تزايدت ظاهرة جلب العمالة الأجنبية من الخارج، خاصة الآسيوية، والتي بدأت بأعداد محدودة في مجال قطاع الصناعة، قبل أن يتسع المجال لها مؤخرا لتدخل غالبية المجالات وأبرزها شركات مواد البناء وخاصة مصانع البويات والرخام والجرانيت .
|
وعلي الرغم من أن هذه العمالة كانت الي وقت قريب غير مرغوبة اقتصاديا، لارتفاع رواتبها مقارنة بالعمالة المحلية، لكن الوضع تبدل مؤخرا مع التوسع في استيراد هذه العمالة والاعتماد عليها في المجالات التي تمثل قواعد تقليدية للعمالة المصرية، تحت دعاوي متعددة، مما ينذر بمزيد من البطالة بين الشباب.
وفيما اعتبر فيه البعض العمالة الأجنبية تمثل خطرا حقيقيا في الصناعة وقطاعات مواد البناء لكن هناك توسعا في استيراد هذه العمالة لعدم توافر العمالة المحلية المؤهلة وعدم انتظامها في العمل وانخفاض انتاجيتها.
وأكد متعاملون في قطاع مواد البناء تزايد وجود العمالة الأجنبية في القطاع لهروب العمالة المصرية منه بعد تدريبها إلي مصانع أخري .
ويري جمال عبد الباقي، رئيس مجلس إدارة شركة مونو إيجيبت للدهانات أن العمالة الأجنبية تمثل الخبرة التي تأتي لتنقل التكنولوجيا الحديثة للعامل المصري، وعددها الآن لا يتجاوز15 أو 20 عاملا في مصنع البويات الخاص به، كما أن الأجور المقدمة للعامل المصري لا تختلف كثيرا بالمصانع عن نظيره الأجنبي، إلا أن العمالة المحلية دأبت مؤخرا علي الهروب من هذه المهنة ، مشيرا إلي أن التعليم الفني، الذي يهرب منه الشباب، هو الحل الوحيد لأزمة جلب أصحاب المصانع للعمالة من الخارج ، فضلا عن ضرورة إعداد العمالة الموجودة في مصر في الوقت الحالي.
وأشار »عبدالباقي« إلي أن هروب العمالة المصرية المدربة من المصانع يكبد أصحابها خسائر كبيرة بسبب تدريب العامل علي التكنولوجيا.
وطالب بتخفيض سن العمل من 18 الي17 سنة حتي يتمكن أصحاب الأعمال من تدريب الطلبة بعد تخرجهم مباشرة في مدارس التعليم الفني لمواجهة أزمة العمالة المصرية.
من جانبه أكد أحمد عاشور، رئيس مجلس إدارة كنج ستون للرخام والجرانيت، أن اتحاد الصناعات بالتعاون مع أصحاب المصانع قدموا التسهيلات والخطط الخاصة بتدريب العمالة المصرية ، حيث يتقدم المصنع للمجلس التدريبي التابع للاتحاد بنوع التكنولوجيا الحديثة المطلوب تدريب العمالة عليها ويسعي المجلس لتوفيرها فضلا عن التوسع في انشاء مراكز التدريب سواء داخل المصانع أو خارجها وكذلك توفير المدربين لهذه التكنولوجيا والمناهج، وهو ما يستغرق بعض الوقت إلا أن العمالة المحلية بطبيعتها تتسم ببعض الكسل وغياب ثقافة التدريب.
وأشار »عاشور« إلي المعاناة التي يواجهها أصحاب المصانع مع العمالة المحلية مما دفع أصحاب المصانع للعزوف عنها مؤخرا وإستقدام عمالة من الخارج ، نظرا لعدم دراية العمالة المصرية بأي معلومات عن وسائل العمل الحديثة، وعدم القدرة علي العمل بجد واجتهاد طوال ساعات العمل بالورديات ، فضلا عن عدم الانتماء للمكان الذي يتولي تدريبهم، علاوة علي عدم التفرغ الذهني للعمل مما يتسبب في حدوث مشاكل كبيرة لأصحاب المصانع.
