
أحمد مصطفى
حوار- نجلاء أبو السعود
طالبت نقابة المستخلصين الجمركيين بالإسكندرية بضرورة قيام الجهات العاملة بالموانئ بالربط فيما بينها إلكترونيا، وذلك للعمل على تقليل زمن الإفراج عن البضائع من ناحية وتسهيلا على المتعاملين معها من ناحية أخرى، وأشارت إلى أهمية مراجعة القوانين التى تحكم منظومة الجمارك وإصدار قانون يتماشى مع الواقع مع عدم تنفيذ قانون الجمارك الجديد منذ سنوات الذى يحتوى على الكثير من الأخطاء، كما حددت عددا من الضوابط التى لابد أن تتوافر فى مهنة التخليص الجمركى.
وأكد المهندس أحمد مصطفى، نقيب المستخلصين الجمركيين بالإسكندرية، أن تفعيل نظام الربط الإلكترونى سيساهم بشكل كبير فى الحد من التهريب والقضاء على التلاعب وإيجاد بيئة تنافسية بين الشركات، بالإضافة إلى القضاء على الازدواجية فى إدراج البيانات فى الجهات المختلفة، موضحا أنه عند التقدم بملف جمركى لفتح شهادة وارد يتم عرض الملف نفسه مرة أخرى على هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، بالإضافة إلى بعض المستندات الفنية الخاصة بطبيعة الشحنة.
وأوضح مصطفى فى حوار مع «المـال» أن ربط المنافذ الجمركية مع جميع الجهات المتعاملة معها من محطات الحاويات والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات والموازين وغيرها، يهدف للقضاء على الازدحام داخل الموانئ وتخفيض زمن الإفراج الجمركى، بالإضافة إلى اقتصار الدخول للشاحنات التى لها أعمال فقط عن طريق تنظيم بوابات الميناء بشكل إلكترونى.
وأكد أنه على الرغم من استمرار تجميد العمل بنظام «الخط الأخضر» خلال السنوات الأخيرة لدواع أمنية، لكن عند تفعيله ستكون هناك حاجة إلى الاستعانة بالنظام الإلكترونى، لافتا إلى أن نظام الخط الأخضر يسمح بالاحتفاظ بالمستند لمدة خمس سنوات «المراجعة اللاحقة»، لكن ما يتم بالمنافذ الجمركية يعد خطاً أصفر وليس أخضر كما هو متبع فى دول العالم.
ولفت إلى أن عمليات التهريب تبدأ من داخل الميناء حيث تقوم بعض الشاحنات بتزوير إذن إفراج لحاويات لم يتم الكشف عنها، موضحا أن محطات الحاويات يجب أن تكون لديها معلومات بالشاحنات الداخلة لساحة التشغيل وفى مكان الانتظار.
وبين نقيب المستخلصين بالإسكندرية أن عملية تطوير ميناء الإسكندرية شملت إنشاء البنية التحتية لشبكة الربط الإلكترونى ولا ينقصها سوى تحديث أجهزة الحاسب بها وإدخال خدمة الإنترنت وبالتالى يمكن تفعيل خدمة الربط لتشمل تسجيل المعاينة وتصوير البضاعة.
وتابع أنه يتم حاليا تفعيل نظام الشباك الواحد لكل من مصلحة الجمارك وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات، لافتا إلى أنه تم الاتفاق على تشكيل لجنة تضم نقابة المستخلصين لإشراكها فى الخطوات التى يتم اتخاذها فى هذا الشأن، كما تم مؤخرا إجراء تجربة مبدئية على تطبيق نظام الربط الإلكترونى دون إجراءات الرقابة النوعية وكانت النتيجة استغراق وقت الافراج عن البضاعة 3 ساعات فقط لحين الخروج من الميناء.
ولفت مصطفى إلى أن غرامات التأخير على الحاويات الواردة فقط تبلغ نحو 50 دولاراً، فى الوقت الذى تدخل فيه نحو 650 ألف حاوية «20 قدماً» كواردات سنويا بميناء الإسكندرية، بالإضافة إلى أن تأخر السفينة يمثل زيادة فى تكلفتها التى تحملها بدورها على البضاعة وبالتالى على المستهلك النهائى للسلعة، بالإضافة إلى أن تأخير السلعة داخل الميناء يقلل من فترة صلاحيتها ويمثل تأخيراً لدورة رأس المال، أما فى حالات الشحنات التى تحوى خدمات إنتاج فإن تأخرها يؤثر على عمل المصنع وتعاقداته.
