«المال » ترصد قصص خسائر مؤلمة لمتعاملين بالبورصة

■ التحوط أهم الدروس .. وتوقعات متحفظة لأداء سوق المال فى 2019  ■ القاعدة الذهبية: المتاجرة بفائض الأموال فقط وأجل الاستثمار لا يقل عن 12 شهرًا   منى عبدالبارى: انطلاقا من مقولة إن «التاريخ يعيد نفسه» وإن وجود تراجعات بالسوق يعنى بالتبعية تكبد فئة من المستثمرين خس

«المال » ترصد قصص خسائر مؤلمة لمتعاملين بالبورصة
جريدة المال

المال - خاص

8:37 ص, الأثنين, 28 يناير 19

التحوط أهم الدروس .. وتوقعات متحفظة لأداء سوق المال فى 2019

  القاعدة الذهبيةالمتاجرة بفائض الأموال فقط وأجل الاستثمار لا يقل عن 12 شهرًا

 

منى عبدالبارى:

انطلاقا من مقولة إن «التاريخ يعيد نفسه» وإن وجود تراجعات بالسوق يعنى بالتبعية تكبد فئة من المستثمرين خسائر .

طافت «المال» على خبراء لتجمع منهم قصصًا واقعية لمتعاملين بالبورصة المصرية خسروا %100 من أموالهم فى أوقات أزمات سابقة سيطرت فيها الخسائر .

وكان الهدف الأساسى من هذه الوقائع ما وراءها من توصيات وإرشادات أدلى بها المحللون والخبراء للحيلولة دون وقوع ضحايا جدد نتيجة هذه السيناريوهات المؤلمة .

يأتى ذلك بالإضافة إلى التأكيد على كيفية تعامل مستثمر البورصة فى 2019 مع سوق المال، فى ظل رؤية متحفظة رسمتها بنوك الاستثمار المحلية، صاحبها توقعات مؤسسات دولية بتراجع النمو الاقتصادى بالدول النامية، نتيجة التداعيات السلبية لاضطرابات الاقتصاد العالمي، والتى ستمتد لأسواق المال على اعتبارها مرآة للأوضاع الاقتصادية .

وأظهر استطلاع أجرته «المال» مؤخرا توقعات بنوك استثمار لتحركات البورصة المصرية هذا العام، لتأتى بين 15000 و18000 نقطة، وهى مستويات تظل أدنى من القمة التاريخية المحققة فى أبريل 2018 عند18400 نقطة، بسبب تضافر عدد من العوامل سيخضع لها أداء سوق المال ما بين أزمة أسواق ناشئة اندلعت فى مارس الماضي، ولم تصل لنهايتها بعد، وأسعار الفائدة، وتراجعات الأسواق العالمية .

وتتوقع مؤسسات دولية آفاقًا رمادية للاقتصاد العالمي، على رأسها البنك الدولى مرجحا ارتفاع الاقتصاد العالمى بنحو 3.1% خلال العام الحالى، ثم تراجعه تدريجيا خلال العامين التاليين، مع انحسار النمو الاقتصادى فى البلدان المتقدمة، واستقرار الانتعاش فى بلدان الأسواق الناشئة الرئيسية المصدرة للسلع الأولية .

كما خفض صندوق النقد الدولى توقعاته لمعدلات النمو للعام الجارى إلى %3.7 من %3.9 سابقا، بضغط التأثيرات السلبية للتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ومعاناة الأسواق الناشئة فى ظل أوضاع مالية أكثر صعوبة ونزوح لرؤوس الأموال .

وعود على بدء تنوعت الوقائع بين من ضارب بأمواله ونقود ذويه، طمعا فى مكاسب خيالية بعدما أغرته الأرباح التى حققها فى فترة وجيزة، من دخوله السوق، وآخرين اقترضوا أقصى حد من الشراء بالهامش لينتهى بهم الأمر بخسران مبين لأصل المحافظ بالكامل، فضلا عن المديونيات .

