
برغم الصعوبات التى شهدتها مصر بعد ثورة يناير، أثرت سلباً على الوضع الاقتصادى بشكل أدى إلى حدوث انخفاضات متتالية فى التصنيف الائتمانى ليصل إلى مرحلة متدنية فإن عام 2014 بدأ باتجاه مؤسسة فيتش لرفع التقييم لمصر وبعض البنوك، ليشكل بادرة أمل لدى المصرفيين حول تحسن قدرة البنوك على فتح خطوط تمويلية مع المؤسسات بالخارج وتسهيل فتح الاعتمادات المستندية، والتى شهدت تراجعاً لدى بعض البنوك خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2013 بجانب زيادة الحدود الائتمانية مع المراسلين فى الخارج.
فى هذا الإطار أكد مصرفيون، أن الدولة ما زالت فى حاجة إلى ارتفاع مستوى التصنيف الائتمانى بدرجة واحدة على الأقل، حتى يمكن الشعور بالتحسن بشكل ملحوظ فى التعاملات الخارجية، مؤكدين أن التأثير يمتد أيضاً إلى قدرة البنوك على ترويج الشهادات الدولارية والسندات بالخارج، والذى ينخفض العائد عليها كلما قلت المخاطر المرتبطة بها وهو ما يعتبر مرهوناً بمستوى التصنيف الائتمانى.
وأشاروا إلى أن هناك معايير محددة تسير عليها مؤسسات التقييم لتصنيف الدول والبنوك ومن بينها مدى الاستقرار السياسى والأمنى ومعدلات النمو الاقتصادى والبطالة والتضخم ومناخ الاستثمار بالإضافة لمؤشرات التحليل الخاصة بالبنوك، ومن أهمها معدلات كفاية رأس المال وقوة المركز المالى ومعدلات العائد على حق الملكية ونسب الديون المتعثرة وحجم المحافظ الائتمانية.
من جانبه قال سعيد زكى، عضو مجلس إدارة البنك المصرى الخليجى: ليس هناك شك فى أن ارتفاع التصنيف الائتمانى لاقتصاد الدولة يسهل على البنوك عملية فتح خطوط تمويلية جديدة مع المؤسسات المالية بالخارج، كما يعطى مؤشراً إيجابياً على أن مناخ الاستثمار فى تحسن بجانب دفع المستثمرين للدخول فى مشروعات داخل السوق المصرية.
وأضاف زكى أن قدرة البنوك على الترويج للسندات والشهادات الدولارية بالخارج مرهونة بالتصنيف الذى تتمتع به الدولة ومدى ارتفاعه أولاً، موضحاً أن الحدود الائتمانية مع المراسلين بالخارج بجانب تكلفة التأمين على الاعتمادات تنخفض مع كل ارتفاع يشهده التصنيف.
وأوضح «زكى» أن مؤسسات التصنيف تعتمد على معايير محددة فى تقييمها، ومن أهمها الاستقرار الأمنى والسياسى ومدى التزام المؤسسات المحلية بسداد المستحقات الخارجية فى توقيتها المحدد، مؤكداً أنه لم يحدث طوال تاريخ القطاع المصرفى المصرى تأخر أى بنك فى سداد التزاماته المالية الخارجية.
وتابع «زكى» كما يتم النظر إلى معدلات النمو الاقتصادى فى الدولة ومدى ارتفاعها وقوانين الاستثمار والإجراءات الروتينية وعدد الخلافات مع المستثمرين، مشدداً على أهمية دراسة الاتفاقيات والعقود مع المستثمرين جيداً حتى لا يتم الطعن عليها فى وقت لاحق، مما يؤثر سلباً على تقييم مناخ الاستثمار فى مصر.
وأكد «زكى» أن التقييم الخاص للبنوك يتم النظر إليه من خلال تصنيف الدولة إلا أن هناك مؤشرات يتم الاعتماد عليها عند تحليل أداء البنوك وتقييمه، من بينها معدلات العائد على حق الملكية ومتوسط الأصول وحجم المحافظ الائتمانية والديون المتعثرة ومعدلات كفاية رأس المال ليتم تحليل المركز المالى للبنك بشكل كلى.
وشدد «زكى» على أن المراكز المالية للبنوك تتحسن بشكل مستمر منذ مرحلة الإصلاح الاقتصادى والتى ساعدت البنوك على تجاوز مراحل الديون المتعثرة، موضحأ أن المصارف حالياً اسست قاعدة من المخصصات تسمح لها بالتعامل مع أى عميل متعثر دون إحداث خلل بالسوق المصرفية.
وقال محسن رشاد مدير القطاع الدولى وعلاقات المراسلين بالبنك العربى الأفريقى الدولى، إن تحسن التصنيف الائتمانى يسهل من تعاملات البنوك مع العالم الخارجى، ويقلص من تكاليف تعزيز الاعتمادات المستندية واصدار خطابات الضمان، بما يضمن الحصول على الائتمان بشكل أسهل وأسعار أفضل.
وأضاف «رشاد» أن التقييم الخاص بالبنوك لا يمكن أن يرتفع عن مستوى التصنيف العام للدولة Country Ceiling بما يشمل الأجلين القصير والطويل بالعملة المحلية والأجنبية، لكن قد يشهد أفضلية من حيث مؤشر الملاءمة المالية، موضحاً أن البنوك العالمية لا تواجه صعوبات فى فتح الخطابات والحصول على التمويلات من المؤسسات بالخارج.
