في ظل معاناة قطاعي الإسكان والتجاري، وانخفاض معدل الاستهلاك، قد يشكل الانخفاض المتوقع للاستثمار في المعدات والبرمجيات الذي يمثل دولاراً واحداً من بين ثلاثة عشر دولارا تنفق في الاقتصاد الأمريكي حلقة جديدة في مسلسل مخاوف الركود الاقتصادي الأمريكي.
وتوقع دانيل ميكستورث الخبير الاقتصادي في اتحاد المصنعين أن ينخفض الإنفاق علي الاستثمار في المعدات والبرمجيات خلال النصف الأول من العام قبل أن يعاود الصعود في النصف الثاني مسجلاً معدل نمو %2 وأرجع ميكستورث هذا الانخفاض إلي تراجع ثقة المستثمرين.
كان بن برنانك مدير بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي قد صرح بأن الاستثمار في المعدات والبرمجيات قد تراجع في الربع الأخير من العام الماضي، متوقعا مزيداً من الهبوط لهذا النوع من الانفاق خلال الشهور القادمة.
وقد انعكس تراجع حجم الاستثمار في الأصول الثابتة علي صناعة السيارات في انخفاض مبيعات السيارات الثقيلة والخفيفة.
ووفقا لآخر إحصاءات مبيعات السيارات فقد تراجعت مبيعات المتوسطة والثقيلة بنسبة %23، فيما انخفضت مبيعات السيارات الخفيفة والتي تعد مصدراً مربحاً للمصنعين بنسبة %5.8 خلال عام 2007.
وتقدر أنشطة الاستثمار بنسبة تتراوح بين %15 و %17 من الناتج المحلي وهو مؤشر مهم في تحديد إمكانية اتجاه الاقتصاد نحو الركود وتحديد حجمه ومدته، فقدت تراجعت أنشطة الاستثمار بشكل حاد خلال الركود الذي ضرب الاقتصاد الأمريكي في عام 2000/ 2001 بسبب الوفرة في أسهم رأس المال.
وقال فاروق كاثوري المدير التنفيذي لشركة اثيان الان انتريور وهي إحدي شركات صناعة الأثاث والبيع بالتجزئة: إن شركته سوف تستثمر 70 مليون دولار خلال العام المالي الحالي وهو نفس حجم استثماراتها في السنوات الماضية، وسوف توجه هذا المبلغ للتوسع في إقامة أفرع جديدة للشركة ودمج بعض الأفرع الأخري.
وأكد كاثوري أن شركته مستمرة في عملها بشكل جيد مع استمرار أزمة الرهن العقاري، معرباً عن ترحيبه بقرار بنك الاحتياط الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الذي سوف يؤثر بشكل مباشر علي حجم الإنفاق من خلال تعزيز ثقة المستهلك، مشيراً إلي أن هذه الخطوة ستخفف من بعض المخاوف التي تنتاب المستثمرين.
ويعد القطاع التكنولوجي من بين أكبر مصادر الإنفاق في الولايات المتحدة،. إلا أن هناك دلائل متزايدة علي أن نمو إنفاق المستهلك في هذا القطاع سيتراجع بشكل كبير هذا العام، وتوقع مركز فوريستر للأبحاث أن تبلغ نسبة نمو الإنفاق علي القطاع التكنولوجي لعام2008 ، %5.2 مقابل %5.7 للعام الماضي.
وأوضح اندي بارتيلز المحلل بمركز فورستر للأبحاث أن من أهم الأسباب التي قد تقود إلي الركود المتوقع أن الشركات المالية الأمريكية والتي غالبا ما تكون مصدر كثير من المشاكل التي تواجه الاقتصاد قد أصبحت من أكبر المشترين للمعدات التكنولوجية مثل الأنواع المختلفة من الكمبيوتر حتي أن %18 من الإنفاق علي القطاع التكنولوجي يأتي من هذه الشركات.
وقال دوجلاس ترو المسئول بإحدي الشركات المالية: إن شركته لم تخفض من إنفاقها علي القطاع التكنولوجي، مضيفاً بأن الشركة تجنبت الاستثمار في الرهون العقارية وهو ما أدي إلي عدم تأثرها بالأزمة.
ورفعت بعض الشركات الميزانية المخصصة لشراء الأجهزة التكنولوجية خلال عام 2008 بشكل تدريجي وهو ما أكده استطلاع رأي أجري مؤخرآً وأشار الاستطلاع إلي أن كثيراً من المؤسسات المالية تخطط لرفع ميزانية الإنفاق علي القطاع التكنولوجي إلي %3.3 هذا العام، هو أعلي معدل خلال الأربع سنوات الماضية -أيضا- لاستثمار مبالغ كبيرة في المنتجات التكنولوجية كالبرمجيات وأجهزة الكمبيوتر المختلفة.
وتتوقع أنشطة أخري في استثماراتها رغم التراجع الاقتصادي الراهن، حيث تخطط شركة بيسيل هو مبكير وهي إحدي الشركات المنتجة للمكانس الكهربائية التي يتراوح رأس مالها بين 12 و 14 مليون دولار -لمضاعفة انفاقها هذا العام لبناء مستودعات جديدة لبضائعها، وشراء ماكينات غالية الثمن والتوسع في حجم أفرعها.
وأعرب مارك بيسيل مدير الشركة عن اعتقاده بأن هذا الوقت يعد مناسبا للاستثمار من أجل الحصول علي فوائد من خلال انخفاض قيمة الأصول نتيجة للتراجع الاقتصادي الراهن، مشيراً إلي أن هذه الأيام تمثل فرصة للاستحواذ علي أسهم السوق المحلية والاتجاه إلي الأسواق الخارجية.
وتخطط الشركات متعددة الجنسيات والتي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها لزيادة الانفاق علي الاستثمارات، إلا أن كثيراً من هذه الاستثمارات سيتجه إلي خارج الولايات المتحدة، فشركة ماكدونالد الأمريكية أعلنت أنها تخطط لإنفاق 2 مليار دولار للاستثمار في شراء أصول ثابتة وهو ما يعد أكثر مما انفقته الشركة العام الماضي لنفس الغرض بـ 150 مليون دولار.
وأكدت في الوقت نفسه أن معدل إنفاقها سيكون أكبر من الأسواق الخارجية، نظرا للمخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد الأمريكي في الفترة الأخيرة.
وصرح مارك لاند المتحدث بشركة كومينس المتخصصة في صناعة البطاريات، أن الشركة تخطط لاستثمارات كبيرة لزيادة طاقتها الإنتاجية إلا أن كثيراً منها سوف يستثمر خارج الولايات المتحدة.
وتوقع مايكل جاكسون المدير التنفيذي لشركة أوتو ناشن وهي أكبر سلسلة من وكالات السيارات في الولايات المتحدة، إن حجم مبيعات السيارات الخفيفة لن يعود إلي سابق عهده ما لم تحل أزمة الرهن العقاري وهو ما قد لا يحدث حتي بداية عام 2009، مضيفاً أن تحرك بنك الاحتياط الفيدرالي لتخفيض سعر الفائدة يمكن أن يؤدي إلي تغيير الوضع الحالي لكنه طالب بمزيد من التخفيض.
وأعرب جاكسون عن اعتقاده بأن الفيدرالي أساء تقديره خطورة الموقف منذ الصيف الماضي وتخبط في إدارة الأزمة وهو ما أدي إلي تفاقمها.