
بنك بيريوس مصر
هبة محمد – محمد رجب:
شهدت السوق المصرفية إقبال عدد من البنوك الخارجية، على الاستحواذ على بنك “بيريوس- مصر”، وذلك بعد إعلان بنك ستاندرز تشارترد عن تخليه لشراء البنك، منها بنك “إيش بنك” التركي و”وفا” المغربي، إلا أن صفقة البيع لم تتم نظراً لرغبة البنك اليوناني فى الاحتفاظ بوحدته فى مصر.
فى حين نجح بنك قطر الوطنى بداية العام الحالى فى الاستحواذ على حصة البنك الأهلى سوستيه فى الوحدة التابعة له فى مصر، كما استطاع بنك دبى الإمارات الوطنى فى منتصف العام الجارى شراء بنك “بى إن بى باريبا- مصر”.
ويشير ذلك إلى أن البنوك المصرية مازالت محط أنظار العالم الخارجي، وهو ما أكده عدد من المصرفيين الذين أشاروا إلى أنه رغم استمرار وتيرة الاضطرابات الأمنية خاصةً بعد تظاهرات30 يونيو الماضي، إلا أن ذلك لن يؤثر سلباً على رؤية المستثمرين للاستحواذ على بنوك قائمة أو شراء حصص منها فى حال رغبة أصحابها التخارج منها.
وفسر المصرفيون جاذبية القطاع بالمميزات التى تتمتع بها البنوك، حيث تماسكت طوال العامين الماضيين، كما إنها استطاعت تحقيق ربحية جيدة وحافظت على معدلات السيولة المناسبة، مشيرين إلى أن الاختلافات السياسية بين مصر وبعض الدول أبرزها قطر وتركيا قد لا يؤثر بشكل كبير على رغبة أياً من مؤسسات تلك الدول فى التواجد داخل السوق المصري، نظراً لأن تلك المؤسسات تبحث عن الربح الجيد ولا تراعى إلى حد بعيد الاعتبارات السياسية.
وأوضحوا أن البنوك تهتم بالعلاقات الاقتصادية بين الدول في المقام الأول، لافتين إلى صعوبة التنبؤ بمدى تأثير التقارب بين بعض الدول العربية ومصر على دخول بنوك جديدة داخل السوق المصرفي المحلي.
ولفتوا إلى أن دخول بنوك جديدة إلى السوق المصري من خلال عمليات الاستحواذ قد يكون أمر مستبعد في الوقت الراهن، كنتيجة لحالة الإنفلات الأمني وعدم الاستقرار السياسي في الدولة، موضحين أن المستثمر يترقب الأوضاع الراهنة في مصر ويفضل الانتظار حتى تتضح الرؤية السياسية والاقتصادية.
كما أشاروا إلى أسباب أخرى تتعلق بالبنوك الموجودة في السوق حاليا والتي ليس لديها أي رغبة في التخارج من مصر كنتيجة لامتلاكها حصة سوقية مستقرة، وتحقيق أرباح جيدة بجانب عدم وجود أي مشاكل أو أزمات تعثر تعاني منها.
من جانبه قال سعيد زكي عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، إن استحواذ بنوك خارجية على وحدات مصرفية فى مصر يتوقف على وجود بنوك محلية معروضة للبيع، بالإضافة إلى رغبة من مالكى تلك البنوك فى التخارج منها، مشيراً إلى إن السوق المصرفي لا يشهد وجود عدد كبير من البنوك التى من الممكن أن يتم بيعها.
وأوضح زكي أنه فيما يتعلق بالمصرف المتحد فإن البنك المركزي أعلن من قبل رغبته فى التخارج منه، إلا أن ذلك يتوقف على رؤيته فى السماح لمستثمر أجنبي دخول السوق المصرفي، موضحاً إن المركزي قد يكتفى بعرضه على مستثمرين محليين.
واستبعد أن تؤثر الخلافات السياسية بين مصر وبعض الدول، أبرزها تركيا وقطر، على اقتحام مستثمريهم السوق المصرفي المصري، موضحاً إن المؤسسات تبحث عن الربح المرتفع دون الاعتماد بشكل رئيسي على الجوانب السياسية.
وأضاف: إن دخول بنوك جديدة للسوق المصري يتوقف على رؤية المركزي وما إذا كانت هذه الكيانات المصرفية ستضيف منتجات جديدة وتحقق انتشاراً واسعاً داخل السوق المصرفي.
