الشهادات مرتفعة العائد قفزت بالتنازل عن العملة الخضراء 200%
نتفاوض لاقتراض 300 مليون يورو من الخارج
لم نشرع فى طرح سندات خارجية لكنها ضمن اعتباراتنا
أحد العملاء اكتتب بـ 5 ملايين دولار فى “بلادى”
متفائل بمستقبل الاقتصاد.. وهناك تحديات يجب العمل لتذليلها
رفع الفائدة جاء لمحاربة التضخم وليس لمساندة الجنيه
393 مليار جنيه أصول البنك بنهاية يونيو.. و100 مليار للقروض
30 مليارًا ودائع مستهدفة فى الشهور الثلاثة المقبلة
خطة لضخ 25 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال 4 سنوات
استراتيجية الانتشار الجغرافى تستهدف 225 فرعًا جديدًا واختراق السوقين الصينية والروسية
محمد سالم
“بنك مصر يحقق أعلى ربحية فى تاريخه”. هكذا استهلَّ المصرف الحكومى عرض نتائج أعماله للعام الماضى 2014- 2015، التى حقّق فيها صافى ربح بعد الضرائب بلغ 4.2 مليار جنيه، ويبدو أن العبارة ستلازم المصرف الحكومى خلال السنوات المقبلة، فمؤشرات الشهور التسعة الأولى من العام الحالى تكشف عن نمو هائل بالأصول والمدخرات، وتجاوز المستهدف فى القروض، حسبما كشف محمد الإتربى، رئيس مجلس إدارة البنك.
“الإتربى” انتقل لإدارة البنك الحكومى، أول العام الماضى، قادمًا من البنك المصرى الخليجى، ويأمل فى مواصلة تحقيق طفرات قوية على أرباح وقروض وودائع المصرف الأعلى انتشارًا بالسوق المحلية، أكثر من 500 فرع.
ووصل إجمالى أرباح 2014/ 2015 إلى 7.8 مليار جنيه قبل خصم الضرائب، بنسبة نمو 48% على العام السابق، كما بلغ صافى الربح 4.2 مليار جنيه، مقابل 2.5 مليار جنيه فى يونيو 2014، بنسبة نمو 66.3%، وسدَّد المصرف الحكومى 3.6 مليار جنيه للضرائب.
كما أظهرت المؤشرات ارتفاع المركز المالى إلى 331 مليار جنيه فى يونيو 2015، مقابل 274 مليارًا فى العام السابق، بمعدل نمو 21%، كما شهدت الودائع زيادة 50 مليار جنيه لتصل إلى 290 مليارًا رغم التحديات الاقتصادية الراهنة وانعكاساتها على الجهاز المصرفى.
الطفرات مستمرة
وقال رئيس بنك مصر، فى حوار مع “المال”، إن طفرات الأعمال مستمرة، مشيرًا إلى أن أصول المصرف الحكومى قفزت إلى 380 مليار جنيه فى الوقت الحالى، ومستهدف إغلاق العام فى يونيو المقبل عند مستوى 393 مليار جنيه، مقارنة بـ331 مليارًا فى العام المالى 2014- 2015.
وأضاف أن الودائع زادت من 290 مليار جنيه بنهاية العام المالى الماضى، لتصل إلى 309 مليارات حاليًا، ومرجَّح تخطيها 340 مليار جنيه فى يونيو المقبل، ما يعنى أن البنك يستهدف ودائع جديدة بقيمة 30 مليار جنيه تقريبًا خلال الشهور الثلاثة المقبلة.
وتابع: فيما يتعلق بالقروض فقد تجاوزنا مستهدف العام الحالى، كنا فى حدود 63 مليار جنيه فى يونيو 2015، الآن نحن بحدود 90 مليار جنيه، ونأمل فى الوصول لمستوى 100 مليار بنهاية العام الحالى.
استراتيجية قوية للمشروعات المتوسطة والصغيرة
وأكد رئيس بنك مصر أن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة أمر مهم، وله أثر إيجابى على الاقتصاد، منوهًا باهتمام الحكومة والبنك المركزى بدعم القطاع، كما أن أحد المحاور المهمة لاستراتيجية بنك مصر تقوم على التوسع بتمويل أنشطة المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأطلق “المركزى” المصرى مبادرتين للقطاع، الأولى تستهدف ضخ 200 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة جدًّا والصغيرة عبر البنوك بفائدة متناقصة 5% سنويًّا، وألزم “المركزى” البنوك بتقديم خطة ذات جدول زمنى واضح، للوصول بتمويلات المشروعات الصغيرة والمتوسطة لنسبة 20% من إجمالى محفظة الائتمان الكلية للبنك، بينما تتعلق المبادرة الثانية بإتاحة تمويل لمرة واحدة فقط للشركات المتوسطة بفائدة 7% متناقصة؛ لشراء العُدَد والآلات الوسيطة اللازمة لعملية الإنتاج.
