الرابحـــــــون والخاســــرون مـــــن «رالــــي» الدولار

الرابحـــــــون والخاســــرون مـــــن «رالــــي» الدولار
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 12 أكتوبر 03

صلاح رفعت:

تباين تأثر الشركات النشطة المتداولة في البورصة بارتفاع سعر الدولار عقب قرار تحرير الجنيه المصري. وتوقف هذا التأثر علي ما تملكه هذه الشركات من تدفقات دولارية.. وبالطبع انعكس تأثر هذه الشركات علي أداء أسهمها.

عقب سريان قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية في29 يناير 2003 حققت مؤشرات البورصة المصرية معدلات نمو قياسية. فقد ارتفع مؤشر هيرمس من 5754 نقطة إلي 10264 نقطة بنسبة ارتفاع وصلت إلي %84.

وتأثرت الشركات النشطة في البورصة المصرية بقرار تحرير الجنيه، بشكل أو بآخر فبعضها تأثر سلبا والبعض الآخر تأثر ايجابا، علي حسب ما تملكه هذه الشركات من تدفقات للنقد الأجنبي أو علي احتياجات للعملات الأجنبية.

ومن بين الشركات التي تأثرت ايجابيا شركة النساجون الشرقيون التي توجه أكثر من %50 من انتاجها للتصدير وقد ارتفع سعر سهمها من 24,8 جنيه في 29 يناير إلي 63,2 في اقفال الأربعاء الماضي، وبنسبة زيادة قدرها %154,8. وشركة النساجون الشرقيون التي ارتفع سهمها من 56 جنيها إلي 106 جنيهات في نفس الفترة بنسبة زيادة قدرها %89,2. وشركة O.T التي ارتفع سهمها من 16,8 إلي 59,8 جنيه بنسبة زيادة قدرها %225,9.

ومن الشركات التي تأثرت سلبيا شركة موبينيل رغم أن سهمها ارتفع من 53,89 جنيه إلي 79,2 خلال نفس الفترة، وبمعدل ارتفاع قدره %32 وذلك بسبب الاتفاق الذي تم إبرامه مؤخرا بين وزارة الاتصالات وشركتي المحمول في مصر علي تأجيل طرح الشبكة الثالثة للمحمول، الذي قامت الشركة المصرية للاتصالات بناء عليه بشراء حصة من شركة فودافون وهو ما يتيح الفرصة أمام موبينيل للاستمرار في وضعها القوي الحالي بالسوق.

وكذلك تأثرت شركة «ايبيكو للأدوية» سلبيا، وكان التأثر واضحا بقوة لاعتمادها بنسبة تزيد علي %85 علي خامات مستوردة من الخارج بالعملات الأجنبية وقد ارتفع سهم الشركة من 8,46 جنيه إلي 9 جنيهات، بارتفاع قدره %6 فقط، رغم التحسن الذي تشهده مؤشرات البورصة والذي وصل في مؤشر هيرمس إلي %84.

وتأثرت شركة «باكين للبويات» سلبيا رغم ارتفاع سعر سهمها من 19,67 جنيه إلي 29,45 جنيه، بمعدل ارتفاع قدره %33,3 وقد دعم هذا الارتفاع وضع نسبة المال العام في الشركة ضمن خطة الخصخصة للعام المالي 2004/2003، وهو ما أدي لزيادة الاقبال علي شراء أسهمها أما الشركة الشرقية للدخان فقد ارتفع سعر سهمها من 54 جنيها إلي 73 وبمعدل ارتفاع %26.

والملاحظ أن الشركات التي تأثرت سلبيا بقرار تحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية، وما ترتب عليه من انخفاض في قيمة الجنيه بحوالي %40، قد ارتفعت أسعار أسهمها بمعدل أقل من الارتفاع الذي شهده مؤشر هيرمس وهو %84، فنجد أن أسهم الشرقية للدخان وموبينيل وايبيكو وباكين قد ارتفعت بنسب %26 و%32 و%6 و%33,3 علي التوالي وبذلك لم تستجب أسهم هذه الشركات للانتعاشة التي شهدتها البورصة منذ بداية العام وحتي الآن.

في حين نجد أن الشركات التي تأثرت ايجابيا بتخفيض قيمة الجنيه بسبب ما تملكه من تدفقات بالعملات الأجنبية قد ارتفعت أسعار أسهمها بنسب تزيد علي الارتفاع الذي شهده مؤشر هيرمس.. فقد زادت أسهم O.C.I والنساجون الشرقيون وO.T بمعدل %154,8 و%89,2 و%225,9 علي التوالي.

