حدد عدد من قيادات سوق التأمين 3 محاور رئيسية لاستكمال خطط الاصلاح التي بدأت عام 2004 وانتهت مرحلتها الاولي في2008 ، وجاءت علي رأس تلك المحاور معدلات نمو القطاع بالاضافة الي تحقيق اكبر هامش من الربح، واخيرا الحفاظ علي العمالة الموجودة في السوق باعتبارها المحرك الرئيسي للخطط المستهدفة.
واشار مسئولو قطاع التأمين خلال الجلستين الاولي والثانية لمؤتمر اليورومني الاول لقطاع التأمين التي استضافتها القاهرة أمس إلي أن هناك بعض المعطيات التي تساهم في تطبيق الخطة الثانية من الاصلاح، خاصة مع وجود تغييرات هيكلية في المنظومة التشريعية، فضلاً عن التحول في الاسلوب الرقابي الجديد لهيئة الرقابة والذي يستهدف الرقابة علي اساس الخطر، واخيرا العضوية الالزامية للشركات داخل اتحاد التأمين التي تستهدف ضبط ايقاع السوق.
قال الدكتور عادل منير، رئيس الهيئة المصرية للرقابة علي التأمين، إن قطاع التأمين شهد ولاول مرة منذ 50 عاما وضع خطة للتطوير والاصلاح التشريعي وبدأت مرحلتها الاولي من 2004 حتي 2008، لافتا الي ان التشريعات الجديدة كانت ضرورية في اصلاح التشوهات السابقة والتي أوجدت قطاعاً مالياً قوياً يستطيع اليوم التعامل مع التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، بالاضافة الي الزيادة الملحوظة في اجمالي اقساط القطاع بنسبة تصل الي %85 والتي ارتفعت من 4.36 مليار جنيه الي 7.447 مليار جنيه وزيادة مساهماته في اجمالي الناتج القومي والتي ارتفعت من %0.8 الي %1.2 وذلك نتيجة بعض الاجراءات، منها خفض الدمغة النسبية لاقساط التأمين بنسبة تصل الي %50، كاشفا النقاب عن استهداف القطاع زيادة مساهمته في اجمالي الناتج القومي ليصل الي %2 في الفترة من 2009 حتي 2012.
واشار منير خلال الجلسة الاولي لمؤتمر اليورومني الاول لقطاع التأمين التي رأسها عبدالرؤوف قطب رئيس الاتحاد المصري لشركات التأمين العضو المنتدب لشركة بيت التأمين المصري السعودي، الي انه من اهم التشريعات الجديدة التي شهدها قطاع التأمين قانون التأمين الاجباري عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث المركبات رقم 72 لسنة 2007 والذي تضمن عددا من البنود التي قلصت من الاعباء الملقاه علي كاهل الشركات، خاصة بعد تحديد القيمة التعويضية بـ 40 الف جنيه في حالات الوفاة والعجز الكلي المستديم، وكذلك اعادة النظر في جدول اسعار ذلك النوع من التأمين، لافتا الي انه نظرا لوجود حالات لم يشملها قانون 72، فقد قامت الهيئة بانشاء صندوق لتعويض المضارين من حوادث السيارات المجهلة وهو الصندوق غير الموجود الا في عدد قليل من دول العالم المتقدمة في صناعة التأمين.
واوضح انه من ضمن الاصلاحات التي شهدها قطاع التأمين الاسلوب الرقابي الجديد للهيئة من خلال الرقابة علي اساس المخاطر لقياس مدي ملاءمة الاخطار التي تغطيها شركات التأمين مع ملاءتها المالية بالاضافة إلي التعديل التشريعي الجديد المنظم لسوق التأمين رقم 118 لسنة 2008 والذي ضاعف رؤوس اموال الشركات لتصل الي 60 مليون جنيه كحد ادني بعد ان كانت30 مليونا فقط والزام الشركة بعضوية اتحاد التأمين، واعادة هيكلة الهيئة داخليا، وتطبيق برامج التحول، ووضع خطة لزيادة عدد الخبراء الاكتواريين خلال الثلاث سنوات المقبلة والتي بدأتها فعليا منذ 6 شهور مضت، بالاضافة الي الزام الشركات بتقديم تقرير الاكتواري مرفقا مع ميزانياتها سواء في نشاط الحياة او الممتلكات.
