19 وقفاً فى جزيرة «ثاسوس».. و3 فى «كفالا».. النتيجة الأولية للحصر
مصر البلد العربية الوحيدة التى تمتلك أصولاً تاريخية فى أوروبا
الإيجار الشهرى لقصرى «محمد على» و«إيماريت» لا يتجاوز 3 آلاف يورو لمدة 50 عاماً!
انخفاض القيمة الإيجارية للممتلكات يرجع إلى إهمال عمليات الترميم والتطوير منذ عقود
«أثينا» طلبت إرسال وفد من الأزهر لتعليم الدين واللغة لـ120 ألف مسلم بالقرب من الحدود التركية
ولاء البرى
تعود الحكاية إلى بدايات القرن التاسع عشر، حين لجأ السلطان العثمانى سليم الثالث عام 1807 إلى والى مصر محمد على باشا طلبا للمساعدة فى التخلص من الأسرة الوهابية التى سيطرت على أنحاء واسعة من شبه الجزيرة العربية ( السعودية)، آنذاك بعد فشل ولاة بغداد ودمشق فى ذلك، لتتحرك حملة عسكرية مصرية بقيادة طوسون إبن محمد على للقضاء على الوهابيين، وتتواصل الحملة بقيادة الأبن الثانى إبراهيم باشا حتى تقضى تماما على الأسرة الوهابية عام 1818 وتنجح فى اعتقال الأمير عبد الله بن عبد الوهاب وإرساله إلى الأستانة، عاصمة الدولة العثمانية، ليطلب محمد على باشا من السلطان العثمانى هدايا فى صورة أملاك فى اليونان مكافأة له.
وحسبما اشار بيان وزارة الاوقاف فان مصر تمتلك عدة اراضى ومبانى فى مدن وجزر يونانية «جزيرة تشيوس وثاسوس ومدينة كافالا»، حيث ولد محمد على باشا فى كافالا اليونانية عام 1769.
وفى أواخر سبتمبر الماضى، توجه وفد برئاسة أحمد عطية أبو الوفا رئيس الإدارة المركزية للشئون الاقتصادية بهيئة الأوقاف، إلى اليونان لبحث كل ما يتعلق بأملاك مصر هناك، من حيث الجوانب القانونية والفرص الاستثمارية، أو الترميم، وشارك فى الوفد ممثل هيئة التنمية السياحية، ووزارة الأثار، وأستاذ لغة يونانية، وممقل لهيئتى الرقابة الإدارية والأمن القومى، وكذلك وزارة الانتاج الحربى، إضافة إلى الباحثة بجامعة القاهرة الدكتور منال متولى، التى حاورتها «المـال» للتعرف عن طبيعة الاملاك المصرية فى اليونان، وموقفها الحالى.
تقول متولى، أنها أعدت بحثا تطوعيا عن الاملاك المصرية فى الخارج، وباليونان على وجه الخصوص، بالاشتراك مع عاليا الصيرفى زوجة الوزير المفوض فى أثينا طارق دحروج، وتحت إشرافه إستغرق منها قرابة العام، وانتهى إلى أن مصر البلد العربية الإسلامية الوحيدة على مستوى العالم التى يتبعها املاكا فى أوروبا.
تشير متولى إلى أنها تقدمت ببحثها إلى رئاسة الجمهورية التى كلفت مستشار الرئيس لشئون المشروعات الكبرى، المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، لمتابعة هذا الملف، لتتحرك وزارة الاوقاف بعد ذلك لحصر الأملاك وبحث كيفية استغلالها.
أشارت متولى إلى أن الزيارة الأولى للوفد الذى شكلته «الاوقاف» اقتصرت على حصر الأملاك داخل منطقتين فقط باليونان،مدينة «كفالا» – مسقط رأس محمد على باشا- التى تحتوى على 3 وقف اثنين من المبانى الأثريه وهما «قصر محمد علي» و«قصر الإيماريت» ومنزل صغير مبنى على قطعه ارض بمساحة 400 متر، والثانيه هى جزيرة ثاسوس وتضم 19 وقفاً عبارة عن عدة قطع من الأراضى ومزارع للزيتون ومطعمين ومقهى وبيت آيل للسقوط يدعى «الغمنيسيوم» كان من المفترض أن تقوم الحكومه اليونانيه بسحبه من مصر فى حال تهدمه.
