الركود يلقي بظلاله علي شركات الطيران الإقليمية الأمريكية

الركود يلقي بظلاله علي شركات الطيران الإقليمية الأمريكية
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الثلاثاء, 5 يناير 10

أيمن عزام
 
انتعشت شركات الطيران الإقليمية الأمريكية في السنوات التي تلت أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث عهدت إليها شركات الطيران الكبري بتأدية خدمات نظير تحصيل بعض الرسوم بعد أن واجهت الأخيرة خلال تلك الفترة أزمة سيولة دفعتها إلي خفض النفقات.

 

لكن هذه الشركات تعاني حاليا من تراجع إقبال عملاء شركات الطيران الكبري عن السفر عبر خطوطها أو تعرضها لضغوط من الأخيرة تستهدف خفض الرسوم التي تتحصل عليها نظير أداء هذه الخدمات.
 
وأمسكت الأزمة بخناق هذه الشركات خصوصاً بعد سقوط طائرة توربينية وتحطمها قرب منطقة بافلو في الولايات المتحدة في شهر فبراير الماضي، حيث انطلقت علي الفور حملة للتشكيك في معايير السلامة المتبعة في الطائرات التابعة لهذه الشركات وفي مهارة الطيارين وإجراءات تشغيلهم، وضاعف من تأثير ذلك مرور صناعة الطيران عموما بمرحلة انكماش تستهدف التأقلم مع الركود الذي تسبب في ضعف الطلب.
 
المسافرون هم من سيتحملون النتائج المترتبة علي مثل هذه التغييرات حيث إنها ستحرمهم من ميزة اعتادوا عليها في السابق وهي السفر مباشرة من المدن الصغيرة. ويتوقع مايكل بويد، رئيس شركة »بويد جروب« الاستشارية في مجال الطيران، حدوث حالات إفلاس وتصفية واندماجات قسرية فيما بين هذه الشركات الإقليمية وهي تحاول التأقلم مع الواقع الجديد.
 
وقد بدأت الشركات الكبري منذ عام تقريبا في الاعتماد علي شركات الطيران الإقليمية للاستفادة من أسطولها من الطائرات الصغري حجما وطاقمها الذي يتقاضي رواتب أقل نظير وعود بتحصيل هوامش أرباح كبيرة، والتزمت الشركات الكبري في هذه الأثناء بتزويد الطائرات بالوقود، ووضع جداول السفر وبيع التذاكر.
 
وأصبحت الشركات الكبري تري حاليا أن هذه الصفقات تعد سخية زيادة عن اللزوم، وتصاعدت رغبتها في تحميل الشركات الإقليمية قدراً أكبر من المخاطرة أو دفعها علي الأقل لمشاركتها في الخسائر التي تتعرض لها. وقامت بعض الشركات الكبري برفع قضايا لإنهاء هذه الصفقات أو طرح قدر أقل من المشاريع علي الشركات الأصغر وبشروط أكثر إجحافا.
 
واستغلت شركات أخري احتدام المنافسة فيما بين الشركات الأصغر للفوز بالمناقصات التي تطرحها عن طريق انتزاع قروض منها ومطالبتها فضلا عن ذلك بتقديم تنازلات أخري.
 
ولم تنج من الضغوط الشركات الإقليمية المملوكة لشركات طيران كبري. فشركة »ايروايز جروب« الأمريكية ذكرت مؤخرا أنها لن تعهد لشركة »بيدمونت ايرلينز« التابعة لها بتقديم خدمات إلي 26 رحلة طيران انطلاقا من مطار »لا جارديا« في نيويورك.. وستفقد الأخيرة لذلك ما يقرب من 300 وظيفة.
 
وتحاول بعض شركات الطيران الإقليمية الرد علي ذلك عن طريق تقليل اعتمادها علي الشركات الكبري بدخولها في صفقات استحواذ تساعدها علي مواجهة الشركات الكبري.
 
ففي شهر يوليو الماضي استحوذت شركة ريببلك ايروايز القابضة التي تحتل المرتبة الثالثة من حيث عدد المسافرين علي شركة »ميدوست ايروايز« المتعثرة، واستحوذت في أكتوبر علي شركة »فرونتير ايروايز« التي كانت قضيتها معروضة أمام محكمة الإفلاس الأمريكية.
 
ويقول »براين بيدفورد«، الرئيس التنفيذي لشركة »ريببلك«، إن الشركة فقدت القدرة علي زيادة النمو في نشاطها الأساسي، وإنها تسعي لتنويع مصادر عوائدها وزيادة معدلات نموها.
 
ويتشكك بعض المحللين في استراتيجية الاستحواذ التي أقدمت عليها »ريببلك « وفي قدرتها علي إقالة الشركة من عثرتها، وتوقعت »ريموند جيمس« البحثية الشهر الحالي تكبد شركتي »ميدوست« و»فرونتير« مزيدا من الخسائر علي المدي القريب.

