في خطوة وصفها المراقبون وخبراء في قطاع الاتصالات بأنها خطوة بالغة الأهمية، علي المستويين الثقافي والاجتماعي العربي، جاء إعلان منظمة »الأيكان« العالمية التي تشرف علي عناوين الانترنت، عن فتح باب التقدم بطلبات للحصول علي أسماء نطاقات عربية، لتكون مصر بذلك أول دولة عربية تقدمت فعليا بطلب للحصول علي »دوت مصر«، في ظل توقعات بأن تتقدم مئات، وآلاف المواقع التي تحمل أسماؤها هوية عربية للحصول علي نطاقات عربية خلال الفترة المقبلة.
طارق كامل |
وفي الوقت الذي اعتبر فيه البعض امكانية كتابة عناوين المواقع الإلكترونية بلغات مختلفة غير اللغة اللاتينية، كالعربية والصينية والكورية وغيرها من اللغات نقلة نوعية في تاريخ الانترنت منذ ظهوره، البعض الآخر اعتبر أن استمرار وضع المحتوي العربي الالكتروني علي الشبكة بنفس الصورة التي هو عليها الآن، سيقلل حتما من أهمية القرار.
في الوقت نفسه ربط البعض بين نسبة المحتوي العربي علي شبكة الانترنت وزيادة الاقبال علي الاعلان علي شبكة الانترنت باعتباره وسيلة أقل كلفة مقارنة بالإعلان عن طريق القنوات التلفزيونية أو إعلانات الشوارع أو إعلانات الصحف والراديو، وهي الوسائل الأكثر انتشاراً في مصر حتي الآن.
وقال باهر عصمت مدير العلاقات الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط بمنظمة »الأيكان« إن الاقبال علي حجز نطاقات باللغة العربية ربما سيختلف من دولة إلي أخري، وبالحديث عن مصر تحديدا فانه يري أن الأمر ربما يستغرق بعض الوقت، حيث اعتاد مستخدمو الانترنت علي الكتابة والبحث عن اهتماماتهم عبر الشبكة باللغة العربية، إلا أن احتمالية انضمام مجموعات جديدة ممن لا يجيدون اللغة الإنجليزية، ربما تحمل مزيدا من الأهمية لكتابة العناوين الخاصة بالمواقع الالكترونية باللغة العربية، خاصة أن عدد المستخدمين حالياً لا يتجاوز 15 مليون مستخدم، أي أنه لا تزال هناك فرصة لتحقيق أرقام أكبر من مستخدمي شبكة الانترنت في مصر.
ويري عصمت أن هناك مسألة مهمة في سبيل نشر استخدام النطاقات العربية، تتمثل في تحسين عمليات تسويق هذه النطاقات والتوعية بأهميتها، وكذلك اتجاه الشركات التي ستقوم بتقديم هذه النطاقات بعد الانتهاء من وضع الاطار العام لها من قبل جهاز تنظيم الاتصالات بتقديم عروض جيدة للشركات والجهات لتحفيز الاقبال علي النطاقات العربية.
وربط عصمت بين زيادة المحتوي العربي الالكتروني علي شبكة الانترنت وفرص نمو الاقبال علي حجز النطاقات العربية تحت النطاق »دوت مصر«، في الوقت الذي قلل فيه من أهمية تدخل الحكومة في تنمية المحتوي العربي عبر شبكة الانترنت، خاصة أن القطاع الخاص حقق نجاحاً ملموساً في هذا المجال، بالاضافة إلي نسبة لا يستهان بها من المحتوي المنشور علي شبكة الانترنت هو في الاساس محتوي شخصي فردي يقوم الأفراد بادخاله علي الصفحات الخاصة بهم علي الشبكة.
وأكد عصمت أن تأثير القرار الأخير لـ»الأيكان« بامكانية كتابة العناوين الخاصة بالمواقع الالكترونية باللغة العربية لن يكون مفاجئاً، خاصة في ظل تواضع المحتوي العربي الالكتروني علي شبكة الانترنت، مشيراً إلي أن العنوان ولغة العنوان أمران مكملان وليسا أموراً اساسية.
ويري عصمت أن المشروع يأتي بالنفع علي الدول التي تمتلك محتويات غنية بلغاتها الأصلية بالدرجة الأولي، فدولة كالصين تمثل نسبة %95 من محتواها الالكتروني اللغة الصينية، وهو ما يجعل امكانية أن تصبح العناوين الخاصة بها باللغة الصينية وكذلك أن تستخدم اللغة الصينية في محركات البحث قيمة حقيقية مضافة للشبكة وللمستخدم، أي أن الفائدة ترتبط بالاساس بحجم المحتوي الموجود، وإذا ما توفرت لي امكانية أن أكتب العناوين الالكترونية باللغة العربية، ولا يوجد من المحتويات ما يفيد بنفس اللغة، فإن الفائدة المتحققة من المشروع قد لا تساوي شيئاً.
