طالب المشاركون في ورشة العمل التي نظمها مركز العقد الاجتماعي، بالتعاون مع المركز المصري للدراسات الاقتصادية، بعنوان »من الصدمة إلي التعافي الاقتصادي: تحفيز الاستثمار ودعم القطاع الخاص«، بإعادة النظر في سياسات دعم الصادرات التي تتبناها الحكومة المصرية والتي تتسم بالجمود وعدم استهداف القطاعات الاقتصادية، والتي تعاني أزمات تهدد بانهيارها لتحفيز المستثمرين علي ضخ رؤوس أموالهم بها، مثل قطاعات الغزل والنسيج والصباغة، وعدم التمييز بين المصدرين علي نحو يخلق نوعاً من التنافسية.
وانتقد المشاركون إعلان الحكومة المصرية عن تراجع مخصصات دعم الصادرات في الموازنة العامة للدولة عن العام المالي المقبل، بقيمة 1.5 مليار جنيه، لتصل إلي 2.5 مليار جنيه، مقارنة بـ4 مليارات جنيه خلال العام المالي الحالي، الذي سينتهي اليوم 2011/6/30، في حين ما زالت الحكومة تقدم دعماً كبيراً للواردات علي نحو يهدد الصناعة المحلية.
وأكدوا أن دعم الصادرات يجب أن يوجه لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للقطاعات التي تعاني هروب الاستثمارات الخاصة منها.
في هذا السياق، يقول مجدي طلبة، رئيس مركز القطن المصري، رئيس مجلس تصدير الملابس الجاهزة السابق، إنه بالنظر إلي الميزان التجاري المصري خلال عام 2003/2002، مقارنة بالعام المالي السابق، يلاحظ زيادة عجز الميزان التجاري، حيث لم تتعد قيمة الصادرات الصناعية المصرية خلال عام 2003/2002 الـ5 مليارات دولار، في حين بلغ حجم الواردات 12.5 مليار دولار بعجز يقدر بـ7.5 مليار دولار.
وأوضح أن العام المالي السابق، لم تتجاوز خلاله الصادرات الصناعية المصرية باستثناء المنتجات البترولية 16.5 مليار دولار، مقابل 50 مليار دولار واردات بعجز يصل إلي 33.5 مليار دولار، مضيفاً أن النظام السابق خدع المواطنين، بمقارنة مؤشرات الموازنة المصرية سنوياً بالعام السابق، معتبراً ذلك حمل مغالطة كبيرة، حيث كان من المفترض مقارنة أداء الاقتصاد المصري، بالاقتصادات الأخري.
ولفت إلي أن اقتصاد تركيا احتل المركز السابع عشر علي مستوي العالم خلال العام السابق، فيما بلغ حجم صادراتها نحو 120 مليار دولار، بالإضافة إلي سعيها لأن تصبح بين أفضل 10 اقتصادات علي مستوي العالم بحلول عام 2023.
وتساءل عن أسباب عدم تبني الحكومة المصرية استراتيجية واضحة المعالم لزيادة حجم الصادرات المصرية، من خلال إعادة النظر في سياسات دعم التصدير، مؤكداً أن ذلك سيؤدي في الوقت نفسه إلي نمو حجم الاستثمارات.
وقال إن دعم التصدير ليس نهجاً جديداً تتبناه الحكومة المصرية وإنما معظم دول العالم تدعم صادراتها، ومنها دول مثل بنجلاديش والصين وتركيا والهند.
وشدد علي ضرورة تغيير سياسات دعم الصادرات الجامدة التي تمنح الدعم للجميع، دون أخذ دعم التنافسية أو زيادة القيمة المضافة، في الاعتبار، الأمر الذي أدي إلي تدمير الصناعة المحلية، مطالباً بإعادة توجيه سياسات الدعم لتنشيط الصناعة المصرية، من خلال تحفيز الاستثمارات الأجنبية في قطاعات متعثرة، مثل الغزل والنسيج والصباغة، حيث يلجأ المستثمر الأجنبي إلي ضخ رؤوس الأموال في قطاعات مزدهرة مثل الملابس الجاهزة، علي حساب القطاعات الأخري بهدف جني الأرباح السريعة.
واتفقت معه الدكتورة مني الجرف، أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، حيث لفتت إلي زيادة العجز في الميزان التجاري سنوياً، نتيجة الزيادة المطردة في حجم الواردات المصرية، مقابل نمو الصادرات بمعدلات منخفضة، موضحة أن ذلك جاء انعكاساً لمناخ استثماري غير موات وعملية إنتاجية غير متزايدة.
في الوقت الذي أكد فيه رئيس مركز القطن المصري، أن سياسات دعم الصادرات أدت إلي تدمير الصناعة المحلية، وقالت »الجرف«: إنه يمكن المراهنة علي حملة »اشتري المصري« لدعم الصناعة المصرية، منتقدة أصحاب الرؤي المعارضة لها، بحجة تدني جودتها وارتفاع أسعارها، مشيرة إلي أن دولة كاليابان سبقت مصر في تبني مثل هذه الحملة لدعم الصناعة اليابانية.
وأضافت أنه يمكن استغلال اتفاقيات الشراكة مع الكيانات الاقتصادية الكبري، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والكوميسا وغيرها من الاتفاقيات لزيادة حجم الصادرات المصرية خلال الفترة المقبلة، منتقدة الرؤية التي تؤكد عدم جدوي هذه الاتفاقيات بالنسبة لمصر.
من جانبه، قال السفير جمال بيومي، مدير برنامج اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، إن الاقتصاد المصري، هو اقتصاد مناسبات لا سياسات، مشيراً إلي توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية مع العديد من الدول خلال زيارات وفود تلك الدول مصر، وليس بناءً علي سياسات واضحة، منتقداً تصريحات المسئولين المصريين عن رفض إعادة فتح الحديث عن اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، رغم عيوبه وإضراره بالصناعة المصرية.