القطاع المصرفي الصيني يتغلب علي نظيره الأمريكي

القطاع المصرفي الصيني يتغلب علي نظيره الأمريكي
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأثنين, 18 يناير 10

دعاء شاهين
 
كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول بزوغ قوة الصين وتفوقها علي العديد من الاقتصادات العربية. قد تجلت هذه القوة بوضوح في البيانات الاقتصادية المتوالية، والتي تشير إلي معدلات النمو القوية للصين وتغلبها علي الولايات المتحدة كأكبر سوق للسيارات في العالم، وغيرها من المؤشرات التي لا تترك مجالاً للشك بأن التنين الصيني قادم وبقوة.

 
وقد جاء بصحيفة الـ»فاينانشيال تايمز« أن البنوك الصينية تمكنت من تعزيز مكانتها في العالم كمراكز مالية، لتحتل المراتب الأربع الأولي ضمن خمسة مراكز لترتيب مضاعف القيمة الدفترية للبنوك. كما سجلت معدلات الإقراض في القطاع المصرفي الصيني حوالي 600 مليار يوان، أو 88 مليار دولار هذا الأسبوع الأول فقط من يناير، وهو ما يعادل تقريباً ضعف متوسط معدل الإقراض الشهري خلال النصف الثاني من 2009 وفقاً لما جاء بوكالة »رويترز«.

 
ورغم أن نمو معدلات الإقراض يشير إلي نشاط الحركة بالاقتصاد الصيني، فإنها تزيد من المخاوف بشأن كون ثالث أكبر اقتصاد في العالم متجه صوب التضخم.

 
حيث يتخوف المحللون من انحراف الصين نحو تكوين فقاعة اقتصادية، وأن تكون معدلات النمو في مختلف القطاعات الاقتصادية مبالغ فيها، ولا تعكس حقيقة النشاط والنمو الاقتصادي هناك. وتزداد التوقعات قوة بشأن مزيد من النمو في إيرادات القطاع المصرفي في الصين، نتيجة تضخم ثروة الأفراد هناك، واتجاه المشرعين  والمراقبين لتبسيط القواعد المتحكمة في نوعية المنتجات المصرفية التي يمكن بيعها.

 
وتصدر كل من بنك تشينا ميرشانت »CHINA MERCHANT BANK « وبنك تشينا سبتيك »CHINACITIC « وبنك »ICBC « وبنك الإنشاء والتعمير الصيني، المراتب الأربع الأولي من حيث مضاعف القيمة الدفترية ليتبعها بنك ايتا وبونيبانكو البرازيلي »ITAU UNIBANCO « في المرتبة الخامسة، حيث تجاوز مضاعف القيمة الدفترية لهذه البنوك أكثر من 3 مرات. وقد تقلص متوسط مضاعف القيمة الدفترية لأكبر 50 بنكاً في العالم من 2 إلي 1 وهو ما يعني أن المستثمرين أصبحوا يقيمون متوسط أسهم البنوك مما لا يزيد علي القيمة الحقيقية بموازنتها، في حين أن معظم البنوك الغربية تتداول أسهمها حالياً بأقل من القيمة الدفترية لها.

 
بينما يتداول المستثمرون أسهم البنوك في الأسواق الناشئة بمضاعف قيمة دفترية مرتفعة، علي رأسها بنك تشينا ميرشانت بمضاعف قيمة دفترية يبلغ 4.3 وفقاً لبيانات وكالة بلومبرج.

 
كانت المراكز الخمسة الأولي في الترتيب من نصيب البنوك الأمريكية وبريطانيا بداية العقد الماضي،وهي بنك أوف نيويورك ميلون، ولويدز البريطاني، ومورجان ستانلي، وسيتي جروب، وويل فارجو ولم يتمكن سوي بنك »يو إس بنكورب« من الدخول في القائمة العام الماضي.

 
وتعكس التغيرات المتمثلة في مضاعفة تقييم البنوك الصينية خلال العام الماضي، مقابل تخفيض تقييم البنوك الغربية وتنامي الثقة في الأسواق الناشئة، خاصة في الصين والبرازيل.

 
فقد تضررت الثقة في مواقف المؤسسات المالية الغربية وربحيتها نتيجة حجم الأصول السامة التي لديها إضافة إلي اتجاه السوق هناك نحو إجبار البنوك علي زيادة معامل رأس المال والسيولة لديها. وفي البنوك الغربية التي كان أداؤها جيداً خلال العام الماضي، تخلفت عن قائمة مضاعف القيمة الدفترية للبنوك مثل بنك جولدمان ساكس، الذي احتل المرتبة الثانية والعشرين وجي بي مورجان في المرتبة الحادية والثلاثين.

 
ورغم تأثر تقييم البنوك الصينية بذعر المستثمرين مثلما تأثر الجميع في 2008 عام بداية الأزمة، فإن محدودية الأثر السلبي وحزم التحفيز الحكومية ساعدتها علي العودة وبقوة.

