بقلم رجائى عطية: إبليس (5)

رجائى عطية

10:51 ص, الأربعاء, 18 يوليو 18

رجائى عطية

رجائى عطية

10:51 ص, الأربعاء, 18 يوليو 18

أسماء الشيطان الأكبر

يدفع إلى هذا الفصل، أن «قوة الشر» تمثلت عالميًا فى شخصيات مرسومة الملامح معروفة الأسماء.

وردت هذه الأسماء فى الحضارات الغابرة، وفى الديانات الكتابية، وصار لها مدلول لغوى إلى جانب مدلولها الدينى، وصار حضور الأسماء التى تطلق على الشيطان فى الذهن، يبرز معالم الطريق إلى الوجهة التى انتهت إليها سوابق التاريخ.

واسم «الشيطان»، هو أشهر الأسماء، فقد ورد فى كتب الديانات الثلاثة الكتابية، ودخل فى تعبيرات اللغات الأوروبية.

وليس صحيحًا فيما يبدى الأستاذ العقاد أن الكلمة «عبرية» فى الأساس بمعنى العدو أو الضد، والأرجح عنده أن الكلمة أصلية فى اللغة العربية، قديمة فيها، ولا يستبعد أن تكون أقدم من نظائرها فى اللغة البابلية.

ففى العربية كل «جذر» يمكن أن يتفرع عنه لفظ «الشيطان».

ففيها مادة شط وشاط وشوط وشطن. وفيها معانى البعد والضلال والتلهب والاحتراق فالشطط من الغلو الذى يدخل فى أخص عناصر «الشيطنة».

وشاط بمعنى احترق وتلف، وأشاطه بمعنى أهلك وأتلفه، وانطلق شوطًا أى ابتعد واندفع، وشطن أى ابتعد فهو شيطان على صيغة « فيعال ».

وكان العرب يسمون الثعبان الكبير بالشيطان، وفى بعض التفسيرات أن هذا المعنى هو المقصود بعبارة: «طلع كأنه رءوس الشياطين».

وذكر بعض الشراح اليهود المتأخرين أن الشيطان تمثل لآدم فى صورة « حية » حين أغراه بأكل الثمرة المحرمة.

ويؤخذ من تاريخ الأدب العربى فى الجاهلية أن العرب قد عرفوا الشيطان فى أدواره الفنية والأدبية مع السحرة والشعراء.

***

وأشهر أسماء الشيطان الأكبر فى اللغة العربية اسم « ابليس » الذى يختلف اللغويون فى أصله.

ويرى بعض الغربيين أن الكلمة فى أصلها يونانية من كلمة « ديابلوس » (Diabolos ) التى تفيد معنى الاعتراض أو الوقيعة.

وعند الأستاذ العقاد أن هذا التركيب أضعف من قول القائلين أن كلمة «ديفل» (Devil) أى الشيطان فى اللغات السكسونية مأخوذة من « فعل الشر ـevil Do » ومع ذلك فقد أجمع اللغوين والدينيون على نبذ هذا التركيب مع أنه أقرب.

وليس الأستاذ العقاد على يقين من انقطاع الصلة بين الكلمة اليونانية والكلمة العربية، ولكنه على يقين فيما يقول أن «شخصية إبليس» من مادة «الإبلاس».. أى فقد الرجاء، كالمثل الشهير «عشم إبليس فى الجنة».. تعبيرًا عن الأمل المستحيل أو الضائع.

***

ومن أسماء الشيطان التى دخلت فى الدلالات اللغوية اسم «لوسيفير Lucifer» أو حامل النور. وهو فى أصله اللاتينى اسم الزهرة حين تكون «كوكب صباح». على أنه لم يكن لذلك فى مبدأ الأمر دلالة سيئة، ثم جاءت الكلمة فى كلام النبى إشعيا بالعهد القديم، فى معرض التبكيت لملك بابل.

وإذا وصف إنسانٌ اليوم بأنه «لوسيفر»، كان المفهوم من هذا الوصف أنه يلمع ويتخايل باللمعان ويبلغ من العجب به حد السماجة والصفاقة، فهو من ثم الخطيئة الساطعة، أو الخيلاء المتبجحة.

ويذكر الأوروبيون كلمة « بعلزوب » فى مقام التهكم بالرئاسة الشيطانية، وأصل «بعلزوب» أنه إله معبود فى «عقرون» ( أقصى مدن فلسطين الخمس الشهيرة باتجاه أقصى الشمال وأصل الكلمة «سامى» معناه «استئصال» أو «عقر»)، وكان يقال عنه إنه إله الطب يشفى المرضى لأنه سيد الشياطين.

ومعنى «بعل زبوب» فيما يقول الأستاذ العقاد هو «رب الذباب». فحوله العبريون إلى «بعل زبول» أى رب الزبالة سخرية منه وتحقيرًا لأمره.

والدلالة اللغوية التى يفيدها وصف «بعلزبول» فى أساليب الحاضر هى الاقرار بالقدرة على قمع الشر لأنها مستمدة من الشر نفسه. أى هى الشيطنة التى تقمع الشياطين.

وهناك شيطنة خاصة تدل عليها كلمة «مفستوفليس»، ويقال إنها مأخوذة من كلمة يونانية تفيد معنى كراهية النور.

وشيطنة «مفستوفليس» فيما يقول الأستاذ العقاد شيطنة « ذهنية » موسومة بعيوب الذهن فى أسوأ حالاته من السخرية والاستخفاف والزراية بالمثل العليا واستباحة كل شىء بالحيلة والمكر والمداهنة. وكان «مفستوفليس» فى القرون الوسطى شيطان السحر والمعرفة السوداء.

عــزازيل

يتردد من حين إلى حين اسم إله الخراب أو إله القفار: «عزازيل».

وورد هذا الاسم فى العهد القديم، واختلف الشراح فى نسبته إلى أصله، ويرى بعضهم أنه من مادة الإزالة العربية، ويقول آخرون إنه كان رئيس الملائكة الذين هبطوا إلى الأرض فأعجبتهم «بنات الناس» وتزوجوا منهن، ثم إنهزم أمام جند السماء فلاذ بالصحراء، ويقال أيضًا إن إبليس كان يُسمى عزازيل ثم سقط فزال مكانه فى السماء.

وكان من عادة اليهود فيما يقول الأستاذ العقاد أن يقترعوا على ضحيتين.. تُذبح إحداهما للرب «يهوا»، وتُرسل الثانية محملة بالخطايا إلى عزازيل رب الخراب.

وما سلف، هو أشهر أسماء الشيطان الأكبر التى دخلت فى مدلولات اللغة، واجتمع لها من معانى الشيطنة كل ما يستقصيه الأستاذ العقاد فيما يقول حول «قوة الشر الكبرى» أو «قوة الشر العالمية» فى موقفها أمام أو ضد عوامل الخير والكمال.

[email protected]
www. ragai2009.com

رجائى عطية

رجائى عطية

10:51 ص, الأربعاء, 18 يوليو 18