«الاستثمار العقاري» يخلع عباءة التقسيط
توقع متعاملون بقطاع العقارات أن تشهد سوق التمويل العقارية خلال الفترة القليلة المقبلة اتجاها تصحيحياً تعبر عنه شركات الاستثمار والتنمية العقارية التي تطرح وحداتها السكنية للبيع بالتقسيط، وذلك نتيجة للضوابط الصارمة التي تتخذها وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع البنك المركزي لتنظيم تداول أموال حجوزات التقسيط العقاري، وهو ما سيدفع شركات الاستثمار العقاري العاملة بهذا النظام إلي التعاون مع شركات التمويل ، اجتنابا للأضرار التي ربما تتعرض لها إذا ما خالفت هذه الضوابط.
جرت العادة خلال سنوات مضت علي قيام شركات الاستثمار والتنمية العقارية تعلن عن بيع وحداتها السكنية بالتقسيط وبدون فائدة في حين أن اصابع الاتهام تشير إلي قيام تلك الشركات بتحميل سعر الفائدة علي ثمن الوحدة الأساسي وهو ما يوازي أو – ربما يزيد – علي التكلفة التي تحملها العميل خلال التعامل مع شركات التمويل.
وفي هذا السياق قال علي زلط مدير المبيعات بشركة الزهور للاستثمار والتطوير العقاري إن شركات التمويل العقاري بدأت منذ فترة في التعامل مع شركات القطاع الخاص ، وشركات الإسكان التابعة لوزارة الاستثمار بهدف الترويج لعمليات البيع وفقا لنظام التحويل العقاري وليس مباشرة .
وجاء ذلك بعد قرار الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار بإلزام شركات قطاع الاعمال العاملة في مجال الاستثمار العقاري ببيع الوحدات التي تقوم ببنائها للمواطنين بنظام التمويل العقاري علي أن تتوقف عن البيع بشكل مباشر بالتقسيط للمواطنين ، وأكد أن التعامل بنظام التمويل العقاري سيمنح العديد من المزايا للمواطنين والمستثمريين العقاريين في آن واحد حيث يعطي للمواطن أطول فترة ممكنة لسداد ثمن الوحدة تتدرج بين 10و 20عاما حسب رغبة المشتري أما بالنسبة للمزايا التي تعود علي الشركات العقارية أهمها توفير السيولة النقدية الفورية حيث ستحصل الشركة علي ثمن الوحدة من الجهة المانحة للتمويل نقدا مما يتيح لها فرصة التدوير السريع لرأس المال والتوسع في العمل وترسيخ النشاط والمنافسة في السوق إلي جانب ماتحققه الشركات من ارباح .
في حين يري علي عبد الرؤوف رئيس شركة النور للتنمية العقارية إن الضوابط الجديدة التي تم إعلان اتخاذها بشأن مقدم حجوزات المشروعات السكنية ، أربكت شركات الاستثمار والتنمية العقارية خاصة أن أموال هذه الحجوزات تعد رأسمال لهذه الشركات تعتمد عليه في بناء مشروعاتها السكنية ، لذا فقد قررت شركات عديدة التعامل مع شركات التمويل العقاري في تمويل شراء منتجاتها ، تجنبا لهذه الضوابط . هذا ما يقوله عبدالرؤوف الذي أشار إلي أن بطء دورة رأسمال شركات الاستثمار العقاري العاملة بنظام التقسيط كان أحد أبرز الدوافع وراء تعاملها بالنسبة مع شركات التمويل ، لتنشيط هذه الدورة سريعا من خلال الحصول علي أموالها مباشرة والبدء في تنفيذ مشروعات أخري ، بالإضافة إلي معرفة أغلب العملاء بما تقوم به هذه الشركات من تحميل سعر الفائدة علي ثمن الوحدة السكنية الأساسي، بدليل تخفيض السعر بنسبة أكثر من %7 في حالة البيع الفوري أو الكاش .
بينما أكد أحمد سامي مدير العمليات بشركة المصرية للتمويل العقاري أن شركته بدأت بالفعل في التعامل مع شركات الإسكان التابعة للوزارة والتي كانت تقوم ببيع وحداتها السكنية من خلال إدارات التسويق بها ، ومنها شركة النصر للإسكان والتعمير ، حيث تقوم المصرية للتمويل حاليا بتمويل وحداتها السكنية بمشروع الـ 6 عمارات ” 132″ وحدة سكنية ، وأشار إلي الفوائد التي ستعود علي شركات الاستثمار من خلال تعاونها مع شركات التمويل ، حيث تتفرغ شركات الاستثمار لمهمتها الأساسية في البناء ، وتترك لشركات التمويل مهمة تسويق منتجاتها وفقا لمحددات ممارسة النشاط في السوق والإجراءات المعتمدة من جانب الهيئة العامة للتمويل العقاري ، بضاف الي ذلك الفوائد التي تعود علي شركات التمويل من تمويل هذه المشروعات بدلا من التعامل مع الأفراد ، كل علي حدة مما يوفر الكثير من الوقت والجهد لشركات التمويل .
