رغم تأكيد خبراء اقتصاديين ومصرفيين لدي بنوك محلية علي زيادة أسعار السلع المحلية خلال الفترة المقبلة بدفع من البرنامج الذي أطلقته وزارة المالية مؤخراً لتسهيل حصول موظفي الدولة علي قروض من نحو 5 بنوك، لكنهم قالوا إن معدلات التضخم العامة لن تتأثر خاصة أن الزيادة في الأسعار التي سيخلقها البرنامج لن تكون كبيرة بالشكل الذي يمكن أن يدفع المعدل العام للتضخم للصعود الفترة المقبلة.
وأطلق الدكتور يوسف بطرس غالي، وزير المالية، قبل أيام، برنامجاً تتولي تمويله نحو 5 بنوك لتحفيز الطلب علي السلع، وقال غالي، إن البرنامج سيخلق فرصة لتوظيف سيولة بنكية تصل قيمتها إلي 20 مليار جنيه، فيما قال هاني قدري، مساعد وزير المالية، مؤخراً، إن البرنامج سيسهم في زيادة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بقيمة تتراوح بين %0.5 و%0.8.
وبحسب دراسة أجراها أحد البنوك المشاركة، فإن عدد الموظفين الذين يمكنهم الحصول علي تمويل وفق البرنامج يصل إلي 4 ملايين، تصل احتياجاتهم التمويلية إلي 10 مليارات جنيه، ويشارك في البرنامج 5 بنوك هي: مصر، والقاهرة، ومصر إيران، والإسكندرية، وناصر الاجتماعي، ويقدم البرنامج التمويل بعائد %10.5 علي الرصيد المتناقص.
ويري المصرفيون أن البرنامج سيخلق طلباً علي السلع المحلية لكن لابد من زيادة الناتج المحلي لمقابلة الطلب حتي لا يتعرض معدل التضخم لضغوط حقيقية.
وقال محمد بركات، رئيس بنكي مصر والقاهرة، في مؤتمر صحفي أمس الأول، إن البنوك أو وزارة المالية لا تجبر أحداً علي الاقتراض وبالتالي لا يمكن اتهامهما بالمساهمة في زيادة أعباء الأسرة المصرية أو المشاركة بشكل غير مباشر في دفع معدلات التضخم للصعود، لافتاً إلي أن الموظف هو الأقدر علي تحديد احتياجاته، وما إذا كانت تستدعي الحصول علي تمويل بنكي وفق البرنامج أم لا.
من جهته قال عماد شوقي، الخبير الاقتصادي، إن مبادرة »حقق أحلامك« ستساهم في رفع مستوي الأسعار نسبياً ولكن ليس بنسب كبيرة، خاصة أن الحزمة التحفيزية التي تسعي وزارة المالية لتمويلها من خلال البنوك ليست ضخمة بالشكل الذي يخلق عامل دفع كبيراً لمعدلات التضخم.
وأوضح أن تركز احتياجات الأفراد علي عدد قليل من السلع والخدمات يعد أحد العوامل المؤثرة بشكل ملحوظ في معدلات التضخم، وهو أمر غير موجود بالسوق المحلية حالياً بسبب حالة الركود التي تشهدها غالبية الأنشطة الاقتصادية، وهو ما تنتج عنه فجوة سلبية بين حجم العرض والطلب نتيجة انخفاض القوة الشرائية للأفراد.
ولفت إلي أن حزمة تحفيز وزارة المالية ستسهم في تحريك عجلة الاسوق وحجم الاستهلاك لكسر حالة الركود التي أصابت الأسواق علي خلفية تداعيات الأزمة المالية العالمية، والتي قد تدفع الكثير من الشركات المنتجة إلي التوقف عن الإنتاج في حالة استمرارها، مشيراً إلي أن ظروف وأوضاع السوق في الوقت الراهن مواتية لإطلاق هذا المشروع الذي من المتوقع أن يجذب شريحة كبيرة من موظفي الحكومة.
وأكد مدير الخزانة بأحد البنوك العامة، أن برنامج إقراض موظفي الدولة من شأنه زيادة المستوي العام للأسعار، وهو ما يتبعه ارتفاع مؤشر التضخم، وإن كان بنسبة طفيفة، موضحاً أن القروض التي سيحصل عليها موظفو الحكومة لن يتم استثمارها بما يعود بالنفع علي الاقتصاد القومي مستقبلاً وإنما سيتم توجيهها لأغراض استهلاكية من شأنها تحريك السوق.
وأشار إلي أن القطاع الإنتاجي داخل السوق المحلية ليست لديه قدرة علي مواجهة زيادة حجم الطلب والاستهلاك بطريقة تساعده علي امتصاص السيولة من داخل السوق دون اللجوء لرفع أسعار السلع، وبالتالي فإن السيولة التي ستتم إتاحتها من قبل مبادرة »حقق أحلامك« ستقابلها زيادة منطقية في الأسعار وإن كانت محدودة وتقتصر علي بعض الأنشطة.
وأوضح أنه ليس بالضرورة أن تنعكس آثار مبادرة »المالية« علي مؤشر التضخم والذي يتم قياسه وفقاً لسلة متنوعة من المنتجات، كما أنه من المستبعد أن يتم توجيه الأموال لشراء السلع الأساسية التي تتحكم بشكل كبير في اتجاهات مؤشر التضخم.
من جانبه أكد تامر مصطفي، مدير مساعد بقطاع الخزانة ببنك التنمية الصناعية والعمال المصري عدم وجود مخاوف في الوقت الحالي من حدوث ارتفاع في المستوي العام للأسعار داخل السوق المحلية بدافع من الحزمة التحفيزية التي تنوي وزارة المالية تمويلها من خلال البنوك، وتهدف إلي إقراض موظفي الحكومة وشركات قطاع الأعمال العام لتحفيز الاستهلاك ودفع وتحريك عجلة الاقتصاد القومي.
ولفت إلي أن قروض موظفي الدولة تهدف إلي تغطية الاحتياجات الأساسية العاجلة للأفراد لتيسير الظروف الحياتية والاجتماعية، مستبعداً إنفاق الموظفين الحكوميين القروض علي وسائل الرفاهية والسلع الاستهلاكية التي تساهم بشكل أساسي في رفع المستوي العام للأسعار، وكذلك معدلات التضخم.
وأضاف أن موظفي الدولة لديهم احتياجات فعلية لإنفاق هذه القروض الميسرة قد يكون من بينها سداد التزامات قائمة، لتلبية متطلبات وضروريات الحياة العاجلة، كما أن البرامج التمويلية التي تعتزم البنوك المشاركة في المبادرة في تقديمها لها مجموعة من الضوابط التي يتم علي أساسها تحديد قيمة التمويل بناء علي راتب.
وأشار مدير مساعد بقطاع الخزانة في بنك التنمية الصناعية والعمال المصري إلي أنه سيتم سداد أقساط الدين عن طريق استقطاع جزء من رواتب الموظفين، الأمر الذي يعوض فارق زيادة السيولة في السوق ويضعف القوة الشرائية للأفراد مستقبلاً.
وقال إن الاقتصاد المحلي يعاني من حالة ركود نسبي في عمليات الشراء، ومن الصعب أن يتجه المنتجون والتجار إلي رفع أسعار السلع بدافع ارتفاع حجم الطلب عليها، مشيراً إلي أن برنامج إقراض موظفي الدولة هدفه الرئيسي تدعيم وتنشيط حجم الطلب بما يضمن استمرارية الشركات في الإنتاج.