التنبؤ بالمخاطر وإدارتها.. التحدى القادم للبنوك

التنبؤ بالمخاطر وإدارتها.. التحدى القادم للبنوك

التنبؤ بالمخاطر وإدارتها.. التحدى القادم للبنوك
جريدة المال

المال - خاص

11:15 ص, الأربعاء, 30 مارس 16

نائب محافظ المركزى يشدد على وضع خطط لإدارة الأزمات
منى البرادعى: المخاطر ركن أساسى من أعمال البنوك وتتطلب إنشاء إدارات قوية
سهر الدماطى: اختبارات التحمل أصبحت ضرورية للغاية
طارق الخولى: المركزى يواجه تحديات الوفاء بإدخال مقررات بازل 3 فى 2019

هبة محمد وسهير محمد


أكد المشاركون بالمؤتمر السنوى الثامن للمعهد المصرفى، أن مقررات «بازل 3»، التى تسعى البنوك العاملة فى السوق المحلية لتطبيقها، لن تكون كافية وحدها لإدارة المخاطر المحتملة، التى تشهد تطورات متسارعة، تتجاوز ما نصت عليه معايير بازل، خاصةً فى ظل المتغيرات التكنولوجية التى يشهدها القطاع.

قال جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى المصرى، خلال كلمته بالمؤتمر، الذى انعقد تحت عنوان “الاتجاهات الحديثة فى إدارة المخاطر”: إن تطبيق مقررات بازل 3 جاء لتحسين قصور مقررات بازل 1 و2، موضحاً أن النجاح يتوقف على وجود إدارة مخاطر قوية.

أضاف «نجم» أن تطوير إدارات المخاطر، لا يشمل البنوك المحلية فقط وإنما يمتد للبنك المركزى باعتباره الرقيب الذى يجب أن يطور أداءه بشكل دائم، مشيرًا إلى أن «المركزى» شدد على البنوك المحلية لتطبيق عدد من أنظمة التنبؤ والإنذار المبكر، ووضع خطط فاعلة لإدارة الأزمات على جميع المستويات، ومنها خطط استمرارية الأعمال، وخطة طوارئ السيولة.

وأكد نجم خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أهمية إجراء اختبارات الضغط،وفقا لسيناريوهات متعددة، سواء على المحفظة الائتمانية أو قطاعات النشاط الاقتصادى أو العميل الواحد والأطراف المرتبطة، أو تلك المتعلقة بمستويات السيولة على المستويين الكلى والجزئى، وكذلك ضرورة وجود حدود وسياسات واضحة وعملية للتعامل مع المواقف المختلفة والمشكلات.

وقال إن إدارة مخاطر السيولة تمثل دائماً هاجساً يؤرق البنك المركزى «السلطة الرقابية» بصورة كبيرة، نظرا لتوافرها وفقا للمعايير السائدة، إلا أن «المركزى» يولى عناية كبيرة بهذه البنود، تماشياً مع المتغيرات الرقابية.

تماسك القطاع المصرفى

وأكد نجم أن جميع المؤشرات تؤكد تماسك القطاع المصرفى‘ إذ تخطى حجم الأصول الـ 2 تريليون جنيه، مشيراً إلى أنه فى ظل التغيرات التى شهدها الاقتصاد بعد ثورة 25 يناير، ساند القطاع المصرفى الدولة.

وأضاف أن التجربة العملية أثبتت أن دعم وتقوية القطاع المصرفى كان له أكبر الأثر فى صموده أثناء الأزمات بل، وقيامه بمساندة باقى قطاعات الدولة، ومساعدتها على تخطى تلك الأزمات ومواصلة النمو والاستقرار بمفهومه الشامل، اقتصاديا وأمنيا، من خلال دوره الطبيعى فى ضخ التمويل ودعم الاقتصاد، وأيضا كملاذ آمن لمدخرات وثروات المجتمع.

وأشار إلى دور السلطات الرقابية والبنوك المركزية التى ترشد البنوك العاملة فى الدولة للحفاظ على أموال المودعين، بجانب تحقيق مصالح جميع الأطراف للمساهمين فى البنوك والمستثمرين فى قطاعات الأعمال المختلفة، أو العملاء المقترضين وجميع مستهلكى الخدمات المصرفية، ومنهم الشركات والأفراد والمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر، والعاملون فى البنوك، لتحقيق أفضل مستو مهنى وفنى لهم، والوصول إلى مستو جيد من النمو الاقتصادى.

