تواجه شركة مصر للطيران، منذ أكثر من عام تحديات كبيرة، وصفت بأنها الأسوأ على مدار تاريخ صناعة النقل الجوى، وذلك بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد، التى كبدت شركات الطيران حول العالم خسائر تقدر بنحو 314 مليار دولار خلال العام الماضى وفقًا لتقارير عالمية.
ودفعت تداعيات الجائحة ما يزيد على 5 شركات طيران حول العالم إلى إعلان إفلاسها، فيما تكبدت شركات الطيران الأخرى، التى نجت من شبح الإفلاس خسائر فادحة بالمليارات.
ولم يكن الحال أفضل بالنسبة لشركة مصر للطيران، خاصة بعد تعليق الحركة الجوية بكل المطارات المصرية في 19 مارس الماضى، منعًا لانتشار فيروس كورونا، إلى أن استأنفت الحركة في يوليو 2020.
ولكن عودة الحركة لم يوقف نزيف الخسائر الذي تتكبده الشركة؛ نظراً لانخفاض عدد المسافرين حول العالم وإغلاق العديد من الدول لمطاراتها أمام الرحلات المنتظمة، حيث شهدت حركة السفر العالمية هبوطا بنسبة 66% خلال العام الماضى، مقارنة بعام 2019، وفقا لمنظمة “الإياتا”.
وتكبدت مصر للطيران خسائر تقدر بنحو 7 مليارات جنيه منذ بداية أزمة كورونا فى مارس الماضى وحتى نهاية عام 2020، كما تراوحت الخسائر الشهرية للشركة ما بين 700 إلى 800 ألف دولار.
ورصدت “المال”، في هذا الملف حجم تأثير الجائحة على الشركة بعد مرور أكثر من عام، والخسائر التى تكبدتها جراء الأزمة في واحدة من أسوأ الأزمات التي مرت بها منذ إنشائها في عام 1932 وحتى اليوم.
الجائحة تعرقل تنفيذ خطط التوسع
وضع المسئولون بشركة مصر للطيران، خطة لزيادة عدد الترددات التى تصل إليها الشركة بهدف التوسع في شبكة خطوطها الجوية والوصول إلى أهم النقاط في مختلف قارات العالم من خلال مطار القاهرة المحورى.
وخططت الشركة لتشغيل خط طيران جديد إلى مدينة دبلن عاصمة أيرلندا، وكان من المقرر إطلاقه في شهر يونيو من العام الماضى، ولكن الجائحة أحالت دون تنفيذ ذلك.
واستهدفت الشركة أيضًا تشغيل خطوط طيران إلى البرازيل وبعض الوجهات في إفريقيا، إضافة إلى خط جديد في أمريكا، وبسبب عدم تشغيل تلك الخطوط فقدت الشركة أرباحًا كانت تستهدف تحقيقها، نظراً لأنه قبل تسيير أي خط جديد تتم دراسة جدواه الاقتصادية أولاً.
قبل كورونا: وصلت عدد الوجهات التى تصل إليها مصر للطيران إلى 70 وجهة.
بعد كورونا: انخفض عدد تلك الوجهات لتصل إلى 40 وجهة فقط.
فقدان الخطوط المربحة
وتُعد دول السعودية، الكويت، المغرب والجزائر أكثر 4 خطوط مربحة لمصر للطيران، لكن نظراً لإغلاقها بسبب كورونا وتسيير رحلات استثنائية إليها فقط، فقدت الشركة ربحيتها من تلك الخطوط.
وهذا بخلاف الخطوط المغلقة بسبب الحروب والصراعات السياسية من بينها ليبيا، سوريا، واليمن وفي بعض الأحيان تُغلق مطارات بغداد وأربيل بالعراق.
وكانت الخطوط المذكورة أعلاه، خاصة ليبيا، سوريا واليمن تحقق لمصر للطيران أرياحًا كبيرًا؛ نظراً لحجم العمالة المصرية التى كانت موجودة بهذه البلدان.
تراجع حجم التشغيل ونسب الامتلاء
قبل الجائحة: وصل حجم التشغيل لمصر للطيران إلى 90% بنسب امتلاء على الطائرات تتراوح من 80 إلى 90%، بمتوسط عدد رحلات من 100 إلى 110 رحلة يومية دولية وداخلية.
بعد الجائحة: هبطت هذه المعدلات لأقل من 50%، حيث تُشغل مصر للطيران حاليًا من 40 إلى 50 رحلة يومية فقط، بنسب امتلاء 60%.
