دفع تباطؤ الصادرات الصينية وزيادة تكلفة الواردات بسبب الارتفاع الأخير في أسعار السلع، الفائض التجاري نحو التراجع لأول مرة منذ ثلاث سنوات.
وعززت العوامل السابقة إلي جانب تشديد السلطات الصينية للإجراءات المفروضة علي الإقراض وجهة النظر القائلة بأن سرعة النمو الاقتصادي في الصين بدأت تأخذ منحني تنازلياً خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ووفقاً لما أورده تقرير لمصلحة الجمارك الصينية فإن الفائض التجاري في البضائع وهو الفرق بين الصادرات والواردات بلغ 41.42 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولي من العام الحالي وهو ما يقل بنسبة %11 عن الفائض الذي تحقق في نفس الفترة من عام 2007 والذي بلغ 46.44. وأشار التقرير إلي أن الواردات الصينية ارتفعت خلال الربع الأول من هذا العام بنسبة %29 لتصل إلي 264.48 مليار دولار، فيما بلغت الصادرات 305.9 مليار دولار بزيادة مقدارها %21 متأثرة بتراجع الصادرات إلي الولايات المتحدة.
ومن المقرر أن تصدر الصين الأسبوع الحالي تقريراً حول إجمالي الناتج المحلي لها خلال الربع الأول من العام الحالي. ويتوقع المحللون أن تتراجع معدلات النمو الاقتصادي في الصين من %11.9 عام 2007 إلي ما يقرب من %10 خلال هذه الفترة بسبب انخفاض مساهمة التجارة في النمو بالإضافة إلي ضعف الاقراض بالاستثمار.
ويتوقع محللون لدي جولدن ساكس أن يؤدي التراجع في نمو الفائض التجاري الصيني حتماً إلي انخفاض في إجمالي الناتج المحلي. وأظهر تقرير البنك المركزي الصيني أن البنوك منحت قروضاً بقيمة 190.22 مليار دولار بالعملة الوطنية واليوان، خلال الربع الأول من العام بزيادة %16.2 من إجمالي نشاط الاقراض. وأشار التقرير إلي تراجع النمو المالي والائتماني خلال الفترة نفسها بشكل ملحوظ مما يعتبر انعكاساً للسياسات المالية المتشددة التي اتبعتها البنوك خلال الفترة الماضية.
ويري المحللون أن معدلات الاقراض تقل كثيراً عما كان يأمل البنك المركزي الصيني حيث تراجع الاقراض عن الزيادة التي حققها في نهاية عام 2007 والتي بلغت %16.4.
ورغم زيادة الصادرات الصينية خلال شهر مارس بنسبة %31 مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي فإنها تراجعت بالمقارنة بالنصف الثاني من عام 2007. وجاء هذا التراجع بسبب الزيادة الطفيفة التي حققتها الصادرات الصينية إلي الولايات المتحدة والتي بلغت %5.4 فقط خلال العام الحالي مما يعكس ضعف الطلب الأمريكي وارتفاع قيمة اليوان الصيني أمام الدولار الأمريكي.
ورغم زيادة قيمة اليوان أمام الدولار، فإنه استمر في الانخفاض أمام اليورو مما عزز الطلب الأوروبي علي البضائع الصينية بفضل رخص ثمنها وهو ما ظهر جليا في ارتفاع صادرات الصين إلي دول الاتحاد الأوروبي بنسبة %24 خلال الربع الأول من العام الحالي. أما بالنسبة للواردات الصينية فقد شهدت ازدهاراً مما عكس استمرار قوة الطلب المحلي علي المواد الخام والارتفاع العالمي في أسعار تلك السلع الأساسية حيث ارتفع إجمالي الواردات خلال شهر مارس الماضي بنسبة %25 عن نفس الشهر من العام الماضي فيما قفزت واردات الصين من النفط الخام إلي أرقام قياسية.
وأشارت البيانات الصادرة عن مصلحة الجمارك الصينية أن واردات البلاد من النفط الخام بلغت 4.09 مليون برميل يومياً خلال شهر مارس وهو ما يفوق كثيراً حجم وارداتها منه في عام 2007 والذي بلغ 3.62 واضعاً الصين في محاذاة اليابان التي وصلت وارداتها من النفط الخام خلال العام نفسه إلي 4.12 مليون برميل يومياً.
وتزايد الطلب الصيني علي النفط الخام بسبب إقبال شركات البترول الكبري في الصين مثل بتروتشينا علي شراء كميات كبيرة من النفط لسد العجز بالسوق المحلية في غاز التدفئة والديزل وأدي الارتفاع الحاد في الأسعار العالمية للنفط إلي تعميق الآثار المالية لزيادة الصادرات، حيث بلغ متوسط السعر العالمي للنفط في الربع الأول من العام نحو 94 دولاراً للبرميل، بالمقارنة بنحو 55 دولاراً للبرميل في نفس الفترة من عام 2007.
وعلي الرغم من زيادة الواردات فإن الصين لا تزال تملك احتياطيات ضخمة من العملة الاجنبية تمكنها من تغطية وارداتها مهما بلغت حيث تبلغ احتياطيات الصين من العملة الاجنبية نحو 1.682 تريليون دولار مما يجعلها تأتي في المرتبة الأولي عالمياً من حيث حجم احتياطياتها من النقد الاجنبي.