
أثارت قواعد القيد الجديدة التى طرحتها الهيئة العامة للرقابة المالية للنقاش المجتمعى، خلال الأسبوع الماضى، ردود أفعال متباينة بين خبراء سوق المال، ففى حين رأى أغلب الخبراء أنها تحقق التوازن بين التيسير على الشركات وتنشيط السوق، وبين ضمان حماية المساهمين، رأى البعض أن تحديد عدد المساهمين فى الاكتتاب بـ300 مساهم قد يشكل عقبة حال ارتفاع القيمة الدفترية للأسهم المطروحة.
وطالب الخبراء بضرورة الاهتمام بتطوير بورصة النيل، أو خلق سوق بديلة تضم الشركات التى لا تتوافق مع قواعد القيد الجديدة، مطالبين بمد المهلة التى منحتها الهيئة للتوافق، وهى عام واحد، أو تسهيل إجراءات الحصول على الموافقات الحكومية.
وتنص قواعد القيد المقترحة والمطروحة للنقاش، خلال الفترة الراهنة، على أنه فى حال قيد أسهم الشركة يتم تقديم تعهد بألا تقل نسبة احتفاظ كل مساهم رئيسى بالشركة عن %65 من الأسهم المملوكة له فى رأسمالها حال توافرها، بينما يتم استكمال النسبة من مساهمات أعضاء مجلس الإدارة ومؤسسى الشركة بنفس نسب احتفاظ المؤسسين الرئيسيين، إذا كانت أقل، وذلك لمدة لا تقل عن سنتين ماليتين من تاريخ الطرح بالبورصة.
وكانت قواعد القيد تنص سابقاً على ألا تقل نسبة احتفاظ المساهمين الرئيسيين بالشركة عن %25 من أسهم رأسمالها المصدر لمدة سنتين ماليتين من تاريخ تنفيذ الطرح أو تاريخ القيد.
فيما نصت قواعد القيد المقترحة على ألا يقل عدد المساهمين عن 300 مساهم، وألا تزيد نسبة الأسهم المملوكة لأى منهم على واحد فى الألف من إجمالى أسهم رأس المال المصدر، ولا تقل عما قيمته الدفترية خمسة آلاف جنيه، وذلك مقارنة بـ500 مساهم فى القواعد السابقة بحد أقصى %1 لكل منهم.
وأبقى مشروع قواعد القيد على شرط طرح %10 من أسهم الشركة، منها %5 للتداول الحر، مع إضافة نص ب أو «أسهم قيمتها الدفترية 10 ملايين جنيه أيهما أكثر»، على ألا يقل عدد الأسهم المصدرة المطلوب قيدها عن 5 ملايين سهم.
كما أبقت القواعد المطروحة للنقاش على شرط تقديم الشركة القوائم المالية لسنة مالية كاملة سابقة على طلب القيد، على ألا تقل نسبة صافى الربح، قبل خصم الضرائب عن آخر سنة مالية سابقة على طلب القيد، عن %5 من رأس المال المدفوع المطلوب قيده.
وترصد «المال» فى عددها اليوم آراء خبراء سوق المال حول قواعد القيد الجديدة، على أن تستكملها غدا الثلاثاء حول بقية التعديلات المقترحة.
فى البداية قال أيمن حامد، العضو المنتدب لشركة النعيم لتداول الأوراق المالية، إن طرح قواعد القيد للنقاش مع خبراء السوق قبل إقرارها أمر جيد لتنشيط وجذب كيانات جديدة، وتلافى الاعتراضات على القرارات بعد صدورها.
وأوضح حامد أن إلزام المساهمين الرئيسيين بتجميد %65من أسهمهم لمدة عامين بعد الطرح، يهدف الى زيادة ثقة المستثمرين، وضمان جدية الملاك فى استكمال المشروعات والخطط التنموية وعدم التخارج المفاجئ.
واعتبر أن استقطاب 300 مساهم جديد فى عملية الطرح الخاص أمر سهل، وتستطيع الشركة التى تدير عملية الطرح توفيره للشركات الجديدة، لافتاً إلى أن ذلك يهدف لضمان عدم التلاعب أو المضاربة على الأسهم بعد بدء التداول عليها.