أما الرحلات الداخلية، فكانت الشركة تُسير أكثر من 40 رحلة يومية، بينما لا يتجاوز عددها حاليا الـ10 رحلات فقط في اليوم، فيما تصل أحيانًا يومى الجمعة والسبت إلى 15 رحلة.
كما كانت الشركة تطلق من 15 إلى 20 رحلة يومية لشرم الشيخ فقط، ولكنها تسير اليوم 4 رحلات فقط، وهكذا بالنسبة لرحلات الغردقة والأقصر وأسوان والتى تنطلق رحلة واحدة فقط للأخيرة.
صفقات شراء الطائرات وتحديث الأسطول
وضعت الشركة خطة استراتيجية لتحديث أسطولها الجوى لمواكبة التغيرات العالمية، خاصة فى ظل المنافسة الشرسة فى سوق النقل الجوى العالمى، ورغم الأعباء المالية الناتجة عن الجائحة إلا أن الشركة حققت جزءاً كبيراً من خطتها في 2020 حيث تسلمت عدداً من الطرازات المختلفة للطائرات ضمن الصفقات التى تعاقدت عليها.
واستلمت مصر للطيران 26 طائرة موزعة مابين 6 طائرات من طراز البوينج B787-9 Dreamliner، و 12 طائرة من طراز A220-300، بالإضافة إلى 8 طائرات من طراز إيرباصA320neo، والتى كانت تعاقدت عليها الشركة من أصل 15 طائرة من عائلة طائرات A320neo بالتعاون مع شركة إيركاب.
استلام 9 طائرات جديدة في 2022
ومن المقرر أن تتسلم الشركة في عام 2022، عدد 7 طائرات من طراز إيرباص A321neo، بالإضافة إلى طائرتين من طراز البوينج B787-9 Dreamliner، بإجمالى 9 طائرات.
يذكر أن رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران، رشدي زكريا، قال في تصريحات سابقة، إن الشركة تسدد أقساطًا شهرية خاصة بقروض الطائرات تقدر بنحو 12 مليون دولار، هذا بخلاف 10 مليارات جنيه إجمالى الديون الخارجية لمصر للطيران.
وأضاف أن الشركة ملتزمة بسداد جميع الأقساط والقروض الخارجية؛ لأنها تتعلق بسُمعة مصر في التصنيف الائتماني.
وكان رئيس شركة إيرباص إحدي الشركات المصنعة للطائرات، قال في تصريحات له، إنه بناءا علي المعطيات الحالية فلا نتوقع تعافى صناعة الطيران حتى عامى 2023 و2025 وذلك للعودة إلى مستويات ماقبل الجائحة.
نبذة تاريخية
تعد “مصر للطيران” من الشركات الرائدة فى العالم، وقد أصبحت عند تأسيسها فى شهر مايو 1932 سابع شركة طيران ناقلة على مستوى العالم.
بدأت الشركة فى عام 1933 تشغيل عملياتها التجاريـة بطائرات من طراز “سبارتان كروزر” تعمل بين القاهرة والإسكندريـة.
أما في عام 1932 فتم إضافة عدد 12 طائرة من طراز دي هافيلانـد إلى أسطول الشركة، وأثناء الحرب العالميـة الثانيـة وضعت الحكومة المصرية يدها علىها وغيرت اسمها إلى “مصر إيرلاينز”.
وفي عام 1946 تم تغيير اسم الشركة من “مصر إيرلاينز” إلى “مصر إير”، وتم شراء عدد 10 طائرات من طراز بيتشكرافت وبذلك أضيفت التكنولوجيا الأمريكية إلى الأسطول.
بينما في عام 1960، اندمجت “شركة مصر للطيران” مع الخطوط الجوية السورية، مكونة بذلك كياناً جديداً باسم “شركة الطيران العربية المتحدة”، وفي 1969 أصبحت أول شركة طيران فى الشرق الأوسط تقوم بتشغيل الطائرات من طراز بوينج 707.
وانفصلت الخطوط الجويـة السوريـة عن “شركة الطيران العربية المتحدة” في عام 1971، مما أدى إلى تغيير وضعها القانوني لتصبح لتصبح مصر الطيران.
وبموجب القرار الجمهوري رقم 137/ 2002 تحولت مصر للطيران إلى شركة قابضـة تتبعها سبع شركات فرعيـة.
وبتاريخ 17 يوليو 2008، انضمت الشركة إلى شبكة تحالف ستار “ستار ألايانس”، أكبر تحالف لشركات الطيران فى العالم.
ومصر للطيران هي الوحيدة فى شمال أفريقيـا والشرق الأوسط التى تعتبر جزءاً من هذه الشبكة.