نشوي عبد الوهاب:
كشفت نتائج اعمال اغلب البنوك العاملة في القطاع للربع الثالث وفترة الشهور التسعة الأولي من العام الحالي عن تراجع ملحوظ في صافي ارباح البنوك ولم تتمكن سوي عدد قليل من البنوك من زيادة معدلات ارباحها بنسبة طفيفة مثل البنك التجاري الدولي مرتفعاً بنحو %2.7 واتش اس بي سي بنسية %5.56 ، فيما اتجهت اغلب البنوك الي التراجع مثل بنك بي ان بي باريبا والذي تراجعت ارباحه بنحو %30.3 وكريدي اجريكول %17.7.
وتأثر صافي ارباح البنوك بتباطؤ واضح في معدلات التشغيل وتراجع عائد القروض بها وارباح العمولات وانخفاض عائد القروض، واستفادت البنوك من الحد من بناء المخصصات للحفاظ علي ارباحها، فيما استمرت بعض البنوك في تخصيص كامل ارباحها لتغطية قروض غير العاملة مثل بنك قناة السويس.
واجمع المحللون والخبراء المصرفيون علي ان تراجع صافي ارباح البنوك يرجع الي انخفاض اسعار الفائدة علي القروض بعد التخفيضات المتتالية في اسعار الفائدة الرئيسية علي الايداع والاقراض، مما ضغط علي ارباح البنوك وأدي الي تراجعها بالاضافة الي استمرار الحذر في منح الائتمان.
وتوقع الخبراء ان تستعيد ارباح البنوك انتعاشتها في بداية العام الجديد بعد انتهاء اثار الازمة المالية وارتفاع معدلات النمو واستقرار اسعار الفائدة علي الايداع والاقراض منوهين الي فرص النمو امام القطاع والمتاحة في قروض التجزئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
في البداية أكدت مي الحجار مدير ادارة البحوث بشركة نعيم للوساطة في الاوراق المالية ان نتائج اعمال اغلب البنوك العاملة في القطاع المصرفي سجلت تراجعاً واضحاً في صافي ارباحها المحققة عن فترة التسعة شهور الماضية، مشيرة الي أن التأثر الواضح بالانخفاضات المتتالية في اسعار الفائد علي الايداع والاقراض وفقاً للسياسة النقدية للبنك المركزي بتخفيض اسعار الكوريدور، الي جانب تخفيض الهامش والفارق بين فائدة الايداع والاقراض من %2 الي %1.5 ، الأمرالذي ضغط علي أرباح البنوك ودفعها للانخفاض الملحوظ خاصة في اداء الربع الثالث من العام الحالي.
ولفتت الحجار الي عدد من المؤشرات المالية التي ادي تراجعها الي انخفاض ارباح البنوك ومنها انخفاض معدلات منح الائتمان داخل اغلب البنوك والتباطؤ الشديد في بعضها مشيرة الي أن بعض البنوك واجهت صعوبة في زيادة حجم محفظة قروضها، في نفس الوقت الذي انخفض فيه عائدها من القروض بعد انخفاض اسعار فائدتها ضاربة المثل بمعدلات ائتمان البنك التجاري الدولي بنحو %3 فقط وذلك متأثرة بتراجع حجم الاعمال والنمو الاقتصادي وتأثر المشروعات والشركات الكبيرة بالازمة المالية العالمية والتي اثرت سلباً علي خططها التوسعية وبالتالي علي طلبها الائتماني من البنوك وزيادة حذر الاخيرة في منح الائتمان والتوسع في القروض.
وأشارت الي أن انخفاض عائد العمولات البنكية ومعدلات التشغيل نظراً لاعتمادها علي حجم التجارة الدولية والذي تراجع بفعل الازمة المالية، موضحة ان البنوك التي تمكنت من زيادة معدلات ارباحها علي المتوقع يرجع الي الحد من بناء المخصصات وليس نتيجة نمو عملياتها المصرفية.
وتوقعت الحجار تحسن ارباح البنوك في الربع الأخير من العام الحالي مع تعدد فرص النمو المتاحة امام القطاع المصرفي والمتمثلة في قطاع القروض الشخصية »retail« والقروض الخاصة وسوق بطاقات الائتمان، مشيرة الي اقتصار نصيب قروض التجزئة علي %18 من اجمالي قروض القطاع في حين تتعدي نسبتها في الدول الخارجية مستوي %40 ، موضحة ان المنافسة المرتفعة بين البنوك الجديدة داخل القطاع المصرفي علي القروض الشخصية ادت الي انخفاض ارباحها.
ولفتت المحللة المالية إلي قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي لم تدخله البنوك بقوة حتي الوقت الحالي، موضحة ان بعض ادارات الـ »SMEs« مازالت تحت التأسيس ولم تبدأ عملها بشكل فعلي بعد.
كما توقعت المحللة المالية ان تتحسن ارباح عدد من البنوك الصغيرة مثل بنك فيصل وبنك تنمية الصادرات مع بداية العام المقبل بعد انتهائها من تخصيص كامل ارباحها في بناء المخصصات اللازمة لتغطية جميع القروض غير العاملة في البنوك، متوقعة ارتفاع عائد اسهمها في الفترات المقبلة.
