا للشركة الأم المالكة للترام وهى شركة مصر الجديدة للتعمير والإسكان، كيف سيكون العمل المناسب لنا بعدما أفنينا أعمارنا فى الترام ؟!.
«كانوا 47 وحدة فجأة اتخسف بيهم الأرض وعمالهم اتوزعوا على الأتوبيس»، هكذا يصف عابدين وزملاؤه أحوال وقف خط المطرية للقطب الآخر لترام مصر الجديدة متوجسين من حدوث ذلك معهم وتوزيعهم على القطاعات الأخرى لهيئة النقل العام التابع لها الترام.
سيناريوهان مرجحان لمصائر العاملين، بعد حسم آخر خطوات لإزالة آثار الترام، الأول ؛ العودة للشركة الأُم المالكة للترام، وهو ما لا يتفاءل العاملون بِه، فيتساءلون عن ماهية الوظيفة التى ستناسبهم بشركة لا علاقة لها بمهنتهم الحالية، وهو ما قد يقذف بهم لوظيفة لا يرتضوا بِها فى أواخر عملهم.
السناريو الآخر؛ يشمل انتقال عدد من العاملين المعينين من قبل هيئة النقل العام للعمل بجراجات الأتوبيس التابعة للهيئة، وهو ما يقول العاملون إنه ربما لا يجدوا بها وظيفة مشابهة لعملهم بالترام.
ويواجِه العاملون أزمة أخرى تتمثّل فى فقدانهم فُرص زيادة ساعات العمل لتحسين مرتباتهم، مما قد تتقلّص معه رواتبهم على قلّتها.
ويؤكد محمد محمود رئيس وحدة الترام بهيئة النقل العام التابعة لمحافظة القاهرة سابقًا أنه “مفيش عامل من عمال الترام هيتضر” مشيرا إلى أنه يعلم أنه سيتم توظيف العاملين بجراجات هيئة النقل العام فى الوظيفة الأقرب لوظيفتهم السابقة، بجراجات النقل العام الأٌقرب لمنازلهم.
زحام ترام المطرية لم يمنع إزالته
أكدت محافظة القاهرة أن قرار إزالة ترام المطرية لتوسعة الشوارع، بسبب تراجع إقبال المواطنين عليه وفقًا لتصريحات أشرف حلمى مدير مديرية الطرق والكبارى بالمحافظة، ولكن صلاح عبدالله أمين عام النقابة العامة للعاملين بالترام سابقًا، قال إن القطار كان يحصّل يوميّا ً ما يقرب من 26 ألف جنيه، مع إقبال كبير من الموظفين وطلبة المدارس والكليات للهروب من زحام ميدان المطرية.
وأوضح أن المحافظة أبقت على مسار 4 محطات فقط بخط المطرية، تبدأ من ألماظة لتنتهى عند محطة المحكمة، لا يقوم فيها العامل بتحصيل أكثر من 10 جنيهات، مشيرا إلى أن الخسائر ليست مبررًا لإزالة الترام، ويتساءل لماذا لم نفعل الشيء نفسه مع مترو الأنفاق برغم تحقيقه خسائر بالملايين.
ويتذكر صلاح عبدالله الأعداد التى كانت تقصد الترام يوميا بالمطرية، وتحديدا من السابعة حتى العاشرة صباحًا، قائلا: «كان بيخدم الطلاب الغلابة اللى كانوا بيركبوه بـ50 قرشا.. دلوقتى بيروحوا المشوار بـ2 جنيه».. معبرا عن اعتراضه على قرار إزالته بدل ما يطوره عاوز يشيله.
من جانبه، يرى رمضان أحمد، أحد عمال إصلاح الترام بمصر الجديدة، أن تواضُع سعر التذكرة لم تَكُن الميزة الأولى، والأخيرة للترام فحسب، فهو صديق للبيئة لا يطلق انبعاثات كربونية مضرة مثل الأتوبيسات، فضلا عن مناسبته أكثر لكبار السن لعدم قدرتهم على صعود السلالم والنزول منها.
وأضاف «لو الحكومة اهتمت بالترام هيبقى أحسن من الأتوبيس، لكن تخريبه سياسة متعمدة من الحكومات المتتالية»، ويعود إلى حكومة ما قبل ثورة 25 يناير عندما رفض رئيس الوزراء أحمد نظيف تدعيم الترام، والذى وصفه بـ«وسيلة ميّتة».