وذكر أن المستخلص الجمركى يعد اللاعب الرئيسى فى عملية التجارة والمنافذ الجمركية ويتعامل بشكل أساسى مع أكثر من 16 جهة حكومية وغير حكومية فى عمليات الإفراج عن البضائع أهمها مصلحة الجمارك التى تعد جهة سيادية، بالإضافة إلى ضرورة إلمامه بالعديد من القوانين واللوائح التى تحكم حركة البضائع.
وأشار إلى ضرورة وعى المستخلص الجمركى بطبيعة عمله والجهات المختلفة المتعامل معها، فضلاً عن أن فهم مواصفات البضاعة يمكنه من تخفيض زمن وتكاليف الإفراج مما يساهم فى تخفيض تكلفة البضاعة.
وأكد مصطفى أن أهم العقبات التى مازالت تواجه مهنة التخليص الجمركى تتركز فى طريقة التعامل ونظرة المجتمع لتلك المهنة، على الرغم من أن القانون يشترط أن يحمل المستخلص الجمركى شهادة جامعية ورخصة تخليص.
وأضاف أنه من بين تلك العقبات اعتبار التخليص الجمركى من المهن التى يتم توارثها «Family business » ولا يتم التعامل معها بشكل مؤسسى قابل للتطوير، بالإضافة إلى حرص الشركات العاملة فى ذلك المجال على قاعدة بيانات عملائها مما لا يسمح بتكوين كوادر جديدة تعمل بنفس المجال، لافتاً إلى أن مهنة التخليص تعد جزءًا من مجال الـ«Forwarding » «مرحلى البضائع».
وأوضح أن تنفيذ العقد الذى أبرمته الشركة المصرية للتكنولوجيا والمعلومات «MTS » مع مصلحة الجمارك والذى تم تجميده من قبل، كان يقضى بتحصيل رسوم 100 جنيه عن كل رسالة يتم إدراج بياناتها إلكترونيا وتبلغ حصة الجمارك منها %20، بالإضافة إلى تحكم تلك الشركة فى قاعدة بيانات الجمارك بالكامل، مشيراً إلى أن نقابة المستخلصين عرضت على مصلحة الجمارك سداد 20 جنيهاً إضافية على كل شهادة وارد أو صادر لتطوير الأجهزة الإلكترونية وزيادة ساعات العمل داخل المنافذ، فى مقابل عدم تفعيل التعاقد مع تلك الشركة.
وفى السياق نفسه أكد مصطفى أن المستخلصين الجمركيين لن يقبلوا تطبيق مثل ذلك الاتفاق والذى يسمح بتسليم المناطق اللوجيستية للدولة لشركة أجنبية تديرها، خاصة أنه فى الوقت نفسه تدير شركة «MTS » نشاط التخليص الجمركى مما يكشف عن تضارب المصالح، لافتاً إلى أن المستخلصين لم يوقفوا العمل حتى أثناء الثورة لعلمهم بمدى اعتماد سير العمل فى المنافذ الجمركية المختلفة على عملهم، وأن النقابة على استعداد للمساعدة بخبرات فى مرحلة التحكيم الدولى إذا كانت الشركة قد رفعت الأمر للتحكيم ضد الحكومة.
وقال إن أبرز المشكلات التشريعية التى تواجه المستخلصين الجمركيين تتمثل فى المنشورات التى يتم إصدارها من وقت لآخر من قبل مصلحة الجمارك، لافتا إلى أن هناك عدداً كبيراً من المنشورات المتضاربة التى تم إصدارها فى وقت سابق ولم يتم إصدار منشور آخر لتعديلها أو إلغائها، مؤكدا أن المتعاملين مع المصلحة يفاجأوا فى بعض الأحيان بوجود منشورات قديمة مازال العمل سارياً بها ويتم التعامل معها على حسب العميل.
ولفت إلى أن قيام مصلحة الجمارك بإصلاح الجانب التشريعى لا يقتصر على تعديل القانون القديم فقط، بل يتضمن أيضا ضرورة تجميع كل المنشورات الجمركية وتنقيحها والإعلان عن مراجعة المنشورات التى تم وقف التعامل بها.
