الحساب المجمع يعيد شبح ارتباك السيولة لدي البنوك

الحساب المجمع يعيد شبح ارتباك السيولة لدي البنوك
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 10 ديسمبر 06

كتب – محمد بركة :
 
أثار القرار الذي اتخذته وزارة المالية بسريان نظام الحساب المجمع لموارد ومدفوعات الجهات الحكومية، حالة من القلق البالغ في اوساط الجهاز المصرفي بعد دخول هذا النظام الذي سبق للوزارة تمريره ضمن مشروعها لتطوير «تبويب» وعرض الموازنة العامة، حيز التنفيذ اعتباراً من مطلع الاسبوع الماضي وأدي ذلك إلي ارتباك العمل داخل ادارات الخزانة المسئولة عن ضبط مراكز السيولة بالبنوك بعد تصاعد المخاوف من اختناقات مفاجئة في تلك المراكز جراء استجابة الشركات العامة والوحدات الحكومية للقرار وتصفية أرصدتها لدي البنوك بقطاعيها العام والخاص لصالح الحساب المجمع الذي شرع في استقبال تلك التحويلات بالبنك المركزي مجدداً تجربة التسعينيات.

 
وكانت وزارة المالية قد عممت تعليمات الي الجهات الحكومية بالامتثال للقرار، بالتوازي مع قيام «المركزي» بإخطار البنوك للتعاون مع الشركات المعنية في تصفية أرصدتها «في الوقت الذي لم تحدد فيه تعليمات المالية» الفئات التي ستشرع في تحويل ارصدتها الي الحساب المجمع، وما إذا كانت الوزارات تضم إليها صناديق وحسابات المحليات والمحافظات، ام انها ستمتد إلي نطاق اوسع يشمل كل ماهو حكومي، بما في ذلك شركات قطاع الاعمال العام، وإن كان نص التعليمات قد اكتفي بتحديد الفئات المستثناة، وهي تعاملات بنك الاستثمار القومي، وبعض الوزارات السيادية، وحسابات رئاسة الجمهورية مما فهم منه حصرية التعميم دون تلك الأرصدة.
 
وفي الوقت الذي ساد فيه الارتباك كواليس إدارات الخزانة بالسوق المصرفية نتيجة عجز العديد منها عن رصد مؤشرات موضوعية تمكنها من بناء مراكز للسيولة في الأجل القصير بصفة خاصة، واجهتها عقبة أخري بالنسبة لتعاملات المدي الاطول، ذلك ان توزيعات تلك الأرصدة تحتاج إلي «خارطة طريق» حسب تعبير أحد مسئولي هذه الإدارات نتيجة توزعها بين عدد كبير من بنوك القطاعين العام والخاص، بالرغم من ان اجماليها بالعملتين المحلية، والاجنبية يتجاوز 80 مليار جنيه «تضم ودائع لتلك الجهات».
 
وكان البنك المركزي – عبر نائب المحافظ طارق عامر – قد حاول التلطيف من آثار سريان هذا القرار. وقال في تصريحات خاصة لــ«المال» ان تجميع تلك الأرصدة في حساب مجمع هو قرار «المالية»، إن ذلك لا يمثل عبئاً علي البنك المركزي في إدارة سوق السيولة لأنه يتكفل ضمن مسئولياته عن السياسة النقدية باستخدام عمليات السوق المفتوحة لامتصاص الفائض، او تعويض العجز.
 
وأكد انه في حالة حدوث نقص حاد في السيولة المتاحة بين البنوك جراء تحويل هذه السيولة منها الي الحسابات المجمع، فسوف يتدخل مرة اخري من أرصدة هذا الحساب لتمويل احتياجات السوق.
 
غير أن ارتباك السوق دفع «المالية» نهاية الاسبوع الماضي، في محاولة منها للتهدئة، الي قطع الطريق علي محاولات اصطناع ازمة من جانب وحدات السوق التي استشعرت الخطر ومنحت البنوك مهلة حتي 7 يناير المقبل لنقل الأرصدة التي يقل حجمها عن 100 مليون جنيه إلي الحساب المجمع، في الوقت الذي بدت فيه البنوك حذرة تجاه عرض ما في حوزتها من سيولة راهنة.
 
وكانت هذه الاجواء قد دفعت اسعار الانتربنك «الاقراض ما بين البنوك لليلة واحدة» الي الاقتراب من ملامسة سقف «الكوريدور»، حيث قاربت علي تجاوز %9.7 (نحو %9.655) مع نهاية الاسبوع الماضي رغم اجراءات طمأنة السوق التي سعت إليها كل من «المالية» و«المركزي».
 
واعتبر الخبير المصرفي الدكتور خليل ابوراس ان انشاء الحساب المجمع لموارد ومدفوعات الجهات الحكومية هو بمثابة العودة الي الاصل، حيث كانت حسابات تلك الجهات غير مسموح بالاحتفاظ بها خارج البنك المركزي خلال السبعينيات، وان هذا الاجراء وإن تسبب في نقص بالسيولة المحلية، فسيكون النقص عارضاً وسيمكن «المالية» من التأثير الايجابي في كبح جماح الدين العام المحلي.
 
ولكنه نبه إلي ضرورة انشاء آلية للمقاصة ما بين موارد والتزامات الجهات الحكومية المختلفة داخل «المركزي»، تعمل تحت اشراف لجنة من السوق تتمثل داخلها اطراف هذه المدفوعات للعمل علي الاسراع بسريان دورة المدفوعات الحكومية حتي لا تعود الاختناقات التي سادت اواخر التسعينيات، لأنه لا يعقل ان يرد المركزي شيكات مسحوبة علي ارصدة حكومية!  ومن جانبه لفت محمود عبد العزيز «شيخ المصرفيين» ورئيس اتحاد البنوك الاسبق إلي أن اقدام الحكومة علي هذه الخطوة يقتضي قيامها بسداد ما ترتب من مديونيات والتزامات علي الهيئات الاقتصادية وشركات قطاع الاعمال من باب الانصاف، وحتي لا يتسبب هذا الوضع في ازمة سيولة لا مبرر لها في هذه الظروف نتيجة سحب تلك الارصدة واستمرار تحميل البنوك بمديونيات تلك الجهات، مما يؤثر سلباً علي خطط النمو المستهدفة.
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 10 ديسمبر 06