وهناك أيضًا من تسرع فى شراء كميات ضخمة من سهم بعينه طمعا فى مكسب من تحقيق عرض شراء كان مقدما لشركة بالسوق مؤخرا، وللأسف أدى سحب العرض فيما بعد لخسارة المستثمر بشكل كبير، ومزيد من الحكايات .

وجاءت التوصية المشتركة لجميع المحللين بتجنب بيع أصل ثابت كالعقار على سبيل المثال لاستثمارالحصيلة فى سوق المال، وعدم المضاربة بأموال المعيشة، كالمعاش الشهري، أوالراتب، وأن البورصة وعاء استثمارى طويل الأجل وليس للمكسب السريع .

كانت القصة الأولى مصدرها رانيا يعقوب، رئيس مجلس إدارة شركة «ثرى واي» لتداول الأوراق المالية، والتى كان بطلها دكتور صيدلى يمتلك صيدلية، ويعد عدته للزواج، وقالت: هذا المستثمر دخل البورصة فى توقيت كانت الأوضاع مزدهرة، وتمكن من تحقيق مكاسب خيالية وصلت إلى %30 من محفظته خلال 3 أسابيع فقط ».

أغراه ذلك لتعظيم مكاسبه فقام ببيع الصيدلية التى يمتلكها، وكذلك الشقة التى كان يعتزم الزواج بها، ووضع حصيلتهما معا، إلى جانب كامل مدخرات أخيه والتى كانت حصيلة عمله سنوات بأحد البلاد العربية بمحفظة الأسهم التى يستثمر بها، وفقا لـ«يعقوب «.

تواصل: إضافة إلى ذلك حصل على «مديونيات مرتفعة من عمليات شراء بالهامش» من شركة السمسرة، لفتح مراكز شرائية فى مجموعات من الأسهم، واتسمت تحركاته بالثقة والمعرفة، وسط استقائها لمعلومات من مصادر غير موثوقة .

«ارتفاعات قياسية شهدتها السوق، ومن ثم بدأ يعكس اتجاهه نحو الهبوط، وفى هذا التوقيت، أوصت شركة السمسرة هذا العميل بخفض مراكز الشراء الهامشي، إلا أنه تمسك برأيه إلى أن انهارت محفظته تماما وتبخرت أمواله، بل تراكمت عليه المديونيات بصورة متسارعة فى جلسات معدودة، وعاد مجددا للعمل كمندوب بإحدى شركات الأدوية«، وفقا لـ«يعقوب ».

وأوضحت يعقوب أن خسارة هذا المستثمر نجمت عن ارتكاب عدد من الأخطاء أشهرها «وضع البيض فى سلة واحدة«، فى إشارة إلى وضع جميع مدخراته، والمضاربة بها فى وعاء استثمارى يتسم بمعدلات المخاطرة المرتفعة، ما يخالف قواعد الاستثمار السليمة والتى تتطلب تنويع الأوعية الاستثمارية، كما أنه اعتمد على معلومات غير موثوقة المصدر .

فيما قال عامر عبدالقادر، رئيس قطاع السمسرة للتطوير بشركة بايونيرز إن مستثمر البورصة يضع نفسه فى خطر كبير فى حالة اتخاذ قرار بدخول السوق دون علم واعتمادا على تجارب آخرين حققوا مكاسب، خاصة إن كان محدود الدخل، ويضارب بأصل رأسماله .

ويسرد عبدالقادر واقعة حدثت مع سائق تاكسي، إبان اكتتاب المصرية للاتصالات، والذى كان يوصف بأنه الأضخم فى تاريخ البورصة، إذ باع السائق سيارته التى يتحصل على قوت يومه ورزق أولاده من العمل عليها، وعقب الطرح بأيام تراجع السهم بقوة ما كلفه خسارة أمواله كافة، وعاد للعمل على السيارات المملوكة للغير .

