رغم المؤشرات الإيجابية التي تظهر بداية انحسار جانب كبير من التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية، وقرب خروج الاقتصادات العالمية من كبوتها وتحسن الأسواق المالية، جاء اتجاه بعض الشركات المقيدة بسوق المال الي تخفيض رؤوس أموالها، سواء باعدام أسهم الخزينة التي اشترتها من قبل في محاولة لزيادة جاذبية أسهمها، وربحيتها ورفع القيمة السوقية لسهمها في وقت تراجع السوق بفعل الأزمة المالية العالمية، أو تخفيض القيمة الاسمية لأسهم الشركات عن طريق رد جزء نقدي من القيمة الاسمية للسهم الي المساهمين.
|
هانى حلمى |
ويطرح التوجه الأخير العديد من التساؤلات حول عدم قدرة هذه الشركات علي توظيف السيولة المتوفرة لديها أو عدم كفاية هذه السيولة للإقدام علي التوسع في الانشطة ومخاوف الاقدام نحو توسعات جديدة، بعدما شهدت الاقتصادات العالمية تراجعاً وانخفاضاً في معدلات النمو، وانخفاض الطلب، وبالتالي تلجأ هذه الشركات للتخلص من السيولة عن طريق تخفيض رأس المال، مما قد يفقدها أرباحاً مستقبلية كان من الممكن تحقيقها في حال استغلال هذه السيولة بشكل أمثل، ومن بين الشركات التي شهدت الفترة الأخيرة تخفيضاً في رأسمالها، شركة التجاري الدولي للاستثمار التي قررت في 8 أبريل الماضي تخفيض رأسمالها المصدر بنسبة %95 من 120.422.920 جنيه الي 6.021 مليون جنيه، بتخفيض القيمة الاسمية للسهم لتصبح جنيهاً واحداً بدلاً من 20 جنيهاً للسهم، من خلال سداد مبلغ من السيولة النقدية المتوافرة لدي الشركة بذات قيمة التخفيض بواقع 19 جنيهاً للسهم الواحد لإجمالي عدد أسهم رأسمال الشركة المصدر البالغ عددها 6.021 مليون سهم.
كما قامت شركة الجزيرة للفنادق والسياحة بتخفيض رأس المال المصدر بنسبة %30 ومن خلال خفض القيمة الاسمية للسهم بما يصل الي 3 دولارات لتصبح 7 دولارات بدلاً من 10 دولارات، ويصبح رأسمال الشركة 20.8 مليون دولار بدلاً من 29.7 مليون دولار.
أكد خبراء ومحللون بالسوق أن اتجاه بعض الشركات لتخفيض رأسمالها في الوقت الحالي يأتي بغرض بث الطمأنينة في نفوس المساهمين، وزيادة ثقتهم في سهم الشركة، وأشاروا الي أنه من الأفضل أن تحتفظ الشركة بالسيولة التي تمتلكها في الوقت الحالي بدلاً من التخلص منها عن طريق إعدام أسهم الخزينة التي تمتلكها أو التوزيع النقدي للقيمة التي تم تخفيضها علي المساهمين عن طريق تخفيض القيمة الاسمية لأسهم الشركة.
كما أكدوا أن طريقة التصرف في السيولة تتوقف علي سياسة كل شركة سواء بتخفيض رأسمالها أو زيادته وفقاً لاستراتيجية الشركة، وأهدافها، وظروف القطاع الذي تعمل به، وحجم السيولة المتوفرة لديها، ومدي قدرة الشركة علي توظيف السيولة التي تمتلكها.
أوضح علاء عبدالحليم، رئيس شركة المتحدة للسمسرة أن اقدام بعض الشركات علي تخفيض رأسمالها يعود للرغبة في الحفاظ علي القيمة السوقية لأسهمها، والتأكيد علي جاذبيتها، بينما يبرر عدد من الشركات خطوة خفض رأس المال بوجود سيولة فائضة عن حاجتها لا تستطيع توظيفها.
وأضاف عبدالحليم أن الجمعية العمومية لكل شركة هي التي تحدد السبل المناسبة لاستغلال السيولة الفائضة، سواء بتخفيض رأسمال الشركة عن طريق إعدام أسهم الخزينة، أو توزيع القيمة التي تم تخفيضها علي المساهمين نقداًَ بتخفيض القيمة الاسمية لاسهم الشركات، او الاحتفاظ بالسيولة التي لديها وتحويلها للعام المقبل من اجل التوسعات المستقبلية للشركة، وبالتالي حجم اعمالها وارباحها.
واشار عبدالحليم الي ان بعض الشركات تقوم بالتخلص من السيولة لديها في الوقت الحالي نظرا لعدم كفايتها للتوسعات الجديدة، وصعوبة التوجه نحو الاقتراض نظرا للشروط القاسية التي تضعها البنوك علي الشركات عند الاقتراض.
من جهته اعتبر هاني حلمي رئيس شركة »الشروق« للسمسرة قيام بعض الشركات بخفض رأسمالها في الوقت الحالي أنه حالات استثنائي، كما ان بعض الشركات تقوم بتخفيض رأسمالها بنسبة الخسائرالتي حققتها الشركة.
واضاف حلمي ان تخفيض رأسمال بعض الشركات يعتبر إحدي الوسائل المتبعة للتخلص من السيولة الفائضة التي تعجز الشركة عن استغلالها الاستغلال الامثل خاصة في اوقات الازمات.
واكد حلمي ان اقدام بعض الشركات للتخلص من السيولة عن طريق تخفيض رأسمالها غير مبرر لانها باستطاعتها زيادة رأسمالها عن طريق طرح اسهم للاكتتاب في حال عدم كفاية السيولة المتاحة لدي الشركة للقيام بالتوسعات المنشودة، مشيرا الي ان كل شركة تحدد سياستها في استغلال السيولة المتاحة وفقا لاستثمارات الشركة واستراتيجيتها.
واشار حلمي الي ان الشركة قبل ان تقوم بتخفيض رأسمالها تضع في الاعتبار مصلحة الشركة وبالطبع مصلحة المساهمين.
واكد شادي شرف مدير قسم البحوث بمجموعة القاهرة المالية ان اقدام بعض الشركات علي تخفيض رأسمالها في الوقت الحالي له تأثير ايجابي علي المساهمين، حيث يؤدي ذلك الي رفع القيمة السوقية لسهم الشركة، وزيادة نصيبه من الارباح.
واضاف ان تخلص بعض الشركات من نسبة من السيولة التي تمتلكها بتخفيض رأسمالها لا يؤثر بالقدر الكبير علي توسعاتها، نظرا لأن الشركات تقوم بتخفيض رأسمالها في حال وجود سيولة فائضة علي احتياجاتها، خاصة انه بامكانها الحصول علي قروض من البنوك بغرض التوسعات، ويتحدد ذلك وفقا لخطة كل شركة وسياساتها.
واشار شرف الي ان اتجاه بعض الشركات لتخفيض رأسمالها لا يأتي جراء عدم كفاية السيولة التي تمتلكها الشركات من اجل الاقدام نحو توسعات جديدة، ولكنه اوضح انه اذا لم تكن لدي الشركة سيولة تكفي للتوسعات يمكن توظيف هذه السيولة بطريقة اخري كأن تقوم الشركة بتحويل السيولة الفائضة للعام المقبل او ايداعها في احد البنوك للاستفادة منها في التوسعات المستقبلية للشركة، حتي تساهم في تحقيق اهداف الشركة، وتنفيذ استراتيجيتها.