ولأن الشركة الشرقية للدخان تستورد ما يزيد علي %90 من موادها الخام المتمثلة في التبغ ومواد التعبئة من الخارج فقد تأثرت بشدة بتخفيض قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، خاصة أن مواردها الدولارية من التصدير والتصنيع للغير والأنشطة الأخري محدودة للغاية.

وقد واجهت الشركة صعوبة كبيرة في رفع أسعار منتجاتها من السجائر، خاصة الشعبية منها لمواجهة الارتفاع الذي حدث في سعر الدولار.

ومن بين العوامل التي أدت إلي تحسن الوضع المالي للشركة صدور القرار الجمهوري بتعديل ضريبة المبيعات علي منتجات الشركة في يوليو 2002 لتصبح 6 شرائح بدل من شريحتين وهو ما أتاح للشركة رفع أسعار منتجاتها من السجائر بنسب مختلفة، وإن كانت لا تتناسب مع الارتفاع الذي حدث في قيمة وارداتها من المواد الخام.

ويقول خالد المهدي رئيس إدارة البحوث في شركة HSBC للسمسرة، والمحلل المالي إن شرائح ضريبة المبيعات الجديدة أعطت الشركة بعض القدرة وليس كل القدرة لتمرير زيادة أسعار منتجاتها للمستهلك النهائي، لمواجهة الزيادة في أسعار المواد الخام. وقال إن الشريحتين القديمتين لضريبة المبيعات كانتا لا تسمحان بذلك، حيث كان يتم فرض 85 قرشا ضريبة مبيعات علي كل علبة سجائر يقل سعرها عن 65 قرشا، بالإضافة إلي 10 قروش مساهمة في صندوق التأمين الصحي، وبذلك كان سعر أرخص علبة سجائر 160 قرشا، وكانت أي زيادة حتي ولو قرشا واحدا عن 65 قرشا للعلبة، يعني نقلها إلي الشريحة الأخري والتي يتم بموجبها فرض 127 قرشا ضريبة مبيعات، وهو ما يعني زيادة مضاعفة في سعر البيع للجمهور يترتب عليه انخفاض الاقبال علي منتجات الشركة.

ويؤكد المهدي أن القرار الجمهوري باخضاع الشركة لـ6 شرائح من ضريبة المبيعات قد تلافي هذا الخلل وهو ما أتاح للشركة بعض المرونة في رفع أسعار منتجاتها.

وارتفع حجم انتاج الشركة خلال العام المالي 2003/2002 بحوالي 2 مليار سيجارة ليصل اجمالي حجم الانتاج إلي 67 مليار سيجارة مقارنة بنحو 65,1 مليار سيجارة كمستهدف لانتاج العام بنمو يبلغ %3. وبلغ حجم مبيعات الشركة من أنشطتها المختلفة خلال العام حوالي 2,609 مليار جنيه بزيادة 186 مليون جنيه عن المستهدف بنسبة زيادة %8، وبزيادة قدرها 297 مليون جنيه عن المحقق في العام المالي السابق أي بنسبة نمو قدرها  %13.

وهذه الزيادة في الانتاج وحجم المبيعات واتجاه الشركة لتخفيض نفقات الانتاج بالإضافة لرفع سعر المنتجات هي التي أدت من وجهة نظر خالد المهدي إلي تماسك الموقف المالي للشركة في مواجهة ارتفاع سعر الدولار.

ويلاحظ المهدي أن هوامش ربح الشركة رغم ذلك قد انخفضت لأن الزيادة التي تمت في سعر بيع المنتجات ليست كافية لتعويض الزيادة في التكاليف فقد انخفض هامش ربح الشركة من %23,4 في العام المالي 2001/2002 إلي %21,1 في العام المالي الحالي.

ويؤكد المهدي أن موقف الشركة الحالي جيد وأنها استطاعت مؤقتا مواجهة التخفيض الذي حدث في قيمة الجنيه ولكنها قد تواجه صعوبات في المستقبل إذا لم تتمكن من رفع قيمة منتجاتها، بما يعوض الزيادة في فاتورة وارداتها من المواد الخام.

أما شركة «باكين للبويات» فهي تستورد %65 من المواد الخام اللازمة لها (كيماويات وأصباغ وغيرها) من الخارج بالعملات الأجنبية في حين أنها تبيع منتجاتها بالجنيه المصري، وهو ما أدي إلي زيادة معدل التكاليف بنسبة %73 خلال التسعة أشهر الماضية مقارنة بحوالي %66 خلال نفس الفترة من العام الماضي، وتسبب ذلك في نمو صافي الربح بمعدل %3 فقط، وكان قبل ذلك حوالي %21.

