Loading...

المصّدرون للعراق يطالبون بـ «مورتاريوم» يُعــفيــهـــم مـــن ســـداد ديـــونـــهـــم

Loading...

المصّدرون للعراق يطالبون بـ «مورتاريوم» يُعــفيــهـــم مـــن ســـداد ديـــونـــهـــم
جريدة المال

المال - خاص

10:26 ص, الأحد, 4 مايو 03

شريف إبراهيم:
 
تعالت أصوات بعض المصدرين المصريين ممن ارتبطوا بعقود مع النظام السابق في العراق، معلنين  تضررهم من توقف برنامج «النفط مقابل  الغذاء» جراء الاحتلال الامريكي البريطاني للعراق، ومطالبين الحكومة باصدار «مورتاريوم» ـ قرار سيادي ـ يعفيهم من سداد اقساط ديونهم للبنوك في مواعيدها، باعتبار أنهم يمرون «بظروف قاهرة» تمنعهم من سداد هذه المديونيات حتي يستردوا عافيتهم ويعرفوا مصير مستحقاتهم المعلقة .

 
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكن اعتبار ظروف الحرب الاخيرة في العراق ـ بمقتضي القانون ـ ظروفاً قاهرة تستوجب اصدار «مورتاريوم» لجدولة مديونيات هؤلاء المصدرين وأصحاب بعض شركات السياحة  التي أعلنت تضررها أيضاً؟ «المال »فتحت هذا الملف عبر التحقيق التالي مع اساتذة القانون والمصرفيين والمصدرين، من أجل الاجابة علي السؤال السابق وطرح أسئلة ـ واجابات ـ أخري :
 
في البداية يفرق الدكتور محمد علي عمران (استاذ القانون المدني بحقوق عين شمس) بين نظرية «الظروف الطارئة» التي يترتب عليها إرهاق يتسبب في عجز صاحب الشركة عن سداد التزاماته المادية وبين «القوة القاهرة»، فالحالة الاولي لا يترتب عليها فسخ العقد أو استحالة تنفيذه لكن كل ما يقوم به القاضي هو تخفيف التزامات  أحد المتعاقدين أو زيادة التزامات الطرف  الآخر، و إذا رأي  القاضي الذي يفحص الدعوي أن شروط «الارهاق» غير متوافرة رغم وجود ارهاق علي المدين فإنه يصبح ملتزماً بتنفيذ العقد وسداد المستحقات المالية وفقاً للبرنامج الزمني بل ويدفع تعويضاً مادياً عن التأخير .
 
أما «القوة القاهرة» ـ حسب د. عمران ـ فإنها قد تكون من صنع الطبيعة كالزلازل والبراكين، أو ربما تكون حروباً كبري ينتج عنها  استحالة تنفيذ الالتزام وبالتالي يتم فسخ العقد، بل إن بعض فقهاء  القانون اعتبروا أن تضارب  القرارات والقوانين الادارية يدخل تحت بند «الظروف الطارئة» وبتالي لا ينفسخ بسببها عقد  الالتزام سواء برد الديون إلي اصحابها أو تنفيذ العقد المبرم، لكن علي القاضي أن يعيد التوازن لطرفي العقد بلا حدود قصوي أو دنيا حتي يرفع الارهاق عن المتضرر .
 
وحول مدي انطباق ذلك علي الظروف التي شهدها السوق المصري بعد الحرب علي العراق يري الدكتور عمران أن العلاقات بين البنوك وعملائها هي التي تنظم عملية سداد الاقساط في مواعيد استحقاقها أو تأجيلها، مشيرا إلي أن الحرب لم تدم طويلاً وقد تأثرت بسببها قطاعات بعينها كالسياحة والصادرات ولابد ن تضافر جهود الحكومة لمواجهة الآثار المترتبة علي ذلك .
 