ولفت رئيس هيئة الرقابة إلي ان الهيئة بالتنسيق مع اتحاد الشركات وجهت الوحدات التأمينية العاملة في السوق لدراسة بعض القطاعات التي بدأت الدولة تركز عليها مثل المشروعات الصغيرة المتوسطة ومتناهية الصغر وشريحة محدودي الدخل وذلك بهدف توفير تغطيات تامينية مناسبة لتلك الشرائح.
من جهته علق عبد الرؤوف قطب رئيس اتحاد الشركات قائلا ان القطاع امامه تحد كبير ليس فقط للوصول بنسب مساهماته الي %2وانما لكي يصل الي 6 و%7 مطالبا بضرورة تطبيق بعض انواع التأمين بشكل اجباري خاصة ان عدد التغطيات الاجبارية في مصر لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة رغم تجاوزها الـ 100 تغطية اجبارية في بعض الدول الاجنبية، مشيرا الي ان هناك تنسيقا بين اتحاد الشركات وهيئة الرقابة لتفعيل بعض انواع تلك التغطيات مثل المسئولية المهنية للسماسرة والمصاعد والمسئولية المهنية للاطباء والتأمين علي المنشآت الحكومية والوحدات السكنية وغيرها من التغطيات المطلوبة في الوقت الحالي.
وبدوره اوضح محمود عبد الله رئيس الشركة القابضة للتأمين ان هناك 3 محاور رئيسية استهدفتها خطة تطوير واعادة هيكلة الشركات العامة التابعة للقابضة للتأمين وهي النمو والربحية واخيرا زيادة العمالة، مشيرا الي ان هيئة الرقابة علي التأمين قامت من جانبها باجراءات اعادة هيكلة نظمها الداخلية بالاضافة الي التحول للاسلوب الرقابي الجديد الذي يقوم علي اساس الرقابة علي المخاطر، مع استصدار بعض التشريعات التي كان يتطلبها القطاع في تلك المرحلة تحديدا والتي ادت الي وجود اكبر شركات دولية او متعددة الجنسيات حيث ان السوق المصرية توجد بها اكبر شركة تامين ألمانية وامريكية وفرنسية.
اضاف ان اعادة هيكلة الشركات الحكومية استهدفت التعرف علي مواطن الضعف وسبل تقويتها وكذلك مراكز القوة وتدعيمها خاصة ان الشركات الثلاث »مصر والشرق والاهلية« كانت تتنافس علي نفس الخدمات وهو ما استدعي دمج الشرق للتأمين والمصرية لاعادة التأمين في شركة مصر للتأمين لتصبح اكبر كيان تاميني في مصر والشرق الاوسط وشمال افريقيا حيث تجاوز رأسمالها الـ 1.9 مليار جنيه والابقاء علي شركة التأمين الاهلية كشركة عامة متخصصة في بعض الانواع من التأمينات ومنها السيادية، مشيرا الي ان اعادة هيكلة الشركات استهدفت الحفاظ علي العمالة خاصة ان اي نمو لايتم الا بالحفاظ علي الكوادر البشرية وتدريبها بما يتناسب مع متغيرات السوقين الداخلية والخارجية معا، مؤكدا ان التجربة اثبتت نجاح قرار الدمج خاصة بعد ارتفاع معدلات نمو عمليات إعادة التأمين الواردة من دول أسيا وأفريقيا لشركة مصر للتأمين لتصل الي 250 مليون جنيه خلال العام الماضي بعد ان كانت 160 مليون جنيه الفترة السابقة بزيادة تصل الي %40.
واشار محمود عبدالله الي ان النجاح الذي حققته الشركات الحكومية جاء نتيجة نجاح خطط الاصلاح في مرحلتها الاولي من خلال وجود رقيب قوي وعضوية الزامية لاتحاد الشركات بالاضافة الي الفصل بين نشاطي الحياة والممتلكات في الشركات التي تزاول النشاطين معا.