وتوجه الشركة معظم انتاجها إلي السوق المحلي في حين لا تصدر سوي حوالي %3من الانتاج إلي الخارج وهو ما أدي إلي نقص كبير في مواردها من العملات الأجنبية.

ويقول جوزيف إسكندر رئيس إدارة البحوث بشركة برايم للسمسرة إن الشركة لا بديل أمامها لتحسين موقفها المالي سوي محاولة تقليل الاعتماد علي الأسواق الخارجية لتوفير احتياجاتها من المواد الخام ومحاولة فتح أسواق تصديرية لها، لزيادة مواردها من العملات الأجنبية وإن كان ذلك ليس سهلا نظرا لأن البويات من السلع التي لا يوجد أمامها فرص للتصدير، وكذلك علي الشركة أن تحاول تخفيض هيكل تكاليفها بتشريد الانفاق وإعادة هيكلة العمالة.

أما شركة «ايبيكو» فقد تأثرت سلبا كغيرها من شركات الأدوية بارتفاع سعر الدولار لاعتمادها علي استيراد حوالي %85 من المواد الخام من الخارج بالعملات الأجنبية، في حين أن حجم صادراتها للخارج محدود، وهو ما يؤثر سلبا علي تدفقات النقد الأجنبي لديها، ويؤثر بدوره علي هوامش ربحيتها بالسلب.

وقد زاد صافي ربح الشركة بمقدار 2 مليون جنيه فقط خلال النصف الأول من عام 2003 وحققت الشركة صافي ربح قدره 61 مليون جنيه مقارنة بحوالي 59 مليون جنيه خلال النصف الأول من عام 2002.

وتوقعت دراسة أصدرتها إدارة البحوث في شركة EFG هيرمس للسمسرة أن يتأثر أداء الشركة سلبا بتخفيض الجنيه علي المدي البعيد، لأن مخصصات فروق العملة التي تجنبها الشركة في تزايد، حيث كانت خلال النصف الأول من العام الحالي 13 مليون جنيه، في حين كانت 9 ملايين جنيه في نفس الفترة من العام السابق.

وفي محاولة من الشركة لتحسين موقفها المالي فقد بدأت في زيادة انتاج الأدوية الخاصة بها علي حساب الأدوية من الأنواع العالمية التي تدفع تراخيص انتاج لها بالعملات الأجنبية. وقد زاد انتاج هذا النوع من الأدوية إلي %80,5 من اجمالي انتاج الشركة خلال عام 2002، بدلا من %76,6 في عام 2001 وهو ما خفض مدفوعات الشركة بالعملات الأجنبية وهذا من شأنه تحسين ربحية الشركة.

شركة «موبينيل» هي الأخري كانت الآثار السلبية لتخفيض الجنيه أكبر من الآثار الايجابية عليها لأن الشركة مدينة بقرض دولاري كبير، وقد زادت أعباء هذا الدين بعد الزيادة التي شهدها سعر الدولار.

ويقول خالد الطيب المحلل المالي إن هناك أثرا سلبيا مستقبلياً يمكن أن تواجهه الشركة إذا أرادت إجراء توسعات استثمارية في شبكتها، لأن كل معدات شبكات المحمول يتم استيرادها من الخارج بالعملات الأجنبية.

ويضيف «لو كانت تكلفة الخط الواحد في الشبكة عند إقامتها “Xس فسوف تزيد إلي “X+3 ” حاليا بعد تخفيض سعر الجنيه. وهو ما سوف يزيد أعباء الدولارية علي الشركة إذا أرادت رفع الطاقة الاستيعابية لشبكتها وعلاوة علي ذلك فإن الشركة تحصل قيمة خدماتها بالجنيه المصري، ومواردها من العملات الأجنبية من التجوال والأنشطة الأخري المحدودة»، كما أن الشركة لن تتمكن من زيادة تعريفة الخدمة بنفس قيمة انخفاض الجنيه مقابل الدولار، لأن ذلك يحدده مرفق تنظيم الاتصالات ولذا فإن الشركة لن تتمكن من تحميل المستهلك لفروق الارتفاع في سعر الدولار.

كما أن قدرة المستهلك علي تحمل أي زيادة في أسعار الخدمة والكلام ما زال لخالد الطيب محدودة بسبب انخفاض الدخل بنفس قيمة انخفاض الجنيه، وهو ما سينعكس علي «العائد المتوسط للمستخدم» ERKU .