ويوضّح فتحى محمد، أحد العاملين بالصيانة مدى سَخط المواطنين على إزالة ترام المطرية قائلًا: «كانوا بيدعوا علينا واحنا بنشيل الحديد من الأرض، لأنه كان أرخص وأسهل وسيلة مواصلات ماشية فى مسار موحد، مفيش أى إشارات بتوقفه».
غياب قطع الغيار وراء التدهور
وقال رمضان أحمد أحد العاملين إنّ سبب عزوف المواطنين عن ترام مصر الجديدة فى السنوات الأخيرة راجع إلى توقّف دعم هيئة النقل العام له وعزوفها عن توفير قطع الغيار اللازمة، أو حتى شراء وحدات جديدة، مضيفًا «الترام أنشئ منذ 140 عاما، ولم يطور منذ 90 عاما، فكيف يظل كما هو دون دعم فنى وننتظر إقبال المواطنين؟!».
ويؤكد العاملون عدم اهتمام الهيئة بتوفير قطع الغيار اللازمة للترام منذ عام 1992، مشيرين إلى أنها لم توفر لهم شيئا منذ انتقالهم إليها، وإن كل ما فعلته هو «التخريب فقط».
وفى جراج المطرية على خلفية القطارات المتهالكة، يحكى لنا أحد العاملين المتواجدين ما فاجأ به المسئولون العمال به من أخبار عن غلق الجراج بالكامل، وتكهين السيارات المتهالكة بأكملها ووقف إصلاح العربات المتبقية بالجراج، ليبقى جراجًا واحدًا خاصا بالترام وهو جراج ألماظة.
ويوضح العامل «ع م» الذى رفض ذكر اسمه، «فوجئنا بخبر غلق الجراج ولم نصدق ذلك، كما فوجئنا بعدها بتنفيذ القرار من قبل مباحث هيئة النقل العام وأقسام الزاوية والمطرية، وقالوا لنا الجراج اللى عاوزين تتنقلوا فيه هننقلكو فيه تبع هيئة النقل العام لكن الجراج ده هيتقفل».
ووفقا لعامل الجراج، حرص المسئولون، على نقل 15 قطارا لاتزال صالحة للتشغيل إلى جراج ألماظة، لاستغلالها فى المحطات الأربع المستمرة فى العمل على خط المطرية، وفى الوقت نفسه إحضارهم القطارات المتهالكة لدى جراج ألماظة ليتم تكهينها بالكامل بجراج «المطرية».
وأضاف : لا أحد يعلم مصير عشرات القطارات المُكوّمة داخل الجراج، والتى من المقرر إزالتها بمجرد غلق الجراج رسميًّا، إذ قدّر العامل عددها بـ60 قطار، كل منها يتكون من عربتين، حيث تتمدد ثروة من القطارات الأثرية على عدد من الأفدنة التى لا يعلم تحديدًا مساحتها، والتى رفض أمن الجراج السماح لنا بدخولها.
تظهر لافتة بجوار الجراج تشير إلى مركز لتدريب العاملين بالترام، يقول عامل الجراج إنّه كان يعمل حتى ثلاثة شهور مضت، كما كان يتدرب به عاملو الكهرباء والسائقون وفنيو صيانة الترام، وكان يحتوى ايضاً على نموذج مصغر لقطار، مجهز للتدريب عليه.
ويضيف قائلا : كان يمكن أن يُكتب للجراج عمرًا جديدًا إذا تم توفير قطع الغيار اللازمة للقطارات، مشيرا إلى أن العاملين منذ ما يزيد عن 10 سنوات يقومون بمحاولات فردية لتوفير قطع غيار للقطارات المتهالكة، وإصلاح التالف، لتتجاوز بذلك أزمة غياب قطع الغيار الجديدة.
واستنكر العاملون إهمال الهيئة للقطارات، ولجوء المسئولين لردم القضبان الحديدية الخاصة بخط ترام عبدالعزيز فهمى، بدلًا من إزالتها، عند توسعة الشارع، مشيرين إلى ذلك يعد نوعا من التّخريب، لما كان ممكن أن يجنيه تلك القضبان إذا تم بيعها.
