تواجه البنوك صعوبات في تسييل محافظها من اذون الخزانة والسندات التي تصدرها الحكومة وتقوم بشرائها واعادة بيعها في سوق ثانوية لتداول تلك الادوات، فبينما اكد عدد من مديري البنوك والمصرفيين ان انعدام القوة الشرائية وضعف التداول علي اذون الخزانة والسندات بالسوق الثانوية لها بات يخنق البنوك ويغل يدها عن التصرف فيما بحوذتها من الاذون والسندات لاسيما مع كثرة وكبر حجم اصدارات وزارة المالية منها حيث بلغ متوسط اصداراتها الأسبوعية نحو 7 مليارات جنيه واكثر، اضافة للتخفيضات التي يجريها البنك المركزي لسعري الفائدة الكوريدور وتخوف المستثمرين من عدم قدرة الحكومة علي سداد دينها الداخلي، الامر الذي جعل محافظ البنوك متخمة بالاذون التي ليس لها تصريف مما يعرض البنوك التي في حاجة الي السيولة وسرعة تسييل محافظها من تلك الأدوات إلي تحقيق خسائر من فارق اعادة التقييم لأسعار الفائدة عليها في السوق الثانوية او اللجوء الي الاحتفاظ بها لحين الانتهاء من تاريخ استحقاقها، وفي ذلك تعطيل لرؤوس أموالها وإحداث أزمة سيولة داخلها.
وأشار المصرفيون إلي فقدان الأفراد للوعي بكيفية الاستثمار في تلك الادوات حال دون وجود سوق ثانوية نشطة للتداول علي تلك الادوات في الوقت الذي يحتاج في الجهاز المصرفي لنشاط هذه السوق في تداول الأذون والسندات مؤكدين ان كثرة اصدارات وزارة المالية من الاذون حال دون تاثرها بخفض اسعار الفائدة مدللين علي ذلك بعودة العائد علي الاذون لآجال 9 شهور وسنة للارتفاع مرة اخري رغم الخفض الاخير للكوريدور، الذي لم تتاثر به ادوات الدين الداخلي سوي بشكل طفيف واشاروا ان ذلك يتعارض مع اهم الاهداف التي تم من اجلها خفض اسعار الفائدة لتخفيف عبء خدمة الدين العام لتقليل تكلفة اقتراض الحكومة من السوق او البنوك تحديدا ، فيما أكد المصرفيون أن البنوك سوف تواجه انعدام القوة الشرائية علي تلك الادوات بالاحجام عن الاستثمار في الاذون والسندات الفترة المقبلة .
أكد ياسر عمارة، الخبير المصرفي، ان الهدف من طرح اذون الخزانة واصدار السندات للتمويل القصير الاجل للموازنة العامة للدولة حيث تقترض الحكومة مبالغ تصل الي 7 مليارات جنيه واكثر اسبوعيا خلال مناقصة لطرح تلك الادوات امام البنوك مؤكدا انه ومع التفاوت في اسعار الفائدة خلال كل اسبوعين تقريبا بين الانخفاض والارتفاع الطفيف علي عوائد اذون الخزانة، فان البنوك عند شرائها أذون الخزانة والسندات ثم دخولها في عمليات اعادة البيع والتسييل لها او ما يعرف »بالريبو« ومع التغير السريع في سعر الفائدة واتجاهه مؤخرا نحو الانخفاض تتعرض لخسائر ناجمة عن فارق إعادة تقييم الأسعار وضعف التداول في السوق الثانوية علي الاذون والسندات التي باتت لا تحقق عوائد مرتفعة مما أدي لعزوف المستثمرين والافراد عنها، اضافة الي اتجاه الافراد الي الادخار الآمن %100 في الودائع لدي البنوك مما يزيد من انعدام القوة الشرائية لها، الامر الذي ستحجم بشأنه البنوك الفترة المقبلة علي الاستثمار في تلك الادوات والبحث عن عوائد مرتفعة مثل صناديق الاستثمار في البورصة.
وأشار عمارة إلي انه في ظل اتجاه اسعار الفائدة للانخافض، لاسيما ان اذون الخزانة تطرح لاجال 91 و92 و89 و180 و365 يوما، فان التفاوت السريع في اسعار الفائدة الذي يحدده البنك المركزي مع متوسط الاسعار المطروحة خلال مناقصة وفقا للعرض والطلب حيث يتقدم كل بنك وفقا لعملائه باسعار معينة مما سيؤدي بدوره لتراكم الاذون والسندات لدي محافظ البنوك لانعدام القوة الشرائية عليها وضعف التداول علي تلك الادوات في السوق الثانوية، التي لم تعد تحقق عوائد مرتفعة وباتت غير مجزية للمستثمرين والبنوك علي حد سواء.
واوضح عمارة ان بنوك المتعاملين الرئيسيين وعددها 12 بنكا هي المكلفة بشراء ما يطرح من قبل وزارة المالية من اذون وسندات وان البنوك مضطرة للشراء تلبية لتوجهات السياسة النقدية علي حد قوله وانه اذا امتنع »البرايمري ديلرز« المتعاملون الرئيسيون عن الشراء لتلك الادوات سوف يحدث فجوة كبيرة في الوقت الذي تملك فيه هذه البنوك سيولة ضخمة مطلوب توظيفها وان طرح الحكومة لتلك الادوات كأداة سريعة للاقتراض يزيد اعباء الدين العام الداخلي.