فيما أكد الدكتور حافظ الغندور مدير عام البنك الاهلي المصري ان التراجع العام في ارباح اغلب البنوك الخاصة يرجع الي أسباب رئيسية اهمها حداثة اغلب البنوك الخاصة والاجنبيه العاملة داخل السوق المحلية حيث لا يتعدي تواجد اغلبها اكثر من ثلاث سنوات الامر الذي يعني عدم انتهائها من الاعداد الهيكلي لها داخل السوق وتطبيق استراتيجياتها بالشكل الامثل الي جانب عدم استكمال عوامل قوة ادائها في السوق المحلية .
حدد الغندور العامل الثاني وراء تراجع أرباح البنوك إلي ماشهدته العام الماضي وحتي فترة الشهور التسعة الأولي من العام الحالي من تغيرات واضحة في اسعار الفائدة علي الايداع والاقراض لليلة واحدة بين البنوك »الكوريدور« من قبل البنك المركزي، الامر الذي ترتب عليه عدم استقرار اسعار الفائدة الدائنة والمدينة داخل اغلب البنوك التي لم تستطع توفيق اوضاعها والتعامل مع تلك التغيرات وأدي في النهاية الي تراجع معدل نمو ارباحها.
وأشار المدير العام بالبنك الاهلي الي تكالب معظم بنوك القطاع الخاص علي الائتمان الاستهلاكي وانخفاض مساهمتهما في تمويل الشركات والمؤسسات باعتباره احد العوامل التي تمكن تلك البنوك من تحقيق المعدلات والارباح المستهدفة.
ولفت »الغندور« الي تأثر فروع البنوك الاجنبية ذات شريك اجنبي أو عربي بتأثر مراكزها الرئيسية في الخارج بالازمة المالية العالمية، الامر الذي انعكس سلبا علي استقرار أوضاعها المالية وخططها واستراتيجياتها التوسعية داخل السوق المحلية من فتح المزيد من الفروع وزيادة الحصص السوقية، ضارباً المثل ببنك بيريوس الذي بدأ في اتباع سياسة انكماشية داخل مصر في الفترة الاخيرة وفقاً لتعليمات من الادارة المركزية في الخارج.
وتوقع المدير العام ان تنتعش ارباح البنوك الخاصة مع بداية العام الجديد 2010 مستنداً علي بدء انحصار وتراجع الاثار السلبية للازمة المالية العالمية ومعاودة معدلات النمو الاقتصادي نحو الارتفاع مرة اخري، الي جانب استقرار اتجاهات اسعار الفائدة في الفترة الحالية.
وطالب الغندور البنوك المتواجدة داخل السوق المصرية بضرورة تبني سياسات تمويلية متنوعة لتمويل القطاعات الفعالة داخل الاقتصاد المصري دون التركيز علي اشكال تمويلية بعينها، مشيراً الي ان افضل الاوضاع التمويلية للبنوك هي التي تركز علي التمويل الشخصي والتجزئة المصرفية، بما ينعش الاقتصاد المصري الي جانب تمويل المشروعات الانتاجية ذات قيمة مضافة مرتفعة مثل المشروعات الزراعية والصناعية.
واتفقت معهم في الرأي رشا فتحي المحللة المالية بشركة عكاظ للوساطة المالية موضحة وجود تراجع عام في أرباح أغلب البنوك في الربع الثالث من العام االحالي وفترة الشهور التسعة في أسوأ أداء لها منذ الأزمة العالمية وذلك نتيجة انخفاض معدلات التشغيل داخل البنوك والعمليات التشغيلية، مشيرة الي تراجع ملحوظ في معدلات نمو القروض الممنوحة والودائع المتحصلة ايضا.
وتري فتحي ان السبب الرئيسي وراء تراجع ارباح البنوك يرجع الي انخفاض اسعار الفائدة والعائد المتحصل منها وذلك متأثرة بالانخفاضات المتتالية منذ بداية العام الحالي من قبل البنك المركزي التي اثرت علي عوائد البنوك، الي جانب انخفاض عائد العمولات والخدمات البنكية نتيجة تراجع حجم التبادل التجاري وأيضاً فتح الاعتمادات المستندية وشهادات الضمان الممنوحة.
وتوقعت المحللة المالية ان يستمر التراجع في صافي ارباح البنوك حتي نهاية الربع الأخير من العام الحالي مدفوعة بالتباطؤ الشديد في العمليات التشغيلية داخل البنوك، الي جانب تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي والمالي بعد الازمة المالية،متوقعة استمرار تباطؤ نمو القروض والودائع حتي العام المقبل.
وحددت فتحي فرص النمو المتاحة امام القطاع لانتعاش ارباحه مرة اخري في عائد استثمارات البنوك في ادوات الدين المحلي من الاذون والسندات وذلك في حال اتجاه عائدها نحو الصعود لاستيعاب ارتفاع معدلات التضخم، الي جانب فرص زيادة الدخل المتولدة من انتعاش وزيادة معدلات منح القروض، بالاضافة الي زيادة الفرص الاستثمارية المتاحة في سوق البورصة والاوراق المالية