 
وقال متحدث باسم شركة »ريببلك« إن الشركة لا تتوقع تحصيل أرباح ناتجة عن أي من الاستحواذات خلال النصف الأول من عام 2010، لكنه اعتبر أنها ستسهم فقط في زيادة العوائد والتدفقات النقدية خلال العام بأكمله.

 
وسعت شركات إقليمية أخري إلي توسيع نطاق خدماتها أو الدخول في تحالفات مع شركات طيران كبري، ومثال ذلك قيام شركة ميسا اير جروب بالإشراف علي تشغيل رحلات جوية فيما بين جزر هاواي تخص شركة »جو« التي تكبدت جراء ذلك خسائر تشغيل أقل.

 
وحصلت شركة »سكاي ويست« التي تحتل المرتبة الأولي من بين شركات تشغيل الرحلات الجوية من حيث عدد المسافرين علي عقد متواضع يتيح لها تشغيل خمس طائرات لشركة »ايرتران هولدنجز« القابضة.

 
ولا تزال المنافسة علي أشدها فيما بين شركات الطيران هذه بغرض تحصيل مكاسب منخفضة. فقد قامت مؤخرا شركة »سكاي ويست« التي تتخذ من ولاية أوتاوا الأمريكية مقرا لها بمد العمل بعقدها الحالي مع شركة »يوناتيد ايرلاينر« الأم، وحصلت علي حق تشغيل 13 طائرة إضافية مطلع 2010.

 
وقالت »سكاي ويست« ردا علي ذلك إنها وافقت علي تقديم قرض بقيمة 80 مليون دولا لشركة »يوناتيد« مدته 10 سنوات وتأجيل سداد 49 مليون دولار مستحقة علي شركة »يوناتيد« لشركة »سكاي ويست«.

 
وقررت »يوناتيد« مؤخرا وقف تجديد عقد أبرمته مع »ميسا« الإقليمية وعهدت بمعظم أعمالها لشركة »إكسبريس جيت« التي تحتل المرتبة الخامسة من بين شركات الطيران الإقليمية.

 
لكن »إكسبريس جيت« التي تتخذ من مدينة هيوستن مقرا لها كان يتعين عليها الدخول في منافسة مع 6 شركات طيران أخري قبل إبرام العقد، وقامت فضلا عن هذا في الشهور التسعة الأولي من 2009 بالطيران لعدد ساعات أقل بنسبة %7.3 مقارنة بعام ماضي لمصلحة شركة »كونتنتتال ايرلينز«.

 
ويقول جونثان اورستين المدير التنفيذي لشركة »ماسا« إن بعض شركات الطيران الكبري استمرت في معاملة الشركات الإقليمية بشكل جيد.. لكن شركات أخري اتخذت منحي أكثر عدوانية.

 
وقامت الشركات الإقليمية بنقل حوالي 159 مليون راكب في عام 2008، مقابل 78 مليون راكب في عام 1999.

 
وبينما قام قطاع الطيران المحلي في الولايات المتحدة بتقليص طاقته الاستيعابية بنسبة %11 خلال العامين الماضيين بغرض مواجهة أسعار الوقود المرتفعة في العام الأول ومواجهة الركود في العام الثاني، فقد زادت أعداد الطائرات عن حاجة خطوط الطيران الإقليمية، خصوصا تلك التي تم استئجارها بأسعار إيجار باهظة لا تتناسب مع الحالة الاقتصادية.

 
وقال »بويد«، الاستشاري في مجال الطيران إن الطائرات الإقليمية في أسطول أمريكا الشمالية، سيتراجع عددها إلي 1.390 طائرة العام المقبل، من 1.675 طائرة في 2008  بنسبة تراجع بلغت %17.

 
وتوقع أنه بحلول عام 2017 سيتراجع العدد إلي 800 طائرة، مشيراً إلي أن تقليل عدد المقاعد في الطائرات إلي 50 مقعدا فقط سيقلل من مكاسب شركات الطيران خصوصا مع استمرار ارتفاع أسعار الوقود،.
 
ويري »بل سولبار«، الباحث في معهد »ماستشوستس« للتكنولوجيا، أن المصاعب التي يواجهها القطاع ستدفع الشركات لإبرام المزيد من صفقات الاندماجات والاستحواذات وأن 4 شركات ستبقي في النهاية، مؤكدا صعوبة توفر رؤوس أموال كافية للشركات المتبقية.
 
ويشير إلي أن المسافرين سيلحظون تراجع الخدمات التي تقدمها شركات الطيران، علاوة علي وقف الرحلات الطموحة التي تنقل مسافرين فيما بين المدن الصغيرة والمطارات الرئيسية لعدم جدواها اقتصاديا.
 

جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الثلاثاء, 5 يناير 10