الاتجاه المعاكس لبوصلة «المركزي» يقـود ماراثون أسعار الفائدة

الاتجاه المعاكس لبوصلة «المركزي» يقـود ماراثون أسعار الفائدة
جريدة المال

المال - خاص

10:26 ص, الأثنين, 14 أبريل 03

المال ــ خاص:
 
عاد البنك المركزي ليضع حداً لارتفاع أسعار الفائدة علي أذون الخزانة عندما قرر قبول عطاءات جديدة أواخر الأسبوع الماضي بسعر %13 بعد الغاء عطاءات الأسبوع السابق التي جاوز سعر الفائدة عليها في عروض البنوك %14.5.. ورغم ذلك لم توقف البنوك «ماراثون» رفع سعر الفائدة علي الودائع في الاجل القصير .

 
والمأزق الذي يعكسه هذا التفاوت بين سياسة نقدية تتجه إلي رفع سعر الفائدة علي العملة المحلية قبل ثلاثة أسابيع عندما رفعت نسبة من الاذون من بسط السيولة لدي البنوك وبين عودتها بعد أقل من أسبوعين لترفض عطاءات أذون الخزانة بسبب المبالغة في سعر الفائدة والمزايدة علي توجهات المركزي من قبل هذه البنوك .
 
لا يعني سوي حقيقة واحدة هي أن التعامل داخل سوق السيولة المحلية أشبه ما يكون بالسير فوق حقل من الألغام لاسيما في ظل سوق مصرفية لا تتمتع بالنضج الكافي لقراءة مغزي السياسات النقدية في المدي الطويل .
 
المنطق يقول حسب قاعدة كبيرة من المتعاملين في هذه السوق أن التعامل علي سعر الفائدة علي ودائع العملة المحلية ينبغي أن يجري بحذر شديد وفي ضوء أن الحاجة إلي ذلك هي حاجة قصيرة المدي حتي لا تتأثر أسعار تكلفة الاقراض ومن ثم انكماش سوق الاستثمار علي نحو أكبر ومع ذلك فإن هناك من يجازف بعرض أسعار مرتفعة بصورة مبالغ فيها لأسعار الفائدة علي الودائع كان آخرها ما قام به البنك العربي من طرح وعاء ادخاري يبلغ سعر الفائدة عليه %14 في أول قفزة إلي هذا المستوي .
 
وإذا كان البنك العربي يعرف كيف يوظف ما في حوزته من سيولة محلية علي نحو يعوض هذا السعر المرتفع للفائدة باشتراطه «التغيير» في هذا السعر كل ثلاثة أشهر.. إلا أن المفاجأة التي ربما تواجهها البنوك تتمثل في أن الحرب التي تعد أحد المتغيرات التي اسهمت في تشكيل سياسة المركزي خلال الشهر الماضي بدأت في وضع أوزارها.. وهو ما يعني أن «المركزي» سوف يصبح في حاجة إلي اعادة النظر مبكراً فيها والتحول باتجاه انعاش سوق الاستثمار تدريجياً ومن ثم الاتجاه مجدداً إلي خفض تكلفة الاقراض والأموال عن طريق خفض أسعار الودائع بالعملة المحلية.. فهل استعدت البنوك لذلك؟ !
 
يؤكد طارق حلمي الرئيس التنفيذي لبنك المؤسسة العربية المصرفية ABC مصر أن البنوك فيما يتعلق بوضع سياستها تجاه أسعار الفائدة لا تميز سوي حرية الحركة في المدي القصير وبالتالي فإن استعداداتها ترتبط أكثر ما تكون بتغيرات «الميكرو» في السوق.. ومدي حاجتها هي لهذه السيولة.. لهذا فإن غالبيتها لا تضع في اعتبارها أجل الحرب لانه يقدم عليها أسعار «الانتربنك» المتغيرة باتجاه المنحني الصعودي من ليلة إلي أخري .
 
أما قرار البنك المركزي إلغاء عطاءات أذون الخزانة الأسبوع الماضي بسبب المبالغة في أسعار العروض التي فاقت حاجز الـ %14 فيري أنه استخدام جيد لصلاحيات المركزي من خلال هذه الاداة ففي الوقت الذي اعاد لها حصيلة الاذون المستحقة بعد 91 يوماً امتنع عن سحب ما في حوزتها من سيولة لينخفض علي أثر ذلك سعر الاقراض بين البنوك «الانتربنك» إلي %12.5 أواخر الأسبوع الماضي بعد أن كانت قد وصلت إلي %16 قبل إلغاء «المركزي» لعطاءات أذون الخزانة في وقت سابق وبعد انخفاض «الانتربنك» لم يجد المركزي مناصا من تنفيذ عطاءات الأذون علي سعر %13 .
 