وأشار عبدالقادر إلى أن دخول هذا المستثمر للسوق جاء بعد تداول روايات أمامه  من مستثمرين سابقين بالسوق، حول المكاسب التى حققوها من الاستثمار فى البورصة عند اكتتاب أموك وسيدى كرير، ولم يكن لديه أى خبرة، أو معرفة بالأمر من قريب أو من بعيد .

وطرح عبدالقادر حزمة من التوصيات بناء على هذه الحالة، أبرزها أن الاستثمار بالبورصة يكن بفوائض الأموال فقط، والتى لن يحتاجها المستثمر خلال فترة تتراوح بين 12 و18 شهرًا على أدنى تقدير، وأن يكون العائد الاستثمارى على أمواله بسوق المال أعلى من الاستثمار فى الودائع البنكية، وهو ما يعد دليلا قويا على نجاح الاستثمار .

أيضا يجب على المستثمر وضع حد للخسائر التى يمكنه احتمالها، ومراعاة عامل التوقيت عند اتخاذ قرار حاسم بوقف الخسائر، وعدم الاعتماد كليا على الشراء بالهامش، وفقا لعبدالقادر .

ويؤكد أنه على المستثمر القيام بدور مهم يتمثل فى دراسة ملف الشركة جيدا، ومركزها المالي، وحجم أصولها، وتوزيعات الأرباح وإن لم يكن لديه أى استعداد لذلك نوصيه بتوظيف استثماراته فى أحد صناديق الاستثمار المُدارة بواسطة مديرين محترفين ما يؤمن له تحقيق مكاسب، بجانب استخدام الشراء بالهامش بحذر شديد، وألا يتجاوز %30 من إجمالى المحفظة كحد أقصى .

وقال العضو المنتدب لإحدى شركات السمسرة العاملة بالسوق والذى فضل عدم نشر اسمه، إن أحد العملاء لديه بدأ استثماره فى السوق بمحفظة قيمتها مليون جنيه، ارتفعت إلى 1.5 مليون جنيه خلال شهر واحد، وهنا استقال من عمله للتفرغ لاستثمار أمواله، واصلت محفظته النمو حتى وصلت إلى 4 ملايين جنيه فى  أشهر قليلة .

وأضاف: «عند هذا المستوى بدأت الخسائر لتتقلص محفظته مجددا بالتدريج، وهو يرفض وقف الخسائر أو الخروج من السوق، حتى وصلت إلى 100 ألف جنيه فقط ».

وكان تعليق راوى الواقعة: «بأن البورصة ليست مغارة على بابا، وارتفاع قيمة المحفظة بشكل سريع يمثل مخاطرة جنونية، ويجب على المستثمر عند تحقيق مكاسب تصل إلى %5 من إجمالى محفظته خلال أسبوعين الاتجاه لجنى الأرباح، لحين اتضاح فرصة استثمارية أخرى وألا يغتر بنمو مكسبه ».

وقال أحد مديرى التداول ببنك استثمار بالسوق المحلية فضل عدم نشر اسمه، إن المستثمر الذى دخل السوق قبل الأزمة المالية عام 2008 بوقت ليس طويلا كانت فيه السوق مزدهرة بمحفظة قيمتها 500 ألف جنيه، وصلت مكاسبه عليها إلى %80 خلال عام واحد، ما أيقظ روح المغامرة وحب المكسب بداخله فاقترض بالهامش بما قيمته %100 من محفظته، لتصبح قيمة استثماراته 1.8 مليون جنيه .

وأشار إلى أنه مع اندلاع الأزمة المالية لم تصمد محفظة العميل طويلا وخسرها فى وقت قياسى فى ظل التراجعات المتسارعة التى ألمت بالسوق آنذاك، فضلا عن تحمله مديونيات اقتراضه للشراء بالهامش .

