شريف عيسى
كشف مصدر وثيق الصلة بالكنيسة أن البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، قد تسلَّم توصيات لجنة الإيمان والتشريع والتعليم، الخاصة بتعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين؛ بهدف الاطلاع عليها والتأكد من مدى مطابقتها نصوص الكتاب المقدس، تمهيدًا لعرضها على المَجمع المقدس والمتوقع بدء دورته العادية بنهاية العام الحالى.
واستبعد المصدر، فى تصريحات خاصة لـ«المال»، ما أثير حول نية البابا تواضروس دعوة المجمع المقدس لعقد اجتماع عاجل خلال الأيام المقبلة كجلسة غير عادية لمناقشة التوصيات التى توصلت إليها لجنة الإيمان والتشريع؛ تمهيدًا لإرسالها لوزارة العدالة الانتقالية لدراستها.
وكشف أن التعديلات التى أجراتها لجنة الإيمان والتشريع، تتعلق فقط بتسهيل إجراء إثبات الزنا لإتمام الطلاق، نافيًا ما أثير خلال الفترة الماضية فى عدد من وسائل الإعلام من استحداث اللجنة قواعد وشروطًا جديدة لإباحة الطلاق بالمسيحية، مؤكدًا أن المسيحية أكدت أنه “لا طلاق إلا لعلّة الزنا”.
وأوضح المصدر أن التعديلات التى استُحدثت على قانون الأحوال الشخصية للأقباط، تتعلق بتسهيل إجراءات إثبات علة الزنا والاستدلال الحكمى عليها بالمحكمة، فتلك الإجراءات مقتصرة حاليًا على شهادة اثنين من الشهود ليصبح إثبات علة الزنا– بعد التعديل- بأى وسيلة أخرى تشير إلى وقوع الخطيئة، واعتبرت لجنة الإيمان والتشريع والتعليم الرسائل الهاتفية من واتس أب وفيبر وغيرها، من القرائن التى يمكن أخذها فى الاعتبار لإثبات علة الزنا، لكنها ليست دليلًا.
وعن إشكالية الهجر قال المصدر إنه فى حال هجر الزوج لزوجته فإنها تظل على ذمته مهما بلغت المدة الزمنية للهجر، وفى حال زواجها مرة أخرى تصبح زانية وتُطلَّق، مع عدم جواز إعطائها فرصة الزواج الثانى.
واختتم المصدر تصريحاته قائلًا: «إنه بعد اطلاع البابا تواضروس على التعديلات التى أجرتها لجنة التشريع، والموافقة على ما ورد بها ستتم صياغتها تمهيدًا لعرضها على المجمع المقدس لاعتمادها وإرسالها لوزارة العدالة الانتقالية للتأكد من مطابقتها للدستور، على أن يتم عرضها على مجلس النواب فور تشكيله لمناقشتها وإقرارها».
من جانبه قال القس رفعت فكرى، رئيس لجنة الإعلام بمجمع القاهرة الإنجيلى، إنه من المتوقع أن تجرى كل الكنائس اجتماعًا موسعًا نهاية الشهر الحالى لإصدار قانون موحد لجميع الطوائف المسيحية بمصر، مؤكدًا أن الكنيسة الإنجيلية أرسلت مقترحاتها للجنة التشريع بالعباسية، مع توضيح خصوصيتها فيما يتعلق بالأحوال الشخصية.
وأوضح أن تأكيد التعديلات أنه لا طلاق إلا لعلّة الزنا، يعد تمسكًا بنصوص الكتاب المقدس ورغبتها فى عدم مخالفة الإنجيل، مؤكدًا أنه فى حال اعتراض الكنيسة الإنجيلية على تلك التعديلات فإنها ستتقدم بقانونها الخاص بما يحمى معتقداتها المتعلقة بالأحوال الشخصية.
وأكد عدم معارضته الزواج المدنى إذا تم إقراره من الدولة كحل لمشكلات الأحوال الشخصية للأقباط فى حال تعنت الكنيسة فى إجراء الزواج الكنسى لأى سبب كان، موضحًا فى الوقت نفسه أن الزواج المدنى لن يكون بديلًا عن الزواج الكنسى.
فى سياق متصل قال مينا كمال أسعد، مدرس اللاهوت الدفاعى بمعهد دراسات الكتاب المقدس، إن الكنيسة لن تسمح بمخالفة الإنجيل وتعاليمه، مؤكدًا تمسك الكنيسة بأنه لا طلاق إلا لعلّة الزنا.
وأكد أن ما تقوم به الآن من تعديلات تستهدف تنظيم اللوائح التى تطبقها المحاكم فى هذا الصدد بما يتناسب مع روح العصر، لكن دون مخالفة لأوامر الإنجيل والكتاب المقدس.
من جانبه طالب المستشار نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، المجمع المقدس بعدم السماح بالتوسع فى حالات الطلاق، وفى الوقت نفسه عدم التضييق على الأسرة التى تعانى من خلافات زوجية.
وقال جبرائيل، فى بيان، إن منظمته رصدت أكثر من 50 ألف قضية أحوال شخصية للمسيحيين فى محاكم القاهرة الكبرى حتى 30 يونيو الماضى، وهناك آلاف الأسر تمنعها تقاليدها وسُمعتها من اللجوء إلى القضاء.
كانت الأسابيع الماضية قد شهدت مناوشات حادة داخل الكاتدرائية نتيجة تظاهر عدد من متضررى الأحوال الشخصية بها ومقاطعتهم للبابا تواضروس الثانى أثناء إلقائه عظته الأسبوعية، مما اضطره لإلغائها، لتجسد مدى تفاقم الأزمة المزمنة للأحوال الشخصية لدى الأقباط.
كما تسببت تلك الأزمة فى تدشين حملة تمرد بهدف إقالة تواضروس بعد اتهام قيادات الحملة بتعنت الكنيسة والبابا وعدم الوفاء بوعدها فى حل أزمة متضررى الأحوال الشخصية.
وكانت لجنة الإيمان والتشريع والتعليم، بالمقر البابوى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، قد اجتمعت لمناقشة مشروع قانون الأسرة للمواطنين المصريين المسيحيين فى مصر، بحضور 33 من الآباء المطارنة والأساقفة ووكيلى البطريركية بالقاهرة والإسكندرية، والمتحدث الرسمى باسم الكنيسة، ورأس الجلسة نيافة الأنبا رافائيل، سكرتير المجمع المقدس، وأسقف كنائس وسط القاهرة.
وقررت اللجنة، خلال اجتماعاتها، تعديل بعض المواد والتى سوف تعرض على لجنة قانونية لإعادة الصياغة، وبعد ذلك ترسل المسودة النهائية للمشروع لأعضاء المجمع المقدس، على أن يتم التصويت عليها من قبل المجمع المقدس.
يشار إلى أنه تمت دعوة لجنة الإيمان والتعليم والتشريع، بتكليف من البابا تواضروس، لمناقشة قانون الأحوال الشخصية، وتعتبر هذه الجلسة الثانية للمجمع.