وأكد أن الحفاظ على استقرار الأسعار لا يعتبر أمراً يسيراً، إذ لا نقول إنها قد تكون أهدافًا متعارضة، بل على الأقل متداخلة ومتشابكة، بحيث يلزم إدارتها، ومعالجتها بهدف السيطرة عليها والحد من المخاطر التى تتداخل مع الأهداف السابقة، والتعامل معها سواء على المستوى الكلى للجهاز المصرفى للدولة، أو الجزئى لبعض البنوك بها، وضرورة انتقاء الاجراء الرقابى المطلوب فى التوقيت السليم، والذى يعمل على الحد من المخاطر، وفى الوقت ذاته يراعى عدم التأثير على نسب النمو الاقتصادى وانسياب الائتمان بسلاسة فى شرايين قطاعات الأعمال، أخذا فى الاعتبار مستوى السيولة المناسبة ومعدلات الربحية المقبولة.

وأكد ضرورة مراعاة الممارسات الرقابية والمصرفية المستحدثة، وفى مقدمتها مقررات بازل التى وضعت إطارا عالميا لإدارة المخاطر فى ضوء معايير محددة لرأس المال والسيولة، وتعد من أفضل الممارسات الرقابية التى تطبقها البنوك المركزية والسلطات الرقابية الدولية على البنوك العالمية.

وقال إن «المركزى» حرص على الاستفادة من كافة مستجدات الرقابة المصرفية، وتطبيق أفضلها بما يتناسب مع واقع وخصوصية القطاع المصرفى المصرى وبعد التشاور مع البنوك نفسها، وأصبح ذلك تقليدا متبعا فى العلاقة بين البنوك و«المركزي»، بما يدعم كفاءة القائمين على العمل فى الجانبين، مما أوجد قنوات للتفاهم بين الطرفين وانعكس على كيفية التعامل مع ملفات التعثر التى قد تترتب على أى ظروف غير مواتية.

وشدد على أن نشر ثقافة الرقابة الداخلية وإرساء البيئة الرقابية بالبنك، يقع على عاتق الإدارة العليا، بما يجعل جميع العاملين على اختلاف مستوياتهم مدركين لطبيعة ومسئولية كل منهم، بما يساعد على حسن إدارة المخاطر، ويؤدى إلى زيادة الفعالية ويرفع مستوى الأداء العام.

التحديات

وقال طارق الخولى، وكيل محافظ البنك المركزى لقطاع الرقابة والاشراف:إن هناك 3 تحديات رئيسية ستواجهها البنوك خلال الثلاث سنوات المقبلة.

وأوضح أن إلتزام البنوك بنسبة السيولة الجديدة وفقًا لمقررات بازل 3، ستفرض على البنوك التنافس الشديد من أجل جذب ودائع للتجزئة المصرفية والشركات وإدراج نسبة أعلى من الأصول السائلة ضمن أصول البنك، كما ستلجأ البنوك إلى منح قروض وتسهيلات قصيرة الأجل، أى أقل من عام، حتى تتمكن من الإلتزام بنسبة صافى التمويل المستقر.

وأضاف أن هناك تحديا آخر وهو زيادة تكلفة رأس المال وتكلفة السيولة، مع ارتفاع الأصول المرجحة بأوزان المخاطر، مما سيؤثر سلبًا على هوامش الربح على جميع القطاعات، بجانب ضرورة تكوين جزء من رأس المال كهامش للحماية من أية ضغوط مستقبلية، قد تضع على البنوك قيودًا على توزيع الأرباح وصرف المكافآت وإعادة شراء الأسهم.

وأكد الخولى أن البنك المركزى يواجه بعض التحديات، حيث عليه الوفاء بإدخال مقررات بازل 3 التدريجى فى نظمه التشريعية عام 2013 من خلال تنفيذ اللائحة الجديدة من عام 2013 لتكتمل حتى عام 2019.

أعباء جديدة على القطاع

واتفقت معهم الدكتورة منى البرادعى، المدير التنفيذى للمعهد المصرفى المصرى، فى أن المخاطر ركن أساسى من أعمال البنوك، لذا جاءت أهمية وجود إدارات قوية للمخاطر فى البنوك، مشيرةً إلى أن التغيرات الاقتصادية التى شهدتها الفترة الماضية والتطورات التكنولوجية أضافت أعباءً جديدة على القطاع المصرفى.

