Loading...

«المال» و15 عامًا من عمر الاقتصاد المصرى

محسن عادل

7:49 م, الأحد, 18 مارس 18

Loading...

لم أصدق نفسى عندما تلقيت مكالمة الصديق حازم شريف، وهو يخبرنى بأن صحيفته الشابة فكرًا ومحتوى قد مر عليها 15 عامًا منذ بداية تدشينها، مما أعادنى لعادة قديمة لدىّ، تتمثل فى احتفاظى بأرشيف ممتد للصحف الاقتصادية المصرية منذ بداية عملى بالبورصة قبل 20 عامًا تقريبًا، لأجد أمام العدد الأول فعلًا وأكرر نفس شعورى يوم أمسكته لأول مرة، لأرى فيه فكرًا جديدًا ومحتوى عميقًا ورغبة صادقة فى صياغة إعلام اقتصادى.

وأقتبس هنا كلمات لأحد أساتذتى من خبراء التحليل المالى العرب، تعبر عن رؤية تنطبق على هذه الصحيفة على مدار عمرها، قائلا: للإعلام الاقتصادى المحترف أهمية كبرى فى توعية المستثمرين بأخطار الاستثمار فى الأسواق المالية، ومساعدتهم فى اختيار أسهم الشركات القوية باعتبارها حزام أمان فى المدى الطويل، إضافة إلى حضهم على تنويع استثماراتهم فى أسواق الأسهم وعدم التركيز على أسهم شركة واحدة أو قطاع واحد، فالتنويع فى الاستثمار يؤدى عادة إلى تنويع الأخطار وتنويع العائدات.

وتلعب وسائل الإعلام المختصة والكفؤة دوراً مهماً فى حفز الشركات المساهمة العامة المدرجة فى الأسواق المالية على رفع مستوى كفاءة الإفصاح سواء لجهة الجودة أو التوقيت، إضافة إلى حض الشركات على عدالة الحصول على المعلومات لكل شرائح المستثمرين وعدم احتكارها من قبل فئة محدودة.

وغنى عن البيان أن ارتفاع مستوى ثقافة الاستثمار يؤدى إلى ارتفاع كفاءة الأسواق وانخفاض الفجوة بين الأسعار السائدة والأسعار العادلة لأسهم الشركات المدرجة.

ذلك كان دستورًا غير مكتوب لهذه الصحيفة الشابة منذ بداية عملها، مما جعلها دومًا منصة صادقة لعرض الرأى والرأى الآخر، ولتوفير بيانات ومعلومات لمستثمرى البورصة وسوق المال، ولكن مع توسع نشاطها خاصة فى الأنشطة الاقتصادية الأخرى أضافت إلى دستورها عبارة خالدة للمؤرخ الاقتصادى ألكسندر جيرتشينكرون مفادها (إن الدول التى تبدأ فى التنمية الاقتصادية حديثا، تبدأ من حيث انتهى الآخرون، وهى بذلك توفر الوقت والمال والجهد، من خلال الاستفادة من خبرات الدول المتقدمة وانجازاتها العلمية والتقنية واتباعها الخطوات نفسها التى اتخذتها هذه الدول فى المسار الصحيح)، هكذا كنت وما زلت أقرا هذه الصحيفة التى آمنت دوما بمصداقيتها وشبابها المتجدد.

لقد آمنت من متابعة مستمرة لهذه الصحيفة وما تضمنته من تحليلات وأفكار متعددة أن النموذج التنموى الذى ساد لعقود بات من مفردات الماضى على رغم تمسك البعض به، فالنموذج التضمينى والذى يؤمّن فرصاً متكافئة يشق طريقه، وتعترضه كثير من الصعوبات، ويواجه كثيراً من المقاومة من بعض أصحاب المصالح الذين يدركون أكثر من غيرهم كيف ستتضرر مصالحهم نتيجة التغيير. ولنجاح النموذج الجديد لابد من إطار سياسى اقتصادى تشريعى جامع يتميز بقاعدة اجتماعية واسعة ودرجة عالية من النزاهة وحسن التطبيق والالتزام، فالسياسات الماضية لم تكن كلها خطأ، بل إن من قاموا عليها أجروها لمصالحهم وأخرجوها من سياقها الصحيح، وهذا يعنى أن النموذج، أو المقاربة التنموية الجديدة، تقوم على ركيزتى الإصلاح الاقتصادى الحقيقى والمنظومة السياسية التى تشرف وتراقب وتضمن تحقيق النتائج، وهذا ما يجعل العملية صعبة وتحتاج إلى السرعة لتنفيذها.

إننى أؤكد لكل أصدقائى وإخوتى فى هذه الصحيفة الشابة أن الطريق لا يزال طويلاً أمامنا وأننا فى قطاع سوق المال إذا كنا نرى أن الوقت الحالى هو وقت إعادة البناء فى السوق المصرية فقد أصبح الوضع لا يصلح للتأخير فى اتخاذ خطوات متكاملة نحو بورصة أكثر إصلاحا وأكثر فاعلية، فإن ذلك لن يكون إلا من خلال دور قوى لإعلام اقتصادى متطور ومتنور وشاب حتى بعد 15 عاما، وعقبال 150 عامًا من التقدم والازدهار.

نائب رئيس البورصة المصرية

محسن عادل

محسن عادل

7:49 م, الأحد, 18 مارس 18