أما الدكتورة سميحة القليوبي (أستاذ القانون التجاري بحقوق القاهرة) فتؤكد أن الحروب الكبري كالحربين العالمية الأولي والثانية والحروب الثلاثة التي خاضتها مصر في أعوام 56و67و1973 جعلت الحكومة تصدر مرسوماً سيادياً يطلق عليه «المورتاريوم» ويقضي بإعفاء التجار من سداد المستحقات والمديونيات  الواجبة عليهم في مواعيدها  المقررة، باعتبار أن هذه الحروب «قوة قاهرة» وبالتالي لا يجوز شهر إفلاسهم، وقد تكرر العمل بهذا «المورتاريوم» إبان  الحروب الثلاثة التي خاضتها مصر، حيث صدر قرار بإعفاء التجار في مدن القناة علي وجه الخصوص من سداد ديونهم سواء للهيئات الحكومية كالضرائب والتأمينات أو للبنوك، وبالتالي عدم إعلان افلاس هؤلاء التجار في ظل هذه الحروب .
 
أما نظرية «الظروف  الطارئة» فهي ـ والكلام للدكتورة القليوبي ـ أن هناك التزامات علي احد طرفي التعاقد ويصعب عليه تنفيذها في ظل المتغيرات الجارية، كارتفاع عالمي للاسعار أو كوارث  طبيعية أثرت علي النشاط التجاري، وفي هذه  الحالة يجب علي  القاضي أن يخفف من هذا الارهاق علي  الطرف المتضرر، بأن يجعل الالتزام متوازناً كأن يعفيه من سداد جزء من المديونية أو كلها إذا رأي  أن ذلك في صالحه .
 
ومن جانبه يؤكد الدكتور محمد غانم «المستشار القانوني للمصرف العربي الدولي» أن معظم البنوك تقف بجانب عملائها الجادين في كل أزماتهم، طالما أن العميل لديه النية الحقيقية للسداد، ومثل هذه المواقف تتكرر مع العميل الذي يشهر افلاسه إذ أن الدائنين ومنهم  البنوك يحصلون علي جزء من ديونهم أو يتم جدولة بعض المديونية علي فترات زمنية ليست طويلة مقابل  التغاضي عن جزء من هذه المديونية لكي يلغي العميل حكم شهر افلاسه ويعاود نشاطه التجاري في الاسواق مجدداً .
 
يضيف د. غانم أن الاحكام النهائية الصادرة بحدوث حالات ارهاق شديد في المحاكم محدودة للغاية، كما أن «المورتاريوم» لم يتكرر بعد حرب 1973، لكن هناك توجهات تصدر من الجهات السيادية باجراء جدولة للديون للعملاء المتعثرين الجادين بسبب ظروف السوق والقرارات والقوانين الاقتصادية المتلاحقة، كما حدث خلال الاشهر القليلة الماضية، ويجب أن تصدر هذه  التوجيهات من الجهات السيادية إلي البنك المركزي ثم البنوك .
 
ويري إبراهيم عمار  مدير عام القضايا وعضو اللجنة العليا  للسياسات  بالبنك العقاري المصري العربي سابقاً أن «الارهاق الشديد» المنصوص عليه في القانون المدني  معناه أن الشركة قد تعرضت لظروف اقتصادية متقلبة ومفاجأة لا دخل لها فيها، وهزتها من الاعماق واثرت علي نشاطها، بل إن محكمة النقض ذهبت في احكامها إلي أن القرارات والقوانين الاقتصادية تدخل تحت بند«الظروف الطارئة» وأن المحكمة هي السلطة التقديرية لدراسة هذا السبب الخارجي، فإذا تبين لها أنه متوفر تنتقل  إلي المرحلة التالية، وهي مدي تأثير هذا السبب علي تنفيذ الالتزام من عدمه، ولابد للمحكمة أن تقرر مدي الارهاق ونسبته لتقوم بتعديل الإلتزام علي المدين وفقاً لحجم هذا الارهاق، وقد تكرر هذا الارهاق مع شركات السياحة عقب «حادث الاقصر» الارهابي حيث تم اعفاؤها من سداد ديون فوائد الديون لمدة عامين بعد الحادث، حتي استردت عافيتها وعادت عملية احتساب  الفوائد علي  الديون مرة أخري .
 