وأضاف عصمت أن القرار فتح الباب أمام الوزارات والهيئات الحكومية والجامعات والشركات التي اختارت أسماء مواقعها باللغة الانجليزية اضطراراً نظراً لعدم وجود إمكانية لكتابتها بالعربية لتسجيل نطاقات جديدة باللغة العربية، مشيراً إلي أن هناك امكانية فنية للربط بين المواقع الجديدة والمواقع القديمة التي تحمل عنواناً لاتينياً، فمن الممكن أن يتصل أكثر من عنوان بنفس الموقع عبر الشبكة، ومن هنا يكون الخيار للجهة صاحبة الموقع بالفصل بين الموقعين أو تدعيم خيارات الترجمة بالعربية عبر نفس الموقع.
وأكد عصمت أهمية وجود اعلانات علي المواقع الالكترونية الجديدة باعتبارها الممول الأكبر لهذه المواقع، مشيرا إلي أن الاقبال علي الاعلان عبر الانترنت سيزيد إلي حد كبير مع زيادة أعداد المتصفحين، الأمر الذي يعكس أهمية وجود محتوي عربي جذاب علي الشبكة.
وناشد عصمت البنوك والمؤسسات وخدمات الحكومة الالكترونية والجامعات بضرورة تعريب أسمائها لتسهيل عملية وصول القراء والجمهور إليها، وأكد أهمية ربط التعليم الالكتروني بتعريب المواقع وتدعيم المحتوي العلمي الالكترني عبر الانترنت.
وأضاف عصمت انه لا مجال حاليا للحديث عن التكلفة خاصة أن الاطار العام المحدد لسير الموضوع مازال قيد البحث من قبل الوزارة.
من جهته قال محمد مهيري، مدير وكالة »Connect ADS « المتخصصة في مجال الاعلان علي شبكة الانترنت، ان الدافع وراء الاعلان علي شبكة الانترنت هو وجود جمهور مقبل علي التعرض للمحتوي الموجود علي الصفحة، الأمر الذي يعكس أهمية وجود محتوي عربي قوي علي شبكة الانترنت.
وأضاف مهيري أنه كلما كان المحتوي الموجود علي الانترنت محتوي جذاباً ومفيداً، انعكس ذلك علي أعداد المتفاعلين، وبالتالي زيادة الاعلانات علي الشبكة.
وأشار مدير وكالة كونكت أدز إلي أن نشاطها بدأ في مصر منذ 2002 وأن هناك نمواً واضحاً في نشاط الاعلان عبر الانترنت، إلا أنه مازال أمامنا الكثير، وأضاف أن الشركة تسعي لخلق فرص جذابة للشركات الصغيرة والمتوسطة للاعلان علي الانترنت.
من جهة أخري قال كون أدونيل كدير ساركوم للاتصالات التابعة لفودافون مصر أن الشركة تعتزم بناءً علي القرار تعريب اسماء المواقع التابعة لها ومنها »في الفن« و»في الجون« و»في البلد« وغيرها، هي جميعا مواقع تهدف لتوفير محتوي عربي جيد للمستخدم المصري والعربي. وأضاف أنه سيتم الابقاء علي المواقع القديمة حيث إنها حققت انتشارا كبيرا لا يمكن اغفاله.
وقلل أدونيل من وجود علاقة تربط بين وجود عناوين عربية وزيادة الاعلانات علي الانترنت، مشيرا إلي أن تواجد الجمهور ونوعيته ووقت تواجده علي الصفحة هو الذي يحكم وجود إعلانات ونوعية هذه الاعلانات.
وأوضح أن هناك 15 مليون مصري يتعاملون مع الانترنت وهو رقم ليس بالقليل، ويفترض معه أن يكون الاعلان علي الشبكة زاد فعليا، إلا أن هناك ربما قصوراً في المستوي الفني للاعلان علي الانترنت في مصر، وأن أعداد الوكالات المتعاملة معه قليل جدا.
وأضاف أن الخطط التسويقية للشركات معروفة ومحددة منذ سنوات ولا يتم تغييرها، وميزانياتها تتجه نحو الطرق التقليدية كالاعلان عبر التليفزيون والراديو واللافتات والصحف، وهي مشكلة لابد من السيطرة عليها قبل أي شيء.
وسيقوم الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بإتمام إجراءات التسجيل مع المنظمة العالمية، حيث إن هناك تنسيقاً مع شبكة الجامعات المصرية بالمجلس الأعلي للجامعات التي تتولي التسجيل في النطاق الفرعية للقطاع الحكومي والأكاديمي، تحت نطاق الدولة »دوت مصر«، علي أن يتم طرح الجزء الخاص بالتسجيل والإدارة لبقية القطاعات من القطاع الخاص والمجتمع المدني والأفراد وغيرهم من خلال شركات ومؤسسات مصرية متخصصة. حيث يتوقع أن تتخطي عمليات التسجيل مئات الآلاف ثم الملايين من المواقع باللغة العربية في السنوات المقبلة أسوة بما حدث في دول أخري بالحروف اللاتينية خاصة مع انتشار استخدام الانترنت علي أجهزة المحمول في مصر والدول العربية بعد اعلان الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والدكتورهاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي، عن تقدم مصر بطلب لتسجيل نطاق »دوت مصر« لدي مؤسسة الآيكان، وذلك ضمن جلسات إدارة موارد الإنترنت التي عقدت ضمن فعاليات المنتدي العالمي الرابع لحوكمة الإنترنت المنعقد حالياً بشرم الشيخ والتي حضرها رود بيكستورم الرئيس التنفيذي لمؤسسة الآيكان الدولية.