تحت عنوان «الصكوك السيادية والتنمية فى مصر » عقد يوم الاثنين الماضى مؤتمر عالمى تحت رعاية أحد البنوك العاملة فى السوق المحلية، لمناقشة كيفية تنشيط دور الصكوك السيادية المتوافقة مع الشريعة فى إحداث التنمية الاقتصادية المرجوة خلال السنوات المقبلة .
![]() |
سامى خلف |
ودارت الجلسة الاولى للمؤتمر فى التعريف بطبيعة الصكوك الإسلامية وأهمية التمويل الإسلامى فى انقاذ الاقتصاد المحلى وكذلك العالمى خلال الفترات المقبلة، بالاضافة الى التحديد الواضح لأبرز التحديات والعراقيل التى تواجه نشاط التمويل الإسلامى فى السوق المحلية، فضلاً عن معرفة التوجه الحكومى فى اقرار نشاط التمويل الإسلامى ومدى دوره المأمول فى النهضة الاقتصادية المقبلة .
أكد سامى خلف، رئيس ادارة الديون بوزارة المالية، أن التوسع والتنوع فى توفير آليات مختلفة لتمويل المشروعات الحكومية من أهم الاهداف الحالية أمام الوزارة، موضحاً أن التمويل الإسلامى على رأس أولويات الوزارة فى الفترة الراهنة فى ظل النجاحات السابقة لهذه النوعية من التمويل فى مختلف البلدان العالمية .
وأضاف خلف أن التمويل الإسلامى حقق العديد من النجاحات والانجازات على صعيد توفير التمويل اللازم للمشروعات العالمية ووصل اجمالى أصوله الى تريليون دولار، ويتوفع الخبراء أن تنمو الصيرفة الإسلامية بنحو %10 بصورة سنوية، وهو ما يزيد من أهميته وجاذبيته أمام الحكومة .
وشدد على أن الاقتصاد المحلى يمر بفترات صعبة للغاية وقد تؤدى الى توقف معدلات النمو التى سجلها خلال السنوات السابقة بسبب التغييرات السياسية والاقتصادية الحادة جراء ثورة 25 يناير، لافتاً الى احتياج الحكومة الشديد للتوسع الاقليمى بشكل تام لتوفير العديد من شرائح التمويل اللازمة لاستكمال وبدء خطط الدولة التنموية، بالتزامن مع محاولات البناء التنظيمى والاشراف القانونى لتحقيق مزيد من التقدم والنمو فى بيئة عمل الصيرفة الإسلامية فى السوق المحلية .
وأكد رئيس ادارة الديون بوزارة المالية اهتمام وزارة المالية ببحث جميع المعوقات والتحديات التى تعرقل اطلاق الصكوك السيادية فى مصر، وفى هذا الاطار عقدت الوزارة يوم الاحد الماضى ورشة عمل ضمت جميع المستشارين الماليين والقانونيين بالوزارة من أجل بحث كيفية تشكيل الوضع القانونى والتشريعى لعمل الصكوك السيادية والتمويل الإسلامى بشكل يتفق بما يسمح به القانون المحلى، بالاضافة الى العمل الجاد لرفع درجة وعى واهتمام المستثمرين الافراد والمؤسسات للاستثمار فى الصكوك الإسلامية .
وفى سياق متصل، تناول الشيخ نظام يعقوبى، عضو مجلس ادارة «سيتى بنك » ، المتوافق مع الشريعة الإسلامية، التعريف بالمبادئ الأساسية لنشأة التمويل الإسلامى فى العصر الحديث، متطرقاً الى كيفية بدء الاهتمام الحكومى بها خاصة فى منطقة الخليج، وأشار الى أولى المحاولات لتأسيس بنك إسلامى والتى تمت فى مصر فى ستينيات القرن الماضى، بالاضافة الى اطلاق أول بنك إسلامى فى العالم وهو بنك دبى فى عام 1975 ، وما تلاه من اطلاق بعض المصارف الإسلامية فى البحرين والكويت، وتقدم هذه المصارف الخدمات البنكية المتوافقة مع الشريعة فقط .
وأوضح يعقوبى أن هذه المصارف أنشأها رجال أعمال ومتطوعون وتجار فى البداية، ولم تلق الاهتمام الحكومى الكافى، بالاضافة الى عدم تشجيع البنوك العالمية التقليدية لهذه النوعية من المصارف فى ظل عدم اعتمادها على آلية سعر الفائدة المتبع عالمياً، ولكن بمرور الوقت زاد الاهتمام الشعبى بهذه البنوك وهو ما دفع حكومة البحرين لاتخاذ قرار أميرى لاطلاق أول بنك إسلامى تابع للدولة خلال العقدين الأخيرين فى القرن الماضى .
وأشار الى تزايد اهتمامات وتطلعات حكومات بلدان منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الحالية لتسهيل عمل البنوك الإسلامية سواء من حيث توفير مراكز البحث والتدريب أوتفعيل القوانين والتشريعات المنظمة لها أو ايجاد نظم المراجعة والمحاسبة الخاصة بها، مرجعاً تزايد ترحيب الحكومات بهذه البنوك الى قدرتها على الصمود وعدم الانهيار فى ظل الازمات المالية العالمية التى ضربت الاقتصاد العالمى وقدرتها الفائقة على حماية أموال المودعين .