وأشار إلى أن تخارج الكيانات الكبرى وانخفاض حجم الطروحات الأخيرة بالسوق، وعدم اهتمام صناديق الاستثمار المحلية والأجنبية بالاكتتاب فيها، دفعت «الرقابة المالية» لوضع بند خاص لتحديد الحد الأدنى لقيمة الطروحات ليصل إلى 10 ملايين جنيه كقيمة دفترية، أو قيد 5 ملايين سهم.
ودعا حامد إدارتى الرقابة المالية والبورصة إلى الاهتمام ببورصة النيل خلال الفترة المقبلة، لأنها البوابة الخلفية لسوق الداخل، ويمكن توجيه الأوراق المالية غير المستوفاة شروط القيد بتلك السوق إليها، وهو الأمر الذى سيؤدى إلى إنعاش التداولات بها.
وأكد العضو المنتدب لشركة النعيم، أن منح الشركات المقيدة مهلة سنة واحدة للتوافق مع القواعد الجديدة بالبورصة أمر صعب فى ظل طول فترة الإجراءات المتبعة عند اتخاذ قرار معين من الدعوة لجمعية عمومية، أو الحصول على موافقة جهات حكومية ورقابية، مقترحاً اتجاه «الرقابة المالية» لإلزام الشركات غير المتوافقة خلال سنة، بالتعاقد مع مستشار مالى مستقل لإصدار تقارير دورية عن حجم العمل وطبيعة المشروعات المستقبلية، لحين التوافق التام مع القواعد.
وأشاد حامد باستمرار تعريف المساهم الرئيسى، لتعزيز الشفافية بتعاملات البورصة، إلا أنه اعترف بصعوبة السيطرة على تلك التعديلات بعد تطبيقها فى السوق، مشيراً إلى وجود بعض القوانين التى لا يمكنها إغلاق كل الثغرات.
من جانبه رحب شوكت المراغى، العضو المنتدب لشركة اتش سى لتداول الأوراق المالية، ببعض التعديلات الأخيرة، مؤكداً أهمية التعديل الخاص بتجميد %65 من أسهم المساهمين الرئيسيين لمدة سنتين بعد الطرح، لأنه يزيد من ثقة المستثمرين لشراء الأسهم ويحد من تخوفات تخارج المساهمين الرئيسيين.
وأشار المراغى إلى أن الرغبة فى زيادة السيولة المصاحبة للطروحات الجديدة، هى الدافع الرئيسى لوضع حد أدنى لأسهم التداول الحر بألا تقل عن 5 ملايين سهم أو ألا تقل القيمة الدفترية للأسهم المقيدة عن 10 ملايين سهم، معتبراً ذلك محاولة لإزالة تبعات الطروحات الأخيرة والتى لم تستفد منها السوق بشكل كبير.
ورأى أن اشتراط وجود 300 مساهم جديد عند تنفيذ الطرح بالبورصة كاف، مضيفاً أنه يضمن توسيع قاعدة الملكية وتقليل عمليات المضاربة، وهو ما يتخوف منه صغار المساهمين.
وأشار العضو المنتدب لشركة إتش سى، إلى أن وضع مهلة للشركات المقيدة بسنة واحدة فترة كافية للتوافق مع القواعد الجديدة، ولكنه اشترط أن تعمل الرقابة المالية مع الوزارات المسئولة والأجهزة الرقابية الحكومية على تسهيل موافقاتها اللازمة لعدد من الشركات المقيدة، فى سبيل الإسراع للتوافق مع التعديلات.
على صعيد متصل، قال عمرو القاضى، خبير الاستثمار المباشر، إن قواعد القيد التى أصدرتها الهيئة خففت بعض الإجراءات عن كاهل الشركات، كما أنها فرضت بعض البنود التى تضمن حماية المستثمرين.
وأشار القاضى إلى أن إلزام المساهمين الرئيسيين بالاحتفاظ بـ%65 من أسهمهم لعامين، لن تكون له آثار سلبية عليهم، خاصة أن المستثمر الاستراتيجى هو من يجذب المساهمين للشركة، ومن الصعب استمرارهم فيها حال تخارجه.