وأكد مدير التداول أن هناك عددا من التوصيات كان يجب على هذا المستثمر الالتزام بها، أبرزها استبعاد المكسب من أصل المبلغ، تحسبا لأى أزمات أو سقطات بالسوق، واحترام نقاط إيقاف الخسائر، وعند وصول الخسارة إلى %10 من المحفظة خلال 3 أشهر، يستلزم بيع الأسهم الخاسرة مهما كانت نسبة خسارة السهم .

وأوضح أن عند سيطرة الاوضاع السيئة على السوق خلال 3 أشهر، فإن ذلك يعنى سيناريوهين إما ضبابية وعدم وضوح للرؤية الأشهر الثلاثة التالية، وإما مزيد من الخسائر، وبالتالى يجب على المستثمر التحفظ فى تحركاته لحين تحسن وضع السوق والدخول لتكوين مراكز شرائية جديدة مع استقرار الأوضاع، فى أسهم تشير التوقعات لربحيتها .

وقال عادل عبدالفتاح رئيس الشركة المصرية العربية «ثمار» لتداول الأوراق المالية إن الشراء بالهامش يمثل تهديدا كبيرا لمحفظة العميل، وهو ما واجهه بالفعل مع أحد مستثمرى شركته والذى حاول مساومته للحصول على رصيد شراء بالهامش بشكل غير قانونى بـنسبة تصل إلى %300 من المحفظة .

وواصل: دفعه رفضُنا إلى الاتجاه لشركة أخرى نفذت له طلبه، ولكنه سرعان ما خسر %90 من محفظته خلال أشهر قليلة، ومن هنا فإن القاعدة الاساسية للمستثمر هى احترام نقاط إيقاف الخسائر والخروج حينها من السوق مهما كانت المغريات، وأيضا الاستثمار فى سهم قوي، وأدائه المالى والتوقعات الخاصة به متفاءلة، والاستثمار بجزء يتراوح بين 50 و %70 من فوائض الأموال فقط، وتجنب استخدام الأموال اللازمة للمعيشة كالراتب الشهرى على سبيل المثال .

وكانت الحالة الثانية التى طرحها عبدالفتاح عن مستثمر اتجه للاقتراض الهامشى بأقصى نسبة متاحة من محفظته لشراء كمية كبيرة من سهم لشركة كان مقدما لها عرض شراء على نسبة كبيرة من أسهمها، ومن ثم تم سحب العرض، ما كبد المسثتمر خسائر ضخمة .

جدير بالذكر أن البورصة المصرية أنهت عامها 2018 بتراجع بسط سيطرته على رأس المال السوق، والمؤشرات، ومشتريات المستثمرين الأجانب، تأثرا بأوضاع الاقتصاد العالمي، والحروب التجارية المندلعة بين عدد من الدول، وأزمة الأسواق الناشئة، وخسر مؤشر السوق الرئيسي  egx30  ما نسبته % 13.2 مقارنة بالعام 2017، وتراجع مؤشر  egx50 بنسبة %16.3 .

وتراجعت القطاعات بشكل جماعى باستثناء 3 فقط هى السياحة والترفيه صاعدًا %26 تلاه الخدمات والمنتجات الصناعية والسيارات بارتفاع %15.3 والخدمات المالية باستثناء البنوك بارتفاع %3.6 وفى المقابل تراجع باقى المؤشرات القطاعية، وكان أقلها انخفاضا قطاع البنوك بنسبة %5.1 بينما كان الاتصالات الاكثر خسارة بتراجع %38.8 .

و تراجعت مشتريات الأجانب بنحو 4 مليارات جنيه، إلى 5.73 مليار، مقابل 9.55 مليار فى 2017، وهو ما أرجعه رئيس البورصة إلى اضطرابات الاقتصاد العالمي .

جريدة المال

المال - خاص

8:37 ص, الأثنين, 28 يناير 19