استمر انتشار الاعلانات المضللة علي الفضائيات، رغم صدور قرار وزاري بمنع الاعلان عن اي منتج يضر بالصحة او يتجاوز احد معايير الرقابة علي المنتجات الاستهلاكية او الرقابة علي المصنفات الاعلانية، مما أثار الجدل بشأن كيفية محاصرة هذه الاعلانات وحماية المستهلك من الاضرار المتزايدة الناتجة عنها، خاصة ان ضعف الادوات الرقابية يهدد باستمرار انتشار هذه الظاهرة، التي ستهدد بدورها مصداقية العديد من الحملات الترويجية خلال الفترة المقبلة.
l
وألقي خبراء الدعاية والاعلان بالعديد من الاتهامات للجهات الحكومية المنوط بها مراقبة الاعلانات المضللة بالتقصير في اداء دورها في منع هذه الاعلانات من الانتشار، علاوة علي عدم اطلاق حملات توعية مكثفة لمواجهة الظاهرة وحماية المستهلكين من تداعياتها.
وامتدت مطالب الخبراء للتشديد علي ضرورة تجديد عقوبات رادعة للقنوات المخالفة لمعايير الرقابة في الاعلانات ، اضافة الي ضرورة منعها من الكسب الاعلاني الذي يضر بصحة المواطن حيث لا تكفي حملات التوعية وحدها.
اوضح سعيد الالفي، رئيس جهاز حماية المستهلك ان وزارة التجارة والصناعة اصدرت قرارا يمنع الاعلان عن الادوية او المنتجات التي لها علاقة بصحة الانسان غير المصرح بها او التي لم تحصل علي ترخيص وزاري من الجهات المعنية.
وعن المنتجات التي تم الاعلان عنها بالفضائيات رغم عدم التصريح لها بالاعلان، اشار »سعيد« الي ان القانون يطبق علي القنوات المصرية او التي تبث من مصر، لكن الفضائيات التي تبث من خارج مصر لا تخضع لهذه القوانين، اضافة الي انه من الصعب معاقبتها لانها غير مصرية لذلك من الصعب منع الاعلانات التي تعرض عليها لانها تحتاج الي تعاون دولي، وهذا امر صعب، اضافة الي ان هناك وسيلة اعلانية مهمة وخطيرة من الصعب رقابتها، هي الانترنت الذي اصبح من اكثر الوسائل الاعلانية انتشارا، ويصعب السيطرة عليها واخضاعها للقوانين لذلك يتم استغلالها ايضا في الاعلان عن المنتجات غير المصرح بها.
اضاف »الالفي« انه في ظل انتشار هذه الاعلانات بالقنوات غير المصرية البث، يقوم جهاز حماية المستهلك بتنظيم حملات توعية للمستهلك تعتمد علي اي وسيلة ممكنة للتواصل معه وتستغل اي فرصة لتوعيته بعدم شراء المنتجات الممنوعة، مطالبا الوسائل الاعلانية بالتعاون مع الجهاز في توعية الجماهير لمواجهة مثل هذه الاعلانات المضللة.
واشار الدكتور صفوت العالم، استاذ العلاقات العامة والاعلان باعلام القاهرة الي ان توعية الجماهير بمخاطر المنتجات غير المصرح بها وحده لا يكفي، حيث ينبغي علي الحكومة وجهاز حماية المستهلك ان يعمل علي الاتجاهين، الاول توعية الجمهوري، والثاني معاقبة القنوات التي تسمح بالاعلان عن هذه المنتجات، وذلك لان حملات التوعية وحدها لا تكقي حيث تكون حملات التوعية ذات تأثير تراكمي وممتد وليس فوريا، لانها تحتاج الي فترات طويلة كي تؤثر علي الجماهير، لذلك يجب علي جهاز حماية المستهلك عدم التقاعس للوقوف امام هذه القنوات خاصة التي تبث من الخارج لان هذه الحجة نوع من الاستسهال علي حد قوله.
اضاف »العالم« ان الجهاز والحكومة قادران علي مواجهة هذه القنوات لانه رغم كونها تبث من الخارج لكن هذه القنوات لها مكاتب في مصر، وبالتالي فإنه من السهل علي الحكومة الضغط عليها سواء من خلال منع تراخيصها او المطالبة بغلق هذه المكاتب خاصة ان هذه الاعلانات تصل الي العديد من الدول، فاذا كانت الحكومة قادرة علي اغلاق القنوات المخالفة لها سياسيا فهي ايضا قادرة علي غلق غيرها المتاجرة بصحة المستهلك، موضحا ان الحكومة وضعت تشريعا غير مكتمل ويحتاج الي تعديلات في بنوده خاصة بالاعلان.
واوضح الخبير التسويقي محمد العشري انه بداية من دخول النظام الرأسمالي الي مصر ومع وجود الانفتاح اصبح دور الدولة الرقابي ضعيفا جدا واصبح المستهلك هو المحرك الاساسي الاول للسوق لذلك فإن المعلنين اصبحوا يستخدمون اساليب الدعاية بجميع انواعها من اجل استقطاب المستهلك، مؤكدا ان دور الحكومة سيتقلص نهائيا في المستقبل.
واشار »العشري« الي ان القنوات الفضائية تعتبر احد مظاهر النظام الرأسمالي الحر الذي يسعي الي الربح من خلال وضع قوانين خاصة به تسمح بمرور الاعلانات التي يريدها ومنع الاخري التي لا يريدها.
اضاف »العشري« ان اصحاب القنوات الفضائية اصبحوا يغفلون القيم الاجتماعية، لانه نظام اقتصادي لا يهتم بما يعلنه، بينما يهتم بالمكاسب فقط، مطالبا الحكومة بالاتجاه الي تثقيف المستهلك وتوعيته من خلال عمل اجندة خاصة تقدم المعلومات للمستهلك بشكل دوري حيث ان الدور الاساسي للحكومة هو تكثيف حملات التوعية للمستهلكين وتوجيههم لحمايتهم من التضليل.