تقول متولى أنها رفعت العلم المصرى «الإيماريت» الذى تستأجره سيده يونانيه، تدعى أنا ميسيريان لإثبات الهوية المصريه له، كما انها تستأجر قصر محمد على، المُستغل حاليا كمتحف وقد جرى توقيع عقد إيجارهما مع منذ عام 1997 ولمدة 50 عام، بقيمه 3000 يورو شهريا فقط.
وعلى الرغم من اعتراف متولى بأن المقابل الماضى لإيجار تلك الممتلكات يعد بخسا، بالنظر إلى مكانتهما التاريخية، فضلا عن المساحة، إلا انها تشير إلى ان السيدة اليونانية أنفقت نحو 10 ملايين يورو لترميم القصران وضمهمها ليصبحا صرحا تاريخيا واحدا، وعلى هذا الأساس سمحت «الاوقاف» بالإيجار لتلك الفترة الطويلة، والمقابل القليل.
وتكشف عملية تأجير قصرى «محمد علي» و«الإيماريت» إلى مدى إهمال أنظمة الحكم المتعاقبة فى مصر لأعمال الترميم والتطوير لتلك الممتلكات، ولو من باب المحافظة على التراث فقط.
تؤكد متولى ان كافة العقود الإيجارية التى وقعتها الحكومة المصرية وتخص ممتلكاتها فى اليونان كانت تشترط على المستأجر القيام بأعمال الترميم والتطوير، وتشير إلى أن هناك مفاوضات تجريها وزارة الأوقاف مع مستأجرة قصرى «محمد على والإيماريت» لرفع المقابل الإيجارى.
تشير متولى إلى ان الزيارة إلى اليونان شهدت تفاوض الوفد المصرى مع المستأجرة على ما يتعلق بالبعد الثقافى للأصول التى تديرها، عبر إقامة دورات علمية لإثبات الهوية المصرية لتلك الأصول، حيث قامت السيدة اليونانية بتحويل قصر محمد على إلى مركز للدراسات الإسلامية فضلا عن كونه متحفا، وتم الاتفاق على عمل نادى ثقافى لتعليم اللغة العربية.
تشدد متولى على أن الاهتمام بالبعد الثقافى فى تلك الممتلكات هو العائد الأهم من استغلالها، لافتة إلى ان التواجد المصرى فى أوروبا عبر تلك الممتلكات قد يساهم فى تحسين روابط التواصل بين الثقافة الإسلامية الشرقية ونظيرتها الاوروبية، ما قد يرفع كذلك من القيمة المادية لتلك الممتلكات.
ووجهت متولى دعوة للوزارات المعنيه كالثقافة والسياحة والأثار بالأهتمام بذلك الأمر وعمل حملات اعلاميه ترويجيه له بمشاركة وسائل الإعلام.
وأضافت متولى ان الوزير المفوض طارق دحروج قام بعمل لقاء مع عمده كافالا، التى وعدت الوفد المصرى بفتح جناح خاص دائم لمكتبة الأسكندرية فى الأحتفال السنوى للمدينه على ان يتميز هذا الجناح بالطابع الحضارى الفرعونى، وذلك بدايه من يوليو القادم وبذلك يكون الطابع الثقافى المصرى له حضور دائم.
وأكدت متولى أن الوفد حرص خلال الزيارة الأولى بالعمل على حصر الممتلكات وإزالة كل التعديات على الوقفيه المصريه، لبحث افضل سبل استثمار للأملاك المصرية باليونان بما يعود بالنفع على الأقتصاد المصرى وعلى الأوقاف، وقامت سفارة مصر باليونان بانتداب مكتب تثمين وتقدير لتقييم العقود الإيجارية بالقيمه السوقية الحالية.
وتحتوى مدينة «كافالا» على 3 وقف، اثنين تستأجرهم أنا ميسيريان، ويتبقى منزل صغير مبنى على قطعه ارض بمساحة 400 متر يستأجره مواطن فرنسى منذ سنوات، ونجح الوفد فى عمل تسوية مالية معه على أساسها تم إبرام عقد إيجار جديد للمبنى لمدة عامين، مقابل 200 يورو شهريا،بزيادة %5 كل عام، بناءا على القيمة التى حددها مكتب التقييم اليونانى، مستندا إلى أن دولة اليونان تعانى من ظروف اقتصادية صعبة وتشهد تدنى فى أسعار العقارات.