وبدوره اوضح عبد الرؤوف قطب ان عضوية الاتحاد الالزامية جاءت تطبيقا لنصوص القانون رقم 118 لسنة 2008، ووصل عدد الشركات الأعضاء في الاتحاد الي 28 شركة وهي العاملة في السوق، بالاضافة الي السماح بانشاء شركات وساطة تامينية وهو ما يساعد علي النهوض بصناعة التأمين في مصر.
وكشف قطب النقاب عن ان من ضمن التحديات التي تواجه قطاع التأمين في الوقت الحالي هي انخفاض نصيب الفرد من اقساط التأمين والذي لم يزد علي 14 دولارا في 2008، ورغم انها كانت لاتتجاوز الـ 8 دولارات في 2004 الا ان ذلك يستدعي تضافر الجهود لرفع الوعي التأميني، وهو الذي بدأت الهيئة بالتنسيق مع الاتحاد القيام به من خلال حملات رفع الوعي التأميني والتي تم الانتهاء من مرحلتيها الاولي والثانية وسيتم البدء في المرحلتين الثالثة والرابعة خلال الفترة المقبلة، مع سعي الاتحاد الي احياء مجمعة الاخطار النووية لتتناسب مع التطور الذي تمر به الدولة في ظل انشاء محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلي تغطية المخاطر التي يتعرض لها ركاب القطارات ومترو الانفاق.
وفي نفس الجلسة اشار علاء الزهيري، العضو المنتدب للمجموعة المصرية العربية للتأمين »اميج«، الي ان مصر يوجد بها 26 شركة تابعة للقطاع الخاص برؤوس اموال مصرية واجنبية ومتعددة الجنسيات وان تلك الشركات تقوم بدورها المطلوب في تقديم منتجات تأمينية قوية تتواءم واحتياجات جميع الشرائح.
أضاف ان التحدي الذي يواجه القطاع يكمن في نقص الكوادر المدربة، مؤكدا ان الهيئة والاتحاد قاما بدورهما من خلال إنشاء المعهد المصري للتأمين والذي يستهدف رفع كفاءة العمالة الموجودة في الوقت الحالي الا ان الشركات مطالبة في ذات الوقت بانشاء ادارات خاصة بها لتدريب كوادرها وجذب كوادر جديدة داخل السوق.
واشار الي ان شركات اعادة التأمين كانت تنجذب نحو السوق المصرية خلال الفترة الماضية، الا انه نتيجة المنافسة الشرسة بين الشركات خاصة علي مستوي الاسعار وليس علي الخدمات اصبحت السوق المصرية غير جاذبة لشركات الاعادة العالمية، فضلاً عن المنتجات التأمينية في الاسواق العالمية تتجاوز بكثير عدد المنتجات الموجودة في السوق المصرية، مطالبا الشركات العاملة في القطاع بضرورة استهداف اكبر شريحة ممكنة من العملاء لتصل الي 20 مليون عميل، خاصة ان الشريحة المستهدفة في الوقت الحالي لا تتجاوز الـ 5 ملايين عميل.
من جهة اخري اوضح ربيع عبد الخالق، العضو المنتدب لشركة اليكو لتامينات الحياة انه اذا كان القطاع يستهدف زيادة مساهماته في اجمالي الناتج القومي الي %2 الا ان التحدي الاكبر هو كيفية الحفاظ علي ذلك المعدل من النمو، داعياً الشركات لاستهداف شرائح المجتمع المهمشة وكذلك القطاعات التي توليها الدولة اهمية نسبية، مثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وكذلك محدودي الدخل.
وفي اتجاه اخر اكد علي العشري مساعد رئيس الهيئة المصرية للرقابة علي التأمين لشئون الصناديق خلال الجلسة الثانية لمؤتمر اليورومني لقطاع التأمين والتي تناولت ملف تطوير نظم المعاشات والتأمينات الاجتماعية، ان نظم التأمينات الاجتماعية في اي دولة تضمن الحد الادني لمستوي المعيشة وهو ما دفع الي ضرورة البحث عن بديل تكميلي تلبية لاحتياجات المواطنين بخلاف الدور الذي تقوم به شركات التأمين، وذلك من خلال قانون صناديق التأمين الخاصة رقم 54 لسنة 1975.