ومن جهته يري جمال شعبان (مساعد الرئيس التنفيذي لبنك فيصل الاسلامي) أن الحرب علي العراق كانت قصيرة، وبالتالي فإن تداعياتها كانت خاطفة خاصة علي قطاع السياحة والمصدرين وقد استعادت السياحة عافيتها حالياً ـ في تقديره ـ ويمكنها تعويض  ما تعرضت له الشركات من خسائر ليست بالفادحة، وبالتالي لن يكون هناك  حالات تعثر كثيرة ويمكن احتواء هذه الآثار وتصويب مسارها بسرعة، حيث أن  البنوك  لا تهوي  علي حد قوله ـ الغريب أو «بهدلة» عملائها في  ساحات المحاكم، فنحن نستجيب لطلبات العملاء الجادين إذا ما تعرضوا لأي ظروف طارئة سواء كانت بسبب «القوة القاهرة» أو أي متغيرات  أخري، شريطة ألا تكون هذه قاعدة ويسعي إليها كل من تعثر حقيقة أو إدعاء .
 
ويؤكد الدكتور محمد الموجي (مدير عام السياسات بالبنك الأهلي المصري) أن موضوع إعادة النظر في ديون العملاء أو إعادة جدولتها سابق لأوانه، خاصة بالنسبة لمصدري المواد الغذائية إلي العراق الذين  ارتبطوا بعقود دولية مع الامم المتحدة ضمن برنامج « النفط مقابل الغذاء» حيث لم تظهر علي السطح ـ حتي الآن بوادر رفض لصرف مستحقات المصدرين  المصريين .

 
أما بخصوص قطاع السياحة فإن الكثير من  العقود توقفت قبل وأثناء الحرب لكنها لم تلغ، وقد تنامي هذا القطاع بسرعة هذه الايام، ثم أن العاملين في هذا القطاع يضعون جانباً من المخاطر في الحسبان نتيجة المتغيرات الدولية «المصدرون إلي العراق ».

 
أما المحاسب هلال شتا (نائب رئيس  شعبة المصدرين) فيؤكد أن حرب العراق تركت آثاراً سلبية علي المصدرين إلي العراق، وقد تكررت هذه  الازمة إبان حرب  الخليج الثانية في الكويت والعراق أيضاً، عندما أرسلت شحنات بضائع بمليارات الدولارات ثم احتلت العراق الكويت، فما كان من البنوك إلا أن قامت بتجميد الفوائد علي ديون العملاء حتي يتسلموا مستحقاتهم، وما زال هذا  الملف مفتوحاً حتي الآن ولهذا فإنني اطالب البنوك بإجراء حوار مع أمثال هؤلاء المصدرين الجادين فقط، فبعضهم ألغي اتفاقياته مع المستوردين في الخارج، وبعض المصدرين رست سفنهم المحملة بالبضائع في بعض  الموانئ  العربية لحين انتهاء الحرب مما كلفهم الكثير، فهذه الظروف ينطبق عليها وصف «الظروف الطارئة» بحكم القانون، وأخيراً يعتبر الدكتور عادل حسني (رئيس شركة «سفنكس» للسياحة) أن كل ما يقال عن صدور توجيهات من  الحكومة إلي البنوك بخفض الفائدة علي الديون «كلام جرايد» ـ حسب تعبيره ـ ولا ينفذ أي  شيء منه ، وأن  العلاقات الودية بين العميل والبنك هي  التي تحكم مثل هذه الأزمات ويؤكد «حسني أن  قطاع السياحة تأثر بعدد من  المتغيرات في الفترة الاخيرة تضرر منها العديد من الشركات الموجودة في السوق، ونحن نسمع كلاماً ووعوداً كثيرة من المسئولين لكنها ـ حسبما يقول ـ لا تنفذ بل هي مجرد كلام للاستهلاك  الاعلامي فقط .

جريدة المال

المال - خاص

10:26 ص, الأحد, 4 مايو 03