ليس للموت نظام او ترتيب او اختيار.. ففي لحظة خاطفة يهتدي طائر الموت الي جسد ما، وعلي اثر ذلك تسكن الاعضاء، وتتوقف الحركة وتصعد الروح التي تمسكت بالحياة كثيرا.. ولا يختلف الامر من الفقير الي الغني ولا فرق بين من يعيش في الاضواء ومن يسكن في الظل.. ولكن الامر يحمل اختلافا كبيرا بعد الموت بالنسبة للمشاهير، فبينما يحاول المخلصون الابقاء علي صورة الراحلين الجميلة في عقول الناس، يحاول اخرون ابتزاز موت المشاهير وتحقيق مكاسب من ورائهم.
علاء ولى الدين |
واكبر دليل علي ذلك ما فعله السيناريست حازم الحديدي مؤلف فيلم »عربي تعريفة« اخر اعمال الراحل علاء ولي الدين، قام »الحديدي« ببيع المشاهد التي قام بتمثيلها الراحل علاء ولي الدين قبل وفاته للفضائيات العربية.
وهو نفس ما قامت »جود نيوز« مع الفنان الراحل احمد زكي، حينما تحمست لتجربة فيلم »حليم« وروجت للفيلم، وجنت ارباحا طائلة من وراء عرض تفاصيل اللحظات الاخيرة في حياة احمد زكي بطل وفاته.. ومؤخرا طرحت ليلي غفران البومها الجديد وقالت في الدعاية والاحاديث الصحفية ان ابنتها »نادين« التي ماتت مقتولة اختارت كلمات اغاني البومها الجديد! وانها تهدي الالبوم الي روحها!!
الناقد الفني الكبير محمود قاسم علق علي هذه الظاهرة قائلا إن مشاهير الفنانين يتم التعامل معهم بعد وفاتهم علي انهم مصنع لانتاج الثروات للاحياء، فمفيد فوزي ـ الصحفي الكبير ـ ظل يكتب عن حياة واسرار العندليب الاسمر عبدالحليم حافظ، وفي كل كتاب يذكر انه يحمل اسرارا جديدة، تارة عن طبيعة المرض الذي افقده لذة وسحر الحياة، وتارة عن حقيقة علاقته بالراحلة سعاد حسني.. وهناك برامج فضائية تحاول شراء اسرار المشاهير، ولا تجد امامها سبيلا سوي اغراء الاقارب والاصدقاء بالمال لحثهم علي الكلام وكشف لاسرار.
ويؤكد قاسم انه يوجد بالفعل ما يسمي ببيزنس الاموات!
ويقول الناقد الفني الكبير طارق الشناوي إن »جود نيوز« بجلالة قدرها حاولت الاستفادة من اسهم الكاتب الكبير عبدالحي اديب، قدمت فيلمه الاخير »ليلة البيبي دول« بطولة نور الشريف ومحمود عبدالعزيز وليلي علوي وجمال سليمان.
ورغم زحمة النجوم خرج الفيلم بشكل سيئ جدا ولم يضف اي شيء لتاريخ كاتب سيناريو كبير مثل عبدالحي اديب.
واضاف الشناوي ان اقارب المشاهير يتصرفون في احيان كثيرة مع اسرار النجوم، علي انها مصدر للثراء، وليس مستغربا ان تري او تسمع ان احدي شقيقات سعاد حسني سوف تكشف سرا خطيرا خلال الايام القليلة المقبلة ربما يساهم في كشف غموض مقتل سعاد حسني، وبالطبع سوف تتهافت الفضائيات العربية علي شقيقة سعاد ويبدأ المزاد.
ويري الشناوي ان المسألة اخلاقية بالدرجة الاولي وان اقارب المشاهير مطالبون بالحفاظ علي مجد ومكانة الراحلين العظام، ولا ينظرون الي تاريخهم وسيرتهم نظرة مادية صرفة.
ومن ناحيتها نفت الفنانة ليلي غفران ان تكون قد فكرت للحظة واحدة في الاستفادة من الالم الذي يعتصر قلبها علي رحيل ابنتها وقالت عندما ذكرت ان »نادين« هي التي اختارت كلمات البومها الاخير قبل مصرعها لم تكن تقصد الترويج للالبوم، ولكنها ارادت الاعتراف بفضل ابنتها التي قتلت وهي في ريعان شبابها.
واضافت غفران انها تهدي الالبوم لروح ابنتها التي كانت تمثل لها كل شيء في الحياة واصفة كل من يتاجر باسماء او سيرة اسرار الاموات بانه بلا اخلاق او ضمير لان هناك اشياء اكبر واعظم من المال مهما عظمت قيمته.
وقال الفنان الكبير حسين فهمي إنه لا يجب تحميل الامور اكثر مما تتحتمل لان اقارب المشاهير دائما ما يحاصرهم الاعلام ويستفزهم الصحفيون طمعا واملا في كشف جديد يلفت نظر القراء والجماهير، واضاف انه طبيعي جدا ان يطلب اقارب المشاهير اموالا من القنوات العربية لان ضيوف البرامج يحصلون علي مقابل مادي نظير ظهورهم في هذه البرامج.
واشار فهمي الي ان البيزنس الحقيقي هو ان يبيع الورثة السيرة الذاتية للفنان دون ان يراقبوا التنفيذ ويتركوها عرضة للتشويه، وهو ما يعد تنازلا حقيقيا امام اغراء المادة، وبلاشك سيدفع الفنان الثمن بعد ان افني حياته في سبيل اسعاد الجماهير.