وأضاف القاضى أن اشتراط ألا تقل القيمة الدفترية للأسهم المطروحة عن 10 ملايين جنيه، أو %5 من أسهم الشركة أيهما أكثر، يضمن زيادة نسبة التداول الحر، ويمنح المستثمرين حرية البيع والشراء دون تأثر السهم بشكل كبير.
فى السياق نفسه، قال محمد بدوى، مدير الاستثمار بشركة الأهلى للتنمية والاستثمار، إن الآلية الجديدة لإصدار القوانين بسوق المال عبر طرحها للنقاش مع الخبراء، أمر إيجابى للترويج للسوق المحلية، كما أنه يقلل الاعتراضات على القوانين التى تصدر من الهيئة.
وأشاد بدوى بتوقيت طرح التعديلات على قواعد القيد فى البورصة، معتبراً أنه الأكثر مثالية فى ظل بوادر الاستقرار السياسى والاقتصادى فى البلاد، بالتزامن مع الموجة الصعودية فى مؤشرات البورصة بشكل يزيد من قدرة تلك التعديلات على زيادة تنشيط سوق المال.
وأضاف أن إجبار المساهمين الرئيسيين على الاحتفاظ بـ%65 من أسهمهم لمدة سنتين، يهدف لضمان التزام الإدارة واستكمال الخطط التنموية وعدم التخارج المفاجئ لكبار الملاك خلال فترة قصيرة من القيد، وهو ما يهدد المشروعات القائمة، مشيرا الى أن عدم وجود صانع للسوق أجبر الرقابة على إصدار تلك التعديلات.
وأكد بدوى أن الحصول على 300 مساهم جديد فى الشركات عند الطرح الأولى، لا يعرقل نجاح الطروحات الخاصة، معتبرا أن الهدف من ذلك يرجع الى توسيع قاعدة ملكية الأسهم حرة التداول بشكل يقلص من احتمالية المضاربة على الأسهم بعد قيدها بفترة قصيرة.
وأشار الى أن زيادة البنود الخاصة بعملية طروحات الشركات الجديدة، عبر تحديد القيمة الدفترية لأسهم التداول الحر بألا تقل عن 10 ملايين جنيه أو %5 من أسهم الشركة، تهدف لزيادة فاعلية الطروحات الجديدة والتأكيد على أن البورصة تهدف الى ادراج أوراق مالية قوية تضمن استقطاب اهتمام صناديق الاستثمار فى محاولة لتعويض التخارجات العديدة لعدد من الأسهم القيادية خلال الأعوام الأخيرة.
وتطرق الى أهمية خلق سوق بديلة وموازية للسوق الرئيسية، خلال الفترة المقبلة، وأبرزها بورصة النيل للعمل على استقطاب اهتمام الأوراق المالية التى لا تستوفى شروط القيد بالسوق الرئيسية، خاصة مع رغبة عدد من الشركات المحلية للقيد بالبورصة، وهو ما يزيد أهمية خلق سوق موازية وبديلة تناسب تلك الشركات دون إلزامها بالشروط الجديدة فى داخل المقصورة.
وأوضح أن الاستناد للقوائم المالية لسنة سابقة عن طلب القيد قد لا يكون كفيلا للتعبير عن الملاءة المالية للشركة، وهو ما يقدم مؤشرا غير حقيقى عن مستقبل الأعمال.
ورأى أن منح الشركات المقيدة مدة سنة واحدة للتوافق مع القواعد غير كاف على الاطلاق، فى ظل حاجة الشركات لفترات طويلة لتمرير قرارات معينة، مشددا على أهمية تفعيل بورصة النيل كبديل مناسب للأوراق المالية غير المتوافقة مع شروط داخل المقصورة بدلا من الاتجاه للشطب أو فرض الغرامات.
وأوضح مدير الاستثمار بشركة الأهلى للتنمية والاستثمار أن تعريف المساهم الرئيسى بالشركات أمر جيد لزيادة الإفصاح، إلا أنه أشار لتوجه المساهمين لخفض نسب ملكيتهم الى أقل من %10 للتغلب على القاعدة، بالإضافة الى وجود بعض المساهمين ممن يديرون الشركات ولا تصل نسبتهم الى %10، معتبرا أن الإشكالية الحقيقية تنبع من الربط الدائم بين نسب الملكية والقدرة على الإدارة.