ويؤكد الطيب أن علي الشركة محاولة زيادة عدد المشتركين الحاليين في شبكتها.

ومن الشركات التي تأثرت سلبيا وايجابيا بشكل متبادل بقرار تحرير الجنيه شركة أوراسكوم تيلكوم O.T ، وإن كانت المحصلة النهائية لتأثر الشركة ايجابية كما يؤكد خالد الطيب.

ويقول إن الشركة كانت محملة بقروض دولارية كبيرة، ونسبة كبيرة من دخلها بالجنيه، وقد حققت الشركة خسائر فروق عملة في نتائج النصف الأول من العام المالي الحالي 191 مليون جنيه.

وهو ما كان له تأثير سلبي علي صافي أرباحها خلال النصف الأول لتصل إلي 137 مليون جنيه، في حين أنها حققت في الربع الأول من العام 103 ملايين جنيه، وبذلك تكون أرباحها خلال الربع الثاني من العام حوالي 34 مليون جنيه فقط.

ويؤكد الطيب أن هذه النتائج تتناقض مع زيادة عدد المشتركين في شبكات المحمول المملوكة للشركة في الجزائر وباكستان.

ومما قلل من تأثر الشركة بتخفيض الجنيه قيامها بـ«تنظيف محفظتها» علي حد تعبير خالد الطيب ببيع الشبكات الخاسرة مثل Fastlink في الأردن، واستخدام حصيلة البيع في سداد جزء من القروض الدولارية علي الشركة.

وتمتلك شركة O.T تدفقات كبيرة من العملات الأجنبية تمنحها ميزة نسبية بسبب ارتفاع قيمة هذه العملات في مقابل الجنيه وإن كان الارتفاع الذي شهده سعر سهم الشركة مؤخرا يعود لعوامل أخري، غير ذلك وعلي رأسها فوز الشركة بمناقصة المحمول في المنطقة الوسطي بالعراق.

أما شركة O.C.I أوراسكوم للانشاء والصناعة فتبلغ مواردها بالعملات الأجنبية حوالي %60 من اجمالي إيرادات الشركة، خاصة من نشاط المقاولات بالخارج في حين أن أغلب نفقاتها بالجنيه المصري.

ولدي الشركة كما يقول جوزيف اسكندر خطة للوصول باجمالي العقود تحت التنفيذ إلي %50 في عام 2005 خارج مصر أي تدر عائدا بالعملات الأجنبية.. كما نجحت الشركة هذا العام في الحصول علي حوالي %60 من العقود خارج البلاد، متخطية النسبة المستهدفة بالإضافة إلي أنها تتعاقد علي بعض المشروعات داخل مصر بالدولار.

وتبلغ مصروفات الشركة بالعملة الصعبة كما يؤكد جوزيف حوالي %25 فقط من اجمالي مصروفاتها، في حين يبلغ مركزها المالي من العملات الأجنبية حوالي %35.

ويتوقع جوزيف أن تحقق الشركة إيرادات قدرها 3,6 مليار جنيه خلال العام الحالي، منها حوالي 1,8 مليار جنيه بالعملات الأجنبية أي حوالي 290 مليون دولار.

ويقول جوزيف اسكندر إن أكبر الشركات المتداولة في البورصة استفادة من تخفيض الجنيه المصري كانت النساجون الشرقيون وقد ظهر ذلك بوضوح في نتائج أعمال الشركة نصف السنوية الأخيرة حيث حققت %47,4 ارتفاعا في صافي الربح و%44 زيادة في الإيرادات وذلك بسبب ارتفاع قيمة صادرات الشركة، وأيضا ارتفاع حجم مبيعاتها.

وقد زادت نسبة صادرات الشركة من حوالي %50 من انتاجها خلال النصف الأول من عام 2002 إلي %57 خلال النصف الأول من العام الحالي بسبب زيادة تنافسية منتجات الشركة في الأسواق العالمية عقب تخفيض قيمة الجنيه.

وعلي الجانب الآخر فإن الشركة تعتمد علي السوق المحلي في توفير احتياجاتها من المواد الخام. وكانت الشركة تستورد في السابق حوالي %30 من احتياجاتها من الخارج خاصة مادة «البولي بروبلين» وحاليا تحصل علي هذه المادة من السوق المحلي بالجنيه المصري من شركة الشرقيون للبتروكيماويات

جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 12 أكتوبر 03