وطالب مصطفى بضرورة تشكيل لجنة مشتركة من المصلحة وممثلين عن كل الجهات المتعاملة مع منظومة الجمارك تستطلع آراء مجتمع الأعمال للمشاركة فى عملية صياغة وتعديل التشريعات الجمركية.
وأضاف أن القانون القديم يعد من أفضل القوانين الجمركية فى العالم، لافتا إلى أن أغلب مشكلات القانون تتمثل فى عدم إدراج الأنشطة والمصطلحات التى تم استحداثها.
وكشف أن عدداً كبيراً من رجال الجمارك يعملون بمجال التخليص بعد سن المعاش أو خروجهم من المصلحة، وبالتالى فإن منح القانون الجديد «الذى لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن» الضبطية القانونية لرجال الجمارك يتعارض فى بعض الأحيان مع مصالح شركات التخليص، خاصة أن قاعدة البيانات التى يمتلكها العاملون بالمصلحة تجعل المنافسة غير عادلة فى حال العمل بالمجال نفسه.
وشدد على ضرورة أن يتم منح العاملين بمصلحة الجمارك فترة تصل إلى 3 سنوات مثلا كى يقوموا بمزاولة النشاط الجمركى الخاص، حتى تتسنى منافستهم فى حال عملهم بنشاط خاص به.
وأوضح نقيب مستخلصى الإسكندرية أن المجتمع الجمركى يتعامل معه عدد كبير من المندوبين فى حين لا تمثل نسبة المستخلصين المعتمدين أكثر من %20، لافتا إلى أن نسبة كبيرة من عمليات التهريب فى الميناء تأتى بسبب المتعاملين بشكل غير قانونى، فى حين أن رخصة التشغيل يتم تأجيرها فى كثير من الأحيان.
وأشار إلى أنه على الرغم من استمرار إلغاء نظام الخط الأخضر منذ سنوات بسبب الاضطرابات الأمنية فإن من الضرورى إعادة تفعيله، لافتا إلى أن %20 من المتعاملين مع الجمارك يمثلون أكبر إيراد للمصلحة خاصة أنها لا تمتلك الامكانيات والقدرة لفرز جميع الشحنات مما يتسبب فى حالات تأخر بالمنافذ الجمركية.
وأكد أن المنشورات التى أصدرتها مصلحة الجمارك مؤخرا بشأن شركات الإيداعات العامة، تساهم فى تنظيم السوق، حيث إنها تلزم أصحاب الإيداعات بزيادة الضمانات المقدمة منه والمتمثلة فى نقل البضائع الواردة بالمانفيستو تحت نظام الترانزيت، لإيداعات خارج الميناء بموجب تقديم بيان جمركى ترانزيت وطلب إرسال بالضمانات المقررة قانوناً وإنهاء المعاينة ووضع الأختام الجمركية على البضائع قبل نقلها للإيداع الخارجى عن كل بوليصة داخل الرسالة الواحدة.
وأشار إلى أن قانونية المنشور رقم 9 لسنة 2013 تلزم أصحاب الايداعات بإنهاء جميع الإجراءات الخاصة بالافراج الجمركى لكل رسالة داخل الميناء من معاينة ووضع الاختام الجمركية على البضائع مع تقديم الضمانات القانونية لكل رسالة داخل الحاوية الواحدة، لافتاً إلى أن المصلحة أصدرت المنشور رقم 10 الذى يؤكد قانونية المنشور السابق، وأوضح أن القانون لا يتضمن شريحة شركات الإيداعات العامة من الأساس، مطالبا بضرورة تقنين أوضاع تلك الشركات فى حال استمرار السماح لهم بالعمل.
ولفت إلى أن المصلحة أصدرت مؤخرا قرارات تختص بتعديلات على التعريفة الجمركية، وذلك بتحديد قواعد تطبيق القرار الجمهورى الصادر فى أبريل من العام الماضى بشأن تعديل التعريفة الجمركية، والذى أصدره الرئيس المعزول مرسى، وهو القرار الذى تأخر صدوره 9 أشهر كاملة.
وقال إن القرار جاء فى وقت غير صالح للتطبيق، مشيرا إلى أنه قام بحساب الحصيلة المتوقعة جراء تلك الزيادة والتى ستصل إلى 250 مليون جنيه فقط سنويا لمصلحة الجمارك، لكن يشاع أن مصر قامت بزيادة تعريفتها الجمركية فقط، والتى تعد خسارة أكبر من المكسب الذى سيصب فى خزينة الدولة.