وأوضحت، أن اعتماد أجهزة الدولة على القطاع المصرفى خلال الفترة الماضية، ومساندته للاقتصاد لمواصلة النمو، أدى إلى الضغط على القطاع ورفع معدلات المخاطر التى يواجهها، مشيرة الى أن التطورات التكنولوجية أصبحت تفرض جزءاً من المخاطر على القطاع، خاصة فى ظل المنافسة الحادة بين البنوك على تقديم منتجات إلكترونية مبتكرة.

وقالت إنه رغم صدور معايير” بازل 1 و2 وتطبيق البنوك لها، إلا أنها لم تنجح فى تجنيب البنوك المخاطر، لذا صدرت ضوابط “بازل 3 ” لتعزز من قوة الجهاز المصرفى، وذلك بالتركيز على السيولة وتحسين المراكز المالية،بجانب إضافة مزيد من ضوابط التحوط.

وأضافت إن التطور الهائل الذى شهدته صناعة المدفوعات فى الآونة الأخيرة، أدى إلى زيادة حجم وأنواع المخاطر التى تواجه البنوك، والتى قامت بالتبعية بتحديث وتطوير أنظمتها لمواجهة المخاطر الحديثة.

وأشارت إلى أن التجارب أثبتت أن دعم القطاع المصرفى ساعده فى تجاوز الكثير من الأزمات التى مرت بها البلاد خلال الفترات الماضية، بجانب مساندة قطاعات الدولة الاقتصادية كافة.

وتحدثت الدكتورة علا الخواجة مدير ادارة البحوث والتوعية فى المعهد المصرفى المصرى، عن المخاطر المصرفية التى لم تعد تقتصر على المخاطر التقليدية المتمثلة فى مخاطر الائتمان ومخاطر السوق والعمليات، بل أضيفت إليها أنواع أخرى من المخاطر المتعلقة بالصيرفة الالكترونية، ومخاطر السمعة والدمج والاستحواذ.

وأكدت حاجة البنوك لإعادة تقييم جميع أنواع المخاطر وتحديثها لتجنب حدوث أزمات مستقبلية.

حماية الشركات

وألقى البروفيسور ميزيان لاسفر، أستاذ التمويل بجامعة سيتى لندن، الضوء على نوعين رئيسيين من المخاطر، هما مخاطر التعثر، ومخاطر السيولة، مشدداً على ضرورة تصدى البنوك لهذه المخاطر المتعلقة بسداد الإلتزامات طويلة المدى، ونظيرتها قصيرة المدى المرتبطة بالسيولة.

ولفت إلى نتائج بعض الدراسات الدولية التى أظهرت رغبة الشركات فى تلقى التمويل، ضارباً المثل بدولة نيوزيلندا التى تميل فيها الشركات لتلقى القروض قصيرة الأجل، فى حين تميل الشركات بالصين للاقتراض طويل الأجل.

وأضاف إن الدراسات أثبتت أيضا أن الدول التى توفر حماية جيدة للمستثمر تتجه فيها الشركات للاقتراض طويل المدى، أما فى حال ضعف معايير حماية المستثمر فإن المؤسسات تميل للاقتراض قصير الأجل، نظراً لخوفها من التغيرات التى قد تطرأ على السوق وتعرضها لمخاطر متنوعة.

شركات ضمان مخاطر الائتمان

نجلاء بحر، العضو المنتدب لشركة ضمان مخاطر الائتمان CGC ، قالت: إن البنوك تترد فى توفير القروض طويلة الأجل، لاسيما إنه قد يصاحبها ارتفاع فى المخاطر التى تواجهها البنوك، لذا تفضل التعاون مع شركات ضمان مخاطر الائتمان التى تضمن القروض من %50 حتى %100 تبعاً لكل حالة، كما تختلف الفترات الزمنية للضمان، لتصل إلى 10 أعوام فى بعض الأحيان، موضحةً أن الضمان لا يقتصر على التمويلات طويلة الأمد، وإنما لكافة المحفظة الائتمانية.