واكد انه في ظل انعدام القوة الشرائية للاذون والسندات داخل السوق الثانوية لها سوف يدفع البنوك للاحجام عن الاستثمار فيها ولن يبقي امام البنوك سوي امرين اما ان تحتفظ بالاذون والسندات التي قامت بشرائها لحين انتهاء تاريخ استحقاقها وفي ذلك تعطيل لرؤس اموالها، الامر الاخر ان تقبل علي بيعها بأسعار اقل من الشراء وبالتالي تخسر.
وتتفق معه بسنت فهمي المستشار المصرفي لبنك التمويل المصري السعودي في ان الحكومة مضطرة للتوسع في اصدار الاذون قصيرة الاجال وسندات في الاجل الطويل لتمويل العجز في الموازنة العامة للدولة في الوقت الذي تلجأ فيه البنوك لشرائها بحجم كبير من السيولة لديها تحتاج الي تسييلها في اسرع وقت فور عمليات الشراء وتداولها في سوق ثانوية لتحقيق ارباح من خلالها لتصطدم بانعدام القوة الشرائية لتلك الادوات مما يعرضها لحدوث أزمات سيولة لديها مؤكدة ان البنوك يمكنها شراء تلك الاذون والسندات بنسبة من السيولة التي ليست في حاجة اليها في الاجل القصير التي تتراوح في الغالب بين %1 و%2 وهي نسبة ليست كبيرة مقارنة بحجم سيولة %47 لدي الجهاز المصرفي، إضافة الي قيام البنوك بوضع أموالها في الكوريدور وتحصيل فائدة %9.5 مشيرة الي ان انعدام القوة الشرائية لتلك الادوات جاء لتخوف المستثمرين من انخفاض العائد عليها، اضافة الي انه قد لا يكون لدي الحكومة القدرة علي السداد.
فيما تؤكد عنايات النجار، مستشار التمويل والاستثمار، ان التعامل علي الاذون والسندات لا يتم عن طريق كل الافراد ولكن من خلال مؤسسات بعينها تتعامل علي تلك الادوات، فالافراد لا يعرفون كيفية البيع والشراء لتلك الادوات والتعامل عليها اضافة لانخفاض اسعار الفائدة الامر الذي أغل يد البنوك عن التصرف فيما بحوزتها من اذون وسندات، مؤكدة انه الي الان لا توجد سوق نشطة للتداول علي الاذون والسندات لفقدان الوعي لدي الافراد فيما يخص هذا النوع من التداول، وشددت علي حاجة السوق المصرفية لضرورة وجود سوق ثانوية للسندات واذون الخزانة.
فيما أشار عمرو طنطاوي، مدير عام لدي بنك مصر ايران، إلي ان انخفاض اسعار الفائدة علي الاذون والسندات ادي لانعدام القوة الشرائية عليها، موضحا ان البنوك التي لن تضار هي التي لا تحتاج الي تسييل محافظها من الاذون والسندات في الاجل القصير فسوف تحتفظ بتلك الادوات التي قامت بشرائها باسعار فائدة مرتفعة سواء لطول مدتها لحين انتهاء تاريخ استحقاقها ولن تقدم علي بيعها واعادة توظيفها في الائتمان باسعار فائدة وعوائد منخفضة، مؤكداً ان البنوك ستشهد احجاما علي الاستثمار في تللك الادوات اضافة الي اتجاه جزء كبير من السيولة لدي الجهاز المصرفي الي سوق المال والبورصة التي شهدت رواجا مؤخرا والاتجاه للادوات ذات العوائد المرتفعة .
وأضاف احمد ادم، الخبير المصرفي، ان قرار وزير المالية بفرض ضرائب علي عوائد اذون الخزانة ادي لخروج حصة الاجانب التي انخفضت من %24.5الي %8.1 في الوقت الحالي وكان علي البنوك ان تغطي هذا العجز فقد غطت بنوك القطاع العام »الاهلي ومصر والقاهرة« من %32.9 الي %44.6 مقارنة بباقي البنوك الخاصة وفروع البنوك الاجنبية التي غطت %28.8 الي %31.7 فكان يقدم المتعاملون الرئيسيون علي اخذ طروح وزارة المالية من الاذون والسندات لتسويقها لعملاء أجانب في الوقت الذي لا تسدد فيه الحكومة الدين الداخلي وتصدر حجماً كبيراً من الاصدارات اسبوعيا الامر الذي يعني تسديدها الدين الداخلي بدين اخر في الوقت الذي تنخفض فيه اسعار الفائدة مما يشكل عبئاً علي البنوك في الاستثمار في تلك الادوات، مشيرا الي ان عدم وجود سوق مفتوحة نشطة لتداول الاذون والسندات ياتي لصالح الحكومة ويحد من فرص اجبارها علي سداد الدين الداخلي.