بلومبرج: اقتصاد مصر يتحسن وينمو بوتيرة أسرع من ديونها الحكومية

مع استمرار التعافى من تداعيات «كورونا»

بلومبرج: اقتصاد مصر يتحسن وينمو بوتيرة أسرع من ديونها الحكومية
خالد بدر الدين

خالد بدر الدين

6:18 ص, الخميس, 14 أكتوبر 21

أكد المحللون فى وكالة بلومبرج الأمريكية للأنباء والبحوث أن اقتصاد مصر ينمو بوتيرة أسرع من تزايد ديونها الحكومية، وأن نسبة الدين للناتج المحلى الإجمالى يمكن احتوائها، ويرجع ذلك إلى استمرار تعافى اقتصادها من تداعيات وباء كورونا.

وتستهدف الحكومة المصرية تحقيق نمو اقتصادى بأكثر من 5.5 % مع نهاية السنة المالية الحالية، بعد أن سجلت 3.3 % خلال السنة المالية المنتهية يونيو الماضى، رغم استمرار فيروس كورونا وتداعياته الخطيرة التى ترتب عليها أغلاق العديد من الأنشطة الاقتصادية لجميع دول العالم بما فيها مصر ودول الخليج الغنية، كما توقع البنك الدولى ارتفاع معدل نمو الاقتصاد المصرى فى العام المالى الحالى إلى 5 %.

النمو المستهدف 5.5 % وإجمالى الدين يزداد 16.5 مليار دولار فى «عام الوباء»

وأعلن البنك الدولى مؤخرا أن إجمالى حجم الدين الخارجى لمصر قفز إلى 131.580 مليار دولار خلال العام الماضى بسبب تداعيات فيروس كورونا، مقارنة مع 115.080 مليار فى عام ماقبل الوباء بزيادة قدرها 16.5 مليار دولار فقط، ويسجل ارتفاعا من 100.186 مليار دولار عام 2018، مقابل 84.722 مليار فقط فى عام 2017.

وأعلنت الدكتورة هالة السعيد منتصف أغسطس الماضى، أن المستهدفات الرئيسية لخطة العام المالى الحالى فى مجال التنمية الاقتصادية، تتضمن تحقيق معدل نمو مرتفع للناتج المحلى الإجمالى، يصل إلى 5.4 %، مع زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بنسبة %3.4 ومضاعفة معدل الادخار إلى نحو %11.2 خلال تلك الفترة.

تحسن مع تزايد التطعيمات

بدأ الاقتصاد يتحسن خلال هذا العام مع انتعاش حركة السياحة ووصول الأفواج السياحية من عدد من من دول العالم بفضل تزايد التطعيمات وهبوط أعداد المصابين من كوفيد، 19 علاوة على تزايد تحويلات المصريين العاملين فى الخارج من العملات الأجنبية.

وأظهر تقرير لوكالة S&P الأمريكية للتقييمات الائتمانية أن مصر واحدة من أكثر الدول المثقلة بالديون فى الشرق الأوسط، وأن مالياتها العامة ضعيفة وتكاليف خدمة ديونها من بين أعلى التكاليف لجميع الديون السيادية التى تقيمها الوكالة، وهذا يعنى أن الحكومة تكافح لتتكيف مع الزيادة المرتقبة فى تكاليف الاقتراض، رغم أن الوكالة أكدت أنها تحرز تقدما ملموسا حيث هبطت نسبة الإنفاق من الميزانية إلى 36 % فى يونيو الماضى بدلامن 40 % فى نفس الشهر من عام الوباء، كما تستهدف الحكومة انخفاضها إلى 32 % بحلول منتصف العام القادم كما أكد محمد معيط فى مقابلة مؤخرا.

التدفقات الأجنبية

ويبدو أن اعتماد مصر على التدفقات الأجنبية جعلها ضمن الأسواق الناشئة المعرضة لتداعيات خروج المستثمرين عندما يبدأ مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى (البنك المركزى) فى رفع أسعار الفائدة وتجميد التدابير التحفيزية التى منحها لمواجهة الوباء عندما ظهر فيروس كورونا فى بداية العام الماضى.

كما زادت معدلات تدفق الاستثمارات الأجنبية على مصر منذ عام 2016 عندما قامت الحكومة بتعويم الجنيه، رغم أن ممتلكات الأجانب من السندات وأذون الخزانة المحلية تراجعت فى بداية 2020 بسبب ظهور وباء كورونا، ولكنها انتعشت مرة أخرى العام الجارى لتبلغ حوالى 33 مليار دولار فى أغسطس الماضى.

