تمارس دول الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي ضغوطاً مختلفة علي المصدرين المصريين لتحيجم الصادرات الزراعية عند دخولها إلي أسواقها عن طريق تخفيض أسعار التعاقدات إلي حدود تصل أحيانا إلي النصف، إلي جانب التعسف الشديد في جميع الاشتراطات الخاصة بالسلامة والجودة والاسراف في استخدامها إلي حد »التعجيز«، وذلك في الوقت الذي من المنتظر ان يتم الاعلان فيه قريباً عن جولة جديدة، من المفاوضات مع الجانب الاوروبي في اطار اتفاقية المشاركة للحصول علي بعض المزايا الخاصة بالملف الزراعي في الاتفاقية.
وبالرغم من تأكيدات بعض المسئولين المصريين حول عدم تأثر الموقف التفاوضي الأوروبي بسلبيات الأزمة الاقتصادية العالمية ومحاولته تقليص المكاسب التي تهدف مصر إلي الحصول عليها من حيث زيادة الحصص أو الاعفاءات الجمركية، فإن الاتحاد الأوروبي أكد المخاوف التي انتابت المصدرين فور حدوث الازمة العالمية حيث توقعوا خضوعهم لضغوط من منطلق حماية الأسواق الأوروبية وهو ما حدث بالعفل.
ومن جانبه اعتبر عبد الرحيم الغول رئيس لجنة الزراعة بمجلس الشعب موقف دول الاتحاد الأوروبي من الصادرات المصرية الزراعية أمراً متوقعاً نظراً للعديد من الأسباب في مقدمتها الآثار السلبية التي خلفتها الازمة علي الأسواق الأوروبية وما تشهده حالياً من ركود شديد، فضلاً عن ان الاستمرار في اعطاء نفس المزايا السعرية للصادرات الزراعية المصرية سيؤثر علي المنتجين الزراعيين في دول الاتحاد والذين يمثلون حوالي %65 من الأصوات الانتخابية في بعض الدول إلي جانب ان جميع دول العالم شرعت في استخدام جميع آليات الحماية المحلية ومنها دول الاتحاد الأوروبي التي ستتبع السبل الممكنة لدعم انتاج المزارعين وحمايتهم من السلع الواردة بموجب اتفاقيات ثنائية أو اقليمية للحصول علي مميزات تفضيلية.
وأشار إلي أن جميع المؤشرات تؤكد ان الصادرات المصرية ستشهد انخفاضاً بشكل عام قد يصل إلي %25 وبما ان الاتحاد الأوروبي يعد الشريك التجاري الأول لمصر فإن السلع الزراعية تمثل الحصة الأكبر من إجمالي حجم الصادرات فبالتالي ستكون أكثرها تأثيراً سلباً من هذه السياسات الحمائية التي يتبعها الاتحاد في الفترة الحالية.
وأكد ان اتفاقية المشاركة تحفظت خلال المفاوضات الخاصة بها علي الملف الزراعي بدليل ان الجانب الأوروبي لم يمنح مصر نفس المزايا التي حصلت عليها الصادرات الصناعية حيث ظلت السلع الزراعية خاضعة للتفاوض بشأن الحصص والاعفاءات حتي الآن، وتخضع دائماً لقواعد استيراد حازمة يمكن ان تصل أحياناً إلي حد الحظر غير المعلن أو التعجيز.
ويقول الدكتور سعد نصار مستشار وزير الزراعة والمسئول عن الملف الزراعي لاتفاقية المشاركة المصرية الاوروبية ان الأزمة الاقتصادية العالمية فرضت بعض الضغوط علي الأسواق إلا أنها لن تفرض ضغوطاً علي الأجندة السياسية للجانبين المصري والأوروبي، لافتاً إلي ان الجولات التفاوضية تتبع مساراً محدداً بدليل ان الجانب المصري نجح خلال المراحل السابقة للتفاوض من الغاء التقيد ببعض الحصص والمواسم والتعريفات التي كان يفرضها الاتحاد الأوروبي وحصلت مصر علي امتياز يتضمن تخفيض التعريفة الجمركية علي ما يتم تصديره خارج نطاق الحصص بنسب تتراوح من %3 إلي %10 سنوياً، وهو نهج تنوي مصر اتباعه وسيحقق لها مكاسب مثلما حدث العام الماضي حيث بلغ حجم الصادرات الزراعية لأوروبا نحو 2 مليار دولار.
ونفي نصار تأثر العلاقات التجارية المصرية الأوروبية بتداعيات الازمة مؤكداً أنها تخضع لاتفاقية المشاركة وجزء من عملية برشلونه للتوصل لمنطقة تجارة حرة أورومتوسطية بحلول عام 2010.
وتقول الدكتورة سميحة فوزي مستشار أول وزير التجارة والصناعة رئيس الجانب المصري في المفاوضات إنه إذا كانت الازمة العالمية ألقت ببعض الركود علي الأسواق فإن الاتحاد الأوروبي ملتزم أمام الجانب المصري ببنود اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية وفي تحديده لجميع الملفات وفي مقدمتها الملف الزراعي، مشيرة إلي ان مصر تمكنت من مضاعفة حصص بعض المحاصيل خلال الجولات التفاوضية الماضية.
وأكدت انه علي الجانب الايجابي فإن هناك بنداً خاصاً بالتمويل وتنفيذ عدد من المشروعات الزراعية في اطار سياسة الجوار الاوروبية، وهو الأصل الذي قد يحد من التأثيرات السلبية لتراجع حجم الطلب داخل الأسواق الأوروبية كما سينعكس علي بعض مشروعات التنمية الريفية ومشروعات تطوير الإنتاجية والمساعدة في التوافق مع متطلبات الجودة الأوروبية، لافتة إلي ضرورة التزام المصدرين المصريين بتطبيق نظام التتبع للمنتجات الزراعية لضمان التواجد الدائم داخل الأسواق الأوروبية، إلي جانب ابطال جميع الممارسات الضارة التي قد يقوم بها بعض المستوردين الأوروبيين لتحجيم دخول الصادرات الزراعية المصرية للأسواق الأوروبية.