ولفت »عاشور« إلي أن شركته قامت في فترة من الفترات بالاستعانة بحديثي التخرج وتدريبهم علي العمل وإعطائهم أجرا كاملا مثل أصحاب الخبرات وصبرت عليهم وعلي الخسائر التي يتسببون فيها علي أمل زيادة مهاراتهم، إلا انه بمجرد الانتهاء من تدريبهم بشكل جيد تركوا العمل بالمصنع وبحثوا عن عروض مادية اكبر بالشركات المنافسة علي اعتبار أنهم أصحاب خبرات.
وفي هذا السياق أكد خالد مجاهد، مدير مصنع الصفوة للرخام والجرانيت، أن أهم الأسباب التي فتحت السوق المصرية أمام العمالة الآسيوية تتلخص في انخفاض معدل مهارة وكفاءة العمالة المحلية، إضافة إلي شروط وقسوة ظروف العمل داخل المصانع، والتي لا يقبلها العامل المصري، وبالتالي يعزف معظم الشباب عن العمل فيها رغم احتياجهم الشديد للعمل، إما لتدني مستوي الأجور، أو لعدم ملاءمة ظروف العمل، إضافة إلي أن مبدأ العمل الذي يحكم مصانع القطاع الخاص هو الحصول علي أكبر العائدات بأقل التكاليف الممكنة، الأمر الذي يفضل معه أرباب العمل الاستعانة بالعمالة الآسيوية والأجنبية التي تقبل ظروف العمل بكل مساوئها وميزاتها.
وحذر »مجاهد« من نتائج استبدال العمالة المصرية بنظيرتها الآسيوية، واعتبرها مشكلة حقيقية من الممكن أن تؤثر في مستقبل الصناعة المصرية، خصوصاً في قطاع الرخام والجرانيت ، الذي تتسم جميع مصانعه بوجود العمالة الأجنبية التي تنقل الخبرة، وأشار إلي أن استمرار هذه الظاهرة سيؤدي إلي ارتفاع معدلات البطالة في مصر، الأمر الذي يجب التصدي له من خلال خلق منظومة متكاملة تتضمن مبادئ الأمان الوظيفي للعمالة المصرية، وتعديل شروط وظروف العمل، وتغيير ثقافته، مع توفير جميع الحقوق والامتيازات للعاملين، الأمر الذي يشجعهم علي العمل بالمصانع المصرية، وتنتهي ظاهرة العمالة الآسيوية والأجنبية بشكل تدريجي أو تنحصر في الاستعانة بأدق الكوادر والخبراء وليس صغار العاملين.
وألمح مدير مصنع الصفوة إلي أن مهارة وكفاءة العامل المصري لم تعد مرتفعة مقارنة بالعامل الأجنبي، حتي برامج التدريب سواء بالمراكز التابعة للوزارات لا تحقق أهدافها، نظرا لأنها برامج للإنفاق فقط وليس للتأهيل الجدي، خاصة ان هذه المراكز لا تقوم بتدريب العاملين وفقاً لمتطلبات سوق العمل وما تحتاجه، موضحاً أن القانون المصري يلزم بألا يتجاوز عدد العمالة الأجنبية نسبة %10 في المنشأة، تشمل فقط خبراء وكوادر في التخصصات الدقيقة وليس عمال مصانع، إضافة إلي أن نسبة الـ%10 من الخبراء الأجانب نص القانون أيضاً أنه لابد أن يقابل كل خبير منهم فرد مصري ليتعلم منه تكنولوجيات ومهارات العمل كافة، الأمر الذي يؤهلنا للاستغناء التدريجي عن العمالة الأجنبية بعد نقل كامل خبراتها للعمالة المصرية.