الإتربى قال إن خطة مصرفه المقدَّمة للبنك المركزى تستهدف ضخ 25 مليار جنيه لتمويل قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال السنوات الأربع المقبلة، وأن البنك يمتلك تجربة جيدة فى تمويل القطاع عبر مبادرة “مشروعك” التى أطلقتها وزارة التنمية المحلية، بداية أبريل 2015، مشيرًا إلى أن محفظة مصرفه وفقًا للمبادرة تبلغ فى الوقت الحالى 495 مليون جنيه، لنحو 15 ألف عميل.
وأوضح أن المبادرة بدأت لخدمة عملاء 14 محافظة، وتمّت زيادتها إلى 27 محافظة، يشارك فيها بنك مصر والبنك الأهلى والتنمية والائتمان الزراعى، بالإضافة لبنك القاهرة.
وتتيح المبادرة قروضًا قصيرة ومتوسطة الأجل، مقسَّمة إلى أربع شرائح لتمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الجديدة والقائمة العاملة بجميع قطاعات النشاط الاقتصادى.
وذكر رئيس بنك مصر أن النمو القوى المستهدف فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة يتطلب دعم الانتشار الجغرافى للمصرف الحكومى، والوصول لمستوى 775 فرعًا خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بـ500 فرع حاليًا.
ولفت إلى أن الخطة تتضمن 225 فرعًا صغيرًا، والباقى فروع شاملة منها 15 فرعًا إسلاميًّا، ليصل عدد الفروع الإسلامية إلى 49 فرعًا.
ويهدف التوسع الجغرافى إلى تحقيق الشمول المالى أيضًا من خلال زيادة فروع البنك، بما يتيح الوصول لأكبر شريحة من العملاء، وخاصة محافظات الصعيد ومنطقة الدلتا.
وأضاف رئيس بنك مصر أن مصرفه يدرس مضاعفة تمويلاته لأنشطة التجزئة المصرفية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتمويل العقارى، منوهًا بأن البنك يدرس اقتحام نشاط إدارة الثروات خلال العام المالى الحالى، عبر تقديم خدمة مميزة لعملاء القطاع.
الدولار يعود للبنوك.. لكن متى تنتهى الأزمة؟
وقال الإتربى إن التحركات السريعة التى اتخذتها البنوك الحكومية (الأهلى ومصر والقاهرة) فيما يتعلق بطرح شهادة ادخار بالجنيه مقابل التنازل عن الدولار وزيادة عائد العملة الأمريكية لمستوى 5.75%- أسفرت عن نمو كبير بعملية التنازل عن العملة الأمريكية داخل تلك البنوك، مشيرًا إلى أن معدلات بيع الدولار داخل بنك مصر ارتفعت 200%؛ تأثرًا بتلك التحركات التى تواكبت مع قيام البنك المركزى المصرى بخفض قيمة الجنيه بنحو 14% أمام الدولار، وضخ قرابة 2 مليار دولار لتلبية الطلب على العملة خلال أسبوع واحد فقط.
“هدفنا أن يعود تداول النقد الأجنبى مرة أخرى داخل الجهاز المصرفى، والقضاء على فكرة وجود سعرين للدولار بالسوق المصرى” كما أوضح رئيس بنك مصر، لافتًا إلى أن البنوك الحكومية وفّرت كل خيارات الإيداع بأسعار مُغرية، فهناك شهادات ادخار أجل 3 سنوات بفائدة 12.5%، وحقّقت سيولة قوية تجاوزت 150 مليار جنيه لدى بنكى الأهلى ومصر فقط، وهناك أيضًا شهادات الإيداع الدولارى بعائد 4.25 و5.25 و5.75% لأجل 3 و5 و7 سنوات، بالإضافة لشهادة “بلادى” المخصَّصة للمصريين فى الخارج بعائد 3.5 و4.5 و5.5% أجل 3 و4 و5 سنوات.