وتوقع ألا تؤثر الخلافات السياسية بين دولة قطر ومصر على تواجد بنك قطر الوطنى داخل السوق المصري خلال الفترة المقبلة، مستبعداً أن يتخذ البنك قراره بالتخارج من مصر معتمداً على تلك الخلافات.
وفيما يتعلق بإمكانية الإعلان مجدداً عن بيع بعض الوحدات المصرفية التى فضل مساهميها الاحتفاظ بها أبرزها بينك “بيريوس-مصر”، والبنك المصري الخليجي، قال زكي إنه لا يمكن التنبؤ بمدى رغبة إدارات البنوك فى بيع تلك الوحدات، إلا أنه أكد على احتفاظ مساهمى البنك المصري الخليجي بتواجدهم فى مصر وهو ما تم تأكيده خلال الفترة الماضية.
وترى سوزان حمدي رئيس مجموعة أسواق المال ببنك مصر، أنه رغم استمرار حدة الاضطرابات الأمنية إلا أن ذلك لن يؤثر على رؤية المستثمر العربي والأجنبي على الاستثمار فى مصر خاصةً داخل الجهاز المصرفي، الذي استطاع التعامل مع الاضطرابات السياسية وتحقيق ربحية جيدة خلال العامين الماضيين.
ولفتت إلى أن للمستثمر نظرة مستقبلية متوسطة وطويلة الأجل، حيث يرى أن جاذبية أسعار الوحدات فى مصر حالياً التى تجعله يبدأ التفكير فى الوقت الراهن بالتواجد داخل السوق المحلى استعداداً لتحقيق ربحية جيدة عقب استقرار الأوضاع وتشكيل البرلمان.
وأكدت أن الاعتبارات السياسية قد لا تشكل عائقاً أمام اقتحام بنوكاً جديدة للسوق فى مصر، مشددة على ضرورة مراعاة عدم سيطرة بعض المؤسسات الأجنبية على هذا القطاع، حتى يتم تنويع المنتجات ويعود بالنفع على السوق المصري.
وفيما يتعلق بتأثير اختلاف الرؤى السياسية على عمل بنك قطر الوطنى فى مصر خلال الفترة المقبلة، قالت حمدى: إن البنك قد يتأنى فى اجراء توسعاته فى المرحلة المقبلة، مشيرةً إلى إن تلك الأحداث قد تعدل من رؤية بعض الموديعين والمقترضين فى التعامل مع البنك.
وتوقعت أن تساهم مساندة بعض الدول العربية فى زيادة فرصتها للتواجد داخل السوق المصرفي خلال الفترة المقبلة، مشيرةً إلى إن ذلك سيعمل على عدم تركز استثماراتهم، عكس ما هو حادث حالياً من استثمارهم فى الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد الاوروبي.
وأكد حمدي عزام عضو مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال، أن القطاع المصرفي من القطاعات الهامة والجاذبة في الدولة، مرجعاً السبب إلى قوة تماسكه برغم الأحداث التي يمر بها منذ أحداث ثورة 25 يناير واستمراره في تقديم الخدمات المصرفية للعملاء، بالإضافة إلى تحقيقه مستويات جيدة من الأرباح والتمتع بسيولة كافية وارتفاع معدلات نموه.
وأضاف عزام: إن القطاع المصرفي يعمل تحت رقابة البنك المركزي ويتمتع بدرجات عالية من الآمان والتي ساهمت في الحفاظ على أموال المودعين، مؤكداً أنه على الرغم من كل الصفات الإيجابية السابقة إلا أنه من الصعب مشاهدة أي عملية استحواذات في السوق المصرفي، أو دخول بنوك خارجية داخل مصر خلال الفترة الراهنة.
وأشار إلى أن أي مستثمر أجنبي يريد دخول السوق المصري، يلجأ إلى الانتظار والتريث لمعرفة اتجاه الأمور بعد حالة الاضطرابات الأمنية والسياسية التي تشهدها البلاد، موضحاً أنه يمكن رؤية قيام المستثمرين بعمل تحليلات وتقييمات للشيء المراد الاستحواذ عليه أو الاستثمار فيه، إلا أن القرار الفعلي الخاص بالدخول يعتبر أمر مستبعد في الوقت الحالي مشدداً على أن الانتهاء من انتخابات مجلسي الشعب والشوري واستكمال الدستور والمضي قدماً في الانتخابات الرئاسية ستؤدي إلى مزيد من الاستقرار بشكل يساعد على جذب الاستثمارات إلى الدولة.