ويضيف أنه في حال استمرت سياسة السلطات النقدية في حفز الطلب علي الجنيه فمن منطلق الحرص علي مصلحة الاقتصاد الوطني ولتغطية احتياجاتنا شأننا في ذلك شأن كافة البنوك العاملة في مصر فسوف نستمر في مجاراة ارتفاع أسعار الفائدة في الأجل القصير مع الاحتفاظ بحقنا في اتخاذ ما يناسبنا من السياسات التي تراعي مصالحنا كبنوك أجنبية .
 
ومن جانبه يوضح أحمد عبد الوهاب المدير العام ببنك مصر الدولي أن مرجع الحالة التي تشبه «ماراثون» رفع أسعار الفائدة هو مخاوف بعض البنوك من مواجهة طلب علي السيولة المحلية بالجنيه في الآجال القصيرة جداً كما تنعكس في حالة الارتفاع المضطرد لاسعار الأقراض بين البنوك من ليلة واحدة إلي أسبوع.. وهو ما يجعل البعض منها يبادر إلي تأمين هذه الاحتياجات من خلال وعاء ادخاري يرفع سعره علي نحو كبير لجذب السيولة وقيادة المدخر الصغير إلي توجيه كل أو جزء من مدخراته بالعملة الأجنبية إلي الجنيه تفاديا لفروق قد تزيد علي %4 في آجال الأسابيع.. ومع توقع أن تسود متوسطات في حدود %15 .
 
ويري عبد الوهاب انها من هذا المنطلق هي «ماراثون» لأن السباق غير محدود النهاية بالمعني المنظور في ضوء سلوك البنوك إزاء حركة الأسعار من جهة وحساب العائد من ورائها في ظل محاولات مماثلة من جانب المركزي للابقاء علي هذه الطبيعة في توجهات البنوك إلي اللحظة التي يقرر فيها تعديل هذه السياسة وهو ما لم تظهر آفاقه حتي الآن .
 
ويلاحظ أشرف نجم نائب المدير العام ببنك الشركة المصرفية العربية الدولية «SAIB» أن السباق بين البنوك علي رفع أسعار الفائدة في الأجل القصير محدود في نهاية المطاف بقدرة كل بنك علي إدارة ما في حوزته من سيولة.. وهذه النوعية منها سيولة الاجل القصير تساعد في إدارة الاختلالات الهيكلية العارضة في أصول البنك وتأمين مركزه المالي إضافة إلي دورها في تفادي أوقات الارتفاعات المحمومة لأسعار «الانتربنك ».
 
وفي كافة الأحوال كما يؤكد نجم فإن البنك المركزي يعمل علي إدارة السيولة المحلية واضعاً في اعتباره متطلبات انعاش سوق الاستثمار وهو ما ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار من جانب البنوك التي يشتد رهانها علي الجنيه في الأجل القصير.. بينما التحدي الأكبر يتركز في القدرة علي توظيف وإدارة هذه الفوائض !
 
وحول توقعات استمرار هذا «الماراثون» يري أشرف عبد الوهاب نائب المدير العام ومدير الخزانة ببنك كريدي اجريكول اندوسويس أنه بلا سقف أو حدود قصوي.. وقد نجد اليوم من يرفع سعر وعاء ادخاري في مدي ثلاثة أشهر إلي %14 فيما نري غداً من يرفع هذا السعر إلي %15 وربما %16 مادام ليس هناك «benchmark» أو مؤشر لمعدلات سعر الفائدة ينظم حركتها في السوق المصرفية .
 
وبالرغم من هذا الوضع لا يجد فيه عبد الوهاب ما يمثل عائقاً أمام نشاط هذه السوق طالما أن مراجعة حركة الأسعار تتم أولاً بأول في ضوء حاجة كل بنك .
 
ويري أنه من الصعب أن يبقي أي بنك خارج هذا «الماراثون» لأن احداً من البنوك العاملة في السوق لا يرغب في خسارة جانب من الودائع التي يحتفظ بها في حوزته.. وهو ما يعني أن رفع أسعار الفائدة هو اتجاه معد من بنك إلي آخر.. ومع ذلك فعلي «المركزي» ان يمسك بالبوصلة جيداً لتحديد متي يتم البدء في اللجوء إلي الاتجاه المعاكس .
جريدة المال

المال - خاص

10:26 ص, الأثنين, 14 أبريل 03