وألمح الإتربى إلى أن شهادة بلادى تلقى إقبالًا جيدًا من المصريين بالخارج، مشيرًا إلى أن أكبر حصيلة تأتى من العاملين بدولة الإمارات “دبى على وجه الخصوص”، كاشفًا عن قيام أحد المصريين باستثمار 5 ملايين فى الشهادة، الأسبوع الماضى، كما أن الحصيلة الإجمالية فى زيادة، وهناك جولات ترويجية يقوم بها البنك بالتعاون مع البنك الأهلى ووزارة الهجرة، بدأت بالإمارات والكويت منذ 10 أيام، وستشمل باقى منطقة الخليج خلال الفترة القريبة المقبلة، وتوقَّع رئيس بنك مصر الإعلان عن حصيلة “بلادى” خلال أقرب وقت، بعد الاتفاق على الجهة التى ستتولى حصرها من البنوك الحكومية الثلاثة، وتحديد دورية الإعلان عنها.
وعن توقعاته لانتهاء أزمة الدولار بالسوق المحلية، قال رئيس بنك مصر “يحدث ذلك وقت أن تعود موارد العملة لسابق عهدها”، مؤكدًا أن “المركزى” المصرى يستخدم كل أدواته باحترافية شديدة فى معالجة المشكلة، ويتبقى أن تنشط موارد الدولار، خاصة السياحة التى كانت مسئولة عن تدفق نحو 12 مليار دولار للسوق المحلى، كذلك التصدير، بالإضافة لاستثمارات الأجانب التى شكّلت فى فترة ما قبل الثورة قرابة 12 مليار دولار أيضًا.
تحركات مستمرة لزيادة سيولة العملة الأجنبية
وقال الإتربى إن مصرفه مستمر فى تحركاته الخاصة بتنمية ودعم موقف الأصول بالعملات الأجنبية داخل البنك، بما يخدم كل قطاعات الاقتصاد المختلفة، مشيرًا إلى أن البنك بدأ مفاوضات مع إحدى المؤسسات الأجنبية للحصول على قرض جديد بقيمة 300 مليون يورو، خلال الشهور القليلة المقبلة، كما لفت إلى قيام البنك منذ أيام بصرف تمويل بقيمة 100 مليون دولار من بنك التنمية الصينى، كان قد وقَّع عليه خلال زيارة الرئيس الصينى للقاهرة أول العام الحالى.
وبشأن السندات الخارجية ذكر رئيس بنك مصر أن فكرة التواجد بالسوق العالمية عبر سندات دولارية، لا تزال قائمة فى اعتبارات البنك، لكن لم يتم الشروع فيها حتى الآن، وفى انتظار الوقت المناسب.
إقبال على أداة التحوط ضد مخاطر العملة
حظيت آلية ضمان مخاطر سعر صرف العملة التى أطلقها بنك مصر والبنك الأهلى، منتصف الشهر الحالى، بإقبال كبير من جانب مؤسسات الاستثمار والتمويل الدولية، وفق تأكيد رئيس بنك مصر محمد الإتربى، مشيرًا إلى أن مصرفه التقى خلال الأيام الماضية أكثر من 15 مؤسسة عالمية لتنشيط عقود الدولار، وإحدى هذه المؤسسات قامت، الأسبوع الماضى، باستثمار قرابة 10 ملايين دولار فى أذون الخزانة المصرية وفق الآلية الجديدة.
وأوضح الإتربى أن الأداة تضمن مخاطر تبادل الدولار أمام الجنيه، ولا تشمل العملات الأجنبية الأخرى؛ لأن تحركها مرتبط بعملات أخرى غير الجنيه، فاليورو على سبيل المثال يتحرك وفقًا للدولار، ونحن كبنوك مصرية لا يمكننا ضمان مخاطر اليورو مقابل الدولار، لذا فضّلنا قصر أداة التحوط على الدولار مقابل الجنيه، ورغب الإتربى فى الحفاظ على هوية المؤسسات التى يجرى التواصل معها لتنشيط الأداة، لكنه قال إنها بنوك وصناديق تمويل كبيرة، بعضها ذات هوية خليجية.
وأكد رئيس بنك مصر أن أداة التحوط للأجانب بالتعاقد على سعر صرف محدد، وليكن 8.85 جنيه للدولار للحصول على العملة المحلية اللازمة لشراء أذون خزانة بالسوق المصرية، وعند الخروج يتم رد الدولار للمستثمر الأجنبى بنفس السعر المتفَق عليه وهو 8.85 جنيه للدولار، ومن ثم فإن الأداة تنقل مخاطر صعود وهبوط العملة من المستثمر إلى البنك، وفى مقابل ذلك يحصل البنك على عمولة بين 1.5 و4.075% من المستثمر حسب الأجل الزمنى للورقة المالية المكتتَب فيها، سواء 3 أو 6 أو 9 أو 12 شهرًا.