أول وسيلة نقل جماعى
لا يُمثّل الترام مجرد مصدر رزق للعاملين فقط، فهو تراث عاصروه وعاشوه منذ بدايته حتى الآن، صلاح عبدالله أحد العاملين وأمين عام نقابة العاملين بالترام سابقًا الّذى أفنى عمره عاملًا فى منظومة التروماى يصف ما يحدث من توجه عام بالاستغناء عن الترام بأنّه «فشل ذريع»، متابعًا ” الترام أول وسيلة نقل جماعى اتعملت فى مصر ومن يريد التخلص منه يريد التخلص من التاريخ.
وتعود قصّة ترام مصر الجديدة إلى ثمانينات القرن الماضى، حينما قرر البارون إمبان المهندس البلجيكى إنشاء مصر الجديدة، وكانت فكرته حينها بتدشين ترام يجوب الشوارع الفارغة ليجذب إليها المواطنين، وتولت شركة مصر الجديدة للإنشاء والتعمير مسئولية تعمير المدينة الجديدة وتوفير البنية التحتية من كهرباء ومياه كذلك إدارة الترام.
بعد ذلك قررت الحكومة نقل إدارة الترام لهيئة النقل العام عام 1992، ونقل مسئولية توفير الكهرباء، وتحصيل إيراداتها لوزارة الكهرباء، وكذلك المياه، ومنذ ذلك التاريخ لم تبذل هيئة النقل العام أى مجهود لتطوير الترام، وفقًا لما أكده العاملون.
محاولات إنقاذ ترام هليوبوليس
جابت مبادرة الحفاظ على تراث مصر الجديدة العديد من الجولات مع عدد من الجهات الحكومية كمحاولة للحفاظ على التراث الذى يُعد من أهم ما يميزها.
وتواصلت المبادرة المكونة من مجموعة من ساكنى مصر الجديدة، مع وزارات النقل والتخطيط ومحافظة القاهرة، باءت جميعها بالفَشل، وفقًا لمنسق المبادرة شكرى أسمر، والذى قال إن المبادرة لجأت فى النهاية إلى محاولة التواصل بمفردها مع الرئاسة لإنقاذ الترام، والتى طلبت بدورها دراسات جدوى من المبادرة تعكف حاليًا على إثبات أهمية الترام من خلالها وجدواه الاقتصادية.
ويحكى منسق المبادرة لـ«المال» جولات المبادرة فى الحفاظ على «الترام الأثرى» قائلًا: حاولنا التوصل إلى حل مع الجهات الثلاث المذكورة إلا أننا وجدنا كل منها يغرّد فى سرب بمفرده، على حد تعبيره، فلجأنا إلى البحث عن جهات تمويل أجنبية بالتوازى مع التواصل مع الجهات السيادية، ونتج عن ذلك على حد قوله إعلان البنك الدولى للتعمير والإسكان استعداده لتوفير تمويل يصل 750 مليون يورو لتطوير شبكة الترام بالكامل.
وينفى ما يتداوله المسئولون عن عدم وجود أهمّية للترام فى ظل تواجد وسائل النقل الأخرى قائلًا: إنه فضلًا عن أثريته وتاريخه إلّا أنّه أنسب وسيلة عامة للمواطنين داخل المدن، نظرًا لقلة تكلفة تشغيله، وعدم مروره بإشارات قد توقفه، بالإضافة إلى أنه وسيلة سريعة ومحافظة على البيئة لعدم إطلاقها انبعاثات كربونية.
ورداَ على ما يردده المسئولون حول غياب جدوى الترام الاقتصادية، يقول إن تكلفة تركيب وتشغيل الترام أرخص من أى وسيلة أخرى، إذ يُكلّف وفقًا لقوله، تنفيذ محطة لمترو الأنفاق مليار و800 ألف جنيه، بينما يتكلف تشغيل الترام من 20 إلى 25 ألف جنيه، كما أنّه أفضل من الأتوبيسات التى تنتهى أعمارها الافتراضية بعد 25 عامًا، وتؤدى لزحام مرورى.
ويضيف قائلا : شوارع مصر الجديدة تعانى من تكاثر المواقف العشوائيّة للميكروباصات التى أدّت لحدوث أزمات مرورية دائمة.