وطالب عضو مجلس ادارة «سيتى بنك » المتوافق مع الشريعة الإسلامية، حكومات الشرق الاوسط بالتخلص التام والكامل من جميع العراقيل القانونية التى تحد من عمل المصارف الإسلامية بداخل بلدان المنطقة، بالتزامن مع البدء فى ادخال التعليم المصرفى المالى المتوافق مع الشريعة الى المناهج التعليمية لطلاب هذه البلدان .
ومن جانبه، أشار حسين حسن حامد، رئيس مجلس الشريعة للمؤسسات المالية الإسلامية، فى الامارات العربية المتحدة، الى عدد من الادوات المالية المختلفة للصكوك الإسلامية وكيفية ضمانة هذه الصكوك للتمويل القوى والسلس لاصحاب المشروعات، معرفاً الصك بأنه الورقة المالية التى تمثل حق الملكية لحاملها، ولا تمثل دينا بفائدة على مصدرها لحاملها، وشدد فى هذا الاطار على استحالة تخلى الصك عن ميزته الاساسية المتمثلة فى عدم وجود فائدة عليه .
ولفت حامد الى عدد من أنواع الصكوك والتى من الممكن أن تستفيد منها السوق المصرية ممثلة فى الحكومة أو القطاع الخاص فى حال رغبتهما فى الاستفادة منها، وأهمها صكوك الاجارة، والصك السالك، والصك الاستثمارى، وصكوك المنافع، وصكوك الاستصناع .
وتتوافق صكوك الاجارة بشكل تام فى توفير التمويل اللازم للحكومة فى سبيل استكمالها أو بدئها لإنشاء المشروعات العملاقة من البنية التحتية فى البلاد، وتعتمد هذه الآلية على منح الممولين وحملة الصكوك فى ادارة الاصول والمشروعات التى ينتوى المصدرون سواء الدولة أو القطاع الخاص بناءها لمدة محددة، ومن ثم اعادتها مرة أخرى للمصدرون بعد انتهاء مدة التمويل، مضيفاً أن التمويل الإسلامى استطاع توفير 2 مليار دولار كصك منافع فى السعودية خلال السنوات الماضية من أجل تمويل مشروع مرور البث فوق الأراضى السعودية .
واعتبر أن الصكوك الاستثمارية من أقوى أنواع الصكوك التى قد تنجح بشدة فى السوق المحلية، والتى تعتمد على رغبة بعض المستثمرين أو الدولة فى تطوير بعض المشروعات القائمة أو رغبتها فى تأسيس مشروع جديد على الرغم من عدم امتلاكها التمويل أو الاصول اللازمة لبنائه، ومن ثم يتدخل التمويل الإسلامى لبحث دراسة الجدوى المتعلقة بهذه المشروعات والتعرف على معدلات ربحيتها، وبناء عليه يتم توفير التمويل اللازم لهذه المشروعات فى صورة الصكوك الإسلامية .
وتكمن جاذبية صكوك الاستثمار فى حق حاملها الحصول على نسبة من الارباح الفعلية تعادل قيمة مساهمته فقط، مع احتفاظ المصدر بباقى قيمة الأرباح من أجل شراء جميع الأصول والصكوك فى نهاية مدة التمويل .
وأكد قدرة المصارف الإسلامية فى توفير التمويل اللازم لمؤسسات القطاع التعليمى والخدمات الطبية فى السوق المحلية، مشدداً على قدرة البنوك الإسلامية والصكوك فى تغطية جميع المبالغ المطلوبة واصدار الصكوك للاستثمار فى هذه النوعية من المشروعات الحيوية، مستشهداً بقدرة التمويل الإسلامى فى توفير نحو مليار دولار لصالح مستشفى هاى كلينيك فى الولايات المتحدة بالاضافة الى مبلغ 500 مليون دولار لصالح مستشفى كرومبل بلندن .
وأضاف رئيس مجلس الشريعة للمؤسسات المالية الإسلامية فى دولة الامارات العربية المتحدة خبير التمويل الإسلامى أن %60 من الصكوك التى أصدرتها المصارف والمؤسسات الإسلامية خلال السنوات الماضية سيطر عليها القطاع الخاص بشكل مباشر، فيما استحوذت مشروعات الكهرباء والمياه على أغلبية حصة هذه الصكوك، وبلغت قيمتها نحو 7 مليارات دولار خلال السنوات السابقة .
وشدد ديفيد منديل، مدير الخدمات فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ «سيتى بنك » ، على أن البنك يعمل بكامل طاقته على جذب المستثمرين العالميين خاصة من الولايات المتحدة الامريكية للاستثمار فى السوق المصرية خلال الفترة المقبلة عبر بوابة الصكوك الإسلامية بغرض توفير السيولة اللازمة لاستكمال مشروعات الحكومة أو القطاع الخاص فى البلاد .