واشار العشري الي ان عدد صناديق التأمين الخاصة وقت صدور القانون بلغ 45 صندوقا باستثمارات لاتتجاوز العشرات من ملايين الجنيهات، وقد وصل عدد الصناديق في الوقت الحالي الي 638 صندوقا باستثمارات تجاوزت الـ 24 مليار جنيه، بينما ارتفع عدد اعضاء الصناديق الخاصة من بضعة الاف عام 75 ليصل الي 4.6 مليون مشترك في 2008، كاشفا النقاب عن ان جملة اشتراكات الصناديق في 2008 وصلت الي 2.4 مليار جنيه في حين وصلت جملة التعويضات الي 2.6 مليار جنيه.
اضاف ان الهيئة رأت ضرورة تعديل نظام صناديق التأمين الخاصة التي تعمل بنظام المزايا المحددة منذ انشائها رغم ان التحول العالمي يتجه نحو صناديق الاشتراكات المحددة وهو ما حاولت الهيئة القيام به، من خلال تعديلات قانون الصناديق والمعاشات الاختيارية والذي تمت مناقشته مع اصحاب المصالح والمستفيدين منه في ديسمبر من العام الماضي وفي الوقت الحالي تتم مراجعته علي مستوي الحزب الوطني ومجلس الدولة،لافتا الي ان الاجتماعات التي عقدتها الهيئة مع ممثلي تلك الصناديق أعطت مؤشرات ايجابية باننا نسير علي الاتجاه الصحيح، خاصة بعد ان استطعنا وضع ايدينا علي مواطن الخلل واسس التطوير المطلوبة خلال المرحلة المقبلة، بما يتلاءم مع احتياجات المستفيدين، مشيرا الي انه جنبا الي جنب مع مشروع صناديق التأمين الخاصة بدات الهيئة مناقشة انشاء شركات للرعاية الصحية المدفوعة مقدما وكذلك تأسيس شركات لادارة المعاشات.
من جهة اخري اوضح حسن الخطيب، العضو المنتدب لمجموعة »كاروليل« لادارة الاستثمار المباشر ان نظام المعاشات الخاص يحتاج الي اطار تشريعي يتواءم مع المتغيرات العالمية خاصة ان التشريع مهم في تحريك السوق بشكل عام، وكانت هناك تجارب ناجحة لذلك من خلال قانون الضرائب الجديد.
اضاف ان نسب مساهمة قطاع التأمين من الناتج القومي تصل الي %1.2و%44 من تلك المساهمات من خلال تأمينات الحياة، وهو ما يتطلب سرعة انجاز القانون وانشاء إدارات لادارة تلك الاستثمارات سواء الخاصة بصناديق التأمين الخاصة او اموال المعاشات والتأمينات بهدف رفع درجة كفاءتها داخل السوق.
اما هشام ابراهيم رمضان مساعد رئيس الشركة القابضة للتأمين فقد اكد ان الاحصاءات الديمجرافية او التعداد السكاني اكدت وجود تغير واضح في مصر بالنسبة لمعدلات الوفيات حيث ان معدل الوفيات انخفض من 29 في الاف في 1917 ليصل الي 6.3 في الالف في 2000، وكذلك ارتفاع متوسط عمر الانسان بالنسبة للذكور ارتفع من 36 عاما في 1917 الي 64 عاما في 1996 ، ومن المتوقع ان يرتفع الي 71 عاما في 2020 وبالنسبة للاناث فقد وصل متوسط اعمارهن الي 48 عاما في 1937 ومن المتوقع ان يصل الي 75 عاما في 2020. اضاف ان تلك التغيرات تستلزم تحركا لتحسين نظم المعاشات والتأمينات وتشجيع اصحاب الاعمال علي الدخول في ذلك النظام وذلك من خلال مقارنة قيمة المعاش المستحق مع معدل التضخم، وكذلك ضرورة تعظيم دور شركات تامينات الحياة بهدف جذب اكبر شريحة من الافراد، وهي فرصة امام شركات الحياة لتطوير منتجاتها وتحسين نظم الادارة بداخلها.