علاء مدبولي – إسلام الصوابي
عبر مديرون في قطاع الخزانة لدي البنوك المحلية عن اندهاشهم من التراجع الطفيف لودائع القطاع المصرفي خلال نهاية شهر فبراير الماضي والذي شهد الفترة الزمنية الأكبر من أحداث ثورة 25 يناير التي أسفرت عن تنحي الرئيس السابق حسني مبارك وسقوط نظامه.
وفقدت مدخرات البنوك %0.1 من قيمتها الشهر قبل الماضي وهو ما خالف توقعات سلبية للمصرفيين تناقلتها وسائل الاعلام مع عودة البنوك للعمل فور تنحي »مبارك«.
ووفقا لتقرير البنك المركزي، فقد سجلت أرصدة الودائع لدي البنوك 943.73 مليار جنيه بنهاية شهر فبراير متراجعة بـ971 مليون جنيه فقط عن يناير.
ووصف مديرو الخزانة هذا التراجع بالطفيف، لافتين إلي أنه خالف تخوفاتهم وتوقعاتهم السلبية لفترة ما بعد الثورة.
وكادت الودائع تتكبد خسائر تفوق 3 مليارات جنيه لولا صعود مدخرات الحكومة بنحو 2.316 مليار خلال فبراير لتصل إلي 116.66 مليار جنيه مقارنة بـ114.34 مليار جنيه في يناير.
من جانبه قال الدكتور رؤوف كدواني، رئيس قطاع الخزانة في بنك تنمية الصادرات، إن انخفاض الودائع انعكاس طبيعي لأحداث الثورة وما تبعها من أخبار تهريب الاموال إلي الخارج خلال تلك الفترة.
ورغم المخاوف التي تعصف بالعاملين في القطاع المصرفي لكن الانخفاضات تعد في الحدود الآمنة ولا تستدعي القلق مقارنة بشهر يناير، والتي تجاوزت فيه 7 مليارات جنيه.
وأضاف »كدواني« أن ارتفاع معدلات الإيداع بالعملة الأجنبية يعطي مؤشراً قوياً علي عمليات »الدولرة« وهو ما ساهم في تقلص قدرة الجنيه في مقابل العملات الأجنبية الاخري، بالإضافة إلي أن انسحاب الاجانب من البورصة وشراءهم العملات الأجنبية ضاعف من ايداعات العملة الأجنبية خاصة أن هناك الكثير من المستثمرين الصغار يسيرون علي خطاهم.
وأشار »كدواني« إلي أنه من ابرز ملامح هذا الشهر تدخل البنك المركزي لدعم الجنيه من خلال طرح كمية كبيرة من العملات الأجنبية لمقاومة الطلب الكبير عليها، بالإضافة إلي أنه رغم دعم المركزي للجنيه لكن العملة الأجنبية عادت إلي المضاربة من جديد.
وأوضح »كدواني« أن القطاع العائلي يعد من ابرز قطاعات الاقتصاد المصري انخفاضاً بالعملة المحلية وتحولاً إلي الدولار حيث استمر الانخفاض في ودائع القطاع العائلي خلال فبراير نظراً لتأثر دخول الافراد وتوقف الكثير من الاعمال مما ساهم في توقف الأفراد عن الادخار، بالإضافة إلي أن انخفاض الثقة في الجنيه المصري دفعهم إلي التحول نحو العملات الأجنبية الاخري مما ساعد علي ارتفاع الايداع بالعملة الأجنبية.
ولفت الانتباه إلي أنه من المتوقع أن يستمر الانخفاض خلال الفترة المقبلة خاصة مع عدم استقرار الأوضاع السياسية داخل البلاد، بالإضافة إلي توقف الكثير من الاعمال وانضمام عدد كبير من العمال إلي حيز البطالة خلال الشهور الاخيرة، لكن التأثيرات السلبية للثورة تعد طفيفة مقارنة بما كان متوقعاً.
من جانبه قال عمرو يسري، المدير العام بالبنك التجاري الدولي، إن تراجع الودائع حسب تقرير البنك المركزي في شهر فبراير بنسبة %0.1 مقارنة بشهر يناير الماضي امر متوقع نظرا للآثار السلبية علي الاقتصاد والمرتبطة بثورة 25 يناير واقترانها باضطرابات البورصة وتوقفها، لكنه عبر عن دهشته من قيمة التراجع والتي جاءت طفيفة للغاية في مخالفة قوية وصريحة لتوقعات المصرفيين والتي تلت أحداث الثورة.

واشار »يسري« إلي أن عمليات السحب كان من اسبابها الانفاق علي الاحتياجات الاساسية في ظل توقف الحياة الاقتصادية بشكل شبه كامل اوائل شهر فبراير وقبل تنحي الرئيس، لافتاً الانتباه إلي أن ودائع القطاع العائلي ما هي الا فوائض الانفاق وفي هذه الفترة الزمنية توقف الكثير من الاعمال مما دفعهم إلي السحب من المدخرات.
واضاف »يسري« أن انخفاض نسبة التشغيل خلال الربع الاول خاصة في ظل تطبيق قانون »حظر التجوال« اثر سلباً علي عمل عدد كبير من القطاعات والمؤسسات الاقتصادية المؤثرة للبلاد وهو ما تسبب في انكماش اعمالها وانخفاض التدفقات المالية الخاصة بها.
واشار »يسري« إلي أن توقف البنوك وإغلاقها خلال النصف الثاني من فبراير بسبب الاعتصامات وإضرابات العاملين بها دفع المؤسسات والافراد إلي سحب ودائعهم بشكل كبير تخوفا من اغلاق البنوك لمدة كبيرة حتي تستطيع الوفاء بالتزاماتها المالية قصيرة الأجل.
ومن جهة أخري قال طارق متولي، مساعد العضو المنتدب ببنك بلوم – مصر، المشرف علي قطاع الخزانة، إن التراجع ليس كبيرا كما كان يتوقع البعض وفقاً للاحداث الجارية والتي دفعت البنوك للتوقف عن ممارسة نشاطها فترة كبيرة.
وأوضح »متولي« أن تراجع عائدات الكثير من الانشطة الاقتصادية كالسياحة والصادرات ساهم في تلك الانخفاضات نظرا لتسرب عدد كبير من العمالة غير الماهرة في قطاع السياحة وتوقف التدفقات المالية سواء بالنقد الأجنبي أو بالعملة المحلية.
وأضاف »متولي« أن نمو الودائع الحكومية بالعملة الأجنبية بنسبة %5، وغير الحكومية بالعملة الأجنبية بنسبة %8.3 يرجع إلي عمليات تحويل الودائع المحلية إلي دولارية وسماح البنك المركزي بالتحويل من جنيه إلي دولار، ومع استقرار الأوضاع وعودة عجلة الاقتصاد إلي الدوران مرة أخري ستعود الأمور إلي طبيعتها وستزيد الودائع فضلاً عن أنها لم تتأثر بشكل كبير كما كان متوقعاً.