في شهر واحد ينتقل الذهب ما بين حالتين متناقضتين تماما.. يبدأه مصابا بالسكتة الشرائية، وينهيه في قمة عافيته.. فمع بداية شهر رمضان تتوجه الأسر إلي الموارد الغذائية والأجهزة الكهربائية.. وقرب نهايته تبدأ الاستعدادات للعيد.. أكبر مواسم الزواج في بر مصر، والتي ترتبط بالشبكة والهدايا الذهبية.
ويؤكد ناجي شوقي عضو رابطة المصوغات والمجوهرات ان الاقبال علي الذهب يقل في شهر رمضان بنسبة تصل إلي %90، ويقول: رغم انها نسبة كبيرة لكننا نتوقعها كل عام، لأن الأسرة المصرية في هذا الشهر تتجه أنظارها إلي السلع التموينية الأخري.
ويضيف ان عدم الاقبال علي الذهب لا يؤثر في سعره إطلاقا، لأنه لا يرتبط بالعرض والطلب المحلي بشكل مباشر وانما يرتبط بسعر البورصة العالمية وسعر الدولار عالميا ومحليا.
ويصف جوزيف فاروق أمين صندوق شعبة تصنيع المجوهرات: سوق الذهب في شهر رمضان بالتخبط الشديد فسعره يرتفع ثم ينخفض ثم يزيد مرة أخري وهكذا مما يجعل المشترين يفقدون الثقة ويعزفون عن الشراء وأكبر دليل علي هذا التخبط انه خلال الشهر الماضي كان سعر الجرام 75 جنيهاً ثم انخفض إلي 64 جنيهاً ليرتفع مرة أخري إلي 75 جنيهاً وكل ذلك في عشرة أيام فقط ونحن نتوقع هذا التخبط في أية لحظة وحتي الأسبوع الأخير من رمضان والذي يزداد فيه الاقبال علي شراء «الشبكات» ولكننا نتوقع قلة إقبال المواطنين بشكل خاص هذا العام لارتفاع سعر الذهب جداً فالذي كان يشتري شبكة مكونة من 100 جرام مثلاً منذ عام بخمسة آلاف جنيه الآن بنفس السعر لا يستطيع شراء أكثر من 60 جراماً فقط.
ويري ان الأمل هذا العام ينحصر في السياحة والتي تشهد هذه الأيام ازدهاراً ملحوظاً خاصة مع اتساع تجارة الذهب في شرم الشيخ والغردقة والأقصر وأسوان وكلها أماكن أصبحت مكتظة بالسكان.
رفيق العباسي ـ الممثل الرسمي لشعبة اتحاد الصناعات الذهبية ـ يقول: ان صناعة وتجارة الذهب تصاب في شهر رمضان بالموت التام لسوء الوضع الاقتصادي بشكل عام خلال الأربع سنوات الماضية وقبل هذه الفترة كان الوضع مختلفاً فكنا نعمل كأصحاب مصانع في هذا الشهر ليلاً ونهاراً وبشكل طبيعي ثم أصبح العمل يقل كل عام عن العام الذي يسبقه حتي اتخذت المصانع قراراً بتخفيض انتاجها من صناعة الذهب في هذا الشهر إلي النصف وفي العام الماضي كانت المصانع تعمل بعض الساعات في الصباح وتغلق أبوابها ونتوقع العام الحالي أن تأخذ المصانع اجازة تامة!
ويضيف ان سوق الذهب يرثي لحاله هذه الأيام لانه من الطبيعي ان الناس تشتريه كنوع من الادخار ولكن مع دخول رمضان خاصة هذا العام نواجه ظاهرة خطيرة تتمثل في زيادة اقبال الناس علي بيع الذهب لشراء مستلزمات رمضان مما جعل سعر الذهب المصري أرخص من البورصة العالمية بـ 3 جنيهات وبالتالي تم ايقاف استيراد الذهب لعدم وجود داع لذلك لأن التجار يشترونه بالفعل من الناس أكثر مما يبيعونه ثم يضطر التجار إلي تصدير هذا الذهب حتي تدور عملية البيع والشراء وإلا تحول الذهب لشيء لا قيمة له اقتصادياً.
وبالطبع ظاهرة تصدير الذهب الذي تم شراؤه من الناس هو انعكاس لوضع اقتصادي غير مستقر يمر به المجتمع في حين انه منذ عدة سنوات كانت مبيعات الذهب للناس اكثر من شرائه منهم فكان يتم استيراده لتغطية حاجات السوق وكان سعره أغلي من البورصة العالمية بجنيهين.
وبصفة عامة فإن شهري يوليو وأغسطس هما أكثر مواسم للرواج في سوق الذهب كذلك موسم عيد الأم ورأس السنة أما رمضان فهو الأكثر ركوداً.
ويضيف رياض توفيق ـ مركباتي مجوهرات ـ : ان شهر رمضان يشهد صدور أمر أمين بإغلاق جميع المحلات خلال ساعة الإفطار منعاً لأية عمليات سرقة أو سطو وكثير من التجار نظراً لحالة الركود يغلقون هذه الساعة أبوابهم ولا يفتحونها مرة أخري باقي اليوم.