برزت خلال الفترة الأخيرة، عمليات بنكية ضخمة لإعادة تمويل قروض قائمة للشركات، وهو ما يراه البعض أداة بنكية لدعم العملاء في تخطي موجات التعثر التي يمكن أن تواجههم، لكن البنوك تري أن عمليات إعادة التمويل متعارف عليها، كأداة ضمن أدوات أخري كثيرة تعتمد عليها المصارف في توظيف أموالها، وقال مصرفيون إن الشركات تلجأ، في الغالب، لعمليات إعادة التمويل كنوع من إعادة الهيكلة لمديونياتها، موضحين أن الشركات ربما حصلت علي قروضها السابقة بأسعار عائد مرتفعة نتيجة ظروف معينة، ومع تخطي هذه الظروف تلجأ الشركات مرة أخري للحصول علي تمويلات، لكن بأسعار أقل وبشروط أفضل، تعتمد عليها في إغلاق مديونياتها السابقة، متوقعين أن يكون هذا السبب هو الأكثر واقعية وراء عودة نشاط عمليات إعادة التمويل الفترة الحالية، وأكدوا أن الشركات ربما إحتاجت إلي مد آجال قروضها القديمة أو توحيد جهة التعامل الدائنة وهو ما يدفعها إلي إعادة التمويل لهذه القروض.
|
وطلبت شركة اتصالات ــ مصر، قبل شهور، قرضاً ضخماً بقيمة 7.2 مليار جنيه من بنوك، الأهلي ومصر وأبوظبي الوطني، تعتمد عليه في سداد قروض قائمة بنحو5 مليارات جنيه، حصلت عليها من بنوك، العربي والتجاري الدولي واتش إس بي سي، إلي جانب بنوك أخري، فيما تقوم الشركة باستخدام باقي القرض في تمويل توسعاتها المستقبلية. ويتنافس البنك الأهلي وبنوك أخري حاليا، لاقتناص إدارة قرض بقيمة 250 مليون دولار لإعادة تمويل قروض قائمة علي شركة أورسكوم للإنشاءات »OCI «، كما حصلت المصرية لخدمات التليفون المحمول علي قروض خلال الفترة الماضية، من جميع البنوك العاملة بالسوق، لتنفيذ نوع من الهندسة المالية لمديونياتها القديمة.
من جانبه، قال طارق سليم مدير عام تمويل الشركات ببنك المؤسسة المصرفية العربية »ABC « إن الشركات عند بداية عملها في الأسواق تحصل علي تمويلات قصيرة الآجل تسمي »القروض المعبرية« بناءً علي خطط أعمال قصيرة الأجل حتي يتسني لها القيام بأعمال التشغيل المبدئية وتحقيق عائد يمكنها من إطالة فترة التمويل، وهنا تلجأ لما يسمي المخاطر عمليات إعادة التمويل لقروضها السابقة.
وأشار »سليم« إلي أن المخاطر تتركز في بداية عمليات الشركة ومدي قدرتها علي تنفيذ خطة العمل المبدئية التي تحصل بها علي القرض والوصول إلي التدفقات النقدية المخطط لها لافتاً إلي أن عدم تحقيق المستهدفات قد يتسبب في تعثر الشركات أو عدم إنتظامها في سداد إلتزاماتها تجاه البنوك بما ينعكس علي رفض الأخيرة إقراضها من جديد.
وأوضح مدير عام تمويل الشركات أنه بمجرد نجاح الشركة في تحقيق أهدافها قصيرة الآجل وانتظامها في سداد التزاماتها بما يثبت جدارتها الائتمانية، قد تسعي للحصول علي قرض جديد يغطي احتياجاتها لفترات طويلة بعد تخطيها مرحلة التشغيل ودخول السوق.
وأكد أن القرض الجديد يتطلب دراسة وتحليل القوائم المالية للشركة وليس مجرد منحها التمويل، وهو ما يخفض حجم المخاطر التمويلية بالنسبة للبنوك، وبالتالي تقوم بدراسة خطتها طويلة الآجل والتدفق في مدي استيفاء التدفقات النقدية لسداد الإلتزامات.
وأضاف »سليم« أن الشركات تقوم بهذه الخطوة بعد تخطي فترات البداية ذات المضاطر العالية من عمرها، وبالتالي يقصد به الحصول علي فترات سداد أطول لتغطي إحتياجاتها بقروض طويلة الآجل بما يضمن لها التقدم في عملها وعدم مطالبة البنوك لها بسداد القروض بعد فترة صغيرة ما يجعلها تقع في مأزق تمويلي.
وأشار إلي أنه من الممكن أن تقوم الشركات بالحصول علي التمويل من خلال الطرح في البورصات أو إصدار سندات، ولكن ليس من المتوقع أن تقوم هذه الأساليب بسداد وإحتياجاتها بالكامل وبالتالي ستلجأ للبنوك لتغطية الباقي بقرض ولهذا فإنها تختصر الوقت والمجهود.
