الريح‮ .. ‬والبلاط وجه مصر تغسله الثورة القادمة‮ ‬‮»‬2‮«‬

الريح‮ .. ‬والبلاط وجه مصر تغسله الثورة القادمة‮ ‬‮»‬2‮«‬
جريدة المال

المال - خاص

1:42 م, الخميس, 15 سبتمبر 11

 
ولعل العقيدة التي تحكم قلوب كل المصريين الصامتين هي أن هذه الأمة العظيمة – في نهاية المطاف – لن تسقط أبدًا في »حِجر« أحد، ذلك أن الأوطان الكبيرة لا تخضع لنظريات أرشميدس، فهي أكبر كثيرًا من أحلام كل الطامعين في »القفز علي السلطة« مهما كانت ميولهم الدينية في »مجتمع وسطي« بالفطرة، أو »انتهازية« تخاريفهم السياسية وسط شعب علمته الأيام – بطول الصبر علي المكاره – فضيلة »التنبه« لكل ما يخرج من الجحور بحثًا عن دور، ذلك بعد سنوات طويلة قضاها الشعب المصري مخطوفًا، معصوب العينين، مكمم الأفواه، مراقبًا بجحافل من عسكر أمن مبارك الجهنمي المعفي دائمًا من الحساب عن كل الجرائم بما فيها القتل بعد التعذيب أو بسببه ثم الدفن في حفر بالصحراء التي ضجت من كثرة عظام الشهداء التي سوف تكشفها رياح التغيير يومًا ما شاهدًا علي جريمة عصر مبارك المخلوع الكبري، والتي لا يكفيها أي عقاب ذلك أن القصاص الوحيد هو الإعدام أكثر من مرة للجاني نفسه، والمتهمين أنفسهم.

 
وعقب النجاح الأولي لثورة يناير كثيرًا ما حلمنا بأن الوقت قد أتي لتتخفف مصر من أحمالها، تأكيدًا لكلمات لافتة مصرية حملها صبي مصري في ميدان التحرير أيام الثورة تقول: معلهش يا مصر، اتأخرنا عليكي كتير، وهي الكلمات البسيطة التي هزتني كثيرًا لتعبيرها العفوي عن حقيقة ما حملناه للوطن العظيم من رذائل صمتنا الطويل علي القهر قبل الثورة، لنفاجأ الآن بما يجري من حولنا من مؤامرات وتحايلات للقفز علي أكتاف الثائرين الحقيقيين خطفًا للوطن من جديد، وهو ما لن يحدث أبدًا مهما تلون المهرجون بملابس السياسة أحيانًا، وبالدين أحيانًا أخري، ومهما ارتدوا من أردية الثائرين زيفًا وتهريجًا!

 
إن ميدان التحرير ما زال حتي الآن، وسوف يظل موجودًا كموقع تاريخي لبوتقة الغضب المصري الهائل الذي مثلت رياح الثورة القادمة إليه من »السويس الباسلة«، »إضافة الإشعال« لبقية الغضب القادم إلي التحرير من كل المحافظات وهي التي صنعت نداء »الشعب يريد إسقاط النظام« الذي مثل كلمة سواء اتفق عليها المصريون جميعًا – الذي حضر والذين أرسلوهم ليحضروا ممثلين عن أسرهم، التي ظلت تنتظر عودة الذاهبين بالنصر أو عودتهم شهداء أو مصابين في الموقعة الأعظم من حياة مصر المملؤة بالتاريخ، وهي الدماء التي يحاول بعض المهرجين استخدامها الآن لإثارة الكثير من العراقيل أمام »قيامة مصر« مع أنهم ليسوا أصحاب الدم الحقيقيين من الأهل الذين كفاهم »فخر الأحزان« عن انتظار التعويضات، وإن كانوا ينتظرون »القصاص« كل صباح، ذلك أن القصاص للشهداء هو الحياة نفسها، حزينة وفخورة بما صنع الشهداء للوطن العظيم!

 
إن الصبر المصري الطويل الذي »صنع الفرج« بميدان التحرير لن يسمح لأحد بخطفه وتوظيفه لصالح الانتهازيين الجدد مهما تخفوا في ملابس ذات سراويل مزركشة أو لحي ممدودة، أو خطب عنترية لن يستطيعوا أبدًا حجب شمس الحقيقة التي يحملها ويحارب من أجلها شعب مصر بثواره، ذلك أن المصريين الأصلاء وحدهم هم دائمًا القادرون علي تحويل »الصبر مفتاح الفرج« في أي لحظة يريدون، إلي »الصبر مفتاح الغضب«، وهو الغضب المصري المراقب الآن للمسرح السياسي المصري، والمستعد دائمًا للقيام بثورة جديدة تشبه الـ »تسونامي« القادر علي أن يكتسح أمامه كل »التابوهات« والأصنام التي يمتلئ بها المسرح السياسي المصري، تنظيفًا لهذا المسرح الذي أساء أبطاله المهرجون فهم طبيعة الثورة الأولي القادمة من التحرير، ومن ثم لم يعد أمام المصريين الحقيقيين غير أمواج »الثورة الثانية« ليخلو وجه مصر الجميل إلي كل عشاقها الذين قاموا بثورة التحرير الأولي ليعود إلي المصريين حضن وطنهم الذي اشتاقوا إليه طويلاً طلبًا للغفران!

 
 

جريدة المال

المال - خاص

1:42 م, الخميس, 15 سبتمبر 11