ولفتت إلى دور شركات الضمان فى تمكين البنوك من تطوير المحافظ الائتمانية، بجانب خفض معدلات التعثر وتحسن مؤشرات أدائها، وأشارت إلى أن شركتها تتعاون حالياً مع جميع الجهات المعنية لإعداد نماذج مصممة للتوسع فى ضمان قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لاسيما بعد الدعم الملموس الذى تلقته شركتها من البنك المركزى، لمساندة تلك المشروعات، خاصةً بعد إطلاقه مبادرة إقراض هذه المشروعات.

وأضافت إن تمويل مشروعات الـ SMEs تعتبر فرصة جيدة لتنمية المؤشرات المالية للبنوك، خاصة فى الأسواق الناشئة، موضحة أن البنوك المحلية تركز على تمويل الشركات مقابل الأفراد.

تحذير من تداول النقود

فيما أشار كوشيك جوبال، مدير قطاع العمليات بمنطقة الشرق الأوسط وافريقيا بمؤسسة ماستركارد، إلى بعض المخاطر التى تواجهها السوق، وتتمثل فى تداول النقود، بدلاً من الاعتماد على أدوات الدفع الإلكترونى، الذى يوفر على الدولة تكلفة تداول النقد والبالغة %1.5 من الناتج القومى.

وأشاد ببعض التحركات التى يشهدها السوق فى الفترة الراهنة، والتى تتضح فى موافقة البنك المركزى على السماح بتحويل الأموال من الخارج عبر الموبايل، ويسمح ذلك للعاملين بالدول الأخرى باستخدام الهاتف فى التحويلات بصورة مباشرة، بما يقلص الفترة الزمنية المستغرقة فى التحويل، كما أنه يخفض التكلفة التى يتحملها العميل، موضحاً أن تلك الخطوة نتجت بعد التأكد من تطبيق كافة القواعد الخاصة بتهريب وغسيل الأموال أو استخدامها فى أغراض غير قانونية.

وأضاف أن استخدام الأدوات التكنولوجية المبتكرة يلبى احتياجات العملاء، كما أنه يساهم فى تطبيق الشمول المالى، ملقياً الضوء على بعض النماذج الناجحة التى فعلتها شركته فى مصر، ومنها منتج «الفون كاش» الذى طبقته مع البنك الأهلى، والذى ساعد على إتاحة عدد من بدائل الدفع الإلكترونى فى متناول العملاء، دون الحاجة لاستخدام النقود الورقية.

وقال إن الحكومات قد تستفيد من تلك الأدوات المبتكرة، وذلك فيما يخص خطتها لتعميم المدفوعات الإلكترونية بين الأفراد والمؤسسات، مشيراً إلى أن استخدام النقود فى المعاملات اليومية يفرض أعباءً مالية إضافية على الدولة، من حيث إصدار النقد ونقله، كما يلقى بظلاله على الأفراد عبر تعرض النقد للسرقة وضياع الأموال، فى حين تتميز الأدوات الحديثة بارتفاع معدلات الأمان.

وتحدث عن دور الدفع الإلكترونى فى تحول المجتمع للاعتماد على الأدوات غير النقدية، وأثر ذلك فى تغيير سلوكيات الأفراد، مشيراً إلى أن شركته نفذت عددا من الخطوات لتعزيز استخدام تلك الأدوات، منها التعاقد مع بعض البنوك لتدشين منتج للدفع عبر الموبايل، بجانب التعاون مع بعض سائقى التاكسى لإتاحة المنتج كبديل لدفع تكلفة التوصيل.

التنبؤ بالمخاطر

وأكدت سهر الدماطى، نائب العضو المنتدب والرئيس التنفيذى لبنك الامارات دبى الوطنى مصر، إنه يجب على البنوك لعب دورا استباقيا فى مواجهة المخاطر، لافتة إلى بعض الأدوات الأساسية فى قياس المخاطر، ومنها اختبارات التحمل ووثيقة تقييم المخاطر، مشيرةً الى ضرورة وجود نسبة احتياطى لرأس المال تزيد عن نظيرتها المطلوبة من البنك المركزى، وذلك بهدف مواجهة الحالات غير المتوقعة.

وتحدثت عن منظومة إدارة المخاطر المؤسسية، وعن الدور الأساسى الذى تقوم به البنوك لحماية أموال المودعين، والمخاطر المختلفة التى تواجهها البنوك حاليا.

جريدة المال

المال - خاص

11:15 ص, الأربعاء, 30 مارس 16