من جانبه قال إبراهيم حمدي المدير المالي للشركة المصرية للهيدروكربونات إن الشركات عادة في البداية تحصل علي القروض لتغطية احتياجاتها التشغيلية، وتضطر أحيانا لقبول شروط صعبة تتعلق بالتمويل، لكن مع تحقيقها تدفقات نقدية قوية تبدأ عمل نوع من إعادة الهيكلة لقروضها السابقة، مشيرا إلي أن إحدي أدوات الهيلكة قد يكون في إقدام الشركة مرة أخري علي الاقتراض من جديد لسداد مديونياتها القديمة والتي حصلت عليها تحت ضغط ظروف خاصة.
وأشار المدير المالي للشركة إلي أن القروض الدولارية في فترات سابقة كانت ذات معدلات فائدة مرتفعة إنخفضت خلال الفترات القريبة الماضية وهو ما جعل الشركات المقترضة بالعملات الأجنبية تري أن انخفاض أسعار الفائدة علي الدولار قد يوفر لها المزيد من التكاليف ولهذا قد تلجأ لاقتراض دولاري جديد بسعر فائدة اقل حسب الأسعار السائدة في السوق حاليا تسدد به ما عليها للبنوك الأخري وتستخدم الباقي في أعمالها.
وأضاف »حمدي« أن الشركات التي تقدم علي هذه الخطوة في السوق عادة تكون شركات قوية، محققة تدفقات نقدية استطاعت من خلالها سداد التزاماتها لأن البنوك عادة لا تقرض الشركات التي لا تلتزم في سداد أقساط القروض والتي قد تراها متعثرة أو غير منضبطة التدفقات.
في حين قالت نادية عبيد، مدير المكتب الدولي للاستشارات المالية إن إعادة هيكلة المديونيات عادة ما تحدث بالنسبة للشركات التي تحقق تدفقات نقدية ضعيفة نظراً لأنها لم تصل إلي المستهدف من خطتها التشغيلية والتي أخذت علي أساسها القرض، لافتة إلي أن هذه الشركات لا يمكنها الاقتراض من بنوك أخري بما يجعلها تتقدم للحصول علي قرض جديد من البنك ذاته حتي تستطيع العمل وتسديد ما عليها من التزامات.
وأوضحت أن الشركات التي تعيد هيكلة المديونيات قبل انقضائها من خلال الحصول علي قرض جديد من بنك آخر تكون قوية وقادرة علي تحقيق تدفقات نقدية تسدد من خلالها إلتزامها، ولكنها تري أن هناك فرصاً أخري للحصول علي تسهيلات اكثر من بنوك أخري قد يدفعها لسداد القرض القديم بقرض جديد بمدد سداد اطول.
وأضافت عبيد أن المواقف المالية للشركات وتقييم الميزانيات الخاصة بها من حيث الأصول والتزاماتها تجاه الغير هي التي تحدد موقفها من طرح أسهم أو سندات في السوق، وعادة ما تستغرق هذه العملية وقتاً للحصول علي التمويل وهو ما يجعلها تلجأ إلي البنوك مباشرة.
من جانبه قال تامر نجم نائب مدير عام تمويل الشركات في بنك بي ان بي باريبا إن هناك العديد من الشركات التي تقوم بالحصول علي تمويل مؤقت عند دخولها السوق قد لا تزيد مدته علي السنوات الثلاث حتي يتسني لها تمويل عمليات التشغيل الأولية بناء علي دراسات جدوي المشروع التي ستعمل به.
وأضاف نجم أن البنوك تقوم بتقييم دراسات الجدوي المعدة بشكل حذر للغاية وتدرس مخاطر التمويل بدقة وهو ما يجعلها تتحوط بتقليص مدة القرض إلي جانب وضع معدلات فائدة مرتفعة نسبياً، وهو ما يدفع الشركات ذات التدفقات النقدية المنتظمة للحصول علي قرض جديد طويل الآجل تسدد به التزاماتها بمعدلات فائدة مناسبة.
وأوضح أن البنوك تقوم بعملية إعادة التمويل بناء علي القوائم المالية للشركة والاستعلام عن مدي التزامها في سداد أقساط القرض القديم مشيراً إلي أن البنوك تسعي لاقراض الشركات والمشروعات القائمة بالفعل نظرا لوجود تدفقات نقدية حقيقية، حيث تكون دراسة المخاطر في هذه الحالة منخفضة.
وأشار نجم إلي أن الشركات عادة، تقوم بإصدار السندات عند القيام بعمليات التوسع ونظرا لانها تكون مرتبطة بتكلفة استثمارية محددة في دراسات الجدوي الخاصة بها ،لذا فإنها تقوم بالاقتراض ،للحصول عليها كاملة من السوق.