 
كما أن بعض الاقتصادات المتقدمة التي تتمتع بقوة إجراءاتها وقواعدها الرقابية والتنظيمية في القطاع المصرفي ومحدودية تعرضها لمشاكل الأصول عالية المخاطر، والتي كانت السبب الرئيسي في الأزمة المالية الكندية، كان أداؤها جيداً، لتدخل البنوك الكندية و الاسترالية في قائمة مراتب مضاعف القيمة الدفترية وبالعودة إلي الاقتصاد الصيني نجد ارتفاع معدلات الإقراض خلال الأسبوع الأول من يناير لتبلغ 600 مليار يوان، مشيراً إلي زيادة السيولة والتدفقات المالية الموجودة بالأسواق الصينية، والتي دعمتها حزم التحفيز الحكومية.

 
ورغم التحذيرات التي يطلقها المحللون حول ارتفاع معدلات التضخم، فإن وزير المالية الصيني أكد أن الحكومة ملتزمة ببرنامجها التحفيزي واستمرارها فيه، محذراً من التوقف المبكر للإنفاق الحكومي التحفيزي وما قد تكون له من تأثيرات سلبية علي مسار التعافي الاقتصادي. من جانبه قال أساك مينح، الخبير الاقتصادي لبنك BNP باريبا في بكين، لابد من رفع متطلبات احتياطي رأس المال للبنوك الصينية، متوقعاً اتجاه التضخم نحو 3 إلي %4 خلال الأشهر القليلة المقبلة. وتشير الأنباء عن تزايد معدلات الإقراض إلي نمو غير متوقع في كل من الصادرات والواردات الصينية، كما وسعت الصين من قاعدتها الاستهلاكية المحلية في العام الماضي، لتصبح أكبر سوق للسيارات في العالم. فقد ارتفعت مبيعات سيارات الركاب بنحو %52.9 إلي 10.3 مليون وحدة في 2009، مع ارتفاع المبيعات بنحو %88.7 في ديسمبر، مقارنة بنفس الفترة من 2008 وذلك وفقاً لرابطة مصنعي السيارات الصينية.

 
ويراهن بعض المضاربين في الأسواق المالية علي أن حكومة بكين قد تسمح لليوان بالارتفاع أمام الدولار في الفترة المقبلة لمواجهة مخاطر التضخم الناجم عن حجم السيولة الكبير في الأسواق. ويزيد نمو الطلب سواء المحلي أو الخارجي من الضغوط التضخمية، في ظل تقلص الفجوة الإنتاجية التي تشير إلي الفرق ما بين النمو الاقتصادي الحقيقي والمتوقع.

 
وتشير أرقام وبيانات التجارة الصينية إلي نمو الصادرات في ديسمبر الماضي بنسبة %55 مقارنة بها 2008، لتسجل 112.3 ملياردولار بينما ارتفعت الواردات بنحو %17.7 مسجلة 130.7 مليار دولار. ويتجه العديد من المصارف العالمية نحو استهداف السوق الصينية للاستفادة من نمو شريحة الأغنياء هناك عن طريق تقديم خدمات التجزئة المصرفية لهم.

 
ويتوقع بنك USB أكبر بنك لإدارة ثروات وأصول الأغنياء في العالم، أن تتضاعف إيرادات البنوك الصينية الخاصة سنوياً. فقد تجاوزت ثروات المليونيرات الصينية مجتمعة نظراءهم في بريطانيا ليحتلوا المرتبة الرابعة علي مستوي العالم في 2008 وفقاً لمسح السوق لبنك ميربل لينش. ويخطط بنك USB سيكيوريتز في الصين إلي توسيع خدماته التي يقدمها لعملائه الأغنياء في الصين والتي تشمل صناديق الدخل الثابت، وصناديق الاستثمار. كما يخطط الشريك المحلي لمجموعة »جولدمان ساكس« في الصين شركة بكين جواهوا سيكيوريتز، إلي توسع عمليات إدارة الثروة في السوق الصينية من خلال فروع التجزئة الجديدة التي تفتحها.

 
وتمتعت الصين علي مدار 3 عقود بمتوسط نمو اقتصادي بنحو %10 وهو ما حول الصين إلي واحدة من أسرع أسواق إدارة الثروة نمواً في العالم لتشجع بذلك البنوك المحلية علي الدخول في هذا النشاط. ويتواجد بالصين 825 ألف فرد يتمتعون بصافي ثروة 10 ملايين يوان »1.5 مليون دولار« أو أكثر، ولم يتأثر الكثير منهم بالأزمة المالية.

 
وقالت مجموعة »سيتي جروب« التي بدأت منذ عامين في تقديم خدماتها للأفراد في الصين ممن لا تقل ثرواتهم عن 10 ملايين دولار، إنها تسعي الآن لجعل الصين تستحوذ علي %20 من أنشطتها المصرفية الخاصة.

 
ويذهب المراقبون والمشرعون الصينيون إلي دعم فكرة المنتجات المالية المعقدة مثل المشتقات، ليعلنوا عن تقديم مؤشر للعقود الآجلة في إطار خطة لرفع أسواق المال الصينية لتقارب المعايير الدولية في الأسواق العالمية.
 

جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأثنين, 18 يناير 10