فى سياق آخر، أكد محمد عبدالفتاح، شريك لمكتب معتوق بسيونى للاستشارات القانونية، ضرورة توضيح آليات إلزام المساهمين الرئيسيين بالاحتفاظ بنسبة %25 من أسهم الشركة أو رفعها حال عدم اكتمالها لأن نسب المساهمين متباينة، مقترحا أن يتم إقرار أحدهم عند الطرح بالتزامه بالإبقاء على %25 من حصته.
ولفت عبدالفتاح الى أهمية توضيح البند الخاص بالطرح، وما اذا كان سيتم بالسوق الأولية من خلال زيادة رأسمال الشركة أم سيكون طرحا ثانويا من حصص المساهمين.
وأوضح أن اشتراط طرح %10 من أسهم الشركة منها %5 للتداول الحر على ألا تقل قيمة الأسهم الدفترية عن 10 ملايين جنيه قد يقلل من سيولة بعض الأسهم مرتفعة القيمة، مضيفا أن الهيئة تداركت الأمر من خلال إضافة نص بـ«أو %5 من الأسهم أيهما أكثر»، إلا أنه فضل إلغاء تلك الإضافة والاكتفاء بأحد الشرطين.
ورأى أن تحديد ألا يقل عدد المكتتبين عن 300 مساهم مناسب رغم أنه قد يشكل عائقا حال ارتفاع القيمة الدفترية للأسهم المطروحة، لافتا الى أن تقليلها لـ150 مساهما سيكون أكثر تيسيرا على الشركات.
واقترح أن يتم تخفيف شرط الربحية من %5 الى %2.5 خلال آخر قوائم مالية من النشاط الرئيسى للشركة على الشركات التى يتخطى رأسمالها حاجز الـ100 مليون جنيه على سبيل المثال، وأن تترك النسبة كما هى %5 للشركات التى يقل رأسمالها عن ذلك، وذلك لتشجيع الشركات الكبرى على القيد.
وشدد على ضرورة توضيح المصطلح الخاص بـ«النشاط الرئيسى» لأن هناك شركات بدأت بنشاط معين وتخلت عنه بعد فترة للدخول فى مجال آخر، موضحا أنه يمكن «النص على أن تكون الأرباح المحققة من أنشطة بخلاف فوائد البنوك أو أرباح حققتها الشركة من الأنشطة المثبتة بالسجل التجارى».
ورأى عبدالفتاح أن اشتراط تحقيق الشركات التى لم تصل أرباحها لـ%5 خلال آخر قوائم مالية متوسط أرباح بالنسبة نفسها خلال 3 قوائم مالية أمر صعب، لافتا الى أنه يمكن تقليل تلك النسبة الى %1 فقط.
من جهته، قال أشرف الإبراشى، شريك لمكتب الإبراشى للمحاماة، إن تعديلات قواعد القيد تساهم فى رفع السيولة وتتسم بالتيسير على المستثمرين، مشيرا الى أن الشرط الخاص بطرح أسهم قيمتها الدفترية لا تقل عن 10 ملايين جنيه أو %5 من أسهم الشركة أيهما أكثر يزيد من معدلات السيولة بالسوق ويلزم الشركات الكبرى بطرح نسب أعلى.
وأضاف أن اشتراط تقييم تلك الأسهم دفتريا يرجع الى ثبات تلك القيمة الى حد كبير وسهولة احتسابها.
وأشار الإبراشى الى أن تحديد عدد المساهمين بـ300 مساهم لن يؤثر بشكل كبير لأن عدد المكتتبين عادة ما يزيد على ذلك الرقم.
فى حين أشار الى أن النص على احتفاظ كل مساهم بنسبة لا تقل عن %65 من أسهمه لمدة عامين يقيد المساهم ويقلل قدرته على التصرف فى أسهمه، على الرغم من أنه يضمن بقاء المساهمين الرئيسيين فى الشركة لفترة أطول ويساهم فى بث الثقة فى نفوس المستثمرين.
وعلى صعيد النصوص المتعلقة بربحية الشركات المطروحة، قال الإبراشى إن شروط الربحية جيدة للغاية وتضمن قوة المركز المالى للشركات طالبة القيد رغم أنها شملت قيودا إضافية.