وأوضحت متولى أن تلك الزيارة هى الأولى وسوف تعقبها زيارات دورية كل شهر، إلا أنهم حققوا العديد من الأنجازات على الصعيد السياسى والثقافى والعلمى واستثمارى أيضاً، والذى قد يدر المليارات على الدولة فى المستقبل.
وبالنسبة للممتلكات فى جزيرة «ثاسوس»، تقول متولى أنه تم إبرام عقود جديدة لمطعم واحد من أصل مطعميين مملوكين للأوقاف بالجزيرة، قيمه العقد 1600 يورو شهريا بدلا من 900 يورو بزياده سنويه %7 لمدة 3 سنوات.
أما المطعم الثانى رفض المستأجر القيمه التى تم تحديدها وبالتالى اتخذ الوفد الأجراءات القانونيه وتم تحرير محضر واتخاذ الأجراءات القضائية المناسبة، ومن الأملاك ايضا مقهي كانت القيمه الإيجارية له 250 يورو شهريا فقط تم تعديل العقد لتصبح 750 يورو بزيادة سنوية %5 لمدة عامين بناءا على مكتب التتمين على ان يلتزم المستأجران بتجديد المبنى والحفاظ عليه.
تلفت متولى الانتباه إلى أن مهمة الوفد لم تكن تقتصر على زيادة قيمة إيجارات تلك الاملاك فقط، وإنما عمل حصر لها وإزالة ما تشهده من تعديات، وتضيف أن من بين تلك الاملاك اماكن استراتيجية، مثل مجمع الزيتون فى «ثاسوس»، عبارة عن قطعه ارض بمساحة 12 ألف متر تضم 4 مبانى معتدى عليهم بالفعل وهناك أحد الأشخاص يقيم فى إحداها والآخر قام بفتح مطعم.
وقد تم تحرير محضر بواقعه الأستيلاء على الأراضى والمبانى التى تحتويها، وسوف يتم عمل سور وتعيين افراد أمن، وعلى التوازى قام ممثل هيئة تنشيط السياحة بتصوير الموقع لعرضه على المستثمرين المصريين لبحث إقامة مشروع سياحى، وهناك عرض أخر من ممثل وزارة الانتاج الحربى، لعمل فندق، وعرض ثالث من مستثمر يونانى يتكفل هو ببناء فندق ودفع إيجار سنوي60 ألف يورو وطالبه الوفد برفع القيمه إلى 90 ألف، بمدة انتفاع 10 سنوات يقوم بعدها بالتنازل عن الفندق لوزارة الأوقاف، وتقوم الوزارة الأن بدراسة العروض الثلاثة.
وأكدت متولى انه اثناء الزيارة لنائب عمدة جزيرة «ثاسوس» قام الوفد برفع التعدى على قطع الأراضى المصريه هناك مع التأكيد على اتخاذ الأجراءات الكامله لإزالة المتبقى منها، وهناك قطعة ارض قام عمدة القرية ببناء جراج خاص بالسيارات عليها، وبالتالى تم إبرام اتفاق معه وهو إما دفع قيمة إيجارية سوقية عادله أو أستبدال الأرض بقطعه اخرى موازيه لها بنفس المواصفات بمكان أخر.
وحسب متولى، هناك قطع اراضى تقع على جبال وبالتالى لابد من دراسة شامله لها للأستفادة منها، وتقديم افضل الأقتراحات لها وهو ما سيكون له الفضل الأكبر من الناحيه المادية على مصر، لأن موقع الممتلكات استراتيجى جدا،بعضها تم طرح عدة افكار لأستثمارهم، بالإضافة إلى المبنى المتهدم «الغمنيسيوم» تم الأتفاق على ترميمه لأقامة مركز ثقافى مصرى كى لا يتم سحبه من قبل السلطات اليونانية.
وعن الأستفادة العلمية اكدت متولى انهم قاموا بعمل بروتكول تعاون مع إحدى الجامعات فى «كافالا» وربطها بالجامعات المصريه لتدريب الطلبه داخل معامل البترول هناك خاصة وانها كمهندسة بترول تعرف جيدا قيمه هذه المعامل والتى وصفتها بالمتطورة ولكن ينقصها العقول، مشيرة إلى ان العقول المصرية إذا اتيحت لها استخدام تلك المعامل المتطورة سوف يكون لها ناتج قومى كبير فى مجال البحث العلمى وسوف يحصل الطالب المصرى المدرب على درجة الماجستير من جامعة «مقدونيا».