وأضاف أن شركات الاستثمار العقاري ستتمكن من خلال التعامل بنظام التمويل من الحصول علي كامل قيمة الوحدات السكنية فور توقيع العقود ، وتقوم ببناء مشروعات جديدة لتزداد بذلك دورة رأس المال إلي أقصي حد بدلا من البطء الذي تعاني منه في حال تقاضيها ثمن منتجاتها للعملاء علي فترات زمنية.
ونفي سامي أي معاناه تتعرض لها شركات الاستثمار العقاري في التعامل مع شركات التمويل فيما يتعلق بتسجيل مشروعاتها وإثبات ملكيتها للوحدات ، فأغلبية هذه المشروعات تكون مسجلة كما أن الأراضي المخصصة تكون وفقا لقرارات رسمية يتم الاطلاع عليها.
في خط مواز قال عبد الله رشدي مدير الائتمان بشركة التعمير للتمويل العقاري إن شركته بدأت بالفعل في تمويل شراء الوحدات السكنية التابعة لشركتي مصر الجديدة والمعادي للإسكان التابعتين لوزارة الاستثمار ، في مدينة العبور ومنطقتي الشيراتون والفسطاط ، والتي لاقت إقبالا كبيرا من العملاء علي شرائها . وأكد ضرورة الفصل بين عمليات تمويل شراء الوحدات السكنية وبناء هذه الوحدات ، فالتمويل له جهاته الخاصة كشركات التمويل العاملة في السوق حاليا أو البنوك التي تقدم هذه الخدمة ، كذلك ينبغي علي شركات الاستثمار العقاري – في رأيه – أن تتخلي عن دور التمويل وتتفرغ لعمليات البناء فقط .
وأشار رشدي إلي الفائدة التي ستعود علي شركات القطاع الخاص من التعامل بنظام التمويل العقاري ، خاصة فيما يتعلق بسرعة دوران رأس المال ، حيث تحصل شركة الاستثمار العقاري علي ثمن الوحدة السكنية بالكامل فور بيعها للعميل عبر شركة التمويل ويتسني لها البدء في مشروعات سكنية جديدة، الي جانب تفادي الوقوع في خلافات ونزاعات مع العملاء حول نشاط التقسيط وترك كل هذه المسائل للجهة الممولة .
وتوقع مدير عام الائتمان بشركة التعمير أن يشهد نشاط التمويل العقاري نموا ملحوظا خلال السنوات المقبلة مع تزايد شركات القطاع الخاص التي تتعامل بنظام التمويل العقاري وكذلك بتمويل شراء وحدات شركات الإسكان التابعة لوزارة الاستثمار.
علي الجانب الآخر انتقد طه عبد اللطيف رئيس شركة قرطبة للاستثمار العقاري تعدد الإجراءات الروتينية في شركات التمويل العقاري ، والتي تدفع العملاء عادة إلي التوجه إلي شركات الاستثمار العقاري التي تطرح منتجاتها بالتقسيط، هربا من بيروقراطية شركات التمويل ، مشيرا إلي ممارسة البنوك العاملة بمجال التمويل العقاري دورا أفضل من الشركات المتخصصة ، وتحديدا البنوك الخاصة.
وطالب عبد اللطيف شركات التمويل العقاري بتبسيط إجراءاتها وتحديد مطالب موحدة من العملاء للحصول علي التمويل لتشجيع شركات الاستثمار العقاري علي التعاون معها .
ووفقا لدراسة حديثة أعدتها الهيئة العامة للتمويل العقاري فإن نظام التمويل العقاري يوفر مزايا عديدة لشركات الاستثمارالعقاري وأكدت الهيئة أن اتباع نظام التمويل العقاري في بيع الوحدات المملوكة لشركات الاستثمار العقاري يتيح لهذه الشركات الاستخدام الامثل لامكاناتها لكي تتفرغ لتنمية نشاطها الرئيسي وهو البناء كذلك تحرير امكانات هذه الشركات وعدم تجميد جزء كبير منها للقيام بعمليات التمويل للمستثمرين أو المشترين مما يزيد من سرعة دوران رأس المال وتقليل المدد الزمنية لتنفيذ وتسويق المشروعات وتجنب الخوض في مشاكل استرداد الوحدات في حالات تعثر المشترين بالإضافة إلي تحقيق مزيد من المبيعات وبالتالي زيادة الأرباح بدون الدخول في مخاطر الائتمان ، وفصل مخاطر التمويل للمشترين عن العمليات الرئيسية لشركات التنمية العقارية، ونقل هذه المخاطر للممول سواء كان بنكا أو شركة ثم الي السوق الثانوية عند التوريق.