سادت أجواء الترقب سوق الصرف علي مدار الساعات الأخيرة الماضية.. وسيطرة الحساسية المفرطة علي ردود فعل المضاربين داخلها استعدادا لتدخل المركزي مجددا لتغطية الاعتمادات المستندية المكشوفة في البنوك وهو ما دفع سعر صرف الدولار داخل السوق الموازية إلي التراجع بضعة قروش مستقرا بصورة مؤقتة عند حدود 7,10 جنيه.
وعجزت السوق الموازية المشحونة بالتوتر والقلق عن بناء رد فعل وقائي كما فعلت في المرة الأولي عند ترقب تدخل «المركزي» حيث راهنت علي اندفاع صغار المكتنزين إلي بيع الدولار تحت ضغط الخوف من فقدان المزيد من سعر ما في حوزتهم من العملة الأمريكية وهو ما لم يحدث هذه المرة مما جعل المضاربين يستقرون بالدولار عند المستوي السابق وسط مخاوف من تنفيذ مفاجئ لتدخل المركزي.. الذي دافع عن حرصه علي تكتم تفاصيل التدخل وابقائه قدر المستطاع خارج حدود التوقع.
وتؤكد الأوساط المصرفية علي ضرورة تدخل المركزي في هذه الفترة حتي يتفادي صعوبة كلفة التدخل المتصاعدة مع تأخر توقيته وهو ما شدد عليه علي نجم رئيس مجلس إدارة بنك الدلتا الدولي ومحافظ البنك المركزي الأسبق.. معتبرا أن عنصر التوقيت يلعب في هذه الفترة دورا حاسما في انجاح أو افشال خطط المركزي وأشارت قرارات مجلس الوزراء الأربعاء الماضي إلي حتمية التدخل لتغطية فتح الاعتمادات المستندية في حالات السلع الضرورية ومستلزمات الانتاج.. وهو ما وضعه المجلس في مستوي الالتزامات.
ويشير نجم إلي أن التدخل الذي قام به المركزي في الفترة الماضية ساهم في وقف ارتفاع أسعار الصرف الأجنبي.. وهو علي عكس ما قدره البعض اتسم بالغزارة في حالات البنوك التي واجهت صعوبات في تغطية اعتمادات مستندية فعلية قدمت إليها.. وهو وضع يختلف جذريا – كما يؤكد نجم – عن قيام «المركزي» بضخ الدولار إلي البنوك وفق حصص تتناسب مع مراكز النقد الأجنبي بها.. حيث إن هذا لم يحدث بالفعل رغم تدخل المركزي.. وهو ما أسماه باستخدام الاحتياطي النقدي وليس ضخا.
وطالب نجم باقتناص الفرصة المتاحة لتدخل المركزي وإلا فإن الدولار سوف يعاود الصعود فوق المستوي الذي انتهي إليه.. مؤكدا أن المركزي لا يمكنه البقاء مكتوف الأيدي في انتظار قرار يصدر بالتدخل من نقود الاحتياطي.. فمثل هذا الوضع شائعا في كافة الدول التي تواجه صعوبات مماثلة.
في الاتجاه نفسه توقع مصدر مسئول بقطاع المعاملات الخارجية في بنك مصر أن يواصل الدولار ارتفاعه خلال الأسبوع الجاري ومن ورائه بالأسابيع القليلة القادمة في حال تعذر تدخل المركزي لأي أسباب حيث لن يكون وقف ارتفاعه ممكنا بعد الآن.
وأشار إلي حتمية التدخل الذي تضره علي السلع الضرورية ومستلزمات الانتاج والسلع الرأسمالية لتوفير ما يحتاج إليه القطاع الصناعي المنتج الذي يضطر إلي البحث عن تدبير احتياجاته لفتح الاعتمادات حتي لو اضطر إلي اللجوء إلي السوق الموازية لتدبير احتياجاته.. وهذا العميل لو وجد مساعدة بهذه الكيفية من البنوك فإنه لن يغامر باللجوء إلي السوق الموازية مرة أخري.. كما أن هذه السوق بما تحويه من كميات ضخمة من الدولار قادرة في حال اضطرارها إلي بيع ما تخزنه منه علي خفض سعر الدولار إلي أدني مستوياته.
وحول توقعات شركات الصرافة لوضع الدولار بالأسواق لفت محمد الأبيض رئيس شعبة شركات الصرافة إلي أن سعر الصرف عاد مرة أخري إلي الانخفاض وهو ما يري أنه قد جاء استجابة للوضع الحالي داخل السوق وتوقع أن يواصل الدولار انخفاضه إذا تدخل المركزي بصورة ملحوظة.. مشيرا إلي ضرورة ترك آليات السوق تعمل علي تصحيح الاختلالات من تلقاء نفسها.. وفصل تعاملات الشركات عن البنوك والجهاز المصرفي.