شهد قطاع النقل البحري مؤخرا انطلاق الخطوات التنفيذية لأكبر مشروع استثماري علي مستوي القطاع خلال العام الجاري وهو إنشاء محطة لتداول الحاويات بميناء دمياط باستثمارات مليار دولار ، ونظرا لأهمية المشروع الذي ستترتب عليه زيادة ضخمة بطاقة تداول الحاويات بالميناء، فقد اثار هيكلة التمويلي الذي أعلنته شركة KGL الكويتية صاحبة حق تنفيذ وإدارة المحطة، العديد من التساؤلات حول قدرة اقتصاديات قطاع النقل في مصر علي استيعاب مثل هذه المشروعات الضخمة ومشاركة البنوك المحلية في تمويلها.
في هذا الإطار، كشف فاضل عبدالله البغلي، نائب رئيس مجلس إدارة شركة KGL ، عن مفاوضات تجريها شركته لاقتراض 250 مليون دولار من أحد البنوك المحلية لتمويل المرحلة الأولي من المشروع، التي تصل تكلفتها إلي 600 مليون دولار، يضاف إلي ذلك مفاوضات الشركة مع مؤسسة التمويل الدولية «IFC » لاقتراض 150 مليون دولار.
وأضاف البغلي أن KGL لديها فقط 200 مليون دولار هي رأسمال شركة دمياط الدولية للموانئ، التي تم إنشاؤها لمتابعة تنفيذ المشروع.
وقد قوبلت مفردات هذا الهيكل التمويلي بمستويين من الأسئلة، الأول حول مدي قدرة قطاع النقل البحري علي استيعاب مشروعات بهيكل تمويلي بحجم مشروع محطة حاويات دمياط، وما إذا كان هناك احتمال لفشل محاولات الترويج الاستثمارية التي تقوم بها وزارة النقل، في حين دار المستوي الثاني حول إمكانية تمويل مشروع في قطاع النقل بنسبة تتجاوز %30 من التكلفة الإجمالية للمشروع، مع ملاحظة ما يتميز به قطاع النقل من تشدد ائتماني.
وأوضح سامح بناني رئيس قسم تمويل الشركات ببنك المؤسسة العربية المصرفية أن تمويل مشروع محطة حاويات دمياط لابد أن يحظي بدارسة جدوي جيدة تشجع نتائجها البنوك علي المساهمة في تمويله، وهو ما يستدعي توفير كافة المستندات والبيانات التي تحتاجها البنوك لتمويل المشروع، خاصة في ظل توجه الجهاز المصرفي لتمويل قطاعات أخري علي رأسها البتروكيماويات والكهرباء.
وأشار إلي أن هناك عاملا آخر قد يساعد في تحفيز البنوك علي تمويل المشروع هو وجود استثمارات قائمة للشركة الكويتية في مصر، بحيث إذا تعثر مشروع محطة حاويات دمياط تستطيع الشركة سداد قروض البنوك من ايرادات المشروعات الأخري، وأكد وجود حالات تمويل عديدة وفقا لهذا النظام في السوق المحلية.
وقال رئيس قسم تمويل الشركات ببنك المؤسسة العربية المصرفية «مصر»: إن حجم التمويل الذي تطلبه KGL ، والذي يمثل %33 من قيمة المشروع لا يعد كبيرا، خاصة أن البنوك قامت بتمويل مشروعات بنسبة %100 نظرا لثقة البنوك في المشروع، بينما قال إبراهيم السويفي خبير النقل البحري: إن مشروع محطة حاويات دمياط ستكون له تأثيرات ايجابية علي الأداء الاقتصادي للميناء في ظل زيادة عدد الحاويات المتداولة خلال السنوات المقبلة، مع بدء تشغيل المحطة الجديدة، غير أنه أشار إلي تأخر الكونسورتيوم المنفذ للمشروع برئاسة شركة KGL الكويتية، في اطلاق إشارة البدء مما يثير القلق حول جدية تنفيذ المرحلة الأولي في المواعيد المقررة.
في نفس السياق اعترف محمد المزيدي رئيس مجلس إدارة شركة KGL أن مشروع محطة حاويات دمياط ليس سهلا خاصة أنه المشروع الأول في مجال المواني الذي يقوم به القطاع الخاص دون أي تدخل من الدولة، إلا أنه أشار إلي الخبرة التي تمتلكها شركته في مجال إنشاء محطات الحاويات منذ عام 1996، حيث قامت بإنشاء محطة حاويات بميناء صقر بإمارة رأس الخيمة بالإمارات، إضافة إلي محطة بميناء الشعبية البحرية بالكويت ومحطة أخري بميناء جدة بالمحطة الشمالية بمشاركة شركة سعودية باستثمارات 150 مليون دولار.
وأضاف المزيدي أنه لا مجال للتشكيك في مواعيد إنشاء المحطة المثبتة في عقد التنفيذ، حيث يشير جدول العمل إلي الربع الثالث من 2008، كما أن العقد ينص علي أن يتم تشغيله بعد استلام الأرض بعامين وهو الأمر الذي تم في أغسطس 2006.
وأشار إلي أنه تم الانتهاء حتي الآن من مرحلة التصماميم الخاصة بالمشروع العامة والتفصيلية والتي تم توكيلها إلي مكتب هامبرج بألمانيا، كما تم التعاقد علي توريد المعدات اللازمة للمشروع خلال عام ونصف ومنها الرافعات البحرية والجسرية ورافعات الساحات وبناء العرض.
بينما قالت رانيا البدوي – الخبير المصرفي – إن قطاع النقل ظل لسنوات طويلة علي هامش اهتمامات الجهاز المصرفي، علي عكس قطاعات اقتصادية عديدة منها قطاع البتروكيماويات والبترول والكهرباء، ومن ثم فإن أي تجربة مصرفية جديدة لتمويل مشروع في قطاع النقل، لابد أن تكون تجربة قليلة المخاطر، مع ضرورة توافر مقومات ايجابية للمشروع تتيح له الحصول علي التمويل المطلوب.
وأوضحت البدوي أن نتائج تجربة الجهاز المصرفي مع مشروع محطة حاويات دمياط ستعد مرحلة فاصلة يتوقف عليها مدي اقدام البنوك مستقبلا علي تمويل مشروعات أخري في قطاع النقل أو عزوفها عن هذه المشروعات.