الحوافز المالية «المفرطة» وراء اشتعال المنافسة علي خطف الكوادر المصرفية

الحوافز المالية «المفرطة» وراء اشتعال المنافسة علي خطف الكوادر المصرفية
جريدة المال

المال - خاص

10:26 ص, الأحد, 8 يوليو 07

مني كمال:
 
شهدت ظاهرة  اختطاف الكوادر المصرفية من بعض البنوك تصاعدا حادا خلال الأشهر القليلة الماضية علي نحو أقلق العديد منها إلي حد المطالبة بتدخل حاسم لوقف ما اعتبر انتهاكا لأعراف المعاملات فيما بين أطراف السوق المصرفية.

 
وفي محاولة من «المال» لمتابعة ردود الأفعال داخل السوق علي اتساع حدودها وأثر علمها نية اتحاد بنوك مصر التدخل لوقف تلك الممارسات الضارة، حاولنا الحصول علي رد قيادات البنوك علي ما يجري وآليات المواجهة والحد من انتشار الظاهرة، والضوابط التي يمكن وضعها لضمان تفادي تدهور أوضاع سوق العمالة المصرفية.
 
أوضح حسن عبدالمجيد العضو المنتدب لبنك الشركة العربية المصرفية وعضو مجلس إدارة اتحاد البنوك أن ظاهرة صيد الكوادر داخل الجهاز المصرفي كانت موجودة في فترة التسعينيات ولكنها لم تكن تمثل تلك الحدة التي تشهدها الفترة الحالية.

 
مضيفا أن العروض والحوافز المادية أصبحت غير منطقية ومبالغ فيها كما أن الهدف منها ابتعد عن كونه جذب كوادر ذات خبرات للارتقاء ببعض الإدارات داخل البنوك بل أصبح الهدف منها هو خطف الكوادر المؤثرة داخل البنوك لهدم الكيانات المصرفية وتفكيك الأخري بشكل متعمد.

 
وأكد أن دخول البنوك الأجنبية والعربية لعب دورا كبيرا في وضع مقاييس وثوابت جديدة Standerd وفقا كما هو معمول به في الأسواق المصرفية الدولية وهو ما أحدث نوع من إعادة هيكلة لأجور الكوادر المصرفية في السوق وهو ما أحدث نوع من الاختلال فبعد أن كان العاملون بالبنوك يسعون وراء الحصول علي الألقاب والمراكز لعبت الأرقام دورا أكبر وأصبحت المقياس داخل الجهاز المصرفي.

 
ورفض عبدالمجيد فكرة وضع ضوابط أو محددات لوقف انتقال الكوادر داخل البنوك مشيرا إلي أن هذا يعد تراجعا فيما تم اتخاذه لإعادة هيكلة الجهاز المصرفي وتحديده مؤكدا أن السوق الحرة يعني اخضاع الأمور للعرض والطلب وحرية انتقال العاملين بالبنوك.

 
وأشار إلي أن أحد الحلول المطروحة للحد من هذه المشكلة يتمثل في تركيز البنوك علي تأهيل وإخراج الكوادر الخاصة بها وتدعيمها بالتدريب والخبرات الأجنبية إلا أنه استبعد أن يضمن هذا الحل بقاء العاملين بالبنوك وإنما قد يحد من هذه الظاهرة.

 
ومن جانبه رفض حسن عبد المجيد مدير عام البنك الأهلي المتحد استخدام لفظ (خطف) وإنما يري أنه استقطاب للكوادر المصرفية ذات الكفاءة والخبرات لافتا إلي أن ما يحدث حاليا أمر منطقي للمرحلة التي يمر بها القطاع المصرفي في مصر وذلك منذ أن قام رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف في عام 2002 باستقطاب خبرات مصرفية جيدة عملت لفترات طويلة داخل البنوك الأجنبية للمساهمة في عمليات  إعادة القطاع المصرفي بفكر جديد.

 
وأضاف أن ما تبع ذلك من حركات الدمج والاستحواذ ودخول البنوك الأجنبية واكتمال عمليات البيع داخل بعض الوحدات المصرفية جعل هناك اتجاها لرفع أسقف الحوافز والمرتبات داخل السوق المصرفية والتي انصبت مؤخرا في مصلحة العاملين لهذا القطاع.وأشار  إلي أن أبلغ مثال علي ذلك ويعد معبرا عن وضع السوق ما حدث مؤخرا عند خصخصة بنك الإسكندرية واستحواذ بنك سان باولو عليه حيث تم رفع مرتبات العاملين إلي نسبة %50 وذلك تخوفا من خسارة بعض الكوادر الجيدة داخل البنك. ويختلف عبدالحميد مع الرأي القائل بأن هناك مبالغة في الحوافز المادية التي يتم عرضها لكوادر القطاع المصرفي مشيرا إلي أنه من المتعارف عليه أن العاملين في قطاع البترول وقطاع الاتصالات يحصلون علي المرتبات الأعلي داخل السوق المصرية ولم توجه لهم هذه الانتقادات الحادة لافتا إلي أن هناك خبرات جيدة داخل البنوك وكفاءات حان الوقت لتقديرها وإعادة الأمور إلي نصابها الصحيح.

