سجلت قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية الرئيسية في الأسواق العالمية انخفاضاً ملحوظاً خلال تعاملات الأسبوع الماضي تزامناً مع حدوث عدد من الاضطرابات السياسية بالمنطقة العربية.
|
شوكت المراغي |
ارتفعت طلبات المستثمرين الأجانب علي الدولار بعد أن زادت حدة مبيعاتهم في البورصة المصرية تخوفاً من انتقال تداعيات أحداث تونس أو ما يعرف بـ»ثورة الياسمين« إلي السوق المصرية، مما دفع الدولار للارتفاع بنحو 3 قروش وزيادة أسعاره إلي 5.82 جنيه للشراء و5.835 جنيه للبيع في منتصف الأسبوع الماضي، في حين أضاف اليورو خلال الأزمة نحو 18 قرشاً ونصف القرش مسجلاً 7.8113 جنيه، في حين ارتفع الجنيه الإسترليني علي نحو كبير مضيفاً نحو 13 قرشاً ونصف القرش، وارتفع الفرنك السويسري بنحو 9 قروش ونصف القرش، وأثار تراجع الجنيه عدداً من التساؤلات المهمة التي يأتي في مقدمتها هل يمكن أن يؤثر انخفاض قيمة العملة المحلية بالإيجاب علي زيادة جاذبية الأسهم المصرية في مقابل الاضطرابات السياسية التي أثرت سلباً علي السوق؟
وتباينت آراء الخبراء حول مدي إمكانية تأثير انخفاض الجنيه علي جذب مزيد من المستثمرين الأجانب للسوق خلال الأزمة الأخيرة، منقسمين إلي فريقين، حيث يري الفريق الأول أن انخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية من شأنه أن يزيد من جاذبية الأسهم المصرية للمستثمرين الأجانب، في حين يري الفريق الثاني أن أهم عوامل الجذب لسوق المال المصرية خلال فترة الأزمة الأخيرة، تتمثل في انخفاض أسعار الأسهم إلي مستويات قياسية أسفل قيمتها العادلة وهو ما يعد مغرياً للمستثمرين.
وأضافوا أن أسهم الشركات التي تقوم بتصدير أغلب منتجاتها للخارج هي الأكثر استفادة من انخفاض الجنيه أمام العملات الأجنبية، نظراً لزيادة تنافسية منتجاتها في هذه الأسواق مع انخفاض سعرها، مدللين علي ذلك بما قامت به اليابان من محاولات لتخفيض قيمة عملتها الين، بالإضافة إلي قيام الصين باستخدام احتياطياتها من النقد الأجنبي والتي تعد الأكبر علي مستوي العالم لإبقاء سعر عملتها »اليوان« منخفضاً.
وتوقع الخبراء أن تنتهي التأثيرات السلبية للاضطرابات السياسية بالمنطقة علي أداء البورصة المصرية والتي أدت إلي سيادة حالة من الذعر لدي المستثمرين الأجانب خلال الأسبوع الحالي علي الأرجح، خاصة مع عدم تغيير المؤشرات الاقتصادية بمصر.
وفي هذا الإطار قال هشام توفيق، رئيس مجلس إدارة شركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إنه من أهم عوامل الجذب لسوق الأوراق المالية المصرية خلال الفترة الحالية، انخفاض أسعار أغلب الأسهم المتداولة ووصول قيمتها السوقية لأقل من القيم العادلة لها وهو ما يعني وجود فرص كبيرة للشراء عند هذه المستويات المنخفضة للأسعار.
وأضاف توفيق أن انخفاض العملة المحلية أمام العملات الأجنبية يعطي ميزة تنافسة للشركات التي تقوم بتصدير منتجاتها للخارج عن طريق تخفيض قيمة منتجاتها مقارنة بمنتجات الدول الأخري، وهو ما ينعكس علي الاقتصاد المصري بشكل إيجابي مستشهداً بما قامت به اليابان من جهود كبيرة علي مدي خمس سنوات للحفاظ علي قيمة عملتها »الين« منخفضة أمام الدولار الأمريكي لدعم منتجاتها.
وأكد رئيس مجلس إدارة شركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية أن تأثير الاضطرابات والتوترات السياسية بالمنطقة العربية علي البورصة المصرية، بدأ في الانحسار حيث انخفضت حدة مبيعاتهم في البورصة المصرية بنهاية الأسبوع الماضي، متوقعاً أن تتلاشي التأثيرات نهائياً خلال الأسبوع الحالي.
من جانبه أكد محمد حسين، العضو المنتدب بشركة جلوبال- مصر لتداول الأوراق المالية، أن انخفاض العملة المحلية أمام عدد من العملات الأجنبية الرئيسية في العالم مثل الدولار واليورو والجنيه الإسترليني خلال الفترة الحالية، من شأنه أن يزيد من جاذبية السوق المالية المصرية للمستثمرين الأجانب حيث يمكنهم ذلك من شراء عدد أكبر من الأسهم.
وأضاف حسين أنه من المرجح أن يعمل انخفاض العملة المحلية أمام العملات الأجنبية علي الحد من الأثر السلبي الذي تسببت فيه الاضطرابات والتوترات السياسية الموجودة بالمنطقة، والتي أدت إلي انخفاض المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية بشكل كبير، متوقعاً أن يستمر انخفاض الجنيه أمام العملات الأجنبية علي المدي القصير فقط متأثراً باتجاه أغلب المستثمرين الأجانب للبيع وتحويل الأموال للخارج بالعملات الأجنبية، وهو ما أدي إلي زيادة الطلب علي هذه العملات وزيادة المعروض من العملة المحلية.