وأوضح عزام أن عملية التحليل التي يقوم بها المستثمر تمر بثلاث مراحل متتالية فيتم عمل تقييم للدولة ككل ومقارنتها مع الدول الأخرى من خلال النظر للحالة الاقتصادية العامة، والاطلاع على وضع ميزان المدفوعات ومعدلات التضخم والبطالة وعدد السكان ومدى الاستقرار السياسي التي تتمع به البلاد، مشيراً إلى أن مصر لاتعتبر الدولة رقم واحد في العالم ولكن هناك دول أخرى أفضل وتسبقنا بدرجة أكبر.
وأضاف: إن المستثمر يقوم بعد ذلك بتحليل كافة القطاعات في الدولة التي تم اختيارها مثل قطاعي الأدوية والبنوك وغيرها ليتم الوصول إلى أفضل قطاع وعمل مقارنة نهائية بين الشركات داخله، للوقوف على أحسن شركة يمكن الاستثمار فيها أو الاستحواذ عليها.
وشدد عزام على أن الخلافات والتوجهات السياسية بين الدول تؤثر على اتجاهات الاستثمار وعمليات الاستحواذ بشكل سلبي، موضحاً أنه بعد دخول بنك قطر الوطني إلى السوق المصري واستحواذه على البنك الأهلي سوسيتيه جنرال وحدوث بعض الخلافات بين قطر ومصر فمن المتوقع أن يكون هناك تريث من القطريين في عملية ضخ الأموال داخل السوق المصري.
واستبعد أحمد رفعت السمنودي، رئيس قطاع الخزانة ببنك التنمية والائتمان الزراعي حدوث عمليات اندماج واستحواذ من مصارف خارجية على بنوك داخل السوق المصري مرجعاً السبب إلى أن كافة الكيانات المصرفية في مصر لديها حصة سوقية مستقرة، ولاتمتلك أي دافع للتخارج وتصفية النشاط.
وأضاف السمنودي: إن السوق حاليا لا يوجد فيه أي بنوك متعثرة موضحاً أن البنوك التي كانت لديها أزمات في النشاط قامت بعضها بالتخارج من السوق والبعض الأخر اندمجوا في بنوك قائمة بالفعل لتشكيل كيان مصرفي جديد قادر على الاستمرار في تقديم الخدمات البنكية مستدلا بالمصرف المتحد.
يذكر أن المصرف المتحد قد تم إنشاؤه في منتصف عام 2006 بقرار من البنك المركزي عن طريق الاندماج بين 3 بنوك كانت تعاني من بعض المشاكل والخسائر في النشاط وهم المصري المتحد والإسلامي للاستثمار والتنمية وبنك النيل، ويمتلك البنك المركزي نسبة 99.9% من ملكية المصرف.
وأوضح السمنودي أن القطاع المصرفي يعتبر أفضل القطاعات الاقتصادية داخل السوق المصري واصفاً اياه بالحارس الأمين على أموال العملاء، مؤكداً على أن التراجع في النشاط الائتماني نابع من الأحداث غير المستقرة التي تشهدها الدولة ملفتاً إلى ان قرار اللجنة النقدية في اجتماعها السابق والخاص بخفض سعري الإيداع والاقراض لليلة واحدة بمقدار 50 نقطة من شأنه تشجيع الاستثمار كنتيجة لخفض تكاليف التمويل، ولكن يجب العمل على توافر الاستقرار الأمني في نفس الوقت.
وأكد على أن التوجهات السياسية للدول تعتبر أخر العوامل التي يتم التفكير بشأنها عند اتخاذ القرار الاستثماري والاستحواذ على بنوك داخل السوق، موضحاً أن البنك يعبر عن كيان مستقل يهتم بالدرجة الأولى بالعلاقات الاقتصادية ومدى ارتفاعها بين الدولة الأم والدولة المراد الاستثمار فيها، إلا إذا كان هناك قرار من السلطة السياسية والدبلوماسية يمنع البنوك من التواجد داخل السوق.
وحول مدى تقارب بعض الدول العربية من مصر مثل السعودية والكويت والإمارات والتأثير على دخول بنوك من تلك الدول داخل السوق المصري خلال الفترة المقبلة قال السمنودي: إنه يصعب التنبؤ بذلك الأمر معتبراً أنه يخص البنك المركزي بالدرجة الأولى والذي يضع بعض الاشتراطات لتنظيم عملية الاستحواذ.