وتابعت: هناك اقليم يسمى ترقيا به 120 ألف مسلم بمدينتى «اكسنتيا» و«كوماتيني» على الحدود مع تركيا وطالبت الحكومه اليونانية من نظيرتها المصرية إرسال وفد من الأزهر لتعليم الدين الإسلامى الوسطى واللغه العربية وهذا له بعد ثقافى آخر يعطى قوة سياسية لمصر عن أى دولة اخرى تحاول منافستها فى تلك المنطقة.
حتى وقت قريب لم يكن قطاع واسع من المصريين على دراية بوجود أملاك تؤول إلى وزارة الأوقاف المصرية فى أوروبا، حتى نشرت إحدى الصحف اليونانية فى أغسطس الماضى خبرا مغلوطا يشير إلى تنازل مصر عن جزيرة مملوكة لها تدعى «تشيوس» فى ضوء المفاوضات التى تجريها مصر لترسيم الحدود البحرية مع اليونان.
ونفت وزارة الاوقاف فى بيان رسمى أن تكون الجزيرة اليونانية ملكا لمصر، غير أنها كشفت عن أملاك أخرى تعود للدولة المصرية منذ عهد محمد على باشا، داخل عدة مقاطعات يونانية.
كافالا: (بالإنجليزية:Kavala)، مدينة يونانية تقع فى شمال البلاد ضمن منطقة مقدونيا الشرقية وتراقيا الإدارية، وهى مركز مقاطعة تحمل نفس اسمها ضمن هذه المنطقة الإدارية.
تقع على الساحل الشمالى لبحر إيجة على رأس خليج كافالا، ترتفع المدينة من مستوى سطح البحر حتى قمم تلال (ماندرا كارى). تعتبر المرفأ البحرى الأول لمقدونيا الشرقية، إلى الجنوب منها تقع جزيرة ثاسوس على بعد 20 كيلومتر.
يبلغ عدد سكانهت حوالى 65 ألف نسمة، وهى مدينه زراعيه
● قلعة كافالا : وتقع ضمن بروز صخرى مرتفع داخل البحر إلى الشرق من الميناء، وهى محاطة بأسوار بيزنطية تم تجديدها فى القرن السادس عشر.
● مبنى قصر «الإيماريت» (Imaret): ويعرف أيضاَ ب(تنبل خانه) (Tembel Hane) ويعنى (بيت الرجل الكسول) وهى مدرسة كان أعضاؤها معفيون من الخدمة العسكرية.
● منزل محمد على باشا: وهو على الطراز العثمانى بنى عام 1720 م. بجانب قصر «الإيماريت»، يوجد تمثال ضخم لمحمد على اعتاد السياح زيارته.
● قناطر جر المياه: وهى من المعالم البارزة للمدينة تم بناءها على يد سليمان القانونى عام 1550 م. لجر المياه للقلعة.
● مخازن التبغ: وعددها 200 مبنية على الطراز المعمارى النيوكلاسيكى-العثمانى، تم ترميمها ويتم استخدامها كمطاعم ومقاهى ونوادى ليلية.
● المتحف الأركيولوجى: يحتوى على لقى أثرية من كافالا والمناطق المجاورة تعود للعصر النيوليتى وحتى الفترة العثمانية، ومن أهمها: -فسيفساء لدلافين تعود للفترة الهلنستية، – قبر مقدونى من أمفيبوليس، -مجموعة منحوتات تعود للقرن الخامس قبل الميلاد.
ثاسوس: هى جزيرة تتبع مقاطعة كافالا فى إقليم مقدونيا الشرقية وتراقيا فى اليونان. يبلغ عدد سكان الجزيرة حوالى 13،765 نسمة.
وأبرز الانشطة الاقتصادية فى الجزيرة هى السياحة إضافة إلى الزراعة وإنتاج العسل وزيت الزيتون وتربية المواشى وإنتاج الخشب بالإضافة إلى إنتاج الزنك والرصاص والحديد.
علاوة على مناجم الذهب التى تشتهر بها الجزيرة منذ القدم وحتى اليوم والرخام الأبيض الذى يصدر إلى جميع أنحاء العالم حيث أنه من أشهر أنواع الرخام فى العالم من إنتاج الجزيرة فسُمى باسمها.