 
وأكد أن انتقال العاملين داخل بعض البنوك وخاصة خلال الشهور القليلة الماضية قد أسهم بشكل كبير في إحداث تغيرات هيكلية في العديد من الإدارات إلا أنها في النهائية تتجه نحو الأفضل وترفع من قدراتها التنافسية وأرجع عبدالحميد لجوء البنوك إلي استخدام الحوافز المادية المرتفعة واستقطاب الكوادر وخاصة التي قامت بالاستحواذ علي بنوك قائمة إلي حاجة المشتري الجديد إلي تغطية وزيادة رأس المال في دورة سريعة فيجد أنه أمام خيارين إما أن يقوم بتدريب  الكوادر وهو الأمر الذي يستنزف الوقت والمال لا يؤتي ثماره إلا خلال أربع سنوات علي أقل تقدير. إما  أن يقوم باستقطاب كادر مصرفي جيد يملك الكوادر والخبرة الكافية للعمل وفي نفس الوقت تطوير سياسة تدريبية قادرة علي خلق صفوف ثانية وثالثة من الكوادر المصرفية الجيدة لتبقي في البنك وهو الأمر الذي يمكن إتمامه في سنتين علي الأكثر.واتفق عبدالحميد مع الرأي السابق في أهمية اخضاع الأمر للعرض والطلب داخل السوق المصرفي ةوعدم وضع أي نوع من الضوابط للحد من انتقال العاملين داخل البنوك لافتا إلي أنه في إطار السوق الجديدة وتدعيم المنافسة ليس هناك ما يمنع من وجود حوافز أعلي.

 
ويختلف مع الآراء السابقة هشام عزالعرب رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي، الذي دعا إلي ضرورة البحث عن صيغة جماعية لمراجعة هذه الممارسات التي وصفها بأنها غير مشروعة داخل السوق علي هذا الصعيد وخاصة بعد أن تحولت إلي عمليات اختطاف للكوادر تشبه ظاهرة «حرق الأسعار» فيما يتعلق بالرواتب وأنظمة الحوافز عن طريق المبالغة في الحدود القصوي لها وحول موقف اتحاد بنوك مصر من قضية انتقال الخبرات المصرفية بين البنوك أكد علي فايز مدير عام الاتحاد أن عددا من البنوك قد لجأ بالفعل للاتحاد باعتباره الإطار القانوني الذي يدافع عن أهدافه لوقف هذه الظاهرة التي اعتبرها البعض تمثل تهديدا لسرية الحسابات والسرية المهنية لخطط البنوك المستقبلية كما أنها تمثل أعطالا للعديد من المبادئ المعمول بها في القطاع المصرفي وأن انتقال الخبرات يجب أن يتم وفقا لمعايير متعارف عليها.

 
وأضاف أن الاتحاد يدرس تحديث ميثاق سلوكيات العمل المصرفي والصادر منذ عام  1985 مشيرا إلي أن ما ورد منه من بنوك لانتقال العمالة لا يتوافق مع ما شهده الجهاز المصرفي من تطورات خلال السنوات الأخيرة حيث أصبحت هناك ضرورة لإعادة النظر في العلاقة بين وحدات الجهاز المصرفي المختلفة والعاملين بها بحيث أصبح علي جميع البنوك اعتبار العاملين  أحد أوجه الانفاق الاستثماري بالإضافة إلي ما تتمتع به السوق حاليا من آليات العرض والطلب وحق العاملين في البحث عن فرص وظيفية أفضل وكذا حق البنوك في جذب الخبرات والكفاءات التي تتناسب مع ما تشهده من تطورات سواء في الإدارة أو فيما تقدمه من خدمات في ظروف تنافسية عنيفة وذلك أسوة بما هو مطبق في الخارج.
 
وأكد أن من سمات الاقتصاد الجديد عدم فرض أي قيود سواء قانونية أو عرفية إنما يمكن وضع ضوابط للأمر تلزم الأفراد الراغبين في الانتقال للعمل لدي بنك آخر بسداد ما أن علي تدريبهم خلال مدة خدمتهم أو قيمة ما يتمتعون به من خبرات نتيجة عملهم في بنوكهم الحالية.
 

جريدة المال

المال - خاص

10:26 ص, الأحد, 8 يوليو 07