أكد عدد من العاملين بقطاع البترول وخبراء الاقتصاد ان انخفاض انتاج مصافي البترول العالمية خلال الربع الأول من العام الحالي لن يجبر قطاع البترول المحلي، علي اتخاذ قرار مماثل.. أو السير في نفس الاتجاه.
أضاف الخبراء ان طبيعة قطاع البترول في مصر تختلف عن مثيله عالمياً، خاصة في ظل وجود دعم حكومي للقطاع باعتباره سلعة استراتيجية. مما سيدفع لاستمرار انتاج المصافي بمعدلات مرتفعة لتلبية الطلب المتزايد خلافاً للوضع العالمي الذي أدي إلي تراجع حجم الطلب بأسواق البترول إلي انخفاض ايرادات الشركات وتخفيض طاقة المصافي لمواجهة حالة الدكود، ونقص السيولة، في ظل الازمة العالمية.
كانت أرباح معظم شركات البترول العالمية قد تراجعت خلال الربع الأول من العام بنسبة %30، مما تسبب في تآكل هوامش الربحية، وتقليص المشاريع الاستثمارية التي تنوي الشركات تنفيذها لتعزيز تدفق إمداد المواد النفطية المكررة إلي أسواق الطاقة.
وقد انعكس تراجع الأرباح إلي تخفيض طاقة المصافي الانتاجية عالمياً بنسبة تراوحت بين 20 و%30 لتفادي الانكماش، وما سيصاحبه من انخفاض في الطلب علي مصادر الطاقة، وتراجع أسعار البترول.
أكد الدكتور حمدي البنبي، وزير البترول الأسبق، ان ما حدث بشركات البترول العالمية وبمصافيها الانتاجية أمر طبيعي لأن الطلب لا يشمل الخام وإنما المشتقات، والمنتجات المكررة، وتسبب انخفاض حجم الطلب بعد الازمة في تراجع الانتاج، نظراً لارتباط المصافي بالطلب قلل من طاقتها الانتاجية لأنه ليس من المنطقي ان تستمر الشركات في الانتاج، والتخزين دون وجود مؤشر يضمن قابلية الانتاج للتصريف بعد الازمة.
وقال »البنبي« ان ما حدث بقطاع البترول العالمي، لن يتكرر بنظيره المصري نظراً للدعم المقدم من الحكومة لمنتجات القطاع، الامر الذي أدي إلي عدم تأثر الطلب علي البترول، ومشتقاته من »بنزين« و»كيروسين« و»سولار« و»مازوت« خلال الازمة العالمية، بل العكس، تزايدت معدلات الطلب نتيجة للصناعات الجديدة وارتفاع حجم الاستهلاك العائلي مما أدي إلي مضاعفة انتاج المصافي الحالية، وتشغيلها بأقصي قدراتها.
وأضاف »البنبي« ان الازمة الراهنة رفعت من حذر الشركات، والدول المنتجة تجاه اخطار المضاربة علي العقود طويلة الآجل، الامر الذي سيرفع الطلب خلال فترة التعافي بشكل تدريجي، وبالتالي لن يقفز سعر البرميل بصورة مفاجئة وإنما سيرتفع تدريجياً دون 100 دولار.
مشيراً إلي ان إنتاج المصافي المحلية يكفي للوصول لمستويات الانتاج المطلوبة، والتي تحقق الاكتفاء الداخلي، وتخلق فائضاً تصديرياً مشيراً إلي ان وزارة البترول تتبع خطة مستديمة للتطوير، والتحديث في أعمال المعامل.
أكد المهندس إبراهيم يحيي سكرتير الشعبة العامة للمواد البترولية، ان الشركات العالمية اضطرت إلي تخفيض طاقة مصافيها، ومعاملها للانتاج والتكرير خاصة بعد الازمة التي تسببت في انهيار الوضع العالمي، وانخفاض الطلب نظراً لمخاوف قطاع الطاقة العالمي الناجم عن تدني أسعار البترول لمستوي 30 دولاراً للبرميل.
وقال »يحيي« ان معظم شركات البترول المصرية تابعة للحكومة خلافاً، للشركات العالمية المملوكة للقطاع الخاص، وتتحكم في السوق.
نافياً أن يؤثر خفض طاقة المصافي الانتاجية العالمية علي المحلية بالسلب، لان انخفاض فاتورة دعم الحكومة لقطاع البترول ستزيد من تمويل المشروعات الجديدة، وتطوير المصافي القائمة بما يدفع إلي زيادة الانتاج.
وأكد الدكتور فخري الفقي الخبير الاقتصادي ان شركات البترول العالمية حققت خسائر كبيرة خلال الازمة الاقتصادية، علي عكس الشركات المصرية التي حققت مستويات أرباح مرتفعة، موضحاً ان السبب في تحقيق الأولي لخسائر خلال الربع الأخير من العام الماضي، واستمرار الانخفاض خلال الربع الأول من العام الحالي، يرجع إلي تراجع مؤشر الثقة لدي المستهلكين ومخاوف رجال الأعمال من ضخ استثمارات جديدة بالقطاع.
وأشار »الفقي« إلي ان انخفاض الأرباح جاء نتيجة طبيعية لتراجع أسعار مشتقات البترول العالمية، فعند ارتفاع سعر البترول العالمي تقوم الشركات بالشراء وإنتاج المشتقات، وبيعها بأسعار مرتفعة، وبالتالي تحقيق مزيد من العوائد التي تعوض تكاليف الشراء، الأمر الذي انعكس بعد الازمة لأن انخفاض الأسعار أدي إلي تراجع الارباح بالاضافة إلي انخفاض الطلب من قبل الفئات السكنية، والقطاعات الاقتصادية زاد الأمر سوءاً.
وأوضح »الفقي« ان استيعاب الدروس الناتجة عن الازمة، لن يرفع سعر البرميل العالمي إلي المستوي الجنوني الذي وصل إليه في يوليو الماضي، بل سيحد من عمليات المضاربة علي العقود الآجلة للنفط التي نتجت بسبب ضعف الرقابة علي أسواق الطاقة العالمية، وبالتالي اتجهت جميع المؤسسات الدولية إلي احكام الرقابة، والالتزام بمزيد من الشفافية، والمصداقية فيما يخص أسواق الطاقة العالمية خلال الفترة المقبلة.
علي الجانب الآخر يتخوف خبراء الطاقة العالميون، من أن يتسب التراجع في أسعار البترول في خفض امدادات البترول، ويذهب معظم المحللين إلي ان تخفيض طاقة المصافي النفطية لن يكون في صالح التنمية الاقتصادية والصناعية، خاصة في ظل انخفاض الاستثمارات في هذا المجال، وعدم قدرة المصافي الحالية علي مواجهة الطلب علي المشتقات البترولية عالمياً.
ووصف البعض المصافي العالمية العاملة حالياً بأنها »منهكة« للغاية لانتهاء عمرها الافتراضي، ولعدم وجود برامج لتطوير، معظمها الأمر الذي قد لا يمكنها من تلبية احتياجات العالم من الطاقة في المستقبل، وهو ما قد يخلق أزمة قادمة، يجب أن توضع لها حلول مناسبة منذ الآن تفادياً لوقوع مشاكل »تكبح« تقدم الاقتصاد العالمي.