وصل سهم الشركة المالية والصناعية في منتصف الشهر الحالي الي اعلي مستوياته علي الاطلاق بملامسته 183 جنيها. وذلك بدفع من عدة عوامل متزامنة حيث وافق مجلس ادارة الشركة علي تجزئة السهم بمعدل 1 الي 40 مع تخفيض القيمة الاسمية له من 40 جنيها الي جنيه واحد, ومن جهتها رفضت هيئة سوق المال هذا القرار مع اكتفائها بالموافقة علي تجزئة السهم بمعدل 4-1.
كان السهم قد عاد الي الاضواء بقوة منذ مطلع العام بعد اعلان الشركة القابضة للحراريات انها ستعرض حصتها في المالية والصناعية البالغة %25,5 للبيع قبل نهاية السنة علي ان يسبق ذلك استرداد السهم عافيته واقترابه من قيمته العادلة.
وتعد المالية والصناعية -كما يؤكد الخبراء والمرقبون- هدفا ثمينا للاستحواذ خلال المرحلة القادمة بعد انخفاض الطاقات الانتاجية الضخمة لمصنع شركة اسمنت السويس التابع لها والذي بدأ انتاجه تدريجيا من منتصف عام 2005 بنزول السوبر فوسفات, ومن المقرر ان يعمل المصنع بكامل طاقته الانتاجية بنهاية العام الحالي.
وكانت المالية والصناعية قد اسست شركة السويس للاسمدة في عام 2004 لتلبية الزيادة في الطلب المحلي والاقليمي وتبلغ التكلفة الاستثمارية لـ«السويس للأسمنت» 405 ملايين جنيه.
في حين تبلغ الطاقة الانتاجية لخط السوبر فوسفات 300 الف طن سنويا, وينتج الخط الثاني للشركة سلفات النشادر بطاقة 150 الف طن سنويا, وبدأ المصنع انتاجه في النصف الثاني من العام الماضي, وينتج الخط الثالث حمض الكبريتيك بطاقة انتاجية سنوية تبلغ 400 الف طن وبدأ انتاجه في الربع الاخير من العام الماضي.
مع دخول الطاقات الانتاجية تحت الانشاء اصبح الطريق ممهدا امام «المالية والصناعية» للصعود بصادراتها من الاسمدة الفوسفاتية والتي كانت قد شهدت تراجعا ملحوظا في العامين الاخيرين. وبالفعل تصاعدت الصادرات في النصف الاول من العام الحالي لتبلغ 59.8 مليون جنيه مقابل 8.2 مليون جنيه في الستة اشهر المنتهية في يونيو 2006. ويعد النهوض بالصادرات امرا لا بديل له بالنسبة للشركة المالية والصناعية حيث انها في حاجة لتوفير المزيد من العوائد الدولارية لتغطية التكلفة الاستثمارية الدولارية للتوسعات الضخمة التي تقوم بها, بالاضافة الي المصروفات المتصاعدة لاستيراد المواد الاولية الداخلة في الانتاج وفي مقدمتها حمض الكبريتيك, وان كان من المتوقع ان تغطي خطوط انتاج الشركة الجديدة احتياجاتها منه بنهاية العام الحالي. وجاء تراجع الصادرات نتيجة لرضوخ الشركة الي توجيهات الحكومة باعطاء اولوية لتوفير الاحتياجات المحلية من الاسمدة مع توجيه الفائض للتصدير.
وكان قيام الموزعين باختزان جانب من انتاجهم لتعطيش السوق بهدف رفع الاسعار قد تسبب في تراجع صافي مبيعات المالية والصناعية في عام 2006 الا انها قد عادت للارتفاع خلال الستة اشهر المنتهية في يونيو 2007 وبنسبة %41 مسجلة 197 مليون جنيه مقابل 139.3 مليون جنيه في فترة المقارنة. وارتفع اجمالي ربح المبيعات الي %54 مسجلا 63.1 مليون جنيه مقابل 40.8 مليون جنيه. جاء ذلك نتيجة زيادة هامش ربح المبيعات مسجلا %32 مقابل%29 في النصف الاول من عام 2006. وساهم في ارتفاع هامش الربح بدء خط انتاج حمض الكبريتيك هو ما جنب الشركة جانبا كبير من المصروفات الدولارية لاستيراده، حيث يتطلب انتاج كل طن من الاسمدة الفوسفاتية 0.4 طن حمض كبريتيك.
وتعد النصر للاسمدة الشركة الوحيدة المنتجة لحمض الكبريتيك حاليا وتبلغ طاقتها الانتاجية 80 الف طن سنويا, في حين تقوم السوق باستيراد 70 الف طن سنويا. وكانت المالية والصناعية قد قامت في سبتمبر 2004 بالتوصل الي اتفاق مع شركة ألمانية يقضي بأن تقوم الاخيرة بمدها بالمعدات والمدخلات الصناعية اللازمة لعمل خط انتاج حمض الكبريتيك, وبلغت قيمة الصفقة 24.8 مليون دولار.