ويستنكر تبنى الدولة لذلك الاتّجاه فى ظل تدعيم دول عربية وأجنبية متقدمة لتطوير خطوط الترام المتواجدة بها، على رأسها باريس التى تقوم بإعادة إحياء 6 خطوط تستهدف وصولها إلى 30 خطا، بالإضافة إلى أن الدار البيضاء والرباط تحاولان قدر الإمكان الحفاظ على الترام كوسيلة مواصلات رئيسية.
لم يَعُد مناسبًا للعصر
على الجانب الآخر، يرى محمد محمود رئيس قطاع الترام بهيئة النقل العام سابقًا، أن إزالة ترام المطرية وتوقف ترام مصر الجديدة قرار صحيح، بل إنّه تأخر كثيرًا لما كان يجلبه من خسائر بسبب الإنفاق عليه أضعاف ما يقوم بتحصيله، مشيرا إلى أن مصروفات الهيئة على الترام وصلت إلى 50 مليون جنيه سنويًا، بينما لم تتعد إيراداته 20 ألف جنيه يوميًا، مما يعنى عدم تغطيتها للمصروفات بأى شكل من الأشكال مما كان يعد خسارة فادحة دون فائدة.
ويرى محمود أن خطة تطوير واستبدال عربات الترام كانت مكلفة بغير جدوى، فقد بلغ ثمن الوحدة الواحدة للقطار 15 مليون جنيه، فى الوقت الذى يُكلّف فيه شراء الأتوبيس 500 ألف جنيه، فما هو الأنسب؟
وعن سبب غياب قطع الغيار، واتهامات العاملين بتجاهل الهيئة لتوفير قطع الغيار اللازمة لتطوير القطارات، يشرح صعوبة إيجاد قطع غيار لنفس طراز الترام القديم، وغياب الجدوى الاقتصادية من الصرف على وحدات متهالكة لم تغير قطع غيارها منذ ما يقرب من 20 عاما.
ويؤكد: أنه لو كان الترام مفيدا لـ10 آلاف فهو يضر بـ 15 مليون بسبب تضييقه للشوارع وعدم جدواه.
وحول رفض البعض لإزالته، نظرًا لتعلقه التاريخى بالمنطقة وبدايات نشأتها يرد قائلا «الشعارات مبتاكلش عيش إحنا بدور على مصالح الدولة دلوقتى».
ويتفق مظهر صالح أستاذ الطرق والكبارى مع رئيس الترام السابق، فى أن الترام وسيلة مواصلات لم تعد صالحة بعد للعصر الحالى، وكان ضروريا استبدالها بأخرى سريعة، خاصة فى ظل قلة عدد مرتاديه والذين لم يتعدوا من 2 إلى %3 فضلًا عن صعوبة توفير قطع الغيار لاختفاء الطراز الخاص بِه.
وأضاف أنّه لا سبيل للتفكير فى عودة الترام مع عدم جدواه الاقتصادية، خاصة فى ظل وجود البديل وهو الخط الرابع للمترو، وخاصة بسبب بطئه.
وبرغم أن الخبراء يؤكدون عدم جدوى «الترام» كوسيلة مواصلات يمكن إحياؤها، والاعتماد عليها، فإن عددا من الدول، مثل الإمارات العربية المتحدة، فى إمارة دبى نفذت مشروعا للترام السطحى، والذى انطلق العام الماضى، وأعلنت عن تشغيل 11 محطة كمرحلة أولى فقط يسمح بتجديدها.
وحرصا ً منها على الحفاظ على الترام والتأكيد على أهميته كوسيلة نقل جماعى، وقامت حكومة دبى بتحديد غرامة تصل إلى 30 ألف دولار، لمن تصطدم سيارته بالترام، فضلا عن نزع رخصة سيارته لمدة عام كامل.
بخلاف ذلك فإن مدنًا أثرية كـ«فيينا» و«باريس» تحرص على الحفاظ على الترام كوسيلة مواصلات رئيسية فى التنقلات الداخلية للمواطنين والسائحين، حيث يعد أنسب المواصلات، خاصة داخل مدن تمتاز بالطابع التاريخى، حيث يقلل من آثار انبعاثاته الكربونية على المبانى الأثرية التى تتميز بها تلك المدن، وهو ما يتوفر بالطبع بمصر الجديدة، التى تحتوى على عدد كبير من المبانى الأثرية ذات الطرازات الأوروبية المتنوعة.