القيمة الدفترية انتزعت «الولاية» علي حساب التدفقات في صفقة الإسكندرية

القيمة الدفترية انتزعت «الولاية» علي حساب التدفقات في صفقة الإسكندرية
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 29 أكتوبر 06

محمد بركة:
 
كشفت صفقة بيع %80 من بنك الإسكندرية لبنك سان باولو الايطالي عن عدد من النقاط الفنية التي تعزز مكتسبات عملية الاصلاح المصرفي التي يجري تنفيذها منذ عام 2004 بهدف اعطاء المبادرة الاكبر للقطاع الخاص دون تمييز بين محلي واجنبي لرفع كفاءة السوق من جهة والعمل علي خلق كيانات مصرفية قوية قادرة علي دعم سوق التمويل وتوفير الحلول القادرة علي بعث النشاط في دورة الاقتصاد الوطني.

 
والنقاط الفنية التي تستحق التوقف عندها هي اجماع كافة المشاركين في عملية البيع سواء الجهات المسئولة عن عملية البيع ممثلة في وزارتي المالية والاستثمار، والبنك المركزي، وكذلك مستشار عملية الطرح «سيتي جروب» او البنوك التي خاضت المنافسة علي خضوع العملية لاعلي معدلات الشفافية والحيدة التي وصلت الي اعلان قواعد كل مرحلة دون تميز في توقيت واحد لكافة المتنافسين لوضعهم في مركز تنافسي متكافئ والالتزام بسرية تداول المعلومات حتي المراحل الاخيرة لحسم الصفقة حيث تم التقيد الكامل في مراحل المزايدة المختلفة بنظام الاظراف المغلقة مما كان له اثره في اعتراف كافة الاطراف المشاركة وبصفة خاصة الاجنبية ذات الخبرة بارتفاع المستوي الفني لادارة الصفقة.
 
جانب آخر لفتت إليه «المال» خلال المؤتمر الصحفي لإعلان نتيجة الصفقة وهو اسلوب «المزايدة» الذي كان مفاجأة عند بدء التفكير في اللجوء اليه بالرغم من انه حق مطلق للبائع الا ان هذا الاسلوب كان من الممكن ان يمثل عائقا لو ان العروض الفنية لم تأخذ في الاعتبار، ولكن وضح من موقف الحكومة ان الحد الادني من الاهلية الفنية للاستحواذ علي الحصة المعلن عنها من بنك الاسكندرية كان قد توفر في كافة العروض وبالتالي كان هدف تعظيم العائد من عملية البيع هو هدف المرحلة الاخيرة من الصفقة ولعل هذا ما جعل الدكتور محمود محيي الدين يرد علي «المال» خلال المؤتمر الصحفي بأن هذا الاسلوب سيكون النهج المتبع في كافة عمليات بيع الاصول العامة من الان فصاعدا، وهو ما يوحي برغبة الحكومة في درء اي شبهات حول ترجيح اي من العروض علي غير الاساس المالي.
 
وهذا ما يقودنا الي بيت القصيد في ابرز النقاط الفنية التي اثارتها عملية البيع والتي ترتبط باعطاء الاولوية للعرض المالي واختيار اسلوب «المزايدة» ونعني بذلك اسلوب التقييم المعتمد في الوصول الي سعر السهم الذي بناء عليه تم الحكم بأن عرض سان باولو الفائز لم يكن فقط الاعلي سعرا، ولكنه المعادل لـ5,5  امثال القيمة الدفترية المعدلة لاصول بنك الاسكندرية، وهو كذلك المعدل الذي اعتبره الدكتور محيي الدين اعلي من نظيره الدولي 1,5 مرة علي الاقل.
 
لهذا كان من الضروري ان نتساءل لماذا تم اللجوء الي اسلوب القيمة الدفترية المعدلة، ولم يتم اللجوء الي التدفقات النقدية المخصومة في عملية التقييم؟ وهل كانت النتيجة من الممكن ان تتغير في حالة الاستعاضة عن الاسلوب الذي تم اتباعه بأسلوب آخر بديل؟
 
الاجابة التي امدنا بها الخبير المصرفي الدكتور خليل ابو راس تؤكد صواب الترجيح الذي اعطي لاسلوب القيمة الدفترية المعدلة الذي يبدو الاقرب الي تحديد قيمة مقبولة يمكن لمختلف المتنافسين التوافق حولها مع البائع بعد تعديل قيمة اصول البنك وبصفة خاصة الاصول الثابتة المتمثلة في نحو 190 فرعا يملكها بنك الاسكندرية.
 
ويري الدكتور ابو راس ان تحديد التدفقات النقدية المخصومة يحتاج الي تقدير يتم الاتفاق عليه حول حجم تلك التدفقات المتوقعة وابرز معايير هذا التقدير هو الاتفاق علي سعر محدد للخصم.. ويستتبع ذلك من جهة ثانية الاتفاق حول ضرورة ما اذا كان سعر الخصم بالجنيه المصري أم بالدولار الامريكي.
 
واذا كان بأحدهما او كليهما وكانت اتجاهات سعر الفائدة تميل الي الزيادة في المدي المنظور من توجهات اسعار العائد، فما هي القيمة المتوقعة لتدفقات مستقبلية تكلفة الاموال فيها تميل الي الارتفاع فوفق هذا المعيار تكون التدفقات المتوقعة متناقصة.
 
واذا جاز الاستمرار في هذه الطريقة ما هو عدد السنوات التي ستتخذ اساسا للتقيم، وما هي البنود التي سيتم علي اساسها احتساب التدفقات واوزان كل منها ما بين القروض والاصول الثابتة والودائع والارباح.
 
لهذا كان قرار «المركزي» واللجنة الوزارية التي مثلت كافة الاطراف المعنية بالاحتكام الي اسلوب القيمة الدفترية المعدلة التي اخذت في اعتبارها تلافي اوجه القصور السابقة بعد الاخذ في الاعتبار قيمة الاصول الثابتة للبنك وتكلفة التطوير واعادة الهيكلة التي اجريت له وشملت اصلاح محفظة القروض، وكذلك الربط الالكتروني بين الفروع، واستحداث نظام للمعاش المبكر تكلف نحو 381 مليون جنيه وخفض عدد العمالة من  8 آلاف عامل إلي 5,880 ألف عامل.
 
وهي جميعها اوجه انفاق تمت بالفعل واصبح من اليسير تعديل القيمة الدفترية بما يوازيها ويعمل علي تعويض البائع عنها.
 
لهذا يكتسب اللجوء الي هذا الاسلوب مصداقية تنزع عنه اي تقصير في احتساب العائد المتولد عن البيع ويعزز الاعتقاد في ان ما وصلت اليه عملية البيع من سعر يعادل 5,5 امثال القيمة الدفترية هو بالفعل افضل ما يمكن التوصل اليه في ظل الظروف التي مرت بها عملية البيع.
 
هذا الايضاح كان من الضرورة بمكان حتي لا ينشأ ادعاء عن نقص دراية ينسب الي اسلوب التدفقات النقدية المخصومة امكانية تحقيق عائد اعلي لعملية البيع.
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 29 أكتوبر 06