ورجح العضو المنتدب بشركة جلوبال- مصر لتداول الأوراق المالية أن تكون أسهم الشركات التي تعتمد علي تصدير منتجاتها للخارج، هي أكبر المستفيدين من انخفاض الجنيه في أسواق النقد العالمية لحصول منتجاتها علي مزايا تنافسية مقابل المنتجات الأخري، مدللاً علي ذلك بما تقوم به الصين من تخفيض قيمة عملتها »اليوان« أمام العملات الأخري لإعطاء مزايا تنافسية لمنتجاتها المصدرة للخارج.
فيما قال شوكت المراغي، العضو المنتدب بشركة اتش سي لتداول الأوراق المالية، إن انخفاض العملة المحلية أمام العملات الأجنبية كان طفيفاً ولم يكن بالشكل الكافي لجذب المستثمرين الأجانب للأسهم المقيدة بسوق الأوراق المالية المصرية، مرجعاً هذا الانخفاض إلي عاملين رئيسيين يتمثل الأول في زيادة مبيعات المستثمرين الأجانب بالبورصة المصرية بشكل كبير، نتيجة حالة الذعر التي انتابتهم وخوفهم من انتقال عدوي أحداث تونس للسوق المصرية، وبالتالي تحويل هذه الأموال للخارج بالعملات الأجنبية، وهو ما أدي إلي زيادة الطلب عليها وفي المقابل زيادة المعروض من الجنيه، أما العامل الثاني فهو قيام أغلب المستثمرين الأجانب بالخروج من السندات والأذون الحكومية خلال الفترة الماضية.
وأكد المراغي أن انخفاض أسعار الأسهم المتداولة بالبورصة المصرية بشكل عنيف يعتبر من أهم عوامل الجذب للمستثمرين خلال الفترة المقبلة، مضيفاً أن أغلب هذه الأسهم أصبحت تتداول بأسعار أقل من قيمها السوقية وهو ما يعتبر توقيتاً جيداً للشراء.
وأضاف أن تأثرنا بالاضطرابات السياسية الموجودة بالمنطقة أمر طبيعي حيث إننا لسنا بمعزل عن هذه الأحداث، غير أنها ليست السبب الوحيد في انخفاض المؤشرات الرئيسية بالبورصة المصرية في ظل أن هناك حالة من الاحتقان السياسي بالشارع المصري، بالإضافة إلي اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.
وتوقع العضو المنتدب بشركة اتش سي لتداول الأوراق المالية أن ينتهي التأثير السلبي لهذه الاضطرابات خلال الأسبوع الحالي لأن انخفاض المؤشر بهذه الدرجة غير مبرر نظراً لكون المؤشرات الاقتصادية المصرية جيدة ومطمئنة.
وأشار المراغي إلي أن المستثمرين الأفراد بالبورصة المصرية هم المتسببون الرئيسيون في هذا الانخفاض الشديد الذي شهدته البورصة خلال الفترة الماضية خاصة في ظل استحواذهم علي نسبة كبيرة من أحجام التداول، بالإضافة إلي أن القرارات الاستثمارية للمؤسسات عادة ما تكون أبطأ مقارنة بقرارات الأفراد.
من جهته أكد حسين عبدالحليم، خبير أسواق المال، أن انخفاض قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية سلاح ذو حدين، لأنه من الممكن أن يؤثر إيجابياً باعتباره عامل جذب لأسهم الشركات المتداولة بالبورصة المصرية بالنسبة للمستثمرين الأجانب، غير أن هناك احتمالات أن يكون تأثيره سلبياً علي البورصة المصرية عن طريق تخفيض قيمة أرباح المستثمرين الأجانب المتواجدين بالسوق وهو ما يثير مخاوفهم بشأن مصير استثماراتهم.
وأضاف أن ما حدث من تأثير سلبي للاضطرابات السياسية الموجودة بالمنطقة علي البورصة المصرية جاء نتيجة تخوف المستثمرين من انتقال العدوي إلي مصر، مضيفاً أن جزءاً كبيراً من الأموال التي خرجت من السوق هي »أموال ساخنة«، لافتاً إلي أن الخروج من السوق سواء للأجانب أو المصريين أو العرب يعتمد علي نوعية المستثمر سواء كان محباً للمخاطرة أو رافضاً لها، ونوعية الاستثمار سواء كان قصيراً أو متوسطاً أو طويل الأجل.
وأشار خبير أسواق المال إلي أن انخفاض العملة المحلية أمام العملات الرئيسية لن يفيد فقط أسهم شركات التصدير ولكنه سيمنح أسهم الشركات الأخري والتي تنتج للاستهلاك المحلي فقط، ميزة تنافسية خاصة أن هناك عدداً من الأسهم الجاذبة للاستثمار الأجنبي مستفيدة من التعداد السكاني الكبير مثل قطاعي الأدوية والصناعات الغذائية.
وتوقع عبدالحليم أن تنتهي حالة الذعر التي انتابت المستثمرين الأجانب بالبورصة المصرية خلال الأسبوع الحالي، خاصة أن الاضطرابات الموجودة بالمنطقة ليست المتسبب الوحيد في انخفاض مؤشرات السوق، معتبراً أن ما حدث هو مجرد ارتداد طبيعي لأسفل بعد شهر من الصعود.