ويعد حمض الكبريتيك اكثر منتجات الشركة ربحية حيث يتراوح هامش ربح مبيعاته حول مستوي %70 مقارنة بحوالي %40 و %33 بالنسبة للسوبر فوسفات الناعم والسوبر فوسفات المحبب علي الترتيب.
وبلغت مبيعات المالية والصناعية من حامض الكبريتيك في العام المالي الماضي 98 الف طن مقابل 133 الف طن في عام المقارنة حيث قامت الشركة بالاعتماد علي انتاجها منه لتفادي استيراده. الجدير بالذكر ان مبيعات شركة السويس للاسمدة من حمض الكبريتيك وسلفات النشادر قد ساهمت بنسبة %13 من اجمالية قيمة المبيعات المجمعة للمالية والصناعية في عام 2006 مقابل %10 في عام المقارنة, ومن المتوقع ان ترتفع هذه المساهمة بشكل ملحوظ في العام الحالي. من جهة اخري تم البدء في تحميل المصروفات الادارية العمومية للسويس علي قائمة دخل المالية والصناعية لترتفع بنسبة %122 مسجلة 24 مليون جنيه مقابل 10 ملايين جنيه في عام 2005, وساهم ذلك في الحد من نمو الارباح حيث بلغت 102 مليون جنيه مقابل 91 مليون جنيه في عام 2005. ونجحت الشركة في تعزيز ارباحها خلال النصف الاول من العام الحالي بنسبة قياسية بلغت %93 مسجلة 47.1 مليون جنيه مقابل 24.5 مليون جنيه في النصف الاول من عام 2006.
ومن المنتظر ان تشهد الارباح نموا متصاعدا علي المدي المتوسط بعد تشغيل الطاقات الانتاجية تحت الانشاء, خاصة ان المالية والصناعية قد استجابت لتوصيات مستوردي منتجاتها برفع نسبة خامس اكسيد الفوسفات في سماد السوبر فوسفات كما قامت بتوجيه المزيد من طاقاتها لانتاج السوبر فوسفات الذي تصاعد الطلب عليها في الاسواق المتقدمة، بينما لا يزال الطلب عليه في الاسواق الاقليمية محدودا لارتفاع ثمنه.
وكانت الشركة قد بدأت منذ عام 2003 في تصدير نسب متزايدة من انتاجها للاستفادة من ارتفاع اسعار الاسمدة في الاسواق العالمية, وهو ما اخل التوازن في السوق المحلية بين العرض والطلب باعتبار ان الشركة تعمل بكامل طاقتها الانتاجية. وادي ذلك الي حدوث زيادة كبيرة في الاسعار مما دفع الحكومة لوضع ضوابط علي التصدير تعطي الاولوية لتغطية الاحتياجات المحلية, مع قيامها بتبني خطة طموحة تهدف الي جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة الي القطاع. ويمثل النهوض بالاخيرة, بجانب النمو بالصادرات, العجلة التي يمكن ان تقود الاقتصاد القومي للنهوض.
وسوف تستفيد المالية والصناعية من تخفيض الرسوم الجمركية المفروضة علي الواردات من المدخلات الصناعية, وهو الامر الذي ساعد علي خفض تكلفة الانتاج والصعود بهامش ربح المبيعات. وتعمل شركات الاسمدة تحت ضغط من رافعة تشغيلية ضخمة نظرا لارتفاع معدل التكلفة الثابتة الي اجمالي تكلفة الانتاج, غير انه بتراجع التكلفة الثابتة تمكنت شركات الاسمدة من تخفيض تكلفة الطن لمستويات لم تكن متاحة في السابق, وهو ما انعكس ايجابيا علي هامش ربح المبيعات.
ومما اعطي دفعة لمبيعات المالية والصناعية المحلية وضع الحكومة ضوابط تحد من قيام قطاع عريض من المزارعين باستعمال الاسمدة النيتروجينية بدلا من الفوسفاتية الاعلي ثمنا. ولا يعد الاثنان بدائل لبعضهما البعض، حيث يفترض ان تستعمل الاسمدة الفوسفاتية قبل الاستصلاح علي ان تستعمل النيتروجينية بعد اكتمال عملية الاستصلاح.
ويشهد قطاع الاسمدة في الوقت الحالي مستجدات متلاحقة بعد تزايد اهتمام الحكومة والمستثمرين به ليصبح من اكثر القطاعات جاذبية. يجيء ذلك انعكاسا لكون الاسمدة في طليعة القطاعات التي تتمتع بمزايا نسبية متمثلة مثل توافر المواد الاولية وفي مقدمتها الغاز الطبيعي بالاضافة الي رخص الايدي العاملة. والمتوقع ان تتغير خريطة القطاع بنهاية العام الحالي بإضافة منتجات المصانع تحت الانشاء الي السوق وهو ما سيؤدي لزيادة قياسية في المعروض مع تعدد الاطراف المنتجة، علي خلاف الوضع الحالي حيث تهيمن شركتان علي السوق. الاولي, ابوقير التي تستحوذ علي %70 من سوق الاسمدة النيتروجينة, والثانية المالية والصناعية باستحواذها علي %70 من سوق الاسمدة الفوسفاتية.