وأشار «رشاد» إلى أن تدهور التصنيف يدفع البنوك إلى زيادة العمولة على فتح الاعتمادات المستندية والخطابات لتعويض المخاطر وزيادة التكاليف الخاصة بالتعاملات الخارجية، فى حين أن الترويج لمنتجات البنوك فى الخارج كالسندات والشهادات الدولارية تكون مرتبطة بمستوى العائد عليها، والذى يتحدد بناء على حجم المخاطر وهى ما تشهد ارتفاعاً فى حالة انخفاض التقييم، بما يدفع البنوك لزيادة العائد حتى تتمكن من التسويق ونشر منتجاتها.
وأكد «رشاد» أن اقتصاد الدولة فى حاجة إلى ارتفاع تصنيفه الائتمانى بثلاث درجات على الأقل، خاصة بعد التعرض 6 انخفاضات متتالية فى مستوى التقييم متوقعاً أن يأتى التحسن بعد استقرار الأمور السياسية والأمنية فى الدولة واستكمال الانتخابات السياسية والبرلمانية وهى ما بدأت مؤشراته فى الظهور على البورصة المحلية، والتى شهدت ارتفاعاً قوياً بعد الاستفتاء على الدستور المعدل والانتهاء منه بشكل ناجح.
وقال تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية، إن ارتفاع مستوى التصنيف الائتمانى للدولة والبنوك من قبل مؤسسة فيتش يعتبر خطوة إيجابية فى تحسين قدرة القطاع المصرفى فى فتح خطوط تمويلية جديدة مع المؤسسات المالية بالخارج، بجانب تخفيض التكاليف المرتبطة بفتح وتعزيز الاعتمادات المستندية وخطابات الضمان وزيادة حجم التسهيلات الائتمانية المتحصل عليها.
وأضاف «يوسف» أننا فى حاجة إلى مزيد من التحسن فى التصنيف الائتمانى بدرجة واحدة على الأقل ليتم الانتقال من المستوى B إلى B + ، حتى نستطيع الاستفادة بشكل أكبر من التعامل مع المؤسسات فى الخارج، والذى من المتوقع أن يحدث بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية واستقرار الأوضاع داخل الدولة بما ينعكس على الاقتصاد وارتفاع الاستثثمارات الأجنبية المباشرة.
ولفت «يوسف» إلى أن التحسن فى التصنيف يشكل عاملاً مساعداً للبنوك فى تقوية قدرتها على جذب العملاء من الخارج وارتفاع قدرتها التسويقية للشهادات الدولارية والسندات بالعملة الأجنبية المطروحة بالخارج، إلا أن عنصر التوقيت يمثل أهمية كبيرة قبل الدخول فى عملية طرح اى منتجات فينبغى عمل تحليل سوقى Market Analysis أولاً، موضحاً أن الفترة الحالية تعتبر غير مناسبة الآن بسبب وجود أزمات سيولة ودين عالمى.
وأكد يوسف أن مؤسسات التصنيف تعتمد على معايير محددة فى تقييم الدول على الرغم من اختلاف الأوزان المخصصة لكل عامل بين الدول، موضحاً أن أهم تلك العناصر هى مدى الاستقرار السياسى التى تتمتع به الدولة والتى يتم إعطاؤها وزناً كبيراً بالنسبة لمصر.
وأشار «يوسف» إلى أنه يتم النظر إلى عنصر سهولة الدخول والخروج من السوق والقيام بالتحويلات الأجنبية والنظام الاقتصادى المتبع والعقبات التى تقف أمامه، بالإضافة إلى مدى انتشار الفساد فى الدولة مع الانتباه إلى جودة الإدارة والأصول والتركيز على مؤشرات الأداء كمعدلات التضخم والبطالة والنمو بجانب حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى الدولة.
وقال «يوسف» إن التقييم الائتمانى للبنوك لا يمكن أن يرتفع عن التصنيف الائتمانى للدولة برغم وجود معايير مختلفة عن مثيلاتها لتقييم الدول، مشيراً إلى أن مؤسسات التصنيف تقوم بعمل تحليل خماسى ويسمى بـ CAMEL Analysis عند تقييم المصارف وهو ما يتضمن عنصر رأس المال والأصول والإدارة والإيرادات والسيولة .
وتابع: أنه عند النظر إلى رأس المال يتم التأكد من مدى موافقته مع المعايير العالمية المنظمة للقطاع المصرفى بخصوص معايير الكفاية، بجانب القدرة على زيادة وتعزيز رؤوس الأموال والعقبات التى تقف أمامها، بالإضافة إلى عامل الأصول من خلال التأكد من مدى جودتها بغض النظر عن حجمها وشكل المحفظة الائتمانية ومقدار الديون المعدومة والمشكوك فى تحصيلها.
وأوضح يوسف أن العامل الثالث يختص بجودة الإدارة من خلال النظر إلى مدى المركزية التى يتمتع بها البنك، وهل يسيطر على قيادة المصرف شخص واحد One Man Show أم أن هناك مجموعة تعمل على إدارته بجانب مدى توافر استراتيجية يسير عليها البنك والابتعاد عن العشوائية فى معالجة الأمور، مع التركيز على مدى التواصل بين العاملين ومجلس الإدارة وتوافر صف ثانٍ من القيادات.
وأضاف أن الأمر يمتد إلى النظر للإيرادات المحققة من البنك ومقارنتها مع السوق ككل من خلال القيام بعمل التحليل التقاطعى مع المجموعة المماثلة Peer Group بجانب القيام بتحليل سلاسل زمنية للبنك عن طريق مقارنة أدائه عبر فترة زمنية معينة، بالإضافة إلى عنصر السيولة ليتم قياس مخاطرها بالنظر إلى حجم الودائع الجارية بالمقارنة مع إجمالى الودائع ومدى التنوع فى هيكلها وعدم الاعتماد على عملاء كبار فقط.