ارتفاع الفائدة غير مضر للمستثمر
ويرى رئيس بنك مصر أن ارتفاع الفائدة على الجنيه مؤخرًا لن يضرَّ المستثمر أو يؤدى لتعطيل المشروعات، كما يروِّج البعض، مشيرًا إلى أن صعود العائد جاء لمواجهة معدلات التضخم المرتفعة فى الوقت الحالى، والتى تتجاوز 10%، مشيرًا إلى أن المستثمرين كانوا يقترضون فى وقت من الأوقات بمعدلات عائد 17%، وحقّقوا أرباحًا ولم تتأثر مشروعاتهم، مؤكدًا أن الفائدة لا تمثل نسبة كبيرة من تكلفة المشروعات، وأن الأهم للمستثمر هو وضوح القوانين واستقرارها، بما يساعد فى اتخاذ القرار الاستثمارى.
كما أكد أن انعكاس الفائدة الجديدة على أذون وسندات الخزانة المصرية أمر طبيعى؛ لارتفاع تكلفة الأموال، نافيًا أن يكون المقصود إغراء المؤسسات الأجنبية بهدف استعادتهم سوق الدين المحلى، منوهًا بأن قرارات تحريك الفائدة صعودًا وهبوطًا تتعلق بمعدلات التضخم.
ورفعت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى سعرى فائدة الإيداع والإقراض لليلة واحدة، بواقع 150 نقطة أساس، ليصلا إلى 10.75% و11.75% على التوالى، كما قرّرت اللجنة فى اجتماعها الأسبوع قبل الماضى زيادة سعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 150 نقطة أساس ليصل إلى 11.25% وزيادة سعر الائتمان والخصم بواقع 150 نقطة أساس أيضًا ليصل إلى 11.025%.
تفاؤل بشرط
وأظهر رئيس بنك مصر تفاؤلًا كبيرًا بمستقبل الاقتصاد، بشرط الانتهاء من وضع بنية تشريعية واضحة ومستقرة لجذب الاستثمار وتدعيم تحركات البنك المركزى الأخيرة التى استهدفت تقويم البيئة النقدية عبر القضاء على فكرة “سعرين للدولار”، وقال الإتربى إن الحكومة اتخذت قرارات جريئة وأصبحت لدينا صورة واضحة للمشكلات وما نريد أن نعمل، فهناك مشروعات قومية كبرى يتم تنفيذها بقطاعات البنية الأساسية، مثل الكهرباء والطرق والمطارات، وستظهر آثارها الفترة المقبلة مع تنشيط الاستثمار الأجنبى.
وأضاف الإتربى: “لا أقول إن الصورة وردية”، لكن يجب توضيح أن مصر خاضت فترة صعبة جدًّا بعد ثورة 25 يناير، بسبب توقف الإنتاج، ومن ثم لا بد من العمل وبذل مزيد من الجهد والاعتماد على النفس، والتناغم بين الوزارات الحكومية والبنك المركزى، ووضع خطة للانطلاق الاقتصادى بمستهدفات واضحة، وتُراجَع كل فترة مع العمل على تعديلها إذا تطلَّب الأمر ذلك.
وأوضح أن مصر دولة عملاقة، وهى بؤرة العالم الخارجى، وبها فرص استثمار جيدة؛ لامتلاكها 90 مليون مستهلك، وعائد الأصول فيها من أعلى العوائد عالميًّا، لكن لا بد من وضوح السياسات كما أشرتُ، واستقرار التشريعات، فهذا ما يهمُّ المستثمر الخارجى.
وشدّد الإتربى على أن قرارات البنك المركزى المصرى هدفها توليد الثقة للمستثمرين الداخلى والخارجى، هذا ما يمكن أن نقرأه من إلغاء سقف الإيداع الدولارى للأفراد وشركات السلع الأساسية، وخفض سعر الجنيه أمام الدولار، وضخ 2 مليار دولار؛ لتلبية طلبات الشركات على العملة وسداد التزاماتها والسماح للبنوك بطرح أوعية ادخار مرتفعة العائد، بالإضافة لمبادرات تمويل المشروعات الصغيرة بعائد 5% سنويًّا متناقصة وإضافة شرائح جديدة لمبادرة التمويل العقارى وطرح مبادرة تمويل الآلات والمُعدات بفائدة 7% للشركات المتوسطة، وكل هذه المبادرات يتحمل فاتورتها البنك المركزى؛ لأجل تنشيط الاقتصاد، وعنوانه فيها “بث الثقة للمستثمرين”.