وجاء فى تقرير حديث لوكالة S&P أن إدراج مصر مؤخرا فى مؤشر فاينانشيال تايمز راسيل للسندات وتخطيطها للانضمام لمؤشر JP مورجان لسندات الأسواق الناشئة قبل نهاية العام الحالى يقوى وضعها المالى ويقلص تعرضها للتقلبات فى محافظ التدفقات الاستثمارية الأجنبية.

أعلى عوائد للسندات

تتميز مصر بأعلى عوائد سندات بين 50 اقتصاد يتتبعها المحللون فى وكالة بلومبرج مما يجعل ديونها مفضلة للمستثمرين على مستوى العالم، وهذا يعنى أن تكلفة خدمة الدين المرتفعة أصلا تتفاقم أكثر، مع رفع الحكومة للعوائد مرة أخرى، عندما ترتفع أسعار الفائدة فى الدول الكبرى لتضمن استمرار تدفق أموال المستثمرين الدوليين.

وتتوقع شمايله خان رئيسة قسم ديون الأسواق الناشئة فى مؤسسة أليانسبيرنشتاين فى نيويورك بأن ينفذ مجلس الاحتياطى الفيدرالى سياسة نقدية متشددة بوتيرة معتدلة اعتبارا من منتصف العام المقبل مما يمنح مصر فرصة للتكيف مع ارتفاع أسعار الفائدة.

زيادة بصافى الاحتياطى الأجنبى

وارتفع صافى الاحتياطى الأجنبى فى مصر إلى أكثر من 40.7 مليار دولار فى أغسطس الماضى مما يجعلها قادرة على مواجهة أى تقلبات فى سوق الديون، كما أن لديها أنشطة اقتصادية أخرى تساعدها على التعامل مع أى انخفاض فى تدفقات الاستثمارات الأجنبية كما قال أحمد حافظ رئيس البحوث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة رينيسانس كابيتال.

ولكنه يؤكد بأن الموقف مختلف بالنسبة للبنوك المحلية لأن صافى احتياطيها الأجنبى تراجع من 1.7 تريليون دولار فى يونيو الماضى إلى 1.6 تريليون دولار فى يوليو بسبب استهلاكها للسيولة لتلبية التزاماتها من العملة الأجنبية.

وتحاول الحكومة تنويع أنواع سنداتها وتوسيع قاعدة المستثمرين فى ديونها والتحول إلى الديون ذات الآجال الطويلة مع صعود متوسط تاريخ الاستحقاق من 1.3 سنة فى عام 2013 إلى 3.26 سنة فى السنة المالية المنتهية يونيو الماضى، مما ساعد الحكومة على تخفيف الضغوط الفورية التى تواجهها بسبب خروج المستثمرين الأجانب بتأجيل سداد التزاماتها المالية.

أول طرح للسندات السيادية

وكان محمد معيط وزير المالية أعلن الشهر الماضى أن الحكومة تستعد لإصدار أول طرح من الصكوك السيادية بقيمة تتراوح بين مليار إلى مليارى دولار خلال النصف الثانى من العام المالى الحالى ولكن توقيت وحجم ونوع الطرح سيتم تحديده لاحقًا وأنه سيتم العمل على إصدار اللائحة التنفيذية للقانون خلال 3 أشهر وأن المعاملة الضريبية المقررة على سندات الخزانة سوف تسرى أيضًا على عوائد الصكوك السيادية وعائد التداول عليها.

وأكد معيط أن إصدار الصكوك يكون على أساس الأصول التى ستكون مملوكة للدولة، عن طريق بيع حق الانتفاع بهذه الأصول دون حق الرقابة، أو عن طريق تأجيرها لمدة 30 عامًا التزامًا بأحكام الدستور، أو بأى طريق آخر يتفق مع عقد إصدار هذه الصكوك وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية.

ومن المقرر أن يصدر رئيس مجلس الوزراء قرارا بتحديد الأصول الثابتة والمنقولة المملوكة للدولة، والتى تصدر على أساسها الصكوك، بحيث تكون هناك آلية لتقييم حق الانتفاع بتلك الأصول التى تصدر على أساسها الصكوك أو مقابل تأجيرها لهذا الغرض.

تدابير مكثفة ضد كورونا

بذلت الحكومة جهودا مكثفة ووضعت العديد من الخطط لمواجهة أزمة كورونا، ونجحت فى الحفاظ على الاقتصاد ودعمه من خلال عدد من المشاريع القومية التى دشنتها مؤخرا، وتوجهها لعقد اتفاقيات تجارية مع الدول الأخرى، وإبرامها لشراكات متعددة مثل تصدير فوائض الكهرباء، ونقل الغاز الطبيعى، وزيادة حصيلة الصادرات والضرائب.

كما تراجعت قيمة العجز فى الميزان التجارى بنسبة %14.6 لتسجل 2.88 مليار دولار خلال شهر يوليو الماضى، مقابل 3.37 مليار دولار لنفس الشهر من عام الوباء، وزادت قيمة الصادرات بنسبة %31.5 لتصل إلى 2.94 مليار دولار، مقابل 2.24 مليار دولار، كما ارتفعت قيمة الواردات بنسبة %3.8 لتسجل 5.82 مليار دولار فى يوليو من العام الحالى، مقابل 5.61 مليار قبل عام.

وتوقع البنك الدولى فى تقريره الصادر يوم الخميس الماضى ارتفاع معدل نمو إجمالى الناتج المحلى الحقيقى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى العام الحالى إلى نحو %2.8 بعد انكماش نسبته %3.8 العام الماضى، مع صعوده إلى %4.2 العام المقبل.

فاتورة الجائحة

كما توقع البنك أن يبلغ معدل نمو البلدان المستوردة للنفط بالمنطقة نحو %2.8 العام الحالى، مقابل انكماش بنسبة %2.2 العام الماضى، ليقفز إلى %4.3 فى عام 2022 رغم أن البنك يرى أن التكلفة التراكمية المقدرة للجائحة من حيث خسائر إجمالى الناتج المحلى فى المنطقة بنهاية هذا العام بنحو 200 مليار دولار، تم حسابها عن طريق المقارنة بين إجمالى الناتج المحلى الفعلى للمنطقة وما كان من الممكن أن يكون عليه بدون تداعيات الوباء.

وجاء فى تقرير آفاق الاقتصاد العالمى أن صندوق النقد الدولى يتوقع أن ينمو الناتج المحلى الإجمالى العالمى بنسبة %5.9 هذا العام أى أقل بـ %0.1 من تقديراته فى شهر يوليو الماضى، ولكنه حافظ على توقعاته للنمو العالمى عند %4.9 للعام المقبل برغم مشاكل سلسلة التوريد فى الاقتصادات المتقدمة وتدهور الوضع الصحى فى البلدان الناشئة منذ العام الماضى، وأنها مستمرة حتى الآن وربما تمتد لشهور قادمة لأن الآفاق المستقبلية لمجموعة البلدان النامية منخفضة الدخل مظلمة إلى حد كبير بسبب تفاقم تداعيات الجائحة.

وتأتى هذه التوقعات رغم أن أكثر من %60 من السكان فى الاقتصادات المتقدمة قد تم تطعيمهم بالكامل وبعضهم يتلقون الآن جرعة معززة غير أن حوالى %96 من السكان فى البلدان منخفضة الدخل لا يزالون غير محصنين ضد الفيروس.

ارتفاع معدلات التضخم

ارتفعت معدلات التضخم فى معظم أنحاء العالم مؤخرا فزادت إلى %8 فى مصر خلال سبتمبر بالمقارنة مع 3.3 % بنفس الشهر من عام الوباء، وبلغ معدل التضخم السنوى لأسعار المستهلكين فى المدن المصرية %6.6 فى سبتمبر ارتفاعا من %5.7 فى أغسطس.

كما ارتفعت أسعار المستهلكين فى معظم دول العالم حيث صعدت بأكثر من %5 خلال الشهرين الماضيين فى الولايات المتحدةعلى خلفية اضطرابات سلسلة التوريد وارتفاع أسعار السلع الأساسية ولا سيما الغاز الطبيعى، وزيادة التضخم فى منطقة اليورو الشهر الماضى لأعلى مستوى له فى 13 عامًا.

وأدى ارتفاع التضخم إلى زيادة الضغط على البنوك المركزية للتخفيف من برامج التحفيز النقدى بأسرع مما كان متوقعا، بينما حذر الصندوق فى تقريره من أن مخاطر التضخم تميل إلى الاتجاه الصعودى، ويمكن أن تتفاقم إذا استمرت حالات عدم التوافق بين العرض والطلب